روي كين... من لاعب شرس إلى أحد أكثر المحللين قسوة

غضب نجم مانشستر يونايتد السابق على الشاشة يجسد حالة النقاد الرياضيين في الوقت الحالي

روي كين ما زال يحتفظ بطابعه الحاد الذي لا يعرف المجاملة حتى بعد انتهاء مسيرته لاعباً وانتقاله محللاً تلفزيونياً (رويترز)
روي كين ما زال يحتفظ بطابعه الحاد الذي لا يعرف المجاملة حتى بعد انتهاء مسيرته لاعباً وانتقاله محللاً تلفزيونياً (رويترز)
TT

روي كين... من لاعب شرس إلى أحد أكثر المحللين قسوة

روي كين ما زال يحتفظ بطابعه الحاد الذي لا يعرف المجاملة حتى بعد انتهاء مسيرته لاعباً وانتقاله محللاً تلفزيونياً (رويترز)
روي كين ما زال يحتفظ بطابعه الحاد الذي لا يعرف المجاملة حتى بعد انتهاء مسيرته لاعباً وانتقاله محللاً تلفزيونياً (رويترز)

يعد نجم مانشستر يونايتد السابق، روي كين، أحد أكثر النقاد الرياضيين إقناعاً، ليس في كرة القدم فحسب؛ وإنما في عالم الرياضة بصفة عامة. وبين شوطي مباراة مانشستر يونايتد أمام توتنهام هوتسبر، رأينا روي كين على شبكة «سكاي سبورتس» الرياضية وهو يشن هجوماً لاذعاً على لاعبي مانشستر يونايتد هاري ماغواير وديفيد دي خيا بسبب مسؤوليتهما عن الهدف الذي أحرزه توتنهام في الشوط الأول بتوقيع اللاعب الهولندي ستيفن بيرغفين. وقال كين خلال تعليقه على هذا الهدف: «أنا أشعر بالغضب الشديد». وفي الحقيقة كان هذا التحليل الحماسي بمثابة إعلان عن حقيقة لا يمكن إنكارها؛ وهي أن كرة القدم قد عادت بإثارتها ومتعتها، وأننا قد افتقدناها كثيراً خلال الفترة الماضية.
لكن في الوقت نفسه، فإن الكلمات التي قالها كين أثناء تحليله شوط المباراة الأول كانت مزعجة ومقلقة وصادمة، حيث وجه انتقادات شديدة لهاري ماغواير ولوك شو، بالإضافة إلى الحارس الهولندي ديفيد دي خيا لفشله في التصدي لتسديدة يرى كين أنها سهلة وفي المتناول. ومرة أخرى، وجّه كين غضبه «العشوائي» إلى الجميع؛ وهو الأمر الذي يجعله أحد أكثر المحللين شراسة وقسوة في عالم كرة القدم. وقال كين عن دي خيا: «لو كنت مدرباً لكنت سأوجه اللكمات إلى هذا اللاعب بين شوطي المباراة». وفي الحقيقة، يبدو أن شبكة «سكاي سبورتس» سعيدة ببث مثل هذه التصريحات المثيرة للجدل على شاشتها، وترى أنه من الأفضل بالنسبة لها ألا يتوقف كين عن مثل هذه التصريحات، من أجل زيادة الإثارة والمتابعة ومشاهدة القناة.
لكنني شخصياً لست راضياً عن مثل هذا التوجه. ومن الواضح أن هذا العمل «الفيروسي» أكثر صعوبة مما يبدو. ولكي أكون صريحاً، فقد وجدت صعوبة كبيرة في تقبل أي رأي من الآراء التي أعرب عنها كين مساء الجمعة الماضي. لقد بات من الطبيعي والمعتاد أن نرى كين غاضباً من كل شيء، وبات الأمر الغريب أن تراه هادئاً أو لا يشعر بالاشمئزاز أو لا يشعر بالرغبة في القيام بأمر عنيف!
ومن وجهة نظري، فإن الأمر يتعدى مجرد شعور أحد المحللين بالغضب أثناء تحليل إحدى المباريات ليلقي الضوء على الهدف الأساسي من التحليل التلفزيوني للمباريات في الأساس. وفي هذا الصدد، تجب الإشارة إلى أن البث التلفزيوني للمباريات كان هو السبب الرئيسي في استئناف مباريات هذا الموسم بعد توقفه بسبب تفشي فيروس «كورونا». وبالتالي، فإن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: ما الذي نريده حقاً من البث التلفزيوني وتحليل المباريات؟ هل نريد أن يساعدنا النقاد والمحللون الرياضيون على فهم اللعبة بشكل أفضل، أم نريد أن نستمتع بشكل أكبر؟ وهل كان شعور كين بالغضب مجرد أمر استثنائي، أم إنه أمر معتاد في تحليل المباريات مساء كل يوم جمعة؟ باختصار: هل نريد شرحاً وتحليلاً للمباريات أم نريد ترفيهاً؟
على مدار جيل كامل أو أكثر، يبدو أننا كنا نريد شرحاً وتحليلاً للمباريات وليس مجرد برنامج ترفيهي. وكان من الممكن أن يكون أول استوديو تحليلي لمباريات الدوري الإنجليزي الممتاز على شاشة «بي بي سي» بمثابة العامل الأساسي في «وأد» هذه التجربة في مهدها، حيث لم يكن هناك أي تحليل لأحداث المباراة نفسها، وكان الأمر يقتصر على وصف ما يحدث، كأن يقول المحلل التلفزيوني إن هذا اللاعب أو ذاك قد سدد الكرة بقوة، وكأن مهمته هي وصف ما يحدث أمامه، وهو الأمر الذي يشاهده من يجلس أمام شاشة التلفزيون بالفعل.
وبالتالي، كيف انتقلنا من مرحلة هذا الوصف الممل للأحداث والاستماع إلى جمل مثل «لقد سددها اللاعب بشكل جيد للغاية»، إلى مرحلة التحليل الكروي الرائع لمحللين مثل جيمي كاراغر وغاري نيفيل في برنامج «الكرة مساء الاثنين» أو ما نراه في برنامج «مباراة اليوم» الذي يقدم إحصاءات وتحليلات ممتازة؟ وكيف انتقلنا من ظهور إيان رايت كأنه مهرج في التسعينات من القرن الماضي، إلى عودته إلى شاشة «بي بي سي» رجلاً حكيماً ومحللاً مخضرماً للمباريات في عام 2010؟
تتمثل الإجابة عن كل تلك الأسئلة في أنه قد باتت هناك ثورة هائلة في البيانات والإحصاءات والتحليل العميق للعبة. والآن، يبدو أننا قد وصلنا إلى منعطف خطير في تاريخ اللعبة، حيث انعكس «الترحيل التدريجي» لجمهور كرة القدم بعيداً عن التلفزيون التقليدي إلى الهاتف الجوال ومقاطع الفيديو القصيرة، على المنتج النهائي نفسه. وبالتالي، أصبح يتعين على محلل المباريات أن يقوم بما هو أكثر من مجرد ملء وقت البث، فبات يتعين عليه أن يتفاعل مع الأحداث ويثير الجدل والمشاعر، ويفضل بالطبع أن ينجح في زيادة التفاعل على شبكات التواصل الاجتماعي. وبالتالي، لم يعد من الغريب أن نستمع إلى بعض الحجج والآراء الغريبة، بل والمتعصبة في بعض الأحيان، من أجل إثارة الجدل وزيادة التفاعل.
وكان الهدف من كل ذلك هو إعادة هيكلة تحليل المباريات، وتقديم محتوى غير تقليدي، فأصبح بإمكاننا الآن أن نرى على شبكة «سكاي سبورتس» غاري نيفيل وغرايم سونيس وهما يدخلان في «نقاش ساخن» حول الخيارات الهجومية لمانشستر يونايتد. أو أن نرى على شاشة «بي تي» جو كول وهو يتحدث عن الأمور التي لا تسير بشكل جيد في نادي وستهام يونايتد. ومع ذلك، إذا كنت تريد أن تشاهد اللعبة على أكمل وجه، فيتعين عليك أن تذهب إلى موقع «يوتيوب»، حيث ستجد صناعة كاملة من المتحمسين الهواة للأندية والذين يجذبون ملايين المشاهدين من جماهير كرة القدم.
ومع أخذ كل ذلك في الحسبان، ربما يتعين علينا مراقبة المحتوى الذي قدم على شاشات التلفزيون خلال الأسابيع المقبلة لنرى ما الذي يتم تقديمه وما الذي يتم تجاهله، وما إذا كان المحتوى يركز حقاً على تحليل أحداث ومباريات كرة القدم أم لا! وتجب الإشارة إلى أنه حتى كتابة هذه السطور، كان مقطع الفيديو الذي انتقد فيه روي كين كلاً من هاري ماغواير وديفيد دي خيا قد تلقى 1.5 مليون مشاهدة على موقع «تويتر»، و1.7 مليون مشاهدة على «فيسبوك»، و1.4 مليون مشاهدة على «يوتيوب». وبالتالي، ربما يجعلنا ذلك نؤمن بالمثل الذي يقول إن «العميل دائماً على حق»!.


مقالات ذات صلة

الدوري الإنجليزي: العين على ديربي مانشستر... وليفربول لمواصلة التحليق

رياضة عالمية صلاح لقيادة ليفربول إلى فوز جديد في الدوري الإنجليزي (أ.ب)

الدوري الإنجليزي: العين على ديربي مانشستر... وليفربول لمواصلة التحليق

تتجه الأنظار الأحد، إلى استاد الاتحاد، حيث يتواجه مانشستر سيتي حامل اللقب، مع ضيفه وغريمه مانشستر يونايتد في ديربي المدينة، بينما يسعى ليفربول المتصدر إلى مواصل

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية المدرب الإيطالي يهنئ لاعبيه عقب إحدى الانتصارات (إ.ب.أ)

كيف أنهى ماريسكا كوابيس تشيلسي في لمح البصر؟

في 29 نوفمبر (تشرين الثاني) 2008، كان الإيطالي إنزو ماريسكا يلعب محور ارتكاز مع إشبيلية، عندما حل فريق برشلونة الرائع بقيادة المدير الفني جوسيب غوارديولا ضيفاً

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية  فيرنانديز دعا إلى إصلاح الأخطاء الفنية في فريقه (إ.ب.أ)

فيرنانديز: علينا إصلاح أخطائنا قبل التفكير في مان سيتي

قال البرتغالي برونو فيرنانديز قائد فريق مانشستر يونايتد إن فريقه يجب أن يعمل على إصلاح أخطائه بدلاً من التفكير في الأداء السيئ لمنافسه في المباراة المقبلة. 

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية استبدل بوستيكوغلو المهاجم فيرنر ودفع بالجناح ديان كولوسيفسكي (إ.ب.أ)

مدرب توتنهام يهاجم فيرنر: لم تكن مثالياً أمام رينجرز

وجه أنجي بوستيكوغلو، مدرب توتنهام هوتسبير، انتقادات لاذعة لمهاجمه تيمو فيرنر بعدما استبدله بين الشوطين خلال التعادل 1-1 مع رينجرز.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية غوندوغان نجم السيتي خلال مواجهة اليوفي بدوري أبطال أوروبا (أ.ف.ب)

غوندوغان: على الجميع تقديم أفضل أداء لتبديل حظوظنا

اعترف الألماني إلكاي غوندوغان، لاعب وسط مانشستر سيتي الإنجليزي، بأن فريقه "لم يعد جيدا بشكل كاف"، في الوقت الذي فشل فيه في إيجاد حل لتبديل حظوظه بالموسم.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».