استقالة قاضٍ لبناني قرر «معاقبة» سفيرة أميركا

وزير الخارجية اللبناني ناصيف حتي خلال استقباله أول من أمس السفيرة الأميركية (دالاتي ونهرا)
وزير الخارجية اللبناني ناصيف حتي خلال استقباله أول من أمس السفيرة الأميركية (دالاتي ونهرا)
TT

استقالة قاضٍ لبناني قرر «معاقبة» سفيرة أميركا

وزير الخارجية اللبناني ناصيف حتي خلال استقباله أول من أمس السفيرة الأميركية (دالاتي ونهرا)
وزير الخارجية اللبناني ناصيف حتي خلال استقباله أول من أمس السفيرة الأميركية (دالاتي ونهرا)

استمرت أمس تداعيات القرار الذي أصدره القاضي محمد مازح في نهاية الأسبوع الماضي بمنع السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا من الإدلاء بتصريحات إعلامية، وكذلك بمنع وسائل الإعلام من إجراء مقابلات معها.
وبعد إعلان السفيرة أول من أمس أن صفحة القرار طويت قدم قاضي الأمور المستعجلة في صور محمد مازح استقالته أمس إلى مجلس القضاء الأعلى بعد إحالته للتفتيش القضائي، بعدما طلبت وزيرة العدل ماري كلود نجم من المرجع المختص قانونا، «النظر في القضية وإجراء المقتضى وفقاً للأصول والقانون لمعالجة الأمر ضمن المؤسسات».
وأتى ذلك في وقت أكد «حزب الله» أن قرار مازح انطلق من الدافع الوطني، فيما عقدت لجنة الشؤون الخارجية والمغتربين النيابية اجتماعا خصص للبحث في هذه القضية.
وفي بيان لها قالت وزيرة العدل إنه «احتراما منها لاستقلالية القضاء المكرسة بموجب الدستور، لا تخوض في تقييم القرارات القضائية، وتعتبر أن من يتضرر من قرار قضائي يجب أن يسلك الطرق القانونية للطعن فيه»، وأضافت: «أنها وحرصا على حرية التعبير عن الرأي وحرية النشر المكرسة دستورا، وبالنظر إلى ما أثير حول قرار القاضي مازح ووضعا للأمور في نصابها، وضمانا لحسن سير القضاء وحفاظا على هيبته، طلبت من المرجع المختص قانونا، النظر في القضية وإجراء المقتضى وفقا للأصول والقانون لمعالجة الأمر ضمن المؤسسات».
وفيما قال مرجع قانوني لـ«الشرق الأوسط» إن «البيان غير واضح»، واصفا إياه بـ«المعقّد بحيث تظهر فيه الوزيرة وكأنها لا تريد التدخل بالقضاء متمادية في التعليل»، قال رئيس مؤسسة «جوستيسيا» المحامي الدكتور بول مرقص إن الجهة المعنية بكتاب الوزيرة يكون مجلس القضاء الأعلى أو التفتيش القضائي، موضحا لـ«الشرق الأوسط» أن «المجلس ينأى بنفسه عن التأديب ويمكن له الاستماع، كما حصل أمس، إلى القاضي صاحب القرار لبيان صيرورة المسار، أما التفتيش القضائي فمولج به مهمة التحقيق والتأديب».
وعن إمكانية استئناف القرار، يقول مرقص: «بإمكان أي وسيلة إعلامية أن تقدّم الاعتراض على منع القرار المؤسسات الإعلامية من إجراء مقابلات مع السفيرة، وذلك كون القرار صادراً على شكل أمر على عريضة أي بطلب رجائي ليس فيه خصومة أو نزاع بين الأطراف»، موضحاً: «هذا الاعتراض يقدم أمام المرجع عينه، أي قاضي الأمور المستعجلة وفي حال ردّه يمكن الاستئناف أمام محكمة الاستئناف التي بإمكانها فسخ القرار».
وبعد اجتماع لجنة الشؤون الخارجية والمغتربين النيابية بحضور أعضاء اللجنة ووزيري الخارجية والعدل، قال رئيسها ياسين جابر إن «لبنان أفسح المجال لجميع الدبلوماسيين بأن يدلوا بآرائهم على مدى السنين، لكن هناك خطا أحمر ليس مسموحا أن يتم تجاوزه، وهو موضوع الوحدة الوطنية».
ولفت إلى أن وزير الخارجية ناصيف حتي عرض في الجلسة «لما قام به أمس من استدعاء لسفيرة الولايات المتحدة والتحدث معها في هذا الموضوع بالذات، على أمل ألا يتكرر هذا الأمر مع أي دبلوماسي آخر يمثل بلاده في لبنان»، مشيراً كذلك إلى أنه طالب وزير الخارجية «بأن يتم تطبيق اتفاقية فيينا فيما يخص العمل الدبلوماسي بالاتجاهين. نحن لا نرضى لسفرائنا في الخارج أن يتدخلوا في الشؤون الداخلية لأي بلد يمثلون لبنان فيه، وفي الوقت نفسه يجب على وزارة الخارجية أن تعمم هذا الأمر، وألا يكون هناك تدخل بأي أمر له حساسية داخلية، وهذا ما قام به وزير الخارجية، وما هو مطلوب بأن يقوم به في المستقبل».
بدوره، تحدث النائب عن «حزب الله» حسن عز الدين عن الموضوع بعد الجلسة، مؤكداً أن قرار مازح ليس سياسيا، وقال: «القاضي انطلق في حكمه باعتبار أنه قاضي الأمور المستعجلة ومن قانون أصول المحاكمات المدنية ومن الدافع الوطني والحرص الشديد على السلم الأهلي والوفاق الوطني». ورأى أن ما أقدم عليه مازح «شكّل الخطوة العملية الأولى والمدماك الأول في مسار إصلاح استقلال القضاء».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».