فرنسا تحذر أوروبا من «حروب» بسبب تنامي الحضور العسكري التركي في ليبيا

باريس تفرض 4 شروط رئيسية للعودة إلى «سي غارديان»

TT

فرنسا تحذر أوروبا من «حروب» بسبب تنامي الحضور العسكري التركي في ليبيا

خلال مشاركتها في مؤتمر وزراء الحلف الأطلسي يومي 17 و18 من يونيو (حزيران) الماضي، وكذلك في خطابها أمس أمام لجنة الدفاع والأمن في البرلمان الأوروبي، ارتفع سقف خطاب فلورانس بارلي، وزيرة الدفاع الفرنسي، عندما تحدثت عن المصالح الأساسية لفرنسا، التي أصبح عنوانها منذ تسعة أشهر التهديدات المترتبة على تنامي الدور التركي في ليبيا والمتوسط، والخلافات مع أنقرة داخل الحلف الأطلسي.
وجاءت كلمة بارلي بعد القرار، الذي اتخذته السلطات الفرنسية يوم الثلاثاء الأخير بتجميد مشاركتها في عمليات الحلف الأطلسي البحرية في المتوسط، تحت مسمى «سي غارديان»، إثر الحادثة التي تعرضت لها الفرقاطة الفرنسية «لو كوربيه» في العاشر من يونيو الماضي، والتي كادت أن تفضي إلى مواجهة عسكرية. وكان من الطبيعي أن تسعى وزيرة الدفاع الفرنسية إلى تسليط الضوء على التهديدات التي تتعرض لها أوروبا.
وسبق لمصادر رئاسية فرنسية أن أكدت في الأيام الماضية أن تنامي الحضور العسكري التركي في ليبيا والمتوسط «يمثل تهديدا استراتيجيا للمصالح الفرنسية والأوروبية» في المتوسط والجوار الأوروبي. من هنا، جاء تشديد بارلي على أن أوروبا «تواجه الحروب واستعراضا للقوة على عتباتها». في إشارة إلى الوضعية الجديدة لتركيا في ليبيا والمتوسط. ولكن أيضا لعودة روسيا إلى المنطقة.
والطرفان، برأي باريس، يستفيدان ويستغلان الحرب في ليبيا، حيث إن هناك «قوتين غير عربيتين تفرضان إرادتهما في هذا البلد، وهو أمر لا يمكن قبوله». وأكثر من مرة، وآخرها أمس، أعربت باريس عن تخوفها من «سورنة» ليبيا، وتفكيكها بين «مناطق نفوذ»: تركية في الغرب وروسية في الشرق، وذلك بفضل التدخل العسكري لهذين الطرفين. فيما الاتحاد الأوروبي تحول إلى مجرد مراقب، غير فاعل في جواره المباشر.
أما بالنسبة لروسيا، فإن انتقادات باريس تبدو أقل شدة، والسبب هو التواصل بين الرئيسين ماكرون وبوتين. وقد أفرز آخر اتصال بينهما نهاية الأسبوع الماضي تفاهما على الدعوة لوقف النار. وقالت بارلي إن أوروبا «بحاجة للحوار مع روسيا حول ليبيا وسوريا وأوكرانيا وأمن أوروبا». فيما يعتبر ماكرون أنه «من الضروري» ربط روسيا بـ«العربة الأوروبية» للضرورات الاستراتيجية، و«لأن روسيا تنتمي إلى أوروبا والغرب».
وأضافت بارلي أن ماكرون «قرر إحياء قنوات التواصل مع روسيا لحل الأزمات في مناطق الجوار واستقرار أوروبا».
ويوما بعد يوم، تبدو باريس الأكثر عدائية للدور التركي، وأنها تسعى لتأليب الأوروبيين واقتباس رؤيتها للتهديدات. إلا أن الصعوبة بالنسبة إليها تكمن في أن أكثرية الأوروبيين الساحقة لا تستشعر خطورة هذا الدور لبعدها الجغرافي من جهة، ولضآلة مصالحها من جهة أخرى، وهو ليس حال باريس وروما أو وأثينا ونيقوسيا وبرلين ومدريد.
لكن باريس مصرة على التركيز على الحادثة البحرية الأخيرة في مياه المتوسط لتوجيه الأنظار على السياسة التركية، التي تصفها بالعدائية والخطيرة، وللضغط سياسيا على أنقرة. يضاف إلى ذلك أن باريس لم تكن مرتاحة بتاتا إزاء تعاطي الحلف الأطلسي وردود فعله تجاهها، رغم أن بارلي قرعت ناقوس الخطر أكثر من مرة.
وأفادت مصادر فرنسية بأن نتائج التحقيق الذي طلبه الأمين العام للحلف الأطلسي، والتي بقيت سرية حتى اليوم «ليست مرضية ولا شاملة، ولا توجه أي لوم للجانب التركي». ومن هنا يأتي تركيز بارلي عليها وطرحها أربعة شروط لمعاودة المشاركة في «سي غارديان».
الشرط الأول يتمثل في إعادة تأكيد تمسك الحلف بتطبيق حظر إيصال الأسلحة إلى ليبيا، وهو ما تخالفه تركيا جهارا من خلال دفعها بالأسلحة والعتاد والمرتزقة إلى ليبيا، ورفضها الامتثال لقرارات الأمم المتحدة وتوصيات مؤتمر برلين. والشرط الثاني منع تركيا من استخدام «إحداثيات» الحلف الأطلسي في العمليات غير المتعلقة بالحلف. كما تريد باريس «ثالثا» قيام تعاون بين الأطلسي وبين العملية الأوروبية المسماة «إيريني» الخاصة بحظر السلاح إلى ليبيا. وقد سبق للأوروبيين أن قدموا طلبا بهذا المعنى للحلف لكن تركيا رفضته.
وأخيرا، تريد باريس أن يقوم الأطلسي بتحدي «بروتوكول» يمنع التصادم بين قطعه في مياه المتوسط، تلافيا لتكرار حادثة العاشر من الشهر الماضي، حيث شغلت فرقاطة تركية رادار التصويب على الفرقاطة الفرنسية «لو كوربيه»، التي كانت تقوم بمهمة مراقبة وتفتيش لباخرة شحن، يعتقد أنها تحمل أسلحة إلى ليبيا بأمر من قيادة الأطلسي البحرية.
وتأتي هذه الشروط استكمالا لما تطلبه باريس من فرض عقوبات على تركيا بسبب أعمال التنقيب عن النفط والغاز في المياه المواجهة لقبرص. وسيعقد وزراء خارجية الاتحاد اجتماعا استثنائيا خاصا حول هذا الموضوع في 13 من الشهر الجاري في بروكسل.



«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)

دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرار غير ملزم صدر بغالبية ساحقة وصوّتت ضدّه خصوصا الولايات المتحدة وإسرائيل إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في قطاع غزة.

والقرار الذي صدر بغالبية 158 دولة مؤيدة في مقابل 9 دول صوّتت ضدّه و13 دولة امتنعت عن التصويت، يدعو إلى "وقف لإطلاق النار فوري وغير مشروط ودائم" وكذلك أيضا إلى "الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن"، وهي صيغة مشابهة لتلك التي وردت في مشروع قرار استخدمت ضدّه واشنطن في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الفيتو في مجلس الأمن الدولي.

واستخدمت الولايات المتحدة يومها حق النقض لحماية إسرائيل التي تشن منذ أكثر من سنة هجوما عسكريا في قطاع غزة ردا على هجوم غير مسبوق نفذته حركة حماس على جنوب الدولة العبرية. وعطّل الأميركيون في حينها صدور قرار في مجلس الأمن يطالب بوقف إطلاق نار "فوري وغير مشروط ودائم" في غزة، مشترطين من أجل إقرار أي هدنة إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في القطاع منذ هجوم حماس.

وقبيل التصويت على النصّ، قال نائب السفيرة الأميركية في الأمم المتّحدة روبرت وود إنّه سيكون من "المخزي" تبنّي مشروع القرار لأنّه "قد يوجّه إلى حماس رسالة خطرة مفادها أنّ لا حاجة للتفاوض أو لإطلاق سراح الرهائن"، في وقت تحدّثت فيه وزارة الدفاع الإسرائيلية عن "فرصة" لإبرام اتفاق لاستعادة الرهائن.

بدوره قال السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة داني دانون إنّ "تصويت اليوم ليس تصويت رحمة، بل هو تصويت تواطؤ" و"خيانة" و"تخلّ" عن الرهائن المحتجزين في القطاع الفلسطيني.