مشاهير... ومشاوير من البلديات إلى قمة السلطة

مشاهير... ومشاوير من البلديات إلى قمة السلطة
TT

مشاهير... ومشاوير من البلديات إلى قمة السلطة

مشاهير... ومشاوير من البلديات إلى قمة السلطة

في بعض كبريات الحواضر العالمية لا يفوق منصب رئيس البلدية، أو «العمدة»، من حيث الأهمية واستقطاب الأضواء إلا قادة الدول. وحقاً، في العديد من دول العالم مرّ عدد من الرؤساء والقادة والطامحين إلى القيادة في طريقهم إلى القمة عبر مجالس الحكم المحلي.
بين أبرز هؤلاء القادة الحاليين اثنان عرفهما العالم كرئيسي بلدية: الأول هو بوريس جونسون، رئيس الوزراء البريطاني الحالي الذي انتُخب عام 2008 رئيساً لبلدية لندن واحتفظ بهذا المنصب حتى عام 2016 عندما عيّن وزيراً للخارجية، واختير زعيماً لحزب المحافظين ورئيساً للحكومة عام 2019. أما الثاني فهو رجب طيب إردوغان رئيس الجمهورية التركي، الذي تولى رئاسة بلدية إسطنبول بين عامي 1994 و1998، ثم تولى رئاسة الحكومة بين 2003 و2014. ومن ثم بعد تحويل الحكم إلى النظام الرئاسي انتخب رئيساً للجمهورية منذ 2014.
فضلاً عن هذين الزعيمين، من أشهر من تولوا قيادة دولهم بعدما شغلوا منصب رئيس بلدية الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، الذي تولى رئاسة بلدية العاصمة طهران بين عامي 2003 و2005، ثم تولى منصبي وزير الاستخبارات ووزير النفط، قبل أن يُنتخب عام 2005 رئيساً للجمهورية ويبقى في المنصب حتى 2013.
وفي أوروبا، كان عمدة برلين الأشهر المستشار الألماني الغربي فيلي برانت، رائد «سياسة الأوستبوليتيك» للتقارب بين الشرق والغرب. ولقد تولى برانت (1913 - 1992) منصب عمدة برلين الغربية قبل سقوط جدارها بنهاية «الحرب الباردة» بين 1957 و1966. وبعدها تولى وزارة الخارجية حتى 1968، ومن ثم قاد حزبه الديمقراطي الاشتراكي إلى الحكم وتولى منصب مستشار (رئيس الحكومة) ألمانيا بين 1969 و1974.
وطبعاً هناك الرئيس الفرنسي جاك شيراك الذي تولى رئاسة بلدية العاصمة الفرنسية باريس (1977 - 1995) وفي الوقت نفسه كان رئيساً للحكومة بين 1986 و1988، بعد مسيرة سياسية ناجحة حملته لمنصبي وزر الزراعة ثم وزير الداخلية. وفي عام 1995 انتُخب شيراك رئيساً للجمهورية ظل في المنصب حتى 2007. وفي فرنسا أيضاً، تولى رئيس الجمهورية الاشتراكي فرنسوا هولاند إبان مسيرته السياسية، قبل أن يدخل قصر الإليزيه الرئاسي عام 2012 ويبقى فيه حتى 2017، منصب رئيس بلدية مدينة تول بين عامي 2001 و2008 بوسط فرنسا.
خارج أوروبا، في أميركا اللاتينية، وتحديداً في البرازيل، بدأ القيادي اليساري جانيو كوادروس عضواً في بلدية ساو باولو كبرى مدن البرازيل. وانطلق من المجلس البلدي ليصيح نائباً ثم حاكماً لولاية ساوباولو، ثم نائباً عن ولاية بارانا، قبل أن يُنتخب رئيساً للجمهورية عام 1961 لكنه لم يبق في منصبه سوى بضعة أشهر. وبعد فترة عاد إلى مدينة ساو باولو وانتخب رئيساً لبلديتها وخدم في هذا المنصب بين 1986 و1988.
وفي الأرجنتين، «جارة» البرازيل جنوباً، انتقل رجل الأعمال والسياسي اليميني ماوريسيو ماكري - وهو رئيس نادي بوكا جونيورز الرياضي الشهير - من رئاسة بلدية العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس (بين عامي 2007 و2015) لينتخب رئيساً للجمهورية بنهاية 2015 ويبقى في المنصب وحتى نهاية ولايته قرب نهاية العام 2019.
أما بالنسبة للولايات المتحدة فقد لمع العديد من رؤساء البلديات والعمد، لعل أشهرهم على الإطلاق وأعظمهم نفوذاً ريتشارد ديلي، عمدة شيكاغو بين 1955 وتاريخ وفاته عام 1976. وكان ديلي يُعد صانع الرؤساء الديمقراطيين بفضل دهائه وقيادته أكير وأفعل «ماكينة انتخابية» داحل الحزب الديمقراطي. بل إن ابنه ريتشارد م. ديلي ورث قاعدة أبيه في شيكاغو، وتولى منصب العمدة بين عامي 1989 و2011.
وفي مدينة نيويورك برز عدد من العُمد، لعل أشهرهم الملياردير مايكل بلومبرغ (بين 2002 و2013) الذي فكر في الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة - بعد انتقاله من الحزب الجمهوري إلى الحزب الديمقراطي. وبالفعل، خاض الانتخابات التمهيدية، إلا أنه قرر في ضوء تدني التأييد وتأخره في إطلاق حملته الانسحاب من المعركة. وقبله تولى المنصب بين 1994 و2001 رودي جولياني صديق الرئيس دونالد ترمب وحليفه السياسي.


مقالات ذات صلة

موسكو تترقّب إدارة ترمب... وتركيزها على سوريا والعلاقة مع إيران

حصاد الأسبوع لقاء ترمب وبوتين على هامش "قمة العشرين" عام 2017 (آ ف ب)

موسكو تترقّب إدارة ترمب... وتركيزها على سوريا والعلاقة مع إيران

لم تُخفِ موسكو ارتياحها للهزيمة القاسية التي مُنيت بها الإدارة الديمقراطية في الولايات المتحدة. إذ في عهد الرئيس جو بايدن تدهورت العلاقات بين البلدين إلى أسوأ

رائد جبر (موسكو)
حصاد الأسبوع يأتي انتخاب «عرّو» في وقت حرج لإقليم أرض الصومال لا سيما مع تحديات استمرار رفض مقديشو توقيع الإقليم مذكرة تفاهم مع إثيوبيا

عبد الرحمن محمد عبد الله «عرّو»... دبلوماسي يقود «أرض الصومال» في «توقيت مصيري»

حياة مغلفة بـ«هم الاستقلال»، سواءً عن المستعمر القديم في السنوات الأولى، أو تشكيل «الدولة المستقلة» طوال فترتَي الشباب والشيخوخة، لم تثنِ عبد الرحمن محمد عبد

محمد الريس (القاهرة)
حصاد الأسبوع لقطة جوية لمدينة هرجيسا (من منصة أكس)

«أرض الصومال»... إقليم «استراتيجي» يبحث عن هدف صعب

بين ليلة وضحاها، غزا إقليم «أرض الصومال» - «الصومال البريطاني» سابقاً - عناوين الأخبار، ودقّ ذاكرة المتابعين، إثر إعلان توقيعه مذكرة تفاهم تمنح إثيوبيا منفذاً

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
حصاد الأسبوع الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

عقدت أخيراً في الرياض الجولة الثانية من المشاورات السياسية بين وزارة الخارجية السعودية ووزارة الخارجية الصينية، وترأس الجانب السعودي نائب وزير الخارجية وليد

وارف قميحة (بيروت)
حصاد الأسبوع صادرات السيارات الألمانية إلى أميركا في قلب التأزم المحتمل مع ترمب (أ ف ب)

ألمانيا تتأهّب لانتخابات تعِد اليمين باستعادة الحكم

عوضاً عن بدء ألمانيا استعداداتها للتعامل مع ولاية جديدة للرئيس الأميركي «العائد» دونالد ترمب والتحديات التي ستفرضها عليها إدارته الثانية، فإنها دخلت أخيراً في

راغدة بهنام (برلين)

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)
الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)
TT

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)
الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)

عقدت أخيراً في الرياض الجولة الثانية من المشاورات السياسية بين وزارة الخارجية السعودية ووزارة الخارجية الصينية، وترأس الجانب السعودي نائب وزير الخارجية وليد الخريجي، وترأس الجانب الصيني نظيره نائب الوزير دنغ لي. وبحث الجانبان تطوير العلاقات الثنائية، مع مناقشة المستجدات التي تهم الرياض وبكين. يذكر أن العلاقات السعودية الصينية شهدت تطوراً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة، إذ تعززت الشراكة بين البلدين على مختلف الأصعدة الاقتصادية والسياسية والثقافية. وتعود العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية إلى عام 1990، عندما افتتحت سفارتا البلدين رسمياً في العاصمتين بكين والرياض. مع أن علاقات التعاون والتبادل التجاري بين البلدين بدأت قبل عقود. وعام 1979، وقّع أول اتفاق تجاري بينهما، واضعاً الأساس لعلاقات قوية مستمرة حتى يومنا هذا.

 

تُعدّ الصين اليوم الشريك التجاري الأكبر للمملكة العربية السعودية، وانعكست العلاقات المتنامية بين البلدين بشكل كبير على التعاون الاقتصادي والتجاري بينهما؛ إذ أسهمت في وصول حجم التبادل التجاري إلى أكثر من 100 مليار دولار أميركي في عام 2023. تستورد الصين النفط الخام من السعودية بشكل رئيسي، وتعدّ المملكة أكبر مورد للنفط إلى الصين، إذ تصدر ما يقرب من 1.7 مليون برميل يومياً. ولقد تجاوزت الاستثمارات الصينية في المملكة حاجز الـ55 مليار دولار. وبحسب تقرير لـ«edgemiddleeast»، ضخّت الصين 16.8 مليار دولار في المملكة في 2023 مقابل 1.5 مليار دولار ضختها خلال عام 2022، استناداً إلى بيانات بنك الإمارات دبي الوطني، وهي تغطي مشاريع في البنية التحتية والطاقة والصناعات البتروكيماوية. وفي المقابل، استثمرت المملكة في عدد من المشاريع داخل الصين، منها الاستثمارات في قطاعات التكنولوجيا والنقل. واستضافت الرياض أيضاً في شهر يونيو (حزيران) من هذا العام «مؤتمر الأعمال العربي الصيني» الذي استقطب أكثر من 3600 مشارك. وبعد أسبوعين فقط، أرسلت السعودية وفداً كبيراً بقيادة وزير الاقتصاد السعودي إلى مؤتمر «دافوس الصيفي» في الصين. وبالإضافة إلى هذا الزخم الحاصل، دعت الصين المملكة العربية السعودية كضيف شرف إلى «معرض لانتشو الصيني للاستثمار والتجارة» الذي أقيم من 7 إلى 10 يوليو (تموز) من هذا العام. وكانت وزارة الاستثمار السعودية حثّت الشركات على المشاركة بفاعلية في المعرض، والجناح السعودي المعنون «استثمر في السعودية». كذلك وقّعت السعودية والصين اتفاقيات متعددة لتعزيز التعاون في قطاع الطاقة، بما في ذلك مشاريع الطاقة المتجددة. وتسعى المملكة لتحقيق «رؤية 2030» التي تهدف إلى تقليص الاعتماد على النفط وتعزيز استخدام الطاقة المتجددة، في حين تسعى الصين إلى تأمين إمدادات الطاقة اللازمة لتنميتها الاقتصادية. وبالفعل، جرى أخيراً توقيع اتفاقية بين شركة «تي سي إل تشونغ هوان» لتكنولوجيا الطاقة المتجددة الصينية، وشركة توطين للطاقة المتجددة، وشركة «رؤية للصناعة» السعوديتين، لتأسيس شركة باستثمار مشترك، من شأنها دفع توطين إنتاج الرقائق الكهروضوئية في المملكة العربية السعودية. ووفقاً للاتفاقية، يبلغ إجمالي حجم الاستثمار في المشروع المشترك نحو 2.08 مليار دولار. التعاون السياسي والدبلوماسي تتعاون المملكة والصين على مستوى عالٍ في القضايا الدولية والإقليمية. وتستند العلاقات السياسية بين البلدين إلى احترام السيادة الوطنية والامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية. كذلك تتبادل الدولتان الدعم في المحافل الدولية، مثل الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي، ولقد لعبت الصين دوراً محوَرياً في الوساطة بين السعودية وإيران، ما أدى إلى تحقيق نوع من التوافق بين البلدين، أسهم في توطيد الاستقرار، وقلّل من حدة التوترات، وعزّز من الأمن الإقليمي. الزيارات الرسمية والقمم المعروف أنه في مارس (آذار) 2017، قام الملك سلمان بن عبد العزيز بزيارة رسمية للصين حيث التقى الرئيس الصيني شي جينبينغ. وخلال الزيارة، وُقّعت 14 اتفاقية ومذكرة تفاهم، تضمنت التعاون في مجالات الطاقة والاستثمارات والعلوم والتكنولوجيا. وفي وقت سابق، كان خادم الحرمين الشريفين الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز قد زار الصين رسمياً عام 2006، كانت تلك الزيارة بمثابة نقطة تحوّل في تعزيز العلاقات الثنائية، وشملت مباحثات مع القيادة الصينية وشهدت توقيع اتفاقيات عدة في مجالات الطاقة والتجارة والاستثمار. كما زار ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الصين في فبراير (شباط) 2019 كجزء من جولته الآسيوية. خلال هذه الزيارة، وقّعت 35 اتفاقية تعاون بين البلدين بقيمة تجاوزت 28 مليار دولار، وشملت مجالات النفط والطاقة المتجددة والبتروكيماويات والنقل. بعدها، في ديسمبر (كانون الأول) 2022، قام الرئيس الصيني شي جينبينغ بزيارة تاريخية إلى الرياض، حيث شارك في «قمة الرياض»، التي جمعت قادة دول مجلس التعاون الخليجي والصين. وتركّزت هذه القمة على تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والأمنية بين الجانبين، وخلالها وقّع العديد من الاتفاقيات في مجالات الطاقة والبنية التحتية والتكنولوجيا. من الزيارات البارزة الأخرى، زيارة وزير الخارجية الصيني إلى السعودية في مارس (آذار) 2021، حيث نوقش التعاون في مكافحة جائحة «كوفيد 19» وتعزيز العلاقات الاقتصادية،