نواب لبنانيون «متمردون» ومستقلون يسعون إلى جبهة معارضة

جلسة للبرلمان اللبناني في أبريل الماضي (رويترز)
جلسة للبرلمان اللبناني في أبريل الماضي (رويترز)
TT

نواب لبنانيون «متمردون» ومستقلون يسعون إلى جبهة معارضة

جلسة للبرلمان اللبناني في أبريل الماضي (رويترز)
جلسة للبرلمان اللبناني في أبريل الماضي (رويترز)

بعد فشل الأحزاب الرئيسية المنضوية في صفوف المعارضة بتوحيد صفوفها، وتشكيل جبهة متماسكة بوجه الحكومة، ينكب عدد من النواب المستقلين وزملاء لهم قرروا الخروج من تكتلات نيابية انضووا فيها بعد الانتخابات الأخيرة، على محاولة تشكيل كيان معارض موحد تحت قبة البرلمان يواكب تشريعياً عمل مجموعات المعارضة والحراك الشعبي. وأشار مصدر نيابي ناشط على هذا الخط إلى أن هذه الحركة «ستتبلور قريباً»، من دون تحديد شكلها.
كان النائب نعمة أفرام، كشف أن مشاورات جارية بين عدد من النواب لتشكيل جبهة معارضة، مشيراً إلى إمكانية خروج نواب من كتلهم. وقرر أفرام بعد الحراك الشعبي الذي شهدته البلاد في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الخروج من تكتل «لبنان القوي» الذي يقوده النائب جبران باسيل، صهر رئيس الجمهورية ميشال عون، ويُعد أكبر تكتل نبابي.
وأكدت النائبة بولا يعقوبيان، أن «التواصل قائم مع عدد من النواب الذين تبنوا مطالب الثورة حقيقة، وليس بإطار الفولكلور والشعارات، لمحاولة تشكيل جبهة نيابية معارضة»، لافتة إلى سلسلة اجتماعات عُقدت في هذا السياق. وقالت يعقويبان لـ«الشرق الأوسط»، إن «هدفنا تقوية المعارضة وتوسيعها كي يصبح صوتها مسموعاً، ويلعب دوره بالإصلاح والتغيير الحقيقيين، باعتبار أنه في الدول الناجحة، المعارضة موجودة وقوية وصلبة، وهي عين الرقابة والمحاسبة، وتعمل على تقديم المشاريع للنهوض ببلدانها. أما في لبنان، فرغم كل أزماته، المعارضة تحتاج لتجميع قواها، والأهم لخطاب مشترك وجرأة، وهذا ما نعمل عليه».
من جهته، أوضح النائب في حزب «الكتائب» إلياس حنكش، أن الجبهة النيابية المعارضة لم تتبلور بعد، لكن «هناك تواصلاً مع كل النواب المستقلين لتبيان ما إذا كان ذلك ممكناً في المرحلة الحالية». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «تم العمل أكثر من مرة على تنسيق المواقف مع النواب المستقلين، وتقديم مشاريع قوانين. ومن هنا تأتي دعوتنا إلى انتخابات نيابية مبكرة كي يكبر عدد النواب المستقلين، وتتسع الجبهة التي نطمح لتشكيلها».
وينشط النائب شامل روكز، الصهر الآخر لرئيس الجمهورية، تحت جناح حراك المعارضة، وهو ينكب حالياً، حسب مصادر قريبة منه، على توسعة «حركة الإنقاذ الوطني» المؤلفة من الضباط المتقاعدين «وضمان تمددها إلى كل المناطق». وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحركة تعمل في ظل الثورة، وتهدف لبناء دولة القانون والمؤسسات، والأولوية حالياً للعمل على الحركة، لكن ذلك لا يمنع مواصلة نقاشات موضوع الجبهة النيابية المعارضة».
كان روكز وأفرام أعلنا رسمياً، في وقت سابق، خروجهما من تكتل «لبنان القوي». لكن هناك نواباً آخرين يغردون منذ فترة بعيداً عن المواقف الرسمية للتكتل، ويحاولون التميز في أكثر من استحقاق ومحطة، أبرزهم إيلي الفرزلي وميشال ضاهر وميشال معوض.
ويدعو الفرزلي إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة سعد الحريري، في وقت لا ينسجم هذا الطرح مع المواقف الرسمية لرئيس التكتل. كما اتسعت رقعة الخلاف بينهما على خلفية ملف التعيينات وحصة الطائفة الأرثوذكسية فيه.
وتمايز النائب ضاهر في استحقاقات أساسية عن قيادة «التكتل»، فامتنع عن إعطاء الحكومة الحالية الثقة، كما امتنع عن التصويت على موازنة عام 2019. وهي قرارات لم تنسجم مع توجه القيادة. كذلك فعل النائب معوض الذي حجب الثقة عن الحكومة الحالية، ما أدى إلى اندلاع سجال بينه وبين زميله زياد أسود.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.