رسالة من نواب أوروبيين إلى المؤتمر لرفض {التطبيع مع الأسد}

TT

رسالة من نواب أوروبيين إلى المؤتمر لرفض {التطبيع مع الأسد}

قال نواب في البرلمان الأوروبي أمس (الثلاثاء)، إنه يجب على الدول الأعضاء في التكتل الموحد أن «تكثّف جهودها لدعم الشعب السوري ولكن لا تطبيع مع نظام الأسد».
جاء ذلك في رسالة وجهها نواب في كتلة الأحزاب الاشتراكية والديمقراطية، ثاني أكبر كتلة سياسية في البرلمان الأوروبي، إلى المشاركين في اجتماع بروكسل الرابع، حول دعم مستقبل سوريا والمنطقة، وحثوا فيها الدول الأعضاء في التكتل الموحد على مواصلة التعهدات الطموحة، وضمان توصيل المساعدات الإنسانية للشعب السوري، من خلال وكالات الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني، وفي الوقت نفسه أكد البرلمانيون على أن العملية السياسية، التي تقودها الأمم المتحدة في سوريا، مع الإدماج الهادف لجميع شرائح السكان، هما السبيل الوحيد لإنهاء الحرب، التي استمرت لعقد كامل، وعندما يتم التوصل إلى اتفاق على الانتقال السياسي، وعلى هذا الأساس فقط، يجب بدء إعادة الإعمار الحقيقية.
وأضافت الكتلة خلال بيان أن «المساعدات الإنسانية ليست كافية، ونأمل أن يكون المؤتمر فرصة لإعادة تنشيط العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة لتعزيز حل سياسي في سوريا، لكن بعد أن تورط النظام وداعموه مثل روسيا وإيران بانتهاكاتهم الصارخة للقانون الدولي، يجب ألا يُسمح لهم بالمشاركة في اتخاذ أي قرار بشأن مستقبل سوريا، كما يجب على تركيا إنهاء احتلالها العسكري غير القانوني لشمال سوريا، ويجب أن تكون حكومة سوريا تمثل كل مكونات المجتمع بمن فيهم الأكراد وهذا هو السبيل الوحيد للمضي قدماً على طريق استقرار البلاد على المدى البعيد، وبمجرد الاتفاق على الانتقال السياسي بقيادة الأمم المتحدة، يجب أن يكون الاتحاد الأوروبي مستعداً لتزويد سوريا على الفور بمساعدة كبيرة وذات مغزى لإعادة الإعمار».
وأشار البيان إلى أن الاتحاد الأوروبي ومنذ 2011 قدم أكثر من 20 مليار يورو من المساعدات الإنسانية للسوريين و«يجب التصدي لحملات التضليل التي تزعم أن العقوبات الاقتصادية الأوروبية ضد النظام ومعاونيه هي السبب في إلحاق أضرار بالسكان»، حسبما ذكرت إيزابيل سانتوس عضو كتلة الأحزاب الاشتراكية والديمقراطية. وأضافت أن الصراع المستمر منذ عشر سنوات تسبب في مقتل نصف مليون شخص وستة ملايين من المشردين داخل سوريا وستة ملايين أخرى خارجياً ويواجهون جميعاً ظروفاً غاية في الصعوبة. وقالت إن «الاتحاد الأوروبي يجب ألا يتخلى أبداً عن جهوده الدبلوماسية لإنهاء الحرب ومحاسبة نظام الأسد على أفعاله ويجب تقديم جميع المسؤولين عن جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان واستخدام الأسلحة المحظورة دولياً إلى العدالة».
من جهتها، قالت كاتي بيري نائب رئيس الكتلة للشؤون الخارجية: «على الرغم من اختفاء سوريا من العناوين الرئيسية للأخبار، فإن الصراع لم ينتهِ بعد ولم يطرأ تحسن يُذكر على وضع الملايين من السوريين النازحين داخلياً وخارجياً، وأدت جائحة (كورونا) والانهيار الاقتصادي في سوريا إلى جعل أكثر من تسعة ملايين سوري يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، ولهذا نطلب من دول الاتحاد الأوروبي المشاركة في مؤتمر بروكسل تكثيف دعمها المالي لكل من السوريين داخل بلدهم أو في دول الجوار، ويجب أن تكون عملية تسليم المساعدات الإنسانية محايدة وغير متحيزة، ومستقلة عن الكيان الذي يسيطر على المنطقة، التي تتلقى المساعدات، وأن تخضع تلك المساعدات لمبادئ توجيهية صارمة، للمناطق التي يسيطر عليها النظام، كما نحث مجلس الأمن الدولي وروسيا والصين على وجه الخصوص، على ضمان استمرار أو تجديد فتح المعابر الأربعة للأغراض الإنسانية».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.