ترمب يوقّع أمراً «لحماية» النصب والتماثيل

يطالب المحتجون بإزالة «نصب التحرر» الذي يظهر الرئيس أبراهام لينكولن وبجانبه يركع أحد العبيد المحررين (إ.ب.أ)
يطالب المحتجون بإزالة «نصب التحرر» الذي يظهر الرئيس أبراهام لينكولن وبجانبه يركع أحد العبيد المحررين (إ.ب.أ)
TT

ترمب يوقّع أمراً «لحماية» النصب والتماثيل

يطالب المحتجون بإزالة «نصب التحرر» الذي يظهر الرئيس أبراهام لينكولن وبجانبه يركع أحد العبيد المحررين (إ.ب.أ)
يطالب المحتجون بإزالة «نصب التحرر» الذي يظهر الرئيس أبراهام لينكولن وبجانبه يركع أحد العبيد المحررين (إ.ب.أ)

تعهد الرئيس الأميركي دونالد ترمب باتخاذ نهج صارم تجاه كل من يدمر أو يشوه النصب والتماثيل الأميركية التاريخية وهدد باستخدام القوة مع بعض المحتجين، مضيفا أنه باق في العاصمة للتأكد من أن «النظام» يسود في واشنطن. ووقع أمرا إداريا «بالغ القوة» لحماية النصب والتماثيل التذكارية، وقال إنه باق في واشنطن للدفاع عن القانون. وينص الأمر التنفيذي على أن تلاحق الحكومة الاتحادية قضائيا و«لأقصى مدى» كل من يلحق ضررا أو يشوه نصبا تذكارية وتاريخية أو تماثيل أثرية. وأضاف الرئيس الأميركي «عقوبات بالسجن لمدد طويلة تنتظر مرتكبي الأعمال الخارجة عن القانون ضد بلدنا العظيم».
ويهدد أيضا الأمر التنفيذي بحجب الدعم الاتحادي عن الولايات وأجهزة إنفاذ القانون المحلية التي تخفق في حماية تلك الآثار والنصب التذكارية. وهناك مئات من قوات الحرس الوطني غير المسلحة في العاصمة واشنطن في حالة استعداد لمساعدة أفراد أجهزة إنفاذ القانون على حماية النصب التذكارية والأثرية بعد أن حاول محتجون إسقاط تمثال الرئيس الأميركي السابق أندرو جاكسون في متنزه قرب البيت الأبيض يوم الاثنين.
ألغى ترمب زيارته مزمعة في عطلة نهاية الأسبوع إلى منتجعه في نيوجيرزي وقال إنه باق في واشنطن «لضمان تطبيق الأمن والنظام». وقال ترمب على تويتر أمس الجمعة «أمكن إلى حد كبير إيقاف الحارقين والفوضويين والناهبين والمحرضين... أفعل ما هو ضروري للحفاظ على سلامة مجتمعاتنا - وهؤلاء الناس سيقدمون إلى العدالة».
وقبل ساعات من إقلاع الطائرة الرئاسية من قاعدة أندروز العسكرية، أعلن البيت الأبيض أن الرئيس لن يتوجه إلى نيوجيرزي حيث كان قد قرر أن يمضي عطلة نهاية الأسبوع في نادي الغولف الذي يملكه في بيدمينستر. وأكد الرئيس الأميركي بعد ذلك في تغريدة على تويتر أنه «أراد البقاء في واشنطن للتأكد من تطبيق القانون والنظام». وكان جاد دير أحد الناطقين باسم الرئاسة صرح في وقت سابق أن قرار الرئيس إلغاء رحلته إلى نيوجيرزي «لا علاقة له» بتوصيات فرض الحجر الصحي التي أعلنها حاكم هذه الولاية، على أي شخص سافر إلى ولاية أخرى يسجل عدد الإصابات فيها ارتفاعا. وكان حكام ولايات نيوجيرزي ونيويورك وكنتيكت أعلنوا الأربعاء فرض حجر صحي لمدة 14 يوما على الأشخاص الذين زاروا ولايات يسجل فيها ارتفاع في عدد الإصابات. وزار ترمب الثلاثاء أريزونا التي تعد واحدة من هذه الولايات. وكان ترمب تجاهل التحذيرات بشأن فيروس كورونا المستجد واستأنف الأسبوع الماضي تجمعاته الانتخابية لكن من دون الحشود المتوقعة لإعطاء دفعة قوية لحملة إعادة انتخابه المتعثرة.
وتهز الولايات المتحدة منذ أسابيع تظاهرات ضد العنصرية. وقد استهدفت خلالها تماثيل عديدة لجنرالات للكونفدرالية أو مؤيدين للعبودية في العديد من المدن الأميركية.
وفي واشنطن تم إسقاط تمثال الجنرال الجنوبي ألبرت بايك بينما هاجم متظاهرون تمثالا للرئيس الأسبق أندرو جاكسون المدافع عن العبودية أمام البيت ألبيض، لكنهم لم يتمكنوا من إسقاطه. وقال البيت الأبيض إن الذين هدموا أو شوهوا معالم أثرية «لا يسعون إلى شيء سوى تدمير أي شيء يكرم ماضينا ومحو أي فكرة بأن ماضينا قد يستحق التكريم».
ولم ينشر نص المرسوم لكن البيت الأبيض قال أنه سيسمح للحكومة «بملاحقة أي شخص أو منظمة» يلحق ضررا أو يقوم بانتهاك «ممتلكات دينية».


مقالات ذات صلة

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

آسيا مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مرة أخرى وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام».

«الشرق الأوسط» (باراشينار (باكستان))
رياضة عالمية رودريغو بنتانكور (إ.ب.أ)

إيقاف بنتانكور 7 مباريات بعد تعليق عنصري ضد سون

أعلن الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، اليوم الاثنين، إيقاف رودريغو بنتانكور، لاعب وسط توتنهام هوتسبير، 7 مباريات، بعد ملاحظة عنصرية من اللاعب القادم من أوروغواي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية احتجاجات في إسرائيل ضد تفشي الجريمة المنظمة في المجتمع العربي مارس 2021 (غيتي)

«قوانين الفجر الظلامية»... كيف يُشرعن الكنيست التمييز ضد العرب في إسرائيل؟

يواصل ائتلاف اليمين في الكنيست سن تشريعات ضد المواطنين العرب في إسرائيل بهدف ترهيبهم واضطهادهم... فما أبرز تطورات تلك الحملة المتواصلة لشرعنة التمييز ضدهم؟

نظير مجلي (تل أبيب)
رياضة عالمية فينيسيوس غاضب جداً بسبب خسارة الجائزة (أ.ف.ب)

بعد زلزال الجائزة الذهبية... مَن الذين يخافون من وجود ريال مدريد؟

بعد أقل من 24 ساعة على الضربة القاسية التي تلقاها ريال مدريد بخسارة الكلاسيكو 4 - 0 أمام برشلونة في البرنابيو، الأحد، حدث تحول آخر مزلزل في ريال مدريد.

The Athletic (باريس)
رياضة عالمية لامين يامال يحتفل بتسجيل الهدف الثالث لبرشلونة (أ.ف.ب)

كلاسيكو العالم: الريال يحقق في تعرض يامال لإساءات عنصرية

ذكرت تقارير إعلامية إسبانية أن لامين يامال، نجم فريق برشلونة الإسباني لكرة القدم، تعرض لإساءات عنصرية في مباراة الكلاسيكو التي فاز بها فريقه على ريال مدريد.

«الشرق الأوسط» (برلين)

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟