المفتي الجعفري في لبنان: مجلس القضاء «محتل من الأميركيين»

قضية القاضي مازح تتفاعل وتأخذ بعداً مذهبياً

TT

المفتي الجعفري في لبنان: مجلس القضاء «محتل من الأميركيين»

هاجم المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، الولايات المتحدة الأميركية، ومجلس القضاء الأعلى في لبنان، مطالباً بـ«الانتصار» للقاضي محمد مازح الذي استقال أول من أمس الثلاثاء على خلفية استدعائه، لينضم قبلان بذلك إلى موقف «حزب الله» الداعم لحكم القاضي مازح ضد السفيرة الأميركية دوروثي شيا.
وكان مازح قد أصدر يوم السبت الماضي حكماً قضائياً بمنع وسائل الإعلام من استصراح السفيرة الأميركية، على خلفية مقابلتها مع قناة «الحدث»، وهو ما استدعى ردوداً سياسية وقضائية، كان أبرزها طلب وزيرة العدل ماري كلود نجم من المراجع المختصة النظر في القضية، وإجراء المقتضى وفقاً للأصول والقانون لمعالجة الأمر ضمن المؤسسات، بمعنى إحالته إلى التفتيش القضائي، وهو ما دفع القاضي مازح إلى الاستقالة، الثلاثاء.
واعتبر المفتي قبلان أمس أن مجلس القضاء الأعلى «مفروض به أن يكون مجلس قضاء للبنان وليس للأميركيين». وأضاف: «الأميركيون ببساطة يحتلون مواقع متقدمة بالقضاء والسلطة السياسية والمالية والنقدية وغيرها، ويتعاملون مع البلد كساحة صراع وثأر وصفقة». واعتبر قبلان «أن السلك القضائي بالبلد غارق بالفساد والتبعية، وبحاجة إلى نفضة جذرية ليكون حارس قيم ومصالح بلد، فضلاً عن اعتماده كحاجز وطني لا طائفي أو مذهبي، لحماية سيادة لبنان واستقلاله».
وأضاف قبلان: «كفانا نفاقاً بقصة القضاء والقانون، المطلوب إنقاذ البلد عبر القضاء وغيره، وبمقدار يضمن مصالح لبنان الداخلية والخارجية». وقال: «المطلوب هو الانتصار للقاضي الوطني الكبير محمد مازح، وليس لسفيرة الفتنة الأميركية في لبنان، ويجب ألا تمر هذه القضية من دون عقاب وطني وقانوني؛ لأن وطناً تكللت سيادته بالتضحيات لن نقبل أن يتحول سلعة للنزوات».
وينسجم موقف قبلان مع موقف «حزب الله» الذي انتقد على لسان عضو كتلته النيابية (الوفاء للمقاومة) النائب إبراهيم الموسوي إحالة مازح إلى التفتيش القضائي، قائلاً في تصريح من مجلس النواب أمس: «كنا ننتظر أن تكون المواقف من الصرخة الوطنية الوجدانية التي أطلقها القاضي محمد مازح، مؤيدة ومشجعة ولافتة حيال هذا الموقف الوطني الذي يجب أن يكافأ عليه هذا القاضي، لا أن تحيل وزيرة العدل هذا الملف على التفتيش القضائي». ورأى أن «ما قامت به وزيرة العدل يحق أن نقول معه، ويحق للعدل أن يئن ويقول: (من بيت أبي ضُربت)، يُضرب العدل، وتُضرب القيم الوطنية عند الاستخفاف بوجع الناس وآلامهم».
وقال إن «قرار إحالة هذا الملف على التفتيش القضائي أساء إلى فئة كبرى من الناس في هذا الوطن. كان يجب أن تكون الأمور على درجة أعلى من الحكمة ومن التعامل في إدارة هذا الملف»؛ معتبراً أنه حصل «كرمى لعيني السفيرة الأميركية وللولايات المتحدة الأميركية». ورأى أن «هناك ضرباً لاستقلال القضاء وهيبته من خلال ما جرى».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.