انتشال 39 جثة مجهولة في ترهونة وجنوب طرابلس

غوتيريش يدعو إلى تحقيق «عاجل» في «المقابر الجماعية»

جانب من عملية انتشال بعض الجثث بموقع يضم «مقبرة جماعية» في ليبيا (بركان الغضب)
جانب من عملية انتشال بعض الجثث بموقع يضم «مقبرة جماعية» في ليبيا (بركان الغضب)
TT

انتشال 39 جثة مجهولة في ترهونة وجنوب طرابلس

جانب من عملية انتشال بعض الجثث بموقع يضم «مقبرة جماعية» في ليبيا (بركان الغضب)
جانب من عملية انتشال بعض الجثث بموقع يضم «مقبرة جماعية» في ليبيا (بركان الغضب)

أعلنت «الهيئة العامة للبحث والتعرف على المفقودين» في العاصمة الليبية طرابلس، عن انتشال 39 جثة من «المقابر الجماعية» التي عثر عليها بمدينة ترهونة وجنوب طرابلس؛ في القضية التي لا تزال تشغل الرأي العام المحلي والدولي، ووجهت على أثرها حكومة «الوفاق» اتهامات لميليشيا «الكانيات» بالمدينة.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عقب اتصال برئيس المجلس الرئاسي فائز السراج، مساء أول من أمس، إلى إجراء تحقيق «شامل وشفاف» في القضية، لكشف الجناة المتورطين في ارتكاب هذه الجرائم، بموجب القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
وتواجه ميليشيات «الكانيات» اتهامات بتصفية عدد من الأسرى الذين وقعوا في قبضتها منذ اندلاع المواجهات العسكرية قبل 14 شهراً، انتقاماً لمقتل آمرها محسن الكاني، وشقيقه عبد العظيم. وبثت عملية «بركان الغضب»، التابعة لحكومة «الوفاق»، أمس، مقطع فيديو يُظهر جانباً من عمليات كشف واستخراج الجثث من أحد المواقع التي يشتبه بوجود مقابر جماعية فيها بمدينة ترهونة، دون توضيح تاريخ العثور على هذه الجثث؛ بينما قالت «الهيئة العامة للبحث والتعرف على المفقودين» إن الجثث التي عثر عليها وضعت في مبردات لحين التعرف على هويتها، مذكرة بالجثث الـ158 التي عثرت عليها ملقاة أرضاً بالممرات والحجرات خارج ثلاجات حفظ الموتى بمستشفيات ترهونة.
وبينما قالت الهيئة إنها تواصل تمشيط كافة المواقع التي يشتبه بوجود مقابر جماعية فيها «خلفتها عصابات (الكاني) الإجرامية»، دعت جميع «أهالي المفقودين» بمدن الغرب الليبي خلال السنوات التسع الماضية، بالتواصل معها لتسجيل وتوثيق بياناتهم الخاصة، بالإضافة إلى إخضاعهم لأخذ عينات دم لتحليل الـ«DNA»، وإضافة النتائج لقاعدة البيانات الخاصة بالمفقودين، لمقارنتها مع تحليل الجثث التي يتم انتشالها.
وأشارت الهيئة العامة إلى أنها سجلت منذ الرابع من أبريل (نيسان) 2019 وحتى الآن، ما يقارب 115 بلاغاً عن مفقودين، وهو تاريخ بدء الحرب على طرابلس. وقال أحد المسؤولين بالهيئة لـ«الشرق الأوسط»: «إنهم يحققون في هذه البلاغات، ويقارنونها بالمعلومات التي تردهم لتسهيل عملية تسليم رفات الموتى إلى ذويه، بعد التأكد من التحاليل الجينية».
ولا تزال القضية التي نددت بها منظمات إقليمية ودولية تراوح مكانها دون تقدم على مسار التحقيقات المطلوبة؛ لكن المجلس الرئاسي نقل عن الأمين العام للأمم المتحدة، أنه عبَّر خلال محادثته مع السراج عن «انزعاجه وصدمته» جراء اكتشاف عدد من المقابر الجماعية في مدينة ترهونة، إضافة إلى زرع الألغام في مناطق سكنية بضواحي طرابلس، والتي كانت تخضع لسيطرة «الميليشيات المعتدية»، معرباً عن ترحيبه بقرار مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة، بإنشاء بعثة دولية لتقصي الحقائق في ليبيا، بعدما أعلن عن ضرورة التحقيق في القضية.
وسبق أن أعلنت حكومة «الوفاق» في الحادي عشر من يونيو (حزيران) الماضي عن اكتشاف 8 مقابر جماعية، عثر عليها تباعاً في ترهونة (90 كيلومتراً جنوب شرقي طرابلس)، ومناطق مجاورة لها عقب انسحاب قوات «الجيش الوطني» من المدينة، وسط اتهامات لميليشيا «الكانيات» التي كانت تسيطر على ترهونة، بخطفهم على خلفيات سياسية، و«تعذيبهم قبل التخلص منهم».
ودخلت أطراف دولية عديدة على خط القضية التي أثارت حالة من الحزن والغضب لدى أطراف عديدة بالبلاد؛ مطالبة بسرعة التحقيق في القضية، بينهم سفراء أميركا وألمانيا وهولندا لدى ليبيا.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».