مخاوف من فقدان السيطرة على الخريطة الوبائية في فلسطين

بيت لحم تحت الإغلاق وشح بالموارد الطبية

شوارع بيت لحم تبدو شبه فارغة بعد قرار الإغلاق (أ.ف.ب)
شوارع بيت لحم تبدو شبه فارغة بعد قرار الإغلاق (أ.ف.ب)
TT

مخاوف من فقدان السيطرة على الخريطة الوبائية في فلسطين

شوارع بيت لحم تبدو شبه فارغة بعد قرار الإغلاق (أ.ف.ب)
شوارع بيت لحم تبدو شبه فارغة بعد قرار الإغلاق (أ.ف.ب)

أعادت السلطة الفلسطينية سياسة الإغلاقات، وفرضت عقوبات على المخالفين لشروط السلامة العامة، بعد تفشي فيروس كورونا في الأراضي الفلسطينية بشكل مثير للقلق.
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية، إن الحكومة اضطرت لفرض إجراءات جديدة في محافظتي الخليل وبيت لحم، وفرضت عقوبات جديدة على المخالفين لشروط السلامة العامة.
وأضاف أشتية، في مستهل جلسة الحكومة، أمس: «هناك 10 ملايين إصابة حول العالم، وأكثر من 500 ألف حالة وفاة بفيروس كورونا، ولدينا في فلسطين 1716 حالة نشطة، منها 7 حالات في الإنعاش، ما اضطرنا لكل ذلك».
وتابع: «إن الحكومة، ومنذ اليوم الأول، قالت إنها تتحيز لصحة الإنسان، وحاولنا إجراء توازن بين الصحة والاقتصاد، وكان هذا استناداً إلى تراجع حالات الإصابة لدينا، لكن الآن عائلات بالكامل أصيبت في الخليل، وهناك قرى مصابة بأعداد كبيرة، نحن نسيطر على الخريطة الوبائية، لكن توجد خطورة أن ينتقل المرض من حالات فردية إلى حالات مجتمعية».
والقلق من تفشي فيروس كورونا هذه المرة يرجع إلى تسجيل أعداد كبيرة، يومياً، وحصر أعداد أكبر من المخالطين.
وأشعلت أرقام المصابين التي تجاوزت 1000 إصابة في أيام قليلة قلقاً واسعاً من فقدان السيطرة على المرض، فيما رصدت وزارة الصحة بؤراً لا تحصى للمرض.
وسجلت وزارة الصحة الفلسطينية، أمس، عشرات الإصابات، فيما توفيت سيدة بالفيروس.
وأعلنت وزيرة الصحة مي الكيلة، وفاة سيدة أربعينية من الخليل متأثرة بإصابتها بفيروس كورونا المستجد، ما يرفع عدد الوفيات إلى 8 منذ بدء الجائحة. وحالة الوفاة هذه هي الثانية في فلسطين خلال يومين.
ودفن متخصصون يرتدون اللباس الوقائي نصرة أبو حسين ضمن إجراءات مشددة بدون أي وداع من قبل عائلتها. وهو إجراء اضطرت السلطة لاستخدامه أيضاً مع متوفاة أخرى من بيت لحم، غير مصابة بـ«كورونا»، لكن عائلتها مصابة.
ونقل جثمان جميلة براقعة إلى مركز العلاج الوحيد في المحافظة من أجل أن تلقي عائلتها نظرة الوداع عليها من خلف زجاج.
وتمت العملية وسط إغلاق تام فرضته السلطة في المدينة. وأعادت السلطة الفلسطينية إغلاق محافظة بيت لحم بشكل كامل لمدة 48 ساعة قابلة للتمديد.
وقال كامل حميد محافظ بيت لحم، إن الهدف من الإغلاق هو منع الاختلاط وإفساح المجال للطواقم الطبية من أجل تتبع خريطة المخالطين، وأخذ عينات.
وسجلت محافظة بيت لحم، التي بدأ انتشار فيروس كورونا فيها في مارس (آذار) الماضي، 120 حالة خلال أسبوع واحد، بعدما خلت بيت لحم من الإصابات في أواخر أبريل (نيسان).
وطالت الإصابات هذه المرة المخيمات الثلاثة والأرياف بخلاف المرة الأولى السابقة.
وقال سامر النشاش من مخيم العزة، إن 8 من أفراد عائلته أصيبوا بالفيروس، بينهم نساء وأطفال، مرجحاً أن يرتفع الرقم.
وأضاف: «تم نقل والدتي للمركز الوطني، بعدما وجدت صعوبة في التنفس، لكن لا يوجد متسع للجميع».
وتعاني السلطة من نقص حاد في الأسرة وأجهزة التنفس، وهو ما يفاقم القلق من ازدياد الإصابات.
وقال المتحدث باسم وزارة الصحة كمال الشخرة، إن أغلب أجهزة التنفس الموجودة في فلسطين توجد عليها حالات، وقد لا توجد أجهزة فارغة أخرى، ما يدق ناقوس الخطر، ويستدعي من المواطنين أخذ الحيطة والحذر.
وأضاف: «أن كم الحالات حتى اللحظة مسيطر عليها»، محذراً من إمكانية تدهور بعضها، خصوصاً في المناطق التي تشهد انتشاراً واسعاً للمرض والعدوى، والتي قد تحتاج لنقلها إلى العناية المكثفة، وإذا ما استمرت هذه الحالات في الازدياد سوف يصعب علينا استقبالها».
وأرجع الشخرة السبب الأساسي والأبرز لانتشار فيروس «كوفيد 19» (كورونا) للمخالطة الكبيرة أثناء الأفراح وبيوت العزاء.
وأضاف: «نحن درسنا الخارطة الوبائية في كافة محافظات الوطن، وعدد الإصابات، وكميتها، ومصدرها، وأحد أسباب انتقال العدوى عدم التزام المواطنين بالإجراءات، والاختلاط داخل الأفراح وبيوت العزاء، ومخالطة عرب الداخل، خصوصاً في منطقة السبع ورهط، وتأخر توجه الأفراد للفحص الطبي فور ظهور أي من الأعراض عليهم»، مشيراً إلى الانتشار الكبير للفيروس في محافظة الخليل، الذي بدأ بالعشرات، ومن ثم أصبح بالمئات، كذلك الزيادة في محافظتي رام الله وبيت لحم.
كانت السلطة قد منعت الأعراس نهائياً، لكن البعض لم يلتزم. وتسبب أحد الأعراس في مخيم الدهيشة بفرض حالة طوارئ أمس.
وأعلنت القوى الوطنية والإسلامية في مخيم الدهيشة الإغلاق التام 48 ساعة، وطلبت من كل من حضر حفل زفاف محدد لأحد أبناء المخيم، أو من خالط المصابين الالتزام بالحجر المنزلي، والحضور اليوم الثلاثاء من الساعة 9 صباحاً ولغاية الساعة 12 ظهراً لقاعة (أسر الشهداء) لعمل الفحص من خلال الطب الوقائي».
وسجلت وزارة الصحة مزيداً من الإصابات في بيت لحم والخليل. وقالت الكيلة إنه تم تسجيل 97 إصابة جديدة بفيروس كورونا المستجد، ما يرفع عدد الإصابات في فلسطين إلى 2345. وأوضحت أن من بين الإصابات 52 في محافظة الخليل، و27 في محافظة بيت لحم، و5 في محافظة نابلس، وحالتين في محافظة رام الله والبيرة، و6 حالات في العيزرية وأبو ديس، وإصابة في طولكرم، وأخرى في قلقيلية، وإصابة في سلفيت، وإصابة في أريحا، وإصابة في جنين.
وهذه أرقام مرجحة لزيادة أكبر مع إعلان القائمة الثانية من المصابين ليلاً.
وقال الناطق باسم وزارة الداخلية غسان نمر، إنه بسبب الارتفاع بالإصابات، فإن الأجهزة الأمنية ستباشر في تطبيق المخالفات بحق المستهترين باتباع إجراءات الوقاية والسلامة العامة.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.