ترمب ينفي علمه بـ«مكافآت روسية لمقاتلي طالبان» لاستهداف جنود أميركيين

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)
TT

ترمب ينفي علمه بـ«مكافآت روسية لمقاتلي طالبان» لاستهداف جنود أميركيين

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)

نفى الرئيس الأميركي دونالد ترمب، اليوم (الأحد)، أن يكون تم إبلاغه بمعلومات استخباراتية تفيد -حسب تقرير إعلامي- بأنّ روسيا قدمت مكافآت مالية لمقاتلين مرتبطين بحركة «طالبان» مقابل قتلهم جنوداً أميركيين في أفغانستان.
وندد ترمب عبر «تويتر» بالتقرير الذي نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، قائلاً: «جريمة سياسية كاذبة أخرى لـ(تايمز) على الأرجح، على غرار خدعتهم الفاشلة بشأن روسيا». وأضاف: «لم يقدم أحد إليّ إيجازاً أو يبلغني سواء (نائب الرئيس مايك) بنس أو رئيس موظفي البيت الأبيض مارك ميدوز، بشأن ما وُصفت بالهجمات على جنودنا في أفغانستان من قِبل الروس كما نقلت (نيويورك تايمز) للأخبار الزائفة عن مصدر مجهول». وتابع: «الجميع ينفي الأمر ولم نتعرّض لهجمات كثيرة... لم تكن أي جهة أكثر تشدداً حيال روسيا من إدارة ترمب»، حسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز»، يوم الجمعة الماضي، أن الاستخبارات الأميركية خلصت إلى أن وحدة استخباراتية تابعة للجيش الروسي عرضت مكافآت على مسلّحين مرتبطين بـ«طالبان» لقتل جنود من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في أفغانستان. وأضافت أن هدف هذه المكافآت الروسية كان تحفيز المسلحين على استهداف القوات الأميركية بينما يسعى ترمب لسحبها من أفغانستان، ملبياً بذلك أحد المطالب الرئيسية لـ«طالبان» من أجل إنهاء أطول حرب تخوضها الولايات المتحدة.
وأوضحت الصحيفة نقلاً عن مسؤولين، لم تكشف هوياتهم، أن ترمب أُبلغ بالمعلومات الاستخباراتية في مارس (آذار) لكنه لم يقرر بعد كيف سيرد على ذلك.
وأصدرت المتحدّثة باسم البيت الأبيض كايلي ماكيناني، نفياً مشابهاً لذاك الصادر عن ترمب لكنها لم تنفِ في شكل حاسم احتمال وجود هذا النوع من المعلومات الاستخباراتية.
بيد أنّها أضافت أنّ «الأمر لا يتعلق بصحة المعلومات الاستخباراتية المزعومة، بل بعدم دقّة تقرير (نيويورك تايمز) الذي يشير خطأً إلى أن الرئيس ترمب أُبلغ بهذا الموضوع».
من جهتهم، شكك بعض خبراء الأمن القومي في واشنطن في هذا النفي.
وكتب بن رودس نائب مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، في تغريدة على «تويتر»: «فكرة أن ترمب لم يتم إطلاعه على تقديم روسيا مكافأة تتعلق بالقوات الأميركية أمر أكثر جنوناً من اطّلاعه على المعلومات وعدم قيامه بأي شيء».
ونفت حركة «طالبان» ما أوردته الصحيفة الأميركية، مؤكدة من جديد التزامها بالاتفاق الذي وقّعته مع واشنطن في فبراير (شباط) الماضي، ويمهد لخروج كل القوات الأجنبية من أفغانستان بحلول العام المقبل.
وأكدت الحركة أن الغالبية العظمى من القتلى في صفوف القوات الأميركية سقطوا نتيجة متفجّرات محلية الصنع.
وقالت «طالبان» في بيان صدر في كابل: إن «الجهاد المستمر منذ 19 عاماً ليس مديناً لخدمات أي جهاز استخبارات أو دولة أجنبية».
ونفت الحركة التي يُعتقد أنها تلقت لسنوات دعماً من الاستخبارات الباكستانية، اتهامات أميركية سابقة بأن روسيا زودتها بالسلاح. وقالت إنها «استخدمت الأسلحة والمنشآت والأدوات (...) الموجودة أصلاً في أفغانستان أو التي كانت غنائم حرب تم الاستيلاء عليها من الخصم في المعارك».
ونددت روسيا بالتقرير وأكدت السفارة الروسية في واشنطن في تغريدة على «تويتر» أن «الاتهامات التي لا أساس لها ومصادرها مجهولة» في التقرير «أدت بالفعل إلى تهديدات مباشرة لحياة موظفينا» في سفارتي موسكو في واشنطن ولندن.
وفي تغريدة لاحقة، دعت السفارة الروسية «نيويورك تايمز» إلى «الكف عن فبركة أخبار مضللة تؤدي إلى تهديد حياة» البعض.
ولروسيا إرث مثير للجدل في أفغانستان، إذ غرق الاتحاد السوفياتي في سنواته الأخيرة في معركة مدمرة ضد المقاتلين المتشددين الذين دعمتهم الولايات المتحدة آنذاك.
وأوردت الصحيفة الأميركية نظريات عدة عن دافع روسيا لدعم هجمات حركة «طالبان»، بينها رغبة موسكو في إبقاء واشنطن غارقة في الحرب. وأضافت أن روسيا ربما تسعى أيضاً للرد على قتل الولايات المتحدة مرتزقة روساً في سوريا، حيث تدعم موسكو الرئيس بشار الأسد.


مقالات ذات صلة

كيف تسعى غرينلاند للاستفادة من رغبة ترمب في ضمها؟

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخَب دونالد ترمب (أ.ف.ب) play-circle 02:14

كيف تسعى غرينلاند للاستفادة من رغبة ترمب في ضمها؟

قالت وكالة «بلومبرغ» للأنباء إن غرينلاند التي تُعدّ أكبر جزيرة في العالم تتطلع إلى الاستفادة من رغبة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في ضمها

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد شريحة في معهد تايوان لأبحاث أشباه الموصلات في حديقة العلوم في هسينشو (رويترز)

تايوان تتوقع تأثيراً محدوداً لتعريفات ترمب على صادرات أشباه الموصلات

قال وزير الاقتصاد التايواني، كيو جيه هوي، يوم الجمعة إن تايوان تتوقع تأثيراً ضئيلاً للرسوم الجمركية التي قد تفرضها حكومة الرئيس الأميركي المنتخب.

«الشرق الأوسط» (تايبيه)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)

من دون شروط مسبقة... بوتين جاهز للتحاور مع ترمب

أعلن الكرملين، اليوم (الجمعة)، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جاهز للتحاور مع دونالد ترمب دون شروط مسبقة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد سبائك ذهبية في غرفة صناديق الودائع الآمنة في دار «برو أوروم» للذهب في ميونيخ (رويترز)

الذهب يسجل مكاسب ملحوظة مع تزايد المخاوف حول سياسات ترمب

ارتفعت أسعار الذهب يوم الجمعة مع تزايد حالة عدم اليقين بشأن سياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، مما زاد من الطلب على السبائك.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ رسم توضيحي لجلسة محاكمة ترمب، في نيويورك 7 مايو 2024 (رويترز)

المحكمة العليا ترفض طلب ترمب تعليق نطق الحكم بحقه في نيويورك

رفضت المحكمة العليا الأميركية الخميس محاولة الرئيس المنتخب دونالد ترمب في اللحظة الأخيرة وقف نطق الحكم بحقه في قضية شراء سكوت ممثلة الأفلام الإباحية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟