أجندة برلين حافلة وشائكة مع ترؤسها الاتحاد الأوروبي

تستقبل ماكرون لتنسيق الخطى عشية المهمة

حرصت ميركل على لقاء ماكرون لتظهر العلاقة الخاصة بين البلدين كونهما أكبر اقتصادين في الاتحاد الأوروبي (إ.ب.أ)
حرصت ميركل على لقاء ماكرون لتظهر العلاقة الخاصة بين البلدين كونهما أكبر اقتصادين في الاتحاد الأوروبي (إ.ب.أ)
TT

أجندة برلين حافلة وشائكة مع ترؤسها الاتحاد الأوروبي

حرصت ميركل على لقاء ماكرون لتظهر العلاقة الخاصة بين البلدين كونهما أكبر اقتصادين في الاتحاد الأوروبي (إ.ب.أ)
حرصت ميركل على لقاء ماكرون لتظهر العلاقة الخاصة بين البلدين كونهما أكبر اقتصادين في الاتحاد الأوروبي (إ.ب.أ)

قبل 13 عاماً، في عام 2007 أسندت الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي لألمانيا لفترة 6 أشهر، في خضم أزمة كان يعيشها الاتحاد بعد رفض فرنسا وهولندا اتفاقية الدستور الأوروبي. كانت حينها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قد وصلت للسلطة قبل عامين فقط.
واليوم، فيما تبقى عامان فقط على مسيرة ميركل السياسية قبل تقاعدها في عام 2022، تعود ألمانيا لتستلم رئاسة الاتحاد لفترة 6 أشهر، في خضم أزمة أخرى يعيشها الاتحاد بسبب وباء كورونا.
بالنسبة لميركل، فإن «الأوقات الصعبة ليست جديدة»، كما قالت قبل أيام عندما سئلت في مقابلة مع مجموعة من الصحف الأوروبية عن استعداداتها لتسلم رئاسة الاتحاد. ورغم أن وباء كورونا وآثاره الاقتصادية الكبيرة فرض أجندة الرئاسة الألمانية، فهي لن تخلو من التحديات الكبيرة التي سيكون على ألمانيا مواجهتها. لكنها على الأقل لن تواجهها منفردة. فقد اختارت أن تبدأ رئاستها هذه بتوجيه رسالة واضحة بأنها تحظى بدعم فرنسي كامل في خططها التي تحملها معها للاتحاد الأوروبي. ومن هنا كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ضيف ميركل أمس في قصر ميزبيرغ الحكومي في براندبيرغ الذي تستضيف فيه عادة ميركل ضيوفاً تريد «تدليلهم».
وكان هذا القصر نفسه الذي استضاف قمة ميركل - ماكرون قبل عامين، في خضم المخاوف من تزايد الانشقاق الفرنسي - الألماني، ليخرجا بعد لقائهما بـ«إعلان ميزبيرغ» الذي سطر أطر التعاون الثنائي ووضع خطة لإصلاح الاتحاد الأوروبي. كانت الخلافات الرئيسية حينها تتعلق برؤية ماكرون لأوروبا موحدة أكثر ومتداخلة، فيما كانت ميركل تقاوم المزيد من الترابط الأوروبي، خاصة فيما يتعلق بالديون الأوروبية المشتركة. ولكن بين قمة عام 2018 وقمة اليوم، فارق شاسع. حينها أراد الزعيمان أن يطمئنا القلقين على مستقبل أوروبا بأن لا شرخ حقيقياً بين أكبر اقتصادين في القارة. فصمت ميركل على خطط ماكرون لأوروبا التي خاض الانتخابات على أساسها وفاز، كانت قد بدأت تبعث بالقلق. ولكن اليوم يلتقي الزعيمان وهما فعلاً يحملان أجندة موحدة لأوروبا، بعد اتفاقهما الذي وصف بالتاريخي في منتصف شهر مايو (أيار) الماضي، على إنشاء صندوق أوروبي مشترك للنمو الاقتصادي بقيمة 500 مليار يورو لمواجهة التداعيات الاقتصادية لوباء كورونا في أوروبا. فاجأ حينها الإعلان ذاك «حلفاء» ميركل في تكتل الدول الشمالية (هولندا والنمسا والسويد) التي كانت تعارض إلى جانب ألمانيا أي قروض أوروبية مشتركة، كما كانت تطالب فرنسا وإيطاليا وإسبانيا.
وهكذا تحولت ألمانيا فجأة من أهم المعرقلين لقروض أوروبية مشتركة، لأبرز مروج لها. ولكن ما زال عليها اليوم أن تقنع الدول الثلاث التي ما زالت تعارض إنشاء هذا الصندوق الذي اقترحته مع ماكرون، بالموافقة عليه. وبالنسبة لميركل، فإن تغيير رأيها كان سببه «الظروف الاستثنائية» التي تمر بها أوروبا، والتي تطلبت كذلك «رداً استثنائياً». لذلك؛ فإن تمرير هذه الحزمة سيكون على طليعة أجندة الرئاسة الألمانية للاتحاد الأوروبي. وبما أن هذه الحزمة الاقتصادية فرضت نفسها بشكل طارئ على أجندة الرئاسة الألمانية بسبب وباء كورونا، وغيرت من خطط ألمانيا إلا أن هذا لن يمنعها من التمسك بأجندتها لرئاسة الاتحاد التي تعد لها منذ أشهر. وعلى رأس هذه الأجندة، بعد الخطة الاقتصادية، برامج تتعلق بالتغيرات المناخية، وكذلك إصلاح نظام الهجرة الأوروبي والعلاقات مع الصين والولايات المتحدة، وبالطبع خروج بريطانيا من الاتحاد، والعلاقة مع تركيا التي ستكون موضوع بحث في اجتماع أوروبي خاص منتصف الشهر المقبل سيحضره الزعماء الأوروبيون بشكل شخصي في بروكسل، للمرة الأولى منذ أزمة «كورونا». وتدفع فرنسا باتجاه تبني موقف أكثر حزماً من تركيا، بسبب حادث الاستفزاز الذي تعرضت له سفينة فرنسية من ضمن مهمة «إيريني» في المتوسط التي تعمل على تطبيق قرار مجلس الأمن الداعي لحظر توريد السلاح إلى ليبيا.
وتقول فرنسا، إن بواخر عسكرية تركية تصرفت بشكل استفزازي أمام السفينة وهي تؤدي مهمتها بتفتيش باخرة تركية كانت محملة بأسلحة ومعدات عسكرية لطرابلس. ورغم أن حلف شمالي الأطلسي دعا إلى التحقيق في الحادث، فإن ألمانيا وقفت إلى جانب فرنسا، لكنها في الوقت نفسه حاولت تهدئة التوتر مع تركيا. ولكن ألمانيا قد تلجأ أثناء رئاستها الاتحاد الأوروبي، إلى زيادة الضغوط على تركيا، خاصة بسبب استمرار تدهور الوضع في ليبيا بسبب تدخلات أنقرة. وقد دعا رئيس مؤتمر ميونيخ للأمن، الدبلوماسي الألماني السابق فولفغانع إيشنغر، أوروبا إلى «أن ترمي بثقلها العسكري في المعادلة الليبية لتحقيق وقف لإطلاق النار»، وقال في مقابلة مع مجموعة «فونكه» للإعلام «الدبلوماسية غالباً ما تبقى مجرد خطاب إذا لم تكن قادراً على استخدام التهديد بعملية عسكرية كوسيلة ضغط في النزاعات الدولية».
وأضاف أنه فيما تستعد ألمانيا لترؤس الاتحاد الأوروبي فإنه على أوروبا أن «تتحدث بلغة القوة» كي تمثل مصالحها بشكل أفضل، مشيراً إلى أن «هذا الأمر يتطلب أن تتعلم ألمانيا لغة القوة». ووصف نتائج مؤتمر برلين حول ليبيا الذي استضافته العاصمة الألمانية مطلع العام بأنها «صفر لغاية الآن».
في كل الأحوال، فإن برلين تحتفل غداً بقيادتها أوروبا مرة جديدة، وإن مؤقتا لفترة 6 أشهر فقط.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».