مخاوف من تدخل أنقرة سياسياً في لبنان من باب الأزمة المعيشية والاقتصادية

وكالة تركية تشرف على توزيع مساعدات في مختلف المناطق

TT

مخاوف من تدخل أنقرة سياسياً في لبنان من باب الأزمة المعيشية والاقتصادية

يتداول مسؤولون لبنانيون بعيداً عن الأضواء أخبار دخول تركيا على خط الأزمة اللبنانية من باب تقديم المساعدات الغذائية والطبية والعينية إلى العائلات الأكثر عوزاً، وهذا ما يدعو - بحسب ما قالت مصادر وزارية لـ«الشرق الأوسط» - للوقوف أمام خلفية التحرك التركي للتأكد من أن طابعه اجتماعي أو أنه يأتي في سياق التمدد سياسياً باتجاه لبنان.
وكان موضوع التدخلات الخارجية أُثير في أكثر من اجتماع لمجلس الدفاع الأعلى برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون من دون الدخول في التفاصيل التي بقيت بعيداً عن التداول الإعلامي باستثناء مبادرة وزير الداخلية والبلديات العميد محمد فهمي التي أشار إليها في تصريحات أدلى بها الأسبوع الماضي، ما دفع البعض إلى التعامل معها على أن تركيا هي الدولة المقصودة بهذه التدخلات، وذلك استناداً إلى تقارير أمنية رفعها عدد من قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية إلى أركان الدولة والمسؤولين الأمنيين.
ومع أن التدخل التركي لا يزال محصوراً بتقديم المساعدات الغذائية والطبية ولم يأخذ حتى الساعة أي طابع سياسي، فإن الأجهزة الأمنية تراقب هذا التدخل للتأكد من أنه لا يتقاطع أمنياً وسياسياً مع التدخل التركي في سوريا والعراق وليبيا وبلدان أخرى في القارة الأفريقية، علماً بأن بداية الاهتمام التركي بلبنان كان من صيدا بإنشاء مستشفى لطب العيون بتمويل تركي مباشر.
لكن مراقبة التدخل التركي، الذي يتسم حالياً بطابع إنساني، لا تخفي مخاوف جهات لبنانية رسمية من أن أنقرة تستفيد من حالة الفراغ وتحاول أن تُثبت حضورها على أمل أن تتمدد سياسياً في المدى المتوسط أو البعيد، لتحويل لبنان إلى ساحة تدفع باتجاه تمدد النفوذ التركي إلى الساحة اللبنانية التي تغرق في مسلسل من الاشتباكات السياسية من جهة، وتتموضع في قعر الانهيار الاقتصادي والمالي من جهة أخرى.
ولفت مصدر رسمي بارز إلى أن الحديث عن التدخلات الخارجية، في إشارة إلى محاولة تركيا تعزيز حضورها في الساحة السياسية على أمل أن تتحول مع الوقت إلى لاعب إقليمي، لا يراد منه تقديم دفعة على الحساب إلى الدول العربية المناوئة للتمدد التركي بمقدار ما يعكس واقع الحال الذي يصيب لبنان ويهدده مالياً واقتصادياً، والذي يستدعي من الأشقاء العرب نجدته في الوقت المناسب قبل فوات الأوان.
وكشف المصدر نفسه أن أنقرة أوكلت إلى الوكالة التركية للتعاون والتنسيق (تيكا) مهمة الإشراف على توزيع المساعدات من خلال مكاتب استحدثتها في طرابلس وعكار والبقاع وصيدا مستفيدة من وجود لبنانيين من أصول تركمانية، وقال إنها تقيم علاقة مباشرة مع ما يسمى بممثلي قبائل الترك في شمال لبنان.
وأكد أن «تيكا» لا تنشط فقط داخل البيئة السنية، وإنما أخذت تتمدد باتجاه عدد من الطوائف وفاعليات بلدية وجامعية وطبية، وإن كانت تتمتع بثقل ملحوظ في طرابلس وصولاً إلى عكار وتحديداً بلدة الكواشرة، حيث إن سكانها من أصول تركمانية، وكان سبق للرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن زارها خلال زيارته الرسمية للبنان.
ولاحظ المصدر الرسمي أن لتركيا حضوراً مميزاً في منطقة باب التبانة في طرابلس التي تُرفع فيها الأعلام التركية وصور لإردوغان. وقال إن المسؤول عن «تيكا» في لبنان أورهان إيدن يتواصل مع عدد من الوزارات، وهذا ما يؤكده مصدر مسؤول في السفارة التركية في بيروت، نافياً أن يكون الحضور الإنساني لـ«تيكا» وليد ساعته، وإنما مضت عليه سنوات سبقت تفاقم الأزمة الاجتماعية في لبنان.



محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة إلى «مشاورات أوسع» بشأن «لجنة إدارة غزة»

فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
TT

محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة إلى «مشاورات أوسع» بشأن «لجنة إدارة غزة»

فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)

مشاورات موسعة تتجه لها محادثات حركتي «حماس» و«فتح» بالقاهرة، بعد اتفاق أولي على تشكيل لجنة إدارة لقطاع غزة، واختلاف بشأن وضع إطار مؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية يشمل فصائل فلسطينية جديدة، ضمن مساعٍ مصرية جادة لترتيب البيت الداخلي الفلسطيني، وعقد اجتماع قريب للفصائل لحسم تفاصيل بشأن اللجنة ومسار ما بعد الانتخابات الأميركية المقررة الثلاثاء.

جاء ذلك بحسب مصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، كاشفة عن أن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس المتواجد بالقاهرة لديه اعتراض على أي تغييرات حالية في منظمة التحرير الفلسطينية، تؤثر على أي مسار مستقبلي للقضية الفلسطينية، لافتين إلى أن اللجنة المؤقتة تم التوافق الأولي عليها خلال محادثات القاهرة، وتنتظر اجتماع الفصائل لحسم التفاصيل وإصدار مرسوم رئاسي.

واختتمت محادثات بين حركتي «حماس» و«فتح» يومها الثالث بالقاهرة، عقب الاستمرار في نقاش استمر بشأن ملفين اثنين، هما: تفاصيل إعلان اللجنة المجتمعية لإدارة قطاع غزة، ومساعي وضع إطار مؤقت لـ«منظمة التحرير الفلسطينية» يضمن مشاركة «حماس» و«الجهاد» وباقي الفصائل، وفق مصدر فلسطيني مطلع على مسار المباحثات تحدث إلى «الشرق الأوسط»، أكد أن المحادثات ستجدد بشكل موسع عقب الاتفاق الأولي على تشكيل اللجنة واختلاف بشأن الإطار لم يحسم بعد.

وكانت «اجتماعات حركتي (فتح) و(حماس) بالقاهرة انطلقت السبت، بشأن إنشاء (لجنة الإسناد المجتمعي) المعنية بإدارة شؤون غزة، والسعي لتحقيق الوحدة الفلسطينية، وعدم فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة»، وفق مصدر أمني مصري، تحدث لقناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، لافتاً إلى أن «الحركتين لديهما نظرة إيجابية تجاه التحركات المصرية بشأن تشكيل (لجنة الإسناد المجتمعي) رغم التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية».

ووفق المصدر الأمني «تتبع (لجنة الإسناد المجتمعي) السلطة الفلسطينية، وتتضمّن شخصيات مستقلة، وتصدر بمرسوم رئاسي من الرئيس محمود عباس وتتحمّل اللجنة إدارة قطاع غزة».

وبحسب تصريحات للقيادي في «حماس» أسامة حمدان، مساء الاثنين، فإن «أجواء اللقاء مع حركة (فتح) في القاهرة كانت إيجابية وصريحة»، لافتاً إلى أنه «تم النقاش مع (فتح) حول تشكيل هيئة لمتابعة أمور غزة واحتياجاتها»، دون تفاصيل أكثر.

وكشف القيادي في حركة «فتح»، أستاذ العلوم السياسية، الدكتور أيمن الرقب، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «المعلومات المتوفرة تشير إلى أن المحادثات انتهت في يومها الثالث دون غلق الباب أو إصدار نتائج لحين مشاورات موسعة ستجري وتشمل كل الفصائل في اجتماع قد يكون هذا الشهر بالقاهرة».

وبحسب الرقب «تم تأجيل النقاش بشأن الإطار المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتم الاتفاق المبدئي على تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي، وينتظر الأمر مرسوماً رئاسياً من الرئيس الفلسطيني واجتماع الفصائل المرتقب لبحث أسماء أعضاء اللجنة وتشكيلها وعملها»، لافتاً إلى أن «هذا التأجيل لا يقلل من مسار القاهرة، ولكنه مسعى لتعزيز الاتفاق على تشكيل اللجنة بعد اجتماع الفصائل».

وشهدت محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة، تجاوز خلافات بشأن مرجعية عمل اللجنة هل تتبع الحكومة الفلسطينية أم لا، بـ«التوافق على أنها تتبع»، وفق معلومات الرقب، مستدركاً: «بالنسبة لملف الإطار المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، فأبو مازن وحركة (فتح) رفضا ما كانت (حماس) تريد إنجازه بشأن وضع إطار مؤقت وتأجل لنقاشات لاحقة».

وأكد الخبير الاستراتيجي المصري، اللواء سمير فرج، أن الاجتماع أسفر عن «الاتفاق مبدئياً على تشكيل لجنة إدارة غزة بعد خروج إسرائيل، ولها 4 مهام، وهي أنها تدير الناحية الإدارية بغزة، ومسؤولة عن توزيع المعونات الإغاثية، وتعد خطة إعمار القطاع، وأن يصدر قرار رئاسي بشأنها من السلطة».

وهناك محاولات لتقريب وجهات النظر بشأن وضع الإطار المؤقت بشأن منظمة التحرير الفلسطينية، وخاصة المنظمة تعترف بحل الدولتين و«هناك اعتراضات من (حماس) على ذلك»، وفق فرج، مؤكداً أن مساعي مصر مستمرة في توحيد الموقف الفلسطيني ودعمه بشكل مطلق.

وفي هذا الصدد، أكد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الاثنين، في لقاء بالقاهرة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، «دعم مصر قيادة وشعباً للقضية الفلسطينية، ورفض كل أشكال التصعيد الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني الشقيق في غزة أو الضفة الغربية، مع استمرار الجهود المصرية المكثفة، الهادفة للتهدئة ووقف إطلاق النار وإنفاذ المساعدات الإنسانية، والعمل، في الوقت ذاته، على حماية حق الشعب الفلسطيني المشروع في إقامة دولته المستقلة».

وشدد الرئيس المصري على «دعم مصر للسلطة الفلسطينية، وبذلها جهوداً كبيرة لمساعدة الأشقاء في الوصول لتفاهمات وتوافق في الرؤى بين جميع أطياف الشعب الفلسطيني، لضمان مواجهة التحديات الجسيمة والتهديدات التي تواجهها القضية الفلسطينية في هذا الظرف التاريخي الدقيق»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

وهذا الموقف المصري هو استمرار لتأكيد دعم القضية الفلسطينية، بحسب اللواء سمير فرج، مؤكداً أن القاهرة يهمها بكل السبل وقف الحرب بغزة وترتيب البيت الفلسطيني وتوحيده ليكون قوياً أمام التحديات الموجودة.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور أيمن الرقب، أن «مصر تستشرف الخطر وتريد ترتيب الأوراق الفلسطينية، خاصة مع اقتراب إعلان الفائز بانتخابات الرئاسة الأميركية، بما يسهم من تقوية موقفها التفاوضي والتوصل لحل جاد».ويتوقع أن تكون هناك عراقيل محتملة ستواجه اللجنة، منها الرفض الإسرائيلي، وعدم الاتفاق على ترتيبات بين الفصائل في أسرع وقت، مثمناً الجهود المصرية المتواصلة لإيجاد حلول سريعة وتحقق المزيد من الحقوق الفلسطينية.