السراج يتجاهل المساعي الدولية... ويتعهد استمرار القتال

فرنسا تدعو من طرابلس للعودة إلى المسار السياسي

TT

السراج يتجاهل المساعي الدولية... ويتعهد استمرار القتال

أبدى فائز السراج، رئيس حكومة «الوفاق» الليبية، أمس، موقفاً متشدداً حيال المساعي الدولية والإقليمية لإبرام وقف لإطلاق النار مع قوات «الجيش الوطني»، بقيادة المشير خليفة حفتر، بعدما تعهد باستمرار قواته في القتال، مؤكداً على ضرورة إعادة استئناف إنتاج النفط مجدداً.
وجاءت هذه التطورات في وقت أكدت فيه مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن بعثة الأمم المتحدة في ليبيا على وشك الإعلان عن عقد جولة جديدة من الحوار العسكري بين طرفي النزاع، وبلورة اتفاق يضمن إعادة إنتاج النفط بعد شهور من وقف تصديره.
وبينما بدأ رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، أمس، ثاني زيارة رسمية له خلال أقل من شهر إلى العاصمة الروسية موسكو، في إطار المفاوضات الدولية غير المعلنة لتفادي معركة حول سرت، أبدى السراج موقفاً متشدداً خلال اتصال هاتفي تلقاه أمس من وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان الذي عبر عن قلق بلاده من الوضع المتوتر الحالي بالبلاد، مؤكداً أن جهود فرنسا تستهدف تحقيق الاستقرار في ليبيا، وأن مصلحة الليبيين وجيرانهم وأوروبا «تكمن في أمن واستقرار ليبيا».
‎وبحسب بيان أصدره السراج، فقد دعا لودريان إلى الإسراع بتحقيق وقف لإطلاق النار يتيح العودة للمسار السياسي من خلال جهود الأمم المتحدة ودورها المركزي، لافتاً إلى اتفاق إيطاليا وفرنسا على هذا التوجه، كما أكد رفض بلاده التدخل الأجنبي في ليبيا بجميع أنواعه ومختلف مصادره.
‎ووصف السراج ما يحدث الآن من تحركات سياسية بأنها «ليست مبادرات لإيجاد حل للأزمة؛ بل هي مناورات تستهدف فقط إيجاد أدوار لشخصيات بعينها»، وقال إن «الانتخابات يجب أن تكون في صلب المسار السياسي، وعدم إضاعة الوقت بحلول تلفيقية»، مشدداً على أن «وضوح المسار السياسي هو ما سيبعدنا عن الخيار العسكري».
‎كما تحدث السراج عن الضرورة القصوى لرفع الإغلاق عن المواقع النفطية واستئناف إنتاج النفط، قائلاً إن الإغلاق يحرم الليبيين من مصدر قوتهم. وكان السراج قد تعهد خلال محادثات هاتفية، مساء أول من أمس، مع الأمين العام أنطونيو غوتيريش الذي اتصل أيضاً بالمشير حفتر، باستمرار القوات الموالية لحكومته «في أداء مهامها، والدفاع عن السيادة ضد التدخلات الخارجية غير الشرعية، والقضاء على (الانقلابيين) و(المجرمين)، ومن يدعمهم لتطهير كامل التراب الليبي».
من جانبه، نقل المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة عن السراج التزامه بحوار ضمن اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، معرباً عن اهتمامه بالحل السياسي القائم على الانتخابات، كما لفت إلى أن الطرفين بحثا الحاجة إلى إعادة فتح محطات النفط ومنشآت النفط المسدودة في البلاد.
وبينما لم يفصح المشير حفتر عن فحوى اتصاله مع غوتيريش، أوضح المتحدث باسم الأخير، أنه شدد على أن حل النزاع في ليبيا ليس عسكرياً، ويجب أن يكون سياسياً فقط، كما أكد التزام الأمم المتحدة الكامل بالحوار ضمن اللجنة العسكرية المشتركة (5+5).
من جانبه، ندد المبعوث السابق للأمم المتحدة في ليبيا، غسان سلامة، في مقابلة مع «مركز الحوار الإنساني» مساء أول من أمس، بما وصفه بـ«نفاق» بعض الدول في مجلس الأمن الدولي، متهماً إياها بـ«الطعن في الظهر» في ملف الأزمة الليبية المتعثر.
ميدانياً، نفت قوات «الوفاق» تعرض قاعدة الوطية الجوية، أو مواقع بمحيطها، لضربات جوية من طيران مجهول في ساعة مبكرة من صباح أمس؛ لكن بعض سكان مدينة الرجبان، قرب القاعدة بجنوب غربي طرابلس، أكدوا سماع دوي انفجارات متتالية، وتحدثوا عن شن طائرات مجهولة غارات على مواقع في محيط القاعدة، وتحليق لطيران مجهول فوق مناطق الجبل الغربي؛ بينما رصدت تقارير نقل أسلحة ومعدات وقوات من تركيا باتجاه قاعدة الوطية الاستراتيجية، الواقعة على بعد 140 كيلومتراً جنوب غربي طرابلس، على مدى اليومين الماضيين.
وفى تلميح إلى اقتراب معركة وشيكة حول مدينة سرت، قال المتحدث باسم قوات «الوفاق» إنها تحولت من مرحلة الدفاع على العاصمة، وحماية مدن الغرب الليبي، إلى الهجوم ومواصلة معارك التحرير حتى بسط السيطرة على كامل التراب الليبي، و«تحرير» مقدراته.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.