«السلطة» تدعو إلى لجم الضمّ حفاظاً على عملية التسوية

TT

«السلطة» تدعو إلى لجم الضمّ حفاظاً على عملية التسوية

رأى نائب رئيس حركة «فتح» محمود العالول، أن ضم أجزاء من الضفة، سيعني تقويض عملية التسوية بشكل نهائي، مضيفاً في أثناء لقائه ممثلة كندا لدى دولة فلسطين روبين ويتلوفر، أمس (الثلاثاء)، أنه يجب لجم هذا العدوان الذي يعد انتهاكاً صارخاً لقرارات الشرعية الدولية، وإغلاقاً لكل الفرص لاستمرار عملية التسوية.
تصريحات العالول، جاءت لتأكيد أن السلطة الفلسطينية مستعدة للعودة إلى مفاوضات جديدة ضمن ترتيبات جديدة، إذا أوقفت إسرائيل عملية الضم. وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس، قد أكد قبل أيام، أن القيادة الفلسطينية تمد يدها للسلام ومستعدة للذهاب لمؤتمر دولي، والعمل من خلال آلية متعددة الأطراف هي الرباعية الدولية لرعاية المفاوضات، على أساس قرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية. ودفع السلطة لفكرة العودة للمفاوضات في مواجهة صفقة القرن وخطة الضم، يلقى تأييداً من دول عربية وإقليمية والاتحاد الأوروبي وروسيا والصين. وسلمت السلطة الرباعية الدولية (الاتحاد الأوروبي، الأمم المتحدة، وروسيا، والولايات المتحدة)، رسالة، جاء فيها: «نحن مستعدون لقيام دولتنا المحدودة التسلّح وذات الشرطة القوية، بفرض احترام القانون والنظام. نحن مستعدون للقبول بوجود طرف ثالث مفوّض (من الأمم المتحدة) من أجل (...) ضمان احترام اتفاق السلام فيما يتعلّق بالأمن والحدود»، ويتضمن النص إشارة إلى حلف شمال الأطلسي لـ«قيادة القوات الدولية».
ويقترح النص، حسب الوكالة الفرنسية، تعديلات طفيفة على الحدود على أن يتم إبرام اتفاق ثنائي بشأنها، «على أساس حدود 4 يونيو (حزيران) 1967»، وهو التاريخ الذي بدأت فيه إسرائيل احتلال الضفة الغربية. ويحذّر النص بأنه «إذا أعلنت إسرائيل ضم أي جزء من الأراضي الفلسطينية، فسيعني ذلك حتماً إلغاء كل الاتفاقات الموقّعة».
ويؤكد النص ما نشرته «الشرق الأوسط» حول استعداد السلطة للعودة إلى المفاوضات مع تبادل أراضٍ وإجراء تعديل على الحدود، إنما ليس وفق الخطة التي تدمر كل شيء، في إشارة إلى خطة السلام الأميركية المعروفة باسم صفقة القرن. ويحاول الفلسطينيون دفع فكرة العودة للمفاوضات على أساس المرجعيات الدولية مع إشراف الرباعية الدولية، لمناقشة كل شيء على الطاولة، بشرط تجميد خطة الضم.
وما زال من غير المعروف كيف ستنفذ إسرائيل مشروع الضم. وتوجد استعدادات في الجيش الإسرائيلي، على الأقل، أمام أي احتمال لتصعيد في الضفة وقطاع غزة. وقال موقع «والا» العبري إن الجيش الإسرائيلي يراقب في الأسابيع الأخيرة، عن كثب، تصرفات السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، على ضوء إمكانية تنفيذ خطة الضم. ويرجح الجيش أن السلطة لن تدفع نحو أعمال عنف شديدة ومتطرفة، لكنهم يستعدون لعدة سيناريوهات، بينها أن مظاهرات منظمة قد تخرج عن السيطرة عند نقاط التماس، ما يضطر الجيش الإسرائيلي إلى إطلاق نار يمكن أن يسفر عن سقوط قتلى وجرحى. على غرار عملية مستوطنة دوليف التي نفذها أفراد من الجبهة الشعبية وأسفرت عن مقتل مستوطنة.
ونقل الموقع عن مصادر بقيادة فرقة الضفة داخل الجيش الإسرائيلي، أن تقديراتهم هي أن الأجهزة الأمنية للسلطة ستسمح بالمظاهرات الشعبية، وفي حال حدوث عنف، واعتداء على جنود الجيش، فسوف تقوم الأجهزة الفلسطينية بتفريق هذه المظاهرات. ويستعد الجيش، أيضاً، لإمكانية قيام حركة «الجهاد الإسلامي» في قطاع غزة، بتنفيذ هجمات أو إطلاق صواريخ تجاه إسرائيل، بعد ضغوط تمارسها عليه إيران رداً على مخطط الضم المرتقب. وتراقب الجهات الأمنية والاستخباراتية، عن كثب، «الجهاد الإسلامي» الذي يمكن أن يفاجئ الجميع بإطلاق صواريخ أو القيام بعملية في الضفة الغربية تدفعه إليها إيران.
وجاء في التقرير أنه على الرغم من أن قادة «حماس» عبّروا عن معارضتهم الشديدة لمخطط الضم، وقالوا إن جميع الفصائل في القطاع موحدة حول طريقة ردها على الضم، فإنهم تصرفوا بصورة منضبطة بشكل خاص، خشية إلحاق الضرر بعملية التهدئة مع إسرائيل والأموال القطرية التي تدخل بعد موافقة إسرائيلية أميركية، حيث تخشى «حماس» أن يُلحق وقف التمويل القطري، الضرر بالقدرات العسكرية للتنظيم.
وأفاد الموقع الإسرائيلي بأن مسؤولين سياسيين إسرائيليين، أبلغوا رسائل إلى المسؤولين الأمنيين في القاهرة، بأن الجيش الإسرائيلي سيردّ بشدة على كل انتهاك لتفاهمات التهدئة في القطاع.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.