البرلمان الليبي السابق يقيل رئيس المخابرات والرقابة الإدارية.. والمفتي يتخوف من العقوبات الدولية

(«الشرق الأوسط») تكشف تفاصيل الخلافات بين أعضاء تحالف «قوات فجر ليبيا»

ليبيون يتفقدون مستودعا بعد قصفه من قبل قوات موالية للحكومة في مدينة زوارة شرق ليبيا أمس (أ.ف.ب)
ليبيون يتفقدون مستودعا بعد قصفه من قبل قوات موالية للحكومة في مدينة زوارة شرق ليبيا أمس (أ.ف.ب)
TT

البرلمان الليبي السابق يقيل رئيس المخابرات والرقابة الإدارية.. والمفتي يتخوف من العقوبات الدولية

ليبيون يتفقدون مستودعا بعد قصفه من قبل قوات موالية للحكومة في مدينة زوارة شرق ليبيا أمس (أ.ف.ب)
ليبيون يتفقدون مستودعا بعد قصفه من قبل قوات موالية للحكومة في مدينة زوارة شرق ليبيا أمس (أ.ف.ب)

بدا أمس أن التحالف الذي يقوده الإخوان المسلمون وميليشيات مصراتة المسلحة في ليبيا قد بدأ نسبيا في فقد سيطرته المطلقة على مقاليد الأمور في العاصمة طرابلس، بعدما كشفت مصادر ليبية رفيعة المستوى لـ«الشرق الأوسط» النقاب عن خلافات بالجملة باتت تعتري هذا التحالف في الآونة الأخيرة.
وقال مسؤول في الحكومة الشرعية التي تدير البلاد مؤقتا من مدينة البيضاء شرقا، لـ«الشرق الأوسط» إنه «مع اقتراب الحسم العسكري منذ أن بدأ سلاح الجو الليبي يشن غاراته على أهداف غرب ليبيا وتوجيهه ضربات لمخازن الأسلحة ومعسكرات المتطرفين والميليشيات المتحالفة معهم، تهاوت جبهة التحالف المسمى (قوات فجر ليبيا)».
ولفت المسؤول إلى أن البيانات التي تتوالى من المدن والقبائل إعرابا عن تأييدها للشرعية ودعمها للجيش الوطني الليبي، تعكس ما وصفه بمشهد الفوضى الذي طفا على السطح على أثر اقتراب ساحة المعركة من طرابلس.
وتابع أن «الأموال شحيحة وغير متوفرة، والميليشيات توجه اتهامها لعصابة الإنقاذ وحكومتهم بالفشل.. والمواجهات المسلحة بينهم تتكرر يوميا، والانسحابات والعودة إلى مدنهم مشهد يومي».
وكشف المسؤول النقاب عن تسريبات تحمل رغبة في الاستقالة وطلب اللجوء السياسي في تركيا من قبل عمر الحاسي عضو الجماعة الإسلامية المقاتلة، ورئيس حكومة طرابلس، مؤكدا لـ«الشرق الأوسط» أن الحاسي جرى طرده قبل بضعة أشهر من مكتبه من قبل ميليشيات الإخوان المسلحة، وجرى الاعتداء عليه بالضرب أكثر من مرة، أشهرها من قبل الحرس الخاص المرافق لحكيم بلحاج رئيس عملية «فجر ليبيا».
لكن مسؤولا أمنيا آخر قال، في المقابل، لـ«الشرق الأوسط»، إن ميليشيات مصراتة المسلحة التي تؤمن مقر الحكومة هي من منعت الحاسي من دخول مقر الحكومة بطرابلس، مشيرا إلى أن المنع جرى بسبب محاولة هذه الميليشيات تعيين وزراء ومديري إدارات وصرف ميزانيات لقوات «فجر ليبيا» بالقوة.
وأضاف أن «قصة منع الحاسي من دخول مقر عمله صحيحة 100 في المائة. هو اعتاد أن يدير حكومته من فندق باب البحر الذي يعتبر بمثابة مقر للمطبخ السياسي لعملية (فجر ليبيا)»، موضحا أن «الحاسي وأعضاء البرلمان المقاطعين ووزراء الحكومة كلهم يقيمون هناك إقامة كاملة ويمارسون عملهم أيضا».
وفى مؤشر جديد على تصاعد الخلافات داخل تحالف فجر ليبيا، أعلن المؤتمر الوطني العام (البرلمان السابق المنتهية ولايته) أنه أقال أمس كلا من رئيس جهاز المخابرات العامة سالم الحاسي، ورئيس هيئة الرقابة الإدارية عبد السلام الحاسي، من منصبيهما.
وقال عمر حميدان، الناطق باسم المؤتمر، إنه جرى تكليف رئيس الشؤون الأمنية بجهاز المخابرات العامة بمهمة الرئاسة مؤقتا، بالإضافة إلى تكليف وكيل هيئة الرقابة الإدارية بمهمة إدارتها، خلال جلسة عقدها البرلمان أول من أمس في العاصمة.
وكان سالم الحاسي رئيس المخابرات الليبية الذي تولى منصبه عام 2012 وتخلى بسببه عن جنسيته الأميركية، قد قدم استقالته للبرلمان الذي يترأسه نوري أبو سهمين في شهر يونيو (حزيران) الماضي قبل أن يرفضها الأخير. في غضون ذلك، أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أنها ستدعو إلى جولة جديدة من الحوار السياسي في التاسع من الشهر الحالي، لكنها لم تحدد أطراف الحوار ولا مكانه، مكتفية بالقول إن إعلانا مفصلا سيصدر في هذا الصدد خلال الأيام القليلة المقبلة. وبعدما قالت في بيان لها إنها تواصلت مع الكثير من الأطراف المعنية لمحاولة التوصل لسبل إنهاء الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا من خلال الحوار، لفتت إلى هناك اتفاقا بين الأطراف الفاعلة الليبية المختلفة على أن السبيل الوحيدة للمضي قدما هو عبر حوار سياسي شامل يعالج الأزمة بغية وقف الاقتتال وإنهاء معاناة المدنيين وضمان عودة العملية السياسية في المرحلة الانتقالية إلى مسارها والمحافظة على سيادة وسلامة أراضي ليبيا ووحدتها الوطنية.
ورغم هذا البيان، فقد استمرت طائرات سلاح الجو الليبي في قصف أهداف تابعة لقوات فجر ليبيا في ميناء زوارة البحري بغرب طرابلس، وأيضا على مواقع لتنظيم أنصار الشريعة في مدينة بنغازي بشرق البلاد.
وقال المكتب الإعلامي لعملية فجر ليبيا إن المضادات الأرضية أجبرت الطائرة على التحليق شمالا فوق البحر بعد إصابة الميناء، فيما نفى الناطق باسم الغرفة الأمنية بزوارة وقوع أضرار بشرية. وهذه هي المرة الثالثة على التوالي التي يصبح فيها هذا الميناء هدفا لضربات سلاح الجو للجيش الموالي للسلطات الشرعية في البلاد، علما بأن الغارات التي شنها أول من أمس أسفرت عن مقتل وإصابة 28 شخصا بينهم عمال أفارقة. وعكس مفتى ليبيا الصادق الغرياني الذي أقاله مجلس النواب المنتخب من منصبه أخيرا، مخاوف الميليشيات المسلحة وقادتها من إدراج أسمائهم على قوائم عقوبات من المحتمل صدورها قريبا عن لجنة خاصة بمجلس الأمن. وفى مقال نشره عبر موقعه الإلكتروني الرسمي بعنوان «هل قصف المدن في ليبيا بالطائرات يتم تحت رعاية دولية؟»، قال الغرياني إن ما نسمعه من المجتمع الدولي من بيانات، بخصوص فجر ليبيا، زاد الأمر تعقيدا، مبديا استغرابه لكون الغرب يصدق هذه البلاغات، مع علمه أنها عارية عن الصحة، وأنها بلاغات كيدية من خصوم الثورة.
وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، رعت الأمم المتحدة محادثات في بلدة غدامس الجنوبية، جمعت بين مجلس النواب المنتخب وأعضاء كانوا قد قاطعوا الجلسات. ولم تشمل الجولات السابقة أعضاء جماعات مسلحة تربطها صلات بالجانبين، لكن الدبلوماسيين يأملون أن تطلق المحادثات حوارا أوسع حول الأزمة السياسية في ليبيا.
وخيمت غارات جوية شنتها قوات رئيس الحكومة عبد الله الثني في الآونة الأخيرة في غرب البلاد الواقع تحت سيطرة فجر ليبيا على آفاق المحادثات.
من جهة أخرى، قالت الحكومة الانتقالية الليبية إنها تدارست أمس في اجتماع عقدته بمدينة البيضاء، مقترح بيان لوزارة العدل بشأن عدم مسؤوليتها عن أي محاكمات أو سجون أو مؤسسات الإصلاح والتأهيل بالمدن والمناطق غير الخاضعة لسيطرة الحكومة الليبية المؤقتة.
وقالت الحكومة في بيان لها إن المقترح يشمل أيضا المطالبة بتجميد المطالبات القانونية بتسليم المواطنين الليبيين بالخارج للقضاء الليبي، وذلك لعدم إمكانية ضمان سلامتهم إلى حين زوال الظرف الأمني الراهن، مع الاحتفاظ بحق استئناف المطالبة بتسليمهم فور زوال الظرف الأمني الراهن وتمكن الحكومة الليبية المؤقتة المنبثقة عن البرلمان من بسط سيطرتها على كل المدن الليبية. وتتنازع حكومتان وبرلمانان السلطة في ليبيا منذ أن سيطر فصيل يطلق على نفسه اسم «فجر ليبيا» على طرابلس في أغسطس (آب) الماضي بعد معركة استمرت شهرا مع فصيل منافس، كما شكل حكومة خاصة به. واضطر رئيس الحكومة المعترف به دوليا عبد الله الثني إلى العمل من شرق ليبيا، حيث يوجد مقر مجلس النواب المنتخب، فيما تعم الفوضى ليبيا العضو في منظمة أوبك منذ أن أطاحت انتفاضة استمرت 8 أشهر عام 2011 بنظام حكم العقيد الراحل معمر القذافي.
على صعيد آخر، أكد المتحدث باسم «الجيش الوطني الليبي» محمد حجازي رفض الجيش المطلق لأي مساومات سياسية «تمس بقاء اللواء خليفة حفتر على رأس الجيش».
وكانت «الشرق الأوسط» ذكرت أمس أن فرقاء ليبيين عقدوا لقاءات سرية في القاهرة لعزل جماعة الإخوان المسلمين «التي تقود ميليشيات مسلحة في طرابلس وبنغازي ودرنة»، وأشارت إلى أن خلافات دارت بين الفرقاء بشأن مستقبل حفتر وكيف أن استمراره في قيادة «عملية الكرامة» يمكن أن يعرقل انخراط المعتدلين الفاعلين، خصوصا بمصراتة، في أي مفاوضات.
وقال حجازي في اتصال هاتفي أجرته معه وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) من القاهرة: «من أجرموا بحق الوطن بأي شكل لا يحق لهم أن يتكلموا أو أن يملوا شروطهم، خاصة إذا كانوا يتحدثون عن شخصية وطنية بحجم وقامة اللواء حفتر».
ودعا حجازي لضرورة الانتباه لخلفيات الشخصيات التي تشارك في مثل تلك الاجتماعات السرية. وأوضح: «كما قلت، هناك مجموعات أجرمت بحق الوطن بدعمها مجموعات وميليشيات إرهابية.. وهناك أيضا بالمقابل عناصر غير وطنية بالأساس ممن نهبوا أموال البلاد وفروا بها لمصر وغيرها من الدول.. هؤلاء جميعا يحاولون الآن عبر هذا الطرح أن يثنوا هذا الرجل الوطني حفتر الذي تحارب تحت إمرته كل وحدات الجيش الليبي.. هم يرونه عائقا أمامهم».
وتابع: «البعض منهم يحاول شق الصف الوطني بهذا الحديث.. حفتر يقود معركة ضد التطرف والإرهاب، وكذلك ضد كل المجموعات الإجرامية، ولذا يريدون إزاحته».
وأكد حجازي على أن الجيش بعيد كل البعد عن أي مساومات أو مفاوضات سياسية تعقد هنا أو هناك، مشددا في الوقت نفسه على أنه «لا يجوز لأي طرف أن يتحدث باسم الجيش أو يمثله أو يقرر عنه في أي من تلك المفاوضات أو المشاورات، ولا حتى الحكومة الشرعية المنبثقة من البرلمان رغم احترامنا لها».
وحول تصريحات سابقة لحفتر قال فيها إنه سينهي خدمته العسكرية بعد معركة تحرير بنغازي، قال المتحدث: «نحن بالجيش من نطالب ونصر على بقاء حفتر، ولن نسمح له بأن يستقيل».
وتابع: «إنه لم يقل إنه سيستقيل بعد معركة بنغازي.. المعركة الرئيسة تدور على كامل جسم الدولة الليبية وليس بنغازي فقط.. نحن فقط نقول إن بنغازي هي قلب ليبيا النابض والمؤشر والمقياس الحقيقي على استقرارها.. وندرك جيدا أنه عندما تستقر بنغازي ستستقر ليبيا بأكملها».



مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
TT

مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)

أفرجت السلطات الأمنية المصرية عن الناشط السوري الشاب ليث الزعبي، بعد أيام من القبض عليه وقررت ترحيله عن مصر، و«هو ما توافق مع رغبته»، بحسب ما كشف عنه لـ«الشرق الأوسط» صديقه معتصم الرفاعي.

وكانت تقارير إخبارية أشارت إلى توقيف الزعبي في مدينة الغردقة جنوب شرقي مصر، بعد أسبوع واحد من انتشار مقطع فيديو له على مواقع التواصل الاجتماعي تضمن مقابلة أجراها الزعبي مع القنصل السوري في القاهرة طالبه خلالها برفع علم الثورة السورية على مبنى القنصلية؛ ما تسبب في جدل كبير، حيث ربط البعض بين القبض على الزعبي ومطالبته برفع علم الثورة السورية.

لكن الرفاعي - وهو ناشط حقوقي مقيم في ألمانيا ومكلف من عائلة الزعبي الحديث عن قضية القبض عليه - أوضح أن «ضبط الزعبي تم من جانب جهاز الأمن الوطني المصري في مدينة الغردقة حيث كان يقيم؛ بسبب تشابه في الأسماء، بحسب ما أوضحت أجهزة الأمن لمحاميه».

وبعد إجراء التحريات والفحص اللازمين «تبين أن الزعبي ليس مطلوباً على ذمة قضايا ولا يمثل أي تهديد للأمن القومي المصري فتم الإفراج عنه الاثنين، وترحيله بحرياً إلى الأردن ومنها مباشرة إلى دمشق، حيث غير مسموح له المكوث في الأردن أيضاً»، وفق ما أكد الرفاعي الذي لم يقدّم ما يفيد بسلامة موقف إقامة الزعبي في مصر من عدمه.

الرفاعي أوضح أن «أتباع (الإخوان) حاولوا تضخيم قضية الزعبي والتحريض ضده بعد القبض عليه ومحاولة تصويره خطراً على أمن مصر، وربطوا بين ضبطه ومطالبته برفع علم الثورة السورية في محاولة منهم لإعطاء القضية أبعاداً أخرى، لكن الأمن المصري لم يجد أي شيء يدين الزعبي».

وشدد على أن «الزعبي طوال حياته يهاجم (الإخوان) وتيار الإسلام السياسي؛ وهذا ما جعلهم يحاولون إثارة ضجة حول قضيته لدفع السلطات المصرية لعدم الإفراج عنه»، بحسب تعبيره.

وتواصلت «الشرق الأوسط» مع القنصلية السورية في مصر، لكن المسؤولين فيها لم يستجيبوا لطلب التعليق، وأيضاً لم تتجاوب السلطات الأمنية المصرية لطلبات توضيح حول الأمر.

تجدر الإشارة إلى أن الزعبي درس في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وبحسب تقارير إعلامية كان مقيماً في مصر بصفته من طالبي اللجوء وكان يحمل البطاقة الصفراء لطلبات اللجوء المؤقتة، وسبق له أن عمل في المجال الإعلامي والصحافي بعدد من وسائل الإعلام المصرية، حيث كان يكتب عن الشأن السوري.

وبزغ نجم الزعبي بعد انتشار فيديو له يفيد بأنه طالب القنصل السوري بمصر بإنزال عَلم نظام بشار الأسد عن مبنى القنصلية في القاهرة ورفع عَلم الثورة السورية بدلاً منه، لكن القنصل أكد أن الأمر مرتبط ببروتوكولات الدبلوماسية، وأنه لا بد من رفع عَلم الثورة السورية أولاً في مقر جامعة الدول العربية.

ومنذ سقوط بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ولم يحدث بين السلطات في مصر والإدارة الجديدة بسوريا سوى اتصال هاتفي وحيد بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ووزير خارجية الحكومة المؤقتة السورية أسعد الشيباني، فضلاً عن إرسال مصر طائرة مساعدات إغاثية لدمشق.