حكومة لبنان في مرمى انتقادات داعميها

الحريري ليس في وارد العودة إلى رئاستها «في ظل عهد برئيسين»

رئيس الوزراء اللبناني خلال اجتماع مع السفيرة الكندية أمس (دالاتي ونهرا)
رئيس الوزراء اللبناني خلال اجتماع مع السفيرة الكندية أمس (دالاتي ونهرا)
TT

حكومة لبنان في مرمى انتقادات داعميها

رئيس الوزراء اللبناني خلال اجتماع مع السفيرة الكندية أمس (دالاتي ونهرا)
رئيس الوزراء اللبناني خلال اجتماع مع السفيرة الكندية أمس (دالاتي ونهرا)

لم تعد الانتقادات للحكومة اللبنانية برئاسة حسان دياب مقتصرة على المعارضة والجهات غير الممثلة في مجلس الوزراء، بل تتوسع دائرتها يوماً بعد يوم لتشمل أبرز الداعمين لها والمشاركين على طاولتها، مع ما يرافق ذلك من تهديدات مستمرة بالاستقالة، التي كان أبرزها في وقت سابق لممثلي رئيس البرلمان نبيه بري ورئيس «تيار المردة» سلمان فرنجية، إضافة إلى ممثلي رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل.
ومع وصول الأزمة الاقتصادية إلى مستوى غير مسبوق وما يسرّب من معلومات حول فشل مفاوضات لبنان مع صندوق النقد الدولي، بدت الحكومة وكأنها حمل ثقيل على من أتوا بها، بحيث وصل بعضهم إلى حد الاعتراف بأنها «غير قادرة على معالجة الأزمات»، ما يطرح السؤال مجدداً عما إذا كانت هذه المواقف مؤشراً وتمهيداً لاستقالتها أم أن هذه الخطوة تبقى غير ممكنة في الوقت الحالي لعدم تبدل الظروف السياسية التي أتت بها.
وجاء آخر انتقادات الحلفاء على لسان النائب فيصل كرامي الذي قال إن «على الحكومة إيجاد حل ولا خيار أمامها إلا ذلك، خصوصاً أن الوضع الاقتصادي بدأ يفتح ثغرات أمنية كبيرة في لبنان»، بينما صدر موقف لافت من النائب جميل السيد الذي لطالما اعتبر عرّاب رئيس الحكومة، إذ قال في حديث تلفزيوني أول من أمس إن «حكومة دياب لم تعد قادرة على معالجة الأزمات»، بعدما سبق لرئيس «تيار المردة» أن قال قبل أيام إن «ممثلي السنة الحقيقيين خارج الحكومة»، مشدداً على «ضرورة الوفاق الوطني لاجتياز المرحلة».
وقبل ذلك، وتحديداً في اللقاء الوطني الذي دعا إليه رئيس الجمهورية ميشال عون الأسبوع الماضي، انتقد باسيل الحكومة، متوجهاً إلى رئيسها بالقول إن «هناك انخفاضاً واضحاً في إنتاجيتها، وهي كالدراجة الهوائية تقع في أي لحظة تتوقف عن التدويس بها».
ومع تزايد الانتقادات الموجّهة للحكومة، ترفض مصادر رئاسة الجمهورية التعليق، وتقول لـ«الشرق الأوسط» إنه «ليس هناك طرح جدي حول التغيير الحكومي باستثناء ما يُنشر في الإعلام»، مذكرة بكلام عون الأخير عن التعاون الجيد مع دياب ومطالبته الوزراء في الجلسة قبل الأخيرة، «العمل بعيداً عن كل الكلام الذي يطلق حول استقالة الحكومة أو تغيير وزراء»، مشيراً إلى أن «الحكومة لا تزال قائمة ولا مشكلة حولها».
ويطرح النائب في «التيار الوطني الحر» ماريو عون، علامات استفهام حول هذه الانتقادات التي توجه إلى الحكومة «من قبل من يفترض أنهم حلفاء لها» من دون أن يستبعد «محاولات للإسراع بإسقاطها وإسقاط العهد». ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «لا يمكن الحكم على الحكومة بعد 4 أشهر من تأليفها في ظل المشكلات الصعبة والمتراكمة التي يعاني منها لبنان، ولا بد من منحها المزيد من الوقت للوصول إلى نتائج».
لكنه في المقابل حمّل مسؤولية التعطيل لبعض الجهات والشخصيات ضمن الفريق الواحد التي كانت قد دعمت هذه الحكومة «وتقوم اليوم بمحاكمات للتعطيل وتوجه انتقادات... ما يحصل اليوم ليس طبيعياً ولا نستبعد أن البعض يخطّط مع رئيس الحكومة السابق سعد الحريري للإسراع بإسقاط هذه الحكومة وهذا العهد، لكن ذلك لم ولن يصلوا إليه».
في المقابل، يؤكد النائب في «تيار المستقبل» محمد الحجار لـ«الشرق الأوسط» أن الحريري لن يعود إلى رئاسة الحكومة «في ظل عهد يرأسه رئيسان (الرئيس عون وصهره باسيل) ومن دون أي ضمانات بالتغيير»، مشيراً إلى أن «الانتقادات التي تطلق في العلن تسمع أيضاً على ألسنة النواب في اجتماعات اللجان النيابية، لكن ما يحول دون قرار إسقاط الحكومة حتى الآن هو أن الظروف التي أملت عليهم تأليفها لم تتغير».
وأكد الحجار أنه «لا يجوز المطالبة باستقالة الحكومة من دون التحضير للبديلة، وطالما أن حزب الله والتيار الوطني اللذين شكّلاها يؤمنان لها الغطاء ستبقى مستمرة وسيدفع لبنان الثمن». وتوقف عند مواقف حلفاء الحكومة المنتقدة لها كما القول بعودة رئيس الحكومة السابق إلى رئاستها، مؤكداً أن «الحريري ليس في وارد العودة في ظل هذا العهد الذي يرأسه رئيسان، الرئيس ميشال عون ورئيس الظل جبران باسيل، واستمرار الأداء كما كان في السابق».
ورداً على سؤال عما إذا كان حلفاء الحكومة يأخذون قراراً بإسقاطها إذا أعطى الحريري الضوء الأخضر لإمكانية عودته، يقول الحجار إن «الحريري لن يعطي الضوء الأخضر ما لم تكن هناك ضمانات بتغيير السياسات لإنقاذ البلد، على رأسها الإصلاحات والنأي بالنفس، لأن هدفه خلاص لبنان وليس رئاسة الحكومة، وهو ما لا يبدو متوفراً اليوم».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.