بغداد وواشنطن و{التحالف الدولي»: مداهمة مقر «حزب الله» عراقية خالصة

فصائل منافسة موالية لإيران سعيدة بصولة الحكومة ضد «الكتائب»

بغداد وواشنطن و{التحالف الدولي»: مداهمة مقر «حزب الله» عراقية خالصة
TT

بغداد وواشنطن و{التحالف الدولي»: مداهمة مقر «حزب الله» عراقية خالصة

بغداد وواشنطن و{التحالف الدولي»: مداهمة مقر «حزب الله» عراقية خالصة

ما زال النقاش قائما داخل الأوساط العراقية الشعبية والرسمية بشأن العملية التي نفذتها القوات الحكومية ضد عناصر من «كتائب حزب الله»، الجمعة الماضي، وأسفرت عن اعتقال 14 عنصرا، ضمنهم خبير تصنيع صواريخ إيراني الجنسية.
وأوكل القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي تنفيذ المهمة إلى جهاز مكافحة الإرهاب الذي يرأسه القائد العسكري الشهير عبد الوهاب الساعدي، ونفذت عملية الدهم والاعتقال، فجر الجمعة الماضي، في منطقة الدورة جنوب بغداد لموقع فصيل مسلح يشتبه في أنه وراء إطلاق صواريخ على السفارة الأميركية في المنطقة الرئاسية (الخضراء) في بغداد وعلى مطار بغداد الدولي ومعسكرات مشتركة للجيش العراقي وقوات التحالف الدولي.
وفيما حظيت عملية المداهمة والاعتقال بالدعم والمساندة وبما يشبه الإجماع على المستويين الشعبي والرسمي، حيث أيدتها معظم القوى السياسية والفعاليات المدنية التي تشتكي منذ سنوات من تغول نفوذ الفصائل المسلحة، شككت الفصائل والقوى الرافضة، وهي تلك القريبة والموالية لإيران بجدوى وأهمية العملية في بداية الأمر، ثم تحولت، بعد ذلك، إلى الترويج لقصة أن العملية نفذت بمساعدة ودعم الولايات المتحدة والتحالف الدولي، الأمر الذي نفته بغداد وواشنطن والتحالف الدولي.
وأكد المتحدث باسم الحكومة العراقية، أحمد ملا طلال، أن عملية منطقة «الدورة»، التي اعتقل خلالها جهاز مكافحة الإرهاب عناصر من «كتائب حزب الله»، خططت ونفذت بأياد عراقية ودون تدخل أي جهة أخرى. وقال طلال في تغريدة عبر «تويتر» إن «عملية الدورة عملية استباقية هدفها حفظ هيبة الدولة».
وأضاف أن العملية «عراقية التخطيط والتنفيذ والإشراف من الألف إلى الياء، وكل كلام يثار غير ذلك هو أكاذيب لا صحة لها بتاتا».
كذلك، نفت السفارة الأميركية صحة التصريحات التي نسبت للسفيرة الأميركية لدى دولة الكويت ألينا رومانوفسكي بشأن العملية. وقال بيان لسفارة واشنطن في الكويت إن «التصريحات المنسوبة للسفيرة ألينا رومانوسكي، والتي تناقلتها بعض وسائل الإعلام العراقية هي تلفيقات خبيثة». وأضاف أن «الأخبار المزعومة، صادرة عن موقع إلكتروني تم إنشاؤه لنشر الأخبار المزيفة». وكانت مواقع إخبارية عراقية و«جيوش إلكترونية» تمولها طهران، زعمت أن السفيرة الأميركية لدى الكويت قالت إن قوات التحالف الدولي شاركت في عملية المداهمة بطلب من الحكومة العراقية.
بدوره، نفى التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، هو الآخر، مزاعم مشاركته في العملية. وقال المتحدث باسم قوات التحالف الدولي، مايلز كاغينز، في تصريحات صحافية، أمس إن «قوات التحالف في العراق هي تحت الحماية العراقية». وأضاف أن «الحكومة العراقية هي فقط التي تصدر القرارات، ولا دخل للقوات الأميركية أو قوات التحالف بذلك».
وكانت قيادة العملية المشتركة العراقية قالت في بيانها الذي أعقب عملية الاعتقال إنه «تم تكليف جهاز مكافحة الإرهاب بتنفيذ واجب إلقاء القبض والحيلولة دون تنفيذ العمل الإرهابي ضد مواقع الدولة، حسب الاختصاص، ونفذ الجهاز المهمة بمهنية عالية، ملقياً القبض على أربعة عشر متهماً وهم عدد المجموعة مع المبرزات الجرمية المتمثلة بقاعدتين للإطلاق».
إلى ذلك، شكك السفير البريطاني لدى العراق ستيفن هايكي، بقدرة العراق على جلب الاستثمارات الأجنبية في ظل وجود ميليشيات وجماعات مسلحة خارج إطار الدولة. وقال هايكي في تغريدة عبر «تويتر» أول من أمس إنه «ما دام هناك انعدام للأمن ووجود للجماعات المسلحة التي تعمل خارج سيطرة الدولة، فلن يتوفر الاستثمار وفرص العمل والنمو الاقتصادي الذي يستحقه العراقيون».
وفي سياق متصل بنتائج وتداعيات التحرك الحكومي ضد الميليشيات المسلحة و«كتاب حزب الله» على وجه التحديد، أكد مصدر مطلع على بعض التفاصيل المتعلقة بموقف بقية الفصائل الولائية من المداهمة والاعتقالات أن «بعض الفصائل خائفة، لكنها سعيدة بما حدث، نظراً للصراع والتنافس الشديد بين تلك الفصائل وسعي كل طرف إلى الانفراد بالدعم الإيراني». ويقول المصدر لـ«الشرق الأوسط» إن «فصائل أخرى تنظر لكتائب (حزب الله) بوصفها جماعة راديكالية متشددة تسعى لتقويض الدولة والانفراد بزعامة محور المقاومة بالاعتماد على الدعم الإيراني غير المحدود لها». ويضيف «بعض الفصائل التزمت الصمت حيال ما جرى، أو أنها تحدثت عن الأمر في إطار دفاع عام عن الحشد الشعبي وتجنبت الإشارة بشكل مباشر إلى جماعة الكتائب».
وتوقّع المصدر أن «تعمّق قضية استهداف الحكومة للجماعات المسلحة من حدة الخلافات داخل محور المقاومة وتزيد من حدة الانقسامات التي كرسها بشكل واضح مقتل القائد السابق لفيلق (القدس) الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد أبو مهدي المهندس».o



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.