لبنان يسعى إلى الحصول على استثناءات من تطبيق «قانون قيصر»

TT

لبنان يسعى إلى الحصول على استثناءات من تطبيق «قانون قيصر»

تضاربت المعلومات حول وضع الحكومة اللبنانية آلية دبلوماسية لمطالبة الولايات المتحدة باستثناءات للبنان في مجال تطبيق «قانون قيصر» على النظام السوري، وسط مطالب سياسية بتحرك دبلوماسي على هذا الخط.
ودعا رئيس الحكومة حسان دياب منظمة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي في كلمته التي وجهها أمس إلى مؤتمر بروكسل للمانحين، إلى «تحييد لبنان عن أي عقوبات تفرض على سوريا وخصوصاً قانون قيصر وضمان عدم تأثير هذه التداعيات على التجارة والاقتصاد اللبناني مع الخارج، وتعريض جهودنا المتواصلة للخروج من الأزمة للخطر».
وفيما قالت مصادر وزارية إن وزارة الخارجية بدأت بوضع آلية للتواصل مع الولايات المتحدة تتضمن طلباً لبنانياً رسمياً بتحديد استثناءات للبنان الذي يحصل على بعض حاجته من الكهرباء من سوريا، وتنطلق الشاحنات المحملة ببضائعه إلى العالم العربي عبر الأراضي السورية، تحدثت مصادر سياسية أخرى عن أنه «لا جديد» حول هذا الملف.
وكان التقصير الحكومي في هذا الملف وملفات أخرى، تحول إلى مادة انتقاد سياسي حتى من الداعمين للحكومة مثل «التيار الوطني الحر» الذي انتقد رئيسه النائب جبران باسيل في الأسبوع الماضي الحكومة على بطئها في معالجة الملفات، ودعاها إلى الاستمرار بالتحرك ومواصلة العمل كيلا تقع. وقدم باسيل، من موقعه السياسي وكرئيس لأكبر كتلة نيابية، نصيحة للحكومة بالسعي للحصول على استثناءات من الولايات المتحدة لتجنيب لبنان تداعيات إضافية تترتب على قانون قيصر.
وقالت مصادر التيار لـ«الشرق الأوسط» إن ما ورد على لسان باسيل هو نصيحة للحكومة التي «لا نستطيع إلزامها بشيء رغم دعم التيار لها وتسميتها ومنحها الثقة»، مؤكدة أنه مقترح تم تقديمه للرأي العام وللحكومة للتحرك على هذا الخط «أسوة بدول أخرى طلبت إعفاءات أو استثناءات من واشنطن في حالات مماثلة لتصدير البضائع واستقبالها»، مشددة على أن ذلك هو «حاجة لبنانية لمواجهة التحديات الناتجة عن الأزمة المالية والاقتصادية، ولتجنب أعباء إضافية يفرضها قانون قيصر». ودعت مصادر التيار الحكومة إلى «عدم الاكتفاء بدرس قانون قيصر إنما بالتواصل مع واشنطن وشرح الأوضاع لأن لبنان لا يستطيع أن يسلم بعملية اختناقه الاقتصادي فوق كل مشاكله التي يعاني منها».
ورغم دخول القرار حيز التنفيذ منذ أكثر من عشرة أيام، يقول الباحث السياسي اللبناني ديفيد عيسى إن الحكومة «تحاول قدر الإمكان الابتعاد عن مناقشة هذا الموضوع الحساس لأن لبنان يكفيه ما لديه من مشكلات وليس في حاجة إلى استحضار مشكلة ذات بعد إقليمي ودولي في الوقت الراهن تنعكس على علاقته بالإدارة الأميركية التي أصدرت هذا القانون». وذكر عيسى لـ«الشرق الأوسط» أن هناك معلومات أن «الحكومة ستحاول التواصل مع واشنطن للحصول على استثناءات تتعلق بعدم منع لبنان من جر 220 ميغاوات من سوريا للتعويض عن النقص في التيار الكهربائي واستخدامها لتغذية بعض المناطق به، خصوصاً تلك التي تعاني من التقنين المبرمج الذي يستهدفها»، وأن تشمل هذه الاستثناءات أيضا «مرور الشاحنات المحملة بالمنتجات الزراعية والصناعية اللبنانية إلى الدول العربية عبر البوابة السورية، بالنظر إلى أنه سبق لواشنطن أن استجابت لطلب العراق في استمرار جر حاجته من الكهرباء من إيران المدرجة على لائحة العقوبات الأميركية».
وقال عيسى: «إننا في لبنان غير معنيين بهذا القانون، إلا إذا أقحمنا أنفسنا به. حرب سوريا لا علاقة لنا بها»، مشدداً على ضرورة «اتخاذ الخطوات لحماية لبنان من تداعيات قانون قيصر وأن نستعيد ثقة شعبنا ونبقى على حياد تام من أي صراع». وقال: «بالنتيجة موقف لبنان لن يقدم أو يؤخر بالنسبة إلى العقوبات المفروضة على النظام في سوريا، وبالتالي يجب على هذا البلد أن يتبع سياسة النأي بالنفس».



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.