غييوم كارتييه: حدّدنا منطقة الخليج سوقاً رئيسية للنمو

مسؤول في «نيسان» لـ «الشرق الأوسط» يتوقع انتعاشاً إيجابياً بعد تخفيف إجراءات «كوفيد ـ 19»

وضعت «نيسان» خطة للتحول العالمي ممتدة على 4 سنوات للتوقعات الاقتصادية الصعبة.(إ.ب.أ)
وضعت «نيسان» خطة للتحول العالمي ممتدة على 4 سنوات للتوقعات الاقتصادية الصعبة.(إ.ب.أ)
TT

غييوم كارتييه: حدّدنا منطقة الخليج سوقاً رئيسية للنمو

وضعت «نيسان» خطة للتحول العالمي ممتدة على 4 سنوات للتوقعات الاقتصادية الصعبة.(إ.ب.أ)
وضعت «نيسان» خطة للتحول العالمي ممتدة على 4 سنوات للتوقعات الاقتصادية الصعبة.(إ.ب.أ)

قال غييوم كارتييه نائب الرئيس الأول ورئيس منطقة أفريقيا والشرق الأوسط والهند في «نيسان» للسيارات، إن الشركة اليابانية حددت منطقة دول مجلس التعاون الخليجي كواحدة من أسواقها الرئيسية للنمو في الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن «نيسان» ستستمر في الاستفادة من الفرص المتاحة فيها انطلاقاً من الحضور القوي للعلامة التجارية وحصتها في السوق.
وقال كارتييه في حديث لـ«الشرق الأوسط» على هامش إطلاق «نيسان» خطة لمنطقة الشرق الأوسط، إن الطلب في سوق دول مجلس التعاون الخليجي بلغ نسبة 30 في المائة مما كان عليه العام الماضي، مشيراً إلى أنه على مدى الأشهر القليلة الماضية تأثر عدد من الصناعات والقطاعات بوباء «كوفيد 19»، بما في ذلك قطاع السيارات.
وأضاف: «تمّ تخفيف الإجراءات المتخذة لمحاربة الوباء في بعض الأسواق، وهي تستأنف حالياً العمل بالكامل أو تعتمد ساعات عمل مخفضة فيما يستأنف الناس حياتهم الطبيعية إلى حدّ ما، ونتوقع بالتالي أن نشهد انتعاشاً إيجابياً».
وتابع غيوم: «الأهم هو كيفية استقرار السوق ومتى، وما إذا كانت ستعود لما كانت عليها قبل (كوفيد - 19). وكذلك السرعة التي سيحدث بها ذلك. تبرز أيضاً عوامل اقتصادية كلية أخرى يجب أخذها بعين الاعتبار مثل ارتفاع الضرائب في السعودية وتقلّب أسعار النفط».
وتطرق إلى أن «نيسان» تملك مجموعة متنوعة من المنتجات التي تم تعديلها لتلبية توقعات المستخدمين في أسواق الخليج، وقال: «نعتزم طرح طرازات جديدة نعتقد أنها ستحقق نجاحاً في هذه المنطقة».

التحديات
قال نائب الرئيس الأول ورئيس منطقة أفريقيا والشرق الأوسط والهند في «نيسان»، إن التحدي الأكبر الذي يواجه قطاع السيارات حالياً هو انخفاض الطلب على السيارات على المدى القصير، مشيراً إلى أنه يتعين على العلامات التجارية تعديل تكاليفها الثابتة والتكيف مع التقلبات في توقعات العملاء.
وعلى المستوى العالمي، قال: «نشهد تغيّرات كبيرة في سلوكيات العملاء وتوقعاتهم، وهو مؤشر واضح يدعو علامات السيارات التجارية إلى تغيير طريقة عملها. ببساطة، ما نجح في الماضي لم يعد يصلح تطبيقه حالياً. يريد العملاء المزيد من رقمنة الخدمات، وبالتالي عززنا الخدمات الرقمية المتاحة للعملاء في المنطقة من خلال إطلاق خدمات الصيانة من المنزل، بالإضافة إلى اختبار القيادة، وطلب السيارات عبر الإنترنت، وبرنامج الدردشة الآلي، وأكاديمية التدريب الرقمي. وستواصل (نيسان) طرح خدمات رقمية إضافية وتوسيع نطاق التجارة الإلكترونية وصالات العرض وتجارب المبيعات الافتراضية».
وبين أن اعتبارات الصحة والسلامة تكتسب أيضاً أهمية كبرى حيث يتوقع العملاء مستويات عالية من التعقيم، وقال: «نتوقع أن يزداد هذا الأمر في المرحلة المقبلة. نتبع إجراءات تعقيم صارمة تشمل جميع السيارات التي يتم تسليمها للعملاء، وعملنا بشكل وثيق مع جميع شركائنا في المنطقة لضمان التزامهم بالإرشادات الصارمة التي تشمل جميع العمليات».
وأضاف: «سيكون للطلب المتزايد على الصحة والسلامة تأثير على نظرة المستهلك لشراء السيارات، حيث يفضل الكثيرون التنقّل في بيئة خاصة مغلقة بدلاً من استخدام وسائل النقل العام. ونعتبر هذا الأمر فرصة لاستهداف شرائح متنوعة من خلال برامج تجارية خاصة وعروض منتجات تمنح أقصى قيمة لاستثمار العملاء».

السيارات الكهربائية والإنترنت
وعن خطط توفير السيارات الكهربائية و«إنترنت الأشياء»، قال غييوم إن «نيسان» تواصل التركيز على دمج تقنيات التنقل الذكي من «نيسان» بطرازاتها المقبلة، وربط السائقين بالعالم بطرق مبتكرة، وفيما يتعلق بالسيارات الكهربائية في المنطقة، يتعين النظر في طلب السوق والبنية التحتية المتاحة حتى نتمكن من طرح التكنولوجيا في السوق.

سوق الشرق الأوسط
قال نائب الرئيس الأول ورئيس منطقة أفريقيا والشرق الأوسط والهند في «نيسان»، إن الشرق الأوسط لا تزال سوقاً عالية الأداء وزاخرة بالإمكانيات بالنسبة إلى «نيسان»، نظراً لحضور العلامة التجارية الكبير في المنطقة، وشبكة شركائها الموثوقة، والثقة المستمرة في العلامة التجارية ومنتجاتها.
وأضاف: «تلتزم (نيسان) بزيادة حصتها في السوق وتعزيز العلامة التجارية في المنطقة، من خلال الارتكاز على جاذبية طرازاتنا الأساسية، وتلبية احتياجات العملاء الجديدة، وتسريع طرح تقنيات التنقل الذكي من (نيسان)، في المنطقة، وتوفير الخدمات الرقمية للعملاء. ونتطلع للعمل عن كثب مع شركائنا للاستفادة من نقاط القوة الحالية، والبحث عن فرص جديدة لتعزيز النمو المستدام والمربح، ومواصلة توسيع حضورنا في السوق السعودية، وضمان رضا العملاء في المنطقة».

إكسبو دبي 2020
وعن تأجيل «إكسبو دبي 2020» قال غييوم: «ما زلنا ملتزمين بمهامنا كشريك السيارات الرسمي لـ(إكسبو 2020). وبالتالي لا يتجاوز تأثير هذا التأجيل حدود الفترة الزمنية. فهذه الفعالية مهمة جداً بالنسبة إلينا وإلى المنطقة، وندعم القرار الذي اتخذه (المكتب الدولي للمعارض) بالشراكة مع الدول الأعضاء وفريق (إكسبو 2020 دبي)، بتأجيل موعد (إكسبو 2020 دبي) رسمياً إلى 1 أكتوبر (تشرين الأول) 2021. لا تزال (نيسان) مستعدة لعرض مستقبل التنقل في (إكسبو 2020 دبي) من خلال سيارات الجيل المقبل والتكنولوجيات المتقدمة المدعومة جميعها بتقنية التنقل الذكي من (نيسان)».

حقبة جديدة
أكد غييوم أن الشركة اليابانية «أمام حقبة جديدة. لقد وضعت خطة للتحول العالمي ممتدة على أربع سنوات، وذلك للاستجابة للتوقعات الاقتصادية الصعبة وتحسين أدائها، وستتحول الشركة إلى شركة أكثر تكيّفاً وتركيزاً وتوجّهاً نحو الربح، وهو تحوّل عن نهجها السابق الذي يركز على زيادة الأحجام ومحاولة تأمين حصة غير مربحة من السوق».
وأضاف: «(نيسان أفريقيا والشرق الأوسط والهند) في موقع جيد حالياً لتنمية أعمالها وتعزيز علامتها التجارية، من خلال التركيز على احتياجات العملاء، والمجيء بالطرازات والتقنيات والخدمات الأساسية المناسبة والمتكيّفة مع قطاع التنقل المتغير إلى المنطقة».


مقالات ذات صلة

اجتماع خليجي - مغربي لتعزيز الشراكة مارس المقبل

الخليج ناصر بوريطة مستقبلاً جاسم البديوي في الرباط (مجلس التعاون)

اجتماع خليجي - مغربي لتعزيز الشراكة مارس المقبل

وجّهت أمانة «مجلس التعاون» دعوة إلى وزير الخارجية المغربي لحضور اجتماع مع نظرائه الخليجيين يوم 6 مارس (آذار) 2025 في السعودية.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
الخليج وزراء الخارجية لدول مجلس التعاون الخليجي بعد اجتماعهم في الكويت (كونا)

وزراء الخارجية لتوحيد الموقف الخليجي من القضايا الإقليمية والدولية في «قمة الكويت»

بحث وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، اليوم (الخميس)، التطورات الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها تطورات القضية الفلسطينية.

ميرزا الخويلدي (الرياض)
رياضة سعودية إيكامبي نجم الاتفاق الكاميروني يحتفل بأحد هدفيه في مرمى العربي (الشرق الأوسط)

«أبطال الخليج»: الاتفاق يضرب العربي بثنائية ويواصل انطلاقته المثالية

واصل الاتفاق السعودي انطلاقته المثالية في المجموعة الثانية من مرحلة المجموعات ببطولة دوري أبطال الخليج لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
العالم العربي وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

تأكيدات مصرية خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الخليج في أكبر عملية سحب للجنسية في يوم... اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية قررت اليوم سحب وفقد الجنسية الكويتية من 1535 حالة تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء (كونا)

رقم قياسي جديد... سحب الجنسية الكويتية من 1535 حالة

قررت اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية، اليوم، سحب وفقد الجنسية من 1535 حالة، تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء.

«الشرق الأوسط» (الكويت)

قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025

ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)
ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)
TT

قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025

ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)
ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)

رئيس أميركي جديد... حرب تجارية مهددة... استمرار تعثر اقتصاد الصين... اضطرابات سياسية في مراكز القوة بأوروبا... توترات جيوسياسية في الشرق الأوسط... يبدو أن عام 2025 سيكون عاماً آخر استثنائياً. فكيف سيشكل كل ذلك الاقتصاد العالمي في عام 2025؟

في عام 2024، اتجه الاقتصاد العالمي نحو التحسن في ظل تباطؤ معدلات التضخم، رغم استمرار المخاطر.

لكن العام المقبل يقف عند منعطف محوري. فمن المرجح أن يرفع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب الرسوم الجمركية، واضعاً حواجز حمائية حول أكبر اقتصاد في العالم، بينما سيستمر قادة الصين في التعامل مع عواقب العيوب الهيكلية داخل نموذج النمو في ثاني أكبر اقتصاد بالعالم. أما منطقة اليورو، فستظل محاصرة في فترة من النمو المنخفض للغاية.

ترمب ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يتحدثان قبل اجتماع حلف شمال الأطلسي (أ.ب)

وعلى الرغم من كل هذه التحديات، يُتوقع أن يظل الاقتصاد العالمي ككل مرناً نسبياً في 2025. ويفترض صندوق النقد الدولي بتقرير نشره في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أي قبل حسم نتائج الانتخابات الأميركية، أن يظل النمو ثابتاً عند 3.2 في المائة بالعام المقبل، وهو نفسه الذي توقعه لعام 2024. بينما التوقعات بتباطؤ النمو في الولايات المتحدة إلى 2.2 في المائة في عام 2025، من 2.8 في المائة في عام 2024، مع تباطؤ سوق العمل. في حين توقعت جامعة ميشيغان في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أن يتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بأميركا إلى 1.9 في المائة في عام 2025.

وفي منطقة اليورو، من المتوقع أن يبلغ النمو 1.2 في المائة في عام 2025، وهو أضعف قليلاً من توقعات الصندوق السابقة. ويشار هنا إلى أن الأحداث السياسية في كل من فرنسا وألمانيا سيكون لها وقعها على نمو منطقة اليورو ككل. فالسياسات الاقتصادية الفرنسية والألمانية تعوقها حالة كبيرة من عدم اليقين السياسي بعد استقالة رئيس الوزراء الفرنسي ميشال بارنييه ضحية الموازنة، وانهيار الائتلاف الحكومي في ألمانيا للسبب نفسه.

أما الصين، فيتوقع الصندوق أن ينمو ناتجها المحلي الإجمالي بنسبة 4.6 في المائة في عام 2025 مع مخاوف تحديات استمرار ضعف سوق العقارات، وانخفاض ثقة المستهلكين والمستثمرين، وذلك في وقت تكافح فيه بكين للتوفيق بين إعادة توجيه استراتيجيتها للنمو والضغوط قصيرة الأجل لإجراءات التحفيز غير المكتملة. لكن وكالة «فيتش» أقدمت منذ أيام على خفض توقعاتها السابقة بالنسبة لنمو الاقتصاد الصيني من 4.5 في المائة إلى 4.3 في المائة.

موظف يعمل بشركة تصنيع قطع غيار سيارات في تشينغتشو (أ.ف.ب)

السياسة النقدية في 2024

لقد كان من الطبيعي أن يمثل تباطؤ التضخم المسجل في عام 2024، أرضية لبدء مسار خفض أسعار الفائدة من قبل المصارف المركزية الكبرى. وهو ما حصل فعلاً. فالاحتياطي الفيدرالي خفّض أسعار الفائدة الفيدرالية مرتين وبمقدار 75 نقطة أساس حتى نوفمبر 2024 - و25 نقطة أساس أخرى متوقعة باجتماع في 17 و18 ديسمبر (كانون الأول) الحالي - لتصل إلى 4.50 - 4.75 في المائة، رغم نمو الاقتصاد بواقع 3 في المائة.

رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول يتحدث إلى رئيسة المصرف المركزي الأوروبي كريستين لاغارد ويتوسطهما محافظ بنك اليابان كاز أودا في مؤتمر «جاكسون هول» (رويترز)

أما المصرف المركزي الأوروبي، فأجرى خفضاً للفائدة 4 مرات في 2024 وبواقع 25 نقطة أساس كل مرة إلى 3.00 في المائة بالنسبة لسعر الفائدة على الودائع.

بنك إنجلترا من جهته، خفّض أسعار الفائدة مرتين بمقدار 25 نقطة أساس (حتى اجتماعه في نوفمبر).

باول ومحافظ بنك إنجلترا أندرو بيلي ورئيس بنك كندا المركزي تيف ماكليم (رويترز)

وبالنسبة لبنك الشعب (المصرف المركزي الصيني)، فلقد كان التيسير مع مجموعة أدواته الموسعة حافلاً هذا العام، حيث تم الإعلان عن إصلاح إطار عمل جديد للسياسة النقدية في شهر يونيو (حزيران)، وتخفيضات بمقدار 30 نقطة أساس في سعر إعادة الشراء العكسي لمدة 7 أيام، وتخفيضات بمقدار 100 نقطة أساس في سعر إعادة الشراء العكسي، وبرامج جديدة لدعم أسواق الأسهم والعقارات.

إلا أن المفاجأة كانت في تغيير زعماء الصين موقفهم بشأن السياسة النقدية إلى «ميسرة بشكل معتدل» من «حكيمة» للمرة الأولى منذ 14 عاماً، ما يعني أن القيادة الصينية تأخذ المشاكل الاقتصادية على محمل الجد. وكانت الصين تبنت موقفاً «متراخياً بشكل معتدل» آخر مرة في أواخر عام 2008، بعد الأزمة المالية العالمية وأنهته في أواخر عام 2010.

ولكن ماذا عن عام 2025؟

سوف تستمر المصارف المركزية في خفض أسعار الفائدة على مدى العام المقبل، ولكن في أغلب الاقتصادات الكبرى سوف تمضي هذه العملية بحذر.

بالنسبة للاحتياطي الفيدرالي، يبدو أن التوقف عن الخفض في اجتماع يناير (كانون الثاني) أمر محتمل، حيث إنه سيكون لديه بحلول اجتماع مارس (آذار)، فهم أكثر وضوحاً لخطط الرئيس دونالد ترمب بشأن التعريفات والضرائب والإنفاق والهجرة وغيرها. ومن المؤكد أن احتمالات خفض الضرائب المحلية لدعم النمو التي ستدفع بالطبع التضخم إلى الارتفاع، ستؤيد مساراً أبطأ وأكثر تدريجية لخفض أسعار الفائدة العام المقبل. وهناك توقعات بحصول خفض بمقدار 25 نقطة أساس لكل ربع في عام 2025.

متداول في سوق نيويورك للأوراق المالية يستمع إلى مؤتمر باول الصحافي (رويترز)

أما المصرف المركزي الأوروبي، فيبدو أنه مصمم الآن على المضي قدماً في إعادة أسعار الفائدة إلى المستوى المحايد بأسرع ما يمكن مع ضعف النمو الشديد وتباطؤ ظروف سوق العمل، وسط توقعات بأن يخفض سعر الفائدة الرئيسي إلى نحو 1.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025. ومن بين العواقب المترتبة على ذلك أن اليورو من المرجح أن يضعف أكثر، وأن يصل إلى التعادل مقابل الدولار الأميركي العام المقبل.

وعلى النقيض من المصرف المركزي الأوروبي، يتخذ بنك إنجلترا تخفيضات أسعار الفائدة بشكل تدريجي للغاية. ومن المتوقع أن تعمل الموازنة الأخيرة وكل الإنفاق الحكومي الإضافي الذي جاء معها، على تعزيز النمو في عام 2025. وهناك توقعات بأن يقفل العام المقبل عند سعر فائدة بواقع 3.75 في المائة، قبل أن ينخفض ​​إلى أدنى مستوى دوري عند 3.50 في المائة في أوائل عام 2026.

أما بنك الشعب، فسوف يبني العام المقبل على الأسس التي وضعها هذا العام، حيث تشير التوقعات إلى تخفيضات تتراوح بين 20 و30 نقطة أساس في أسعار الفائدة، مع مزيد من التخفيضات إذا جاءت الرسوم الجمركية الأميركية في وقت مبكر أو أعلى مما هو متوقع حالياً، وفق مذكرة للمصرف الأوروبي «آي إن جي». ومن المتوقع على نطاق واسع خفض آخر لمعدل الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في الأشهر المقبلة، حتى إنه يمكن حصول تخفيضات تراكمية بمقدار 100 نقطة أساس في معدل الفائدة قبل نهاية عام 2025.

حرب تجارية على الأبواب؟

وبين هذا وذاك، هناك ترقب كبير للتعريفات الجمركية التي تعهد ترمب بفرضها، والتي يرجح على نطاق واسع أن تلعب مرة أخرى دوراً رئيساً في أجندته السياسية، وهو ما ستكون له انعكاساته بالتأكيد على الاقتصاد العالمي.

سفن حاويات راسية في ميناء أوكلاند (أ.ف.ب)

فترمب هدّد في البداية مثلاً بفرض رسوم جمركية بنسبة 60 في المائة على جميع الواردات الصينية، ورسوم جمركية تتراوح بين 10 في المائة و20 في المائة على الواردات من جميع البلدان الأخرى. ثم توعّد المكسيك وكندا بفرض تعريفات جمركية بنسبة 25 في المائة على جميع الواردات منهما، إذا لم تحلّا مشكلة المخدرات والمهاجرين على الحدود مع الولايات المتحدة، و10 في المائة رسوماً جمركية على الواردات من الصين (تضاف إلى الرسوم الحالية) بمجرد تنصيبه في 20 يناير. ولاحقاً، توعد مجموعة «بريكس» بفرض تعريفات جمركية تصل إلى 100 في المائة، إذا أقدمت على إنشاء عملة جديدة من شأنها إضعاف الدولار.

ويبدو أن ترمب جاد هذه المرة في فرض التعريفات الجمركية التي يصفها بأنها أجمل كلمة في القاموس، بدليل ترشيحه الرئيس التنفيذي لشركة «كانتور فيتزجيرالد» في وول ستريت، هوارد لوتنيك، لتولي منصب وزير التجارة، والذي قال عنه إنه «سيتولى ملف التجارة والتعريفات».

وينص قانون سلطات الطوارئ الاقتصادية الدولية على قدرة الرئيس على إصدار إجراءات اقتصادية طارئة للتعامل مع «أي تهديد غير عادي واستثنائي، يكون مصدره بالكامل أو جزئياً خارج الولايات المتحدة، للأمن القومي أو السياسة الخارجية أو اقتصاد الولايات المتحدة». وهو ما يطلق يد ترمب في إقرار رسوم جمركية جديدة.

من هنا، قد تشكل الحرب التجارية أكبر خطر يهدد النمو العالمي في عام 2025. ورسم المحللون أوجه تشابه مع ثلاثينات القرن العشرين، عندما أدى فرض التعريفات الجمركية الأميركية إلى رد فعل انتقامي من قبل حكومات أخرى، وأدى إلى انهيار التجارة العالمية الذي أدى بدوره إلى تعميق الكساد الأعظم.

وفي أواخر أكتوبر، تناول صندوق النقد الدولي في تقرير له، التأثيرات المترتبة على النمو والتضخم في حرب تجارية محتملة عام 2025. فوضع التقرير سيناريو حرب تجارية مع افتراض فرض تعريفات جمركية أميركية بنسبة 10 في المائة على جميع الواردات، تقابلها إجراءات انتقامية واسعة النطاق من جانب أوروبا والصين تعادل 10 في المائة تعريفات جمركية على الصادرات الأميركية، وعلى جميع التجارة بين الصين والاتحاد الأوروبي، على أن يتم تنفيذها بحلول منتصف عام 2025.

في هذا السيناريو، يتوقع صندوق النقد الدولي أن تؤدي التعريفات الجمركية إلى خفض نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة -0.1 في المائة في عام 2025، مما يخفض توقعاته الأساسية من 3.2 في المائة إلى 3.1 في المائة.

مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) من جهته يحذر من آفاق غير مؤكدة تواجه التجارة العالمية عام 2025، بسبب تهديد الحروب التجارية. ويعدّ أن «آفاق التجارة في عام 2025 مشوبة بتحولات محتملة في السياسة الأميركية، بما في ذلك التعريفات الجمركية الأوسع نطاقاً التي قد تعطل سلاسل القيمة العالمية وتؤثر على الشركاء التجاريين الرئيسين».

وفي استطلاع أجرته «رويترز» مؤخراً مع 50 اقتصادياً، قدّر هؤلاء أن ينخفض معدل النمو الاقتصادي في الصين ​​بمقدار من 0.5 إلى 1.0 نقطة مئوية في عام 2025، حال تم فرض التعريفات الجمركية.

الدين العالمي إلى مستويات قياسية

ولا تقتصر التحديات التي يواجهها الاقتصاد العالمي على ما سبق تعداده، فالعالم يواجه اليوم تحدياً غير مسبوق مع تصاعد الديون العالمية إلى 323 تريليون دولار، بحسب بيانات معهد التمويل الدولي، وهو رقم يصعب تخيله أو استيعابه، والمتوقع ارتفاعه أكثر في 2025 إذا نفذ ترمب تعهداته.

لافتة إلكترونية في محطة انتظار الحافلات حول حجم الدين الوطني الحالي للولايات المتحدة (رويترز)

فالتقلبات المتوقعة لسياسات ترمب دفعت بعض الدول إلى إصدار ديون قبل توليه منصبه، عندما قد تصبح الأسواق أقل قابلية للتنبؤ.

وحذر معهد التمويل الدولي من أن التوترات التجارية المزدادة وانقطاعات سلسلة التوريد تهدد النمو الاقتصادي العالمي، مما يزيد من احتمالات حدوث دورات ازدهار وكساد صغيرة في أسواق الديون السيادية مع عودة الضغوط التضخمية وتشديد المالية العامة. وسوف تفاقم زيادة تكلفة الفائدة نتيجة لذلك الضغوط المالية وتجعل إدارة الديون صعبة بشكل مزداد.

وأخيراً لا شك أن التحولات الجيوسياسية تلعب دوراً مهماً في تشكيل الاقتصاد العالمي عام 2025. وهي تفترض مراقبة خاصة ودقيقة ومعمقة لتداعيات التنافس بين الولايات المتحدة والصين، التي قد تزداد وتيرتها حدة لتكون عواقبها الاقتصادية محسوسة على مدى سنوات، وليس أشهراً، بحيث يتردد صداها طوال العام المقبل وما بعده.