مطالب أممية بتجديد إيصال المساعدات إلى سوريا

من أجل إطعام ملايين المواطنين المهددين بالمجاعة

TT

مطالب أممية بتجديد إيصال المساعدات إلى سوريا

قبل 10 أيام من انتهاء التفويض الذي يمنحه مجلس الأمن بالقرار 2504 لنقل المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا، طالب مسؤولون دوليون بتجديد هذه العملية وتوسيعها من أجل «إطعام ملايين السوريين المهددين بالمجاعة» وغيرهم ممن لا يتوافر لديهم الأمن الغذائي.
وكان مارك لوكوك، منسق الشؤون الإنسانية والإغاثة، يقدم إحاطة في جلسة عبر الفيديو لأعضاء مجلس الأمن، فأشار أولاً إلى أن السلطات السورية أكدت وجود 256 إصابة بفيروس «كوفيد 19»، بينها 9 وفيات. وقال إنه على رغم العدد القليل نسبياً، فإن «النظام الصحي في سوريا غير مهيأ لتفشٍ واسع النطاق»، محذراً من أن حصول ذلك ستكون له «عواقب وخيمة في كل أنحاء المنطقة، وليس فقط في سوريا».
وأوضح أن أسعار المواد الغذائية والأدوية والوقود والسلع الأساسية الأخرى «ترتفع في كل أنحاء البلاد»، بعدما «أدى سعر الصرف المتقلب إلى خسارة الليرة السورية في الأشهر الستة الماضية أكثر مما فقدته من قيمتها في السنوات التسع الأولى من الأزمة»، مشيراً إلى أن «البنك المركزي قام هذا الشهر بتعديل سعر الصرف الرسمي من 704 ليرات مقابل الدولار الأميركي إلى 1256 ليرة مقابل الدولار الأميركي، وهو انخفاض بنسبة 78 في المائة»، علماً بأن «السعر غير الرسمي انخفض إلى أدنى مستوى على الإطلاق عند 3120 ليرة مقابل الدولار. وبالتالي وصلت أسعار المواد الغذائية إلى مستويات غير مسبوقة». وبالتالي فإن «عدداً متزايداً من السوريين لم يعد قادراً على إعالة أنفسهم وأسرهم». ونقل عن برنامج الغذاء العالمي أن «9.3 مليون شخص يعانون انعدام الأمن الغذائي»، موضحاً أن «ما يقدر بـ4.6 مليون طفل وامرأة حامل ومرضع يحتاجون إلى مساعدة غذائية»، بينهم «3.7 مليون صاروا في حاجة ماسة». ونقل «تأكيدات علنية» من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أن «برامج العقوبات الخاصة بسوريا لا تمنع تدفق الإمدادات الإنسانية»، مكرراً نداء الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أجل «رفع العقوبات التي يمكن أن تقوض قدرة البلدان على الاستجابة للوباء». وعبّر عن «القلق بشكل خاص من الحالة في شمال غربي سوريا؛ حيث يحتاج ما يقدر بنحو 2.8 مليون شخص، أي 70 في المائة من سكان المنطقة، إلى المساعدة الإنسانية». ولاحظ أنه «بموجب العمليات العابرة للحدود، التي أذن بها هذا المجلس بموجب القرار 2504، عبرت 1781 شاحنة مساعدة الحدود من تركيا إلى شمال غربي سوريا في مايو (أيار)».
وأوضح أن «المستويات الحالية للمساعدة المقدمة عبر الحدود غير كافية»، ولذلك «تحتاج العملية عبر الحدود إلى مزيد من التوسع». وحذّر من أن «الإخفاق في تمديد التفويض عبر الحدود سيقطع عملية الأمم المتحدة الجارية حالياً»، ما «سيسبب المعاناة والموت». وأضاف أن «استمرار العمليات عبر الحدود يستوجب تجديد التفويض لباب السلام وباب الهوى لمدة 12 شهراً إضافية»، موضحاً أن 1.3 مليون شخص يعيشون في المنطقة التي يجري الوصول إليها من باب السلام.
وكشف أنه بعد مضي أكثر من 5 أشهر على إزالة معبر اليعربية، لم تصل توزيعات المستلزمات الطبية لمنظمة الصحة العالمية إلى غالبية المرافق التي كانت تعتمد في السابق على الإمدادات التي تسلم عبر الحدود. وأمل في الحصول على مزيد من التعهدات في مؤتمر بروكسل الرابع حول «دعم مستقبل سوريا والمنطقة»، وفي تمديد التفويض عبر الحدود قبل انتهاء المهلة المحددة بالقرار 2504، لأن هذه المعابر صارت بمثابة «شريان حياة لملايين المدنيين في شمال غربي سوريا».
وقالت المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة كيلي كرافت: «يجب أن نأذن باستمرار الأمم المتحدة في استخدام كل من باب الهوى وباب السلام لمدة 12 شهراً (...) وإعادة فتح معبر اليعربية موقتاً، لمنع انتشار (كوفيد 19) في شمال شرقي سوريا». واتهمت نظام الرئيس السوري بشار الأسد وحلفاءه بأنهم «حوّلوا المساعدات الإنسانية إلى سلاح في الحرب»، مشيرة إلى «تكتيكات النظام التجويعية وعبر الحصار». واعتبرت أن «استعادة الوصول عبر الحدود من خلال اليعربية أمر ضروري، لأننا نعمل جميعاً مع الأمم المتحدة لجعل عمليات التسليم عبر هذا الخط أكثر انتظاماً وحيادية، ولا تستند إلى نزوات النظام الإجرامي في دمشق». وعبّرت عن «القلق» من «الخطوة الخطيرة» التي اتخذتها روسيا التي أنهت الترتيبات الأمنية مع الأمم المتحدة. وأكدت أن الكلام عن أن العقوبات الأميركية بموجب قانون قيصر تقوض وصول المساعدات الإنسانية في سوريا «مجرد دعاية تهدف إلى صرف الانتباه عن أهوال نظام الأسد».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.