انخفاض مياه السدود ينذر بكارثة إنسانية شرق الفرات

«سد تشرين» شرق نهر الفرات في سوريا
«سد تشرين» شرق نهر الفرات في سوريا
TT

انخفاض مياه السدود ينذر بكارثة إنسانية شرق الفرات

«سد تشرين» شرق نهر الفرات في سوريا
«سد تشرين» شرق نهر الفرات في سوريا

قالت الإدارة العامة للسدود لدى «الإدارة الذاتية لشمال وشرق» سوريا، إنها ستعمل على خفض ساعات التغذية الكهربائية لمدن وبلدات شرق الفرات بسبب الانخفاض الكبير في منسوب مياه السدود، وحمّلت الحكومة التركية مسؤولية قطع المياه عن المنطقة.
وحذرت في بيان نشر على حسابها الرسمي، أمس، من انخفاض كميات المياه، الذي سينعكس سلباً على اقتصاد المنطقة والأمن الغذائي وشح مياه الشرب وتضرر المحاصيل الزراعية، وجاء في البيان: «الوارد المائي لنهر الفرات من طرف الدولة التركية بلغ أقل من ربع الكمية المتفق عليها دولياً»، وأشارت إلى أن منسوب بحيرة «سد تشرين»؛ «بلغ بتاريخ (أول من) أمس (322.30) متر مكعب، ومنسوب بحيرة الفرات لـ(سد الطبقة) بلغ (301.27) متر مكعب، وهو منسوب منخفض جداً قياساً مع هذه الفترة من كل عام».
ونقل محمد طربوش، المدير العام للسدود، أن الوارد المائي منذ بداية يونيو (حزيران) الحالي انخفض إلى ربع الكمية؛ الأمر الذي دفع بالإدارة إلى اعتماد «برنامج تغذية جديد لمدة 10 ساعات فقط حتى إشعار آخر، مع مراقبة انخفاض مناسيب البحيرات»، واتهم تركيا بأنها تتحكم بمنسوب وارد المياه وتحاصر المنطقة مائياً، ولم يخف خشيته من انخفاض الكمية الحالية الذي قد يجبرهم على اتخاذ «خطط إسعافية إذا وصلت كميات مياه البحيرات إلى المنسوب الميت الذي يتعذر معه الحصول على الطاقة الكهربائية، آنذاك سنضطر للتعامل مع الكارثة التي تهدد حياة 4 ملايين نسمة».
وأعرب مسؤولو «الإدارة الذاتية» عن خشيتهم من نقص المخزون المائي الذي سيضر بالثروة البيئية والحيوانية، إلى جانب تأثر المنتجات الزراعية وتهديد الأمن الغذائي، وقد يطال توفير مياه الشرب لسكان المنطقة والمخيمات المنتشرة بالمنطقة.
وقررت إدارة السدود تقليص عدد ساعات توليد الطاقة الكهربائية من محطتي «الفرات» و«تشرين»، بنسبة 33 في المائة، على أن تعمل على تغذية الخدمة الكهربائية مدة 12 ساعة فقط، بعدما كانت سابقاً 18 ساعة يومياً توزع على مناطق شمال وشرق سوريا.
وتحدث المهندس لورنس الجاسم، رئيس مديرية الكهرباء في مدينة الطبقة بمحافظة الرقة، عن عدم إمكانية تحديد ساعات تقنين خدمة الكهرباء، عازياً الأمر إلى «معدلات وارد المياه لسد الفرات، والتي لا يمكن التكهن معها بالمدة التي قد نضطر لفرضها كساعات تقنين، خلال المرحلة المقبلة، والتي ستبقى متفاوتة. وقد حددنا برنامجاً للتقنين وفق الخطط الاستراتيجية لمنسوب المياه»، وشدد على أنه سيتم تحديد مدة ساعات التقنين اعتماداً على التقارير الصادرة عن غرف العمليات لسدود «الفرات» و«تشرين»، مضيفاً أن ذلك «وفق معدلات الحمولة التي تحددها المؤشرات الصادرة والواردة لحجم التغذية الكهربائية».
وقبل عام 2010 كانت الطاقة التخزينية لبحيرة سد الفرات تبلغ 14 مليار متر مكعب من المياه، حيث يبلغ طولها 80 كلم وعرضها 5 كلم، أما اليوم فتناقصت كمية المياه الموجودة في البحيرة للربع؛ على حد تأكيد المهندس لورنس الجاسم، «بسبب العوامل المناخية وتراجع كميات الأمطار الشتوية وتعمد الحكومة التركية إغلاق المنافذ المائية الطبيعية لنهر الفرات، والذي أدى إلى خلق هذه الأزمة التي تنذر بكارثة إنسانية ستطال مناطق شرق الفرات».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم