مقتل ضابط وجندي في عملية جنوب الجزائر

ماكرون وتبون يبحثان هاتفياً قضايا الساحل

TT

مقتل ضابط وجندي في عملية جنوب الجزائر

أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية في بيان أمس (الأحد)، مقتل ضابط وجندي في انفجار قنبلة يدوية الصنع خلال عملية عسكرية مساء السبت في المدية على بعد 80 كلم جنوب العاصمة.
وجاء في بيان لوزارة الدفاع نقلته وكالة «فراس برس» أنه «خلال عملية بحث وتمشيط نفذتها مفارز للجيش الوطني الشعبي في ولاية المدية، وإثر انفجار لغم تقليدي الصنع، استُشهد عسكريان، هما النقيب بن سماعيل فاتح والعريف الأول خالدي زكرياء».
وقبل ثمانية أيام أعلنت الوزارة مقتل جندي في اشتباك بين الجيش و«إرهابيين» في ولاية عين الدفلى المجاورة للمدية وكلاهما منطقتان جبليتان. وبداية فبراير (شباط) قتل عسكري في انفجار سيارة مفخخة في تيمياوين أقصى جنوب البلاد، على الحدود مع جمهورية مالي. وتُطلق السلطات الجزائرية صفة «الإرهابيين» على الإسلاميين الذين حملوا السلاح منذ بداية سنوات 1990. وأضافت وزارة الدفاع أن الجيش يواصل تمشيط المنطقة «وملاحقة هؤلاء المجرمين».
وما زالت بعض المجموعات المسلحة تنشط في الجزائر، رغم ميثاق المصالحة الوطنية الذي أقرته الدولة منذ 2005 لطي صفحة الحرب الأهلية (1992 - 2002) المعروفة إعلامياً بـ«العشرية السوداء» والتي أسفرت عن 200 ألف قتيل، بحسب حصيلة رسمية. وخلال عام 2019 ذكر الجيش أنه قتل 15 مسلحاً واعتقل 25 آخرين، بينما سلم 44 «إرهابيا» أنفسهم.
من جهة أخرى، بحث الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، مساء أول من أمس، ملف الساحل خلال مكالمة هاتفية هي الثانية بينهما في غضون أقل من شهر، حسبما أعلنت الرئاسة الجزائرية. وقالت الرئاسة في بيان إن الرئيسين «استعرضا العلاقات الثنائية قصد استئناف الاتصالات على أعلى مستوى وإعادة دفع التعاون في جميع المجالات». وأضافت أن المكالمة «جرت في جو من الود والصداقة».
ولفت البيان إلى أن الرئيسين «تبادلا الآراء حول المسائل الإقليمية ذات المصلحة المشتركة في ضوء آخر تطورات الوضع القائم في الساحل، وحصل بشأنها توافق في وجهات النظر». وتأتي هذه المكالمة الهاتفية قبل أيام من قمّة تستضيفها نواكشوط، الثلاثاء، وتجمع رؤساء دول الساحل الخمس (بوركينا فاسو ومالي وموريتانيا والنيجر وتشاد) مع نظيرهم الفرنسي، وذلك بعد نحو 6 أشهر من القمة التي جمعت الرؤساء الستّة في يناير (كانون الثاني) الماضي بمدينة «بو» الفرنسية.
وستستعرض فرنسا وحلفاؤها في قمة نواكشوط الجهود المبذولة في مواجهة الجهاديين بهذه المنطقة التي لا تزال ترزح تحت وطأة أعمال العنف في وقت تزداد خلاله تعقيدات المشهد بفعل اشتداد الأزمة السياسية في مالي.
وكان الرئيسان الفرنسي والجزائري أجريا مباحثات هاتفية في 2 يونيو (حزيران) الحالي في أعقاب توتّر العلاقات بين البلدين إثر قرار الجزائر استدعاء سفيرها في باريس احتجاجاً على بثّ قنوات تلفزيونية فرنسية عامة برامج وثائقية عن الحركة الاحتجاجية ضد النظام في الجزائر التي رأت في هذه الوثائقيات منحى «استعمارياً جديداً». وفي مطلع العام، دعا تبون إثر انتخابه إلى «الاحترام المتبادل» في العلاقات الثنائية بين بلاده وفرنسا، مذكّراً بأنّ «الجزائر ليست محميّة خاصة لفرنسا».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم