سيل ضغوط في الكونغرس لمحاسبة روسيا

تسريبات عن إبلاغ ترمب بـ«مكافآت قتل الجنود»... والبيت الأبيض ينفي

سيل ضغوط في الكونغرس لمحاسبة روسيا
TT

سيل ضغوط في الكونغرس لمحاسبة روسيا

سيل ضغوط في الكونغرس لمحاسبة روسيا

تواجه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب سيلاً من الضغوط من الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء، على خلفية تقارير عن تمويل روسيا لمساعي قتل جنود أميركيين في أفغانستان، فمع صدور تسريبات جديدة مفادها أن وكالات الاستخبارات أدرجت في نهاية فبراير (شباط) الماضي تقريراً مكتوباً حول تفاصيل التحركات الروسية في ملف الإبلاغ اليومي الذي يتسلمه الرئيس الأميركي، نفى مجلس الأمن القومي بشدة هذه المعلومات.
وقال مستشار الأمن القومي روبرت أوبراين في بيان: «خلال الأيام الماضية، كتبت (نيويورك تايمز) ووسائل إعلام أخرى عن ادعاءات متعلقة بجنودنا في أفغانستان. ولأن المجتمع الاستخباراتي لم يتمكن من التأكد من صحة هذه الادعاءات، لم يتم إبلاغ الرئيس ترمب بها». وشدد على أن «الإدارة مستعدة للرد في حال ثبتت صحة التقارير».
وزارة الدفاع الأميركية التي تحفظت عن التعليق على نقطة إبلاغ الرئيس بالمعلومات الاستخباراتية، أصدرت بياناً تؤكد فيه أنها لم تحسم صحة التقارير بعد. وقالت: «حتى الساعة لا تملك وزارة الدفاع أدلة تدعم الادعاءات الموجودة في التقارير الإعلامية».
وتتحدث التسريبات الأخيرة التي نشرتها كل من «نيويورك تايمز» ووكالة «أسوشيتد برس» عن نقطتين جديدتين: الأولى هي أن البيت الأبيض كان على علم بهذه التقارير منذ عام 2019. والثانية هي أن هذه التقارير أدرجت في التقرير الاستخباراتي المكتوب اليومي الذي يتم وضعه على مكتب الرئيس الأميركي.
وتشير التسريبات إلى أن مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون قال لزملائه حينها إنه أبلغ ترمب شخصياً بتقييم أجهزة الاستخبارات في مارس (آذار) 2019. بولتون الذي رفض التعليق على هذه المعلومات لدى سؤاله عنها في عدد من المقابلات التلفزيونية التي يجريها لترويج كتابه، رجح في الوقت نفسه أن يعود سبب نفي ترمب لعلمه بالتقارير إلى غياب أي رد من قبل الإدارة على التحركات الروسية. وقال في مقابلة مع شبكة «إن بي سي»: «يستطيع (ترمب) إنكار كل شيء إن قال إن أحداً لم يبلغه».
ويطرح البعض احتمالاً آخر، وهو أن يكون الرئيس الأميركي تلقى بالفعل تقريراً مكتوباً، لكنه لم يقرأه. فقد سبق وتحدث مسؤولون سابقون في البيت الأبيض عن عدم اهتمام ترمب بقراءة التقارير الاستخباراتية اليومية، وأنه يعتمد بشكل أساسي على التقارير الشفهية التي يقدمها له أفراد إدارته بشكل دوري.
ومهما تكن خلفيات الموضوع، فمن الواضح أن التقارير المذكورة أثارت امتعاض المشرعين من الحزبين. وقد سلطت هذه الأزمة الضوء على الانقسام ما بين البيت الأبيض والجمهوريين في الملف الروسي، فركّز الجمهوريون على ضرورة الرد بحزم على روسيا، ودعا بعضهم إلى إدراجها على لائحة الدول الراعية للإرهاب. وقال السيناتور الجمهوري توم تيليس إن «صحت هذه التقارير الاستخباراتية التي تقول إن روسيا قدمت مكافآت لقتل جنود أميركيين، فيجب التعامل معها على أنها دولة راعية للإرهاب».
وحثّ السيناتور الجمهوري تود يونغ، الرئيس على سحب الدعم لضم روسيا إلى مجموعة السبع، «وفرض عقوبات مباشرة على بوتين ووزير خارجيته لافروف». وأعرب بعض الجمهوريين عن استغرابهم من عدم إبلاغ ترمب بمعلومات حساسة من هذا النوع، فقال السيناتور بن ساس: «أولاً أريد أن أفهم كيف من الممكن ألا يعلم الرئيس بهذا؟ ثانياً ما الخطة التي لدى الإدارة لإبلاغ أعدائنا بأن العواقب لاستهداف قواتنا ستكون وخيمة؟».
وفي حين حذر بعض الجمهوريين من تداعيات التسريبات الحساسة من هذا النوع، إلا أن أغلبية أعضاء الحزب متفقون على نقطة واحدة وهي أنّ هذه التقارير، في حال صحت، لا تشكل أي مفاجأة. وهذا ما تحدث عنه السيناتور الجمهوري البارز جون كورنين عندما قال: «لا أعتقد أنه من المفاجئ أن حركة (طالبان) تسعى إلى قتل أميركيين وأن الروس يشجعون ذلك، أو يسهّلون تنفيذه».
وحاولت الإدارة طمأنة المخاوف الجمهورية من خلال استدعاء مجموعات مختلفة من المشرعين إلى البيت الأبيض لإبلاغهم بتفاصيل التقارير الاستخباراتية. لكن ردود أفعال الجمهوريين الذين حضروا الاجتماع المغلق تفاوتت بشكل كبير. ففي حين أكد النائبان ماك ثورنبري وليز تشيني أنهما لا يزالان قلقين من الأنشطة الروسية في أفغانستان، اتهم النائب جيم بانكس وسائل الإعلام بتسريب معلومات غير أكيدة لتشويه سمعة ترمب.
وواجهت دعوة البيت الأبيض انتقادات من ديمقراطيين، خصوصاً لأن الاجتماعات عقدت بطريقة منفصلة حضرت فيها مجموعات صغيرة من الحزبين على حدة. واتهم هؤلاء الإدارة بتسييس الموضوع من خلال فصل الحزبين في الاجتماعات المغلقة التي عادة ما تشمل الطرفين في غرفة واحدة. وتساءل بعضهم عما إذا كانت الإدارة تنتقي المعلومات التي تنقلها إلى كل طرف. فقال زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس النواب ستيني هوير الذي حضر أحد هذه الاجتماعات إن «الإحاطة التي استمعنا إليها عرضت وجهة نظر البيت الأبيض، نحن كنا بحاجة للاستماع إلى وجهة نظر الاستخبارات الأميركية».
واعتبر رئيس لجنة الاستخبارات آدم شيف أن الاجتماع لم يقدم معلومات جديدة، وقال: «ربما أن الأشخاص المحيطين بالرئيس يتحفظون عن إبلاغه بمعلومات لا يريد سماعها».



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.