«الصاروخ الذكي» الأميركي إلى «حراس الدين» يبعث برسالة إلى روسيا

واشنطن رفضت إدراج التنظيم في قوائم مجلس الأمن واغتالت قائده في إدلب

سيارة تقل «أبو القسام الأردني» بعد إصابتها في الغارة الأميركية  -  منشور لوزارة الخارجية الأميركية
سيارة تقل «أبو القسام الأردني» بعد إصابتها في الغارة الأميركية - منشور لوزارة الخارجية الأميركية
TT

«الصاروخ الذكي» الأميركي إلى «حراس الدين» يبعث برسالة إلى روسيا

سيارة تقل «أبو القسام الأردني» بعد إصابتها في الغارة الأميركية  -  منشور لوزارة الخارجية الأميركية
سيارة تقل «أبو القسام الأردني» بعد إصابتها في الغارة الأميركية - منشور لوزارة الخارجية الأميركية

الصاروخ «الذكي» الذي وجهته طائرة «درون» أميركية إلى «أبو القسام الأردني» أحد قياديي تنظيم «حراس الدين» المحسوب على «القاعدة» في شمال غربي سوريا، تزامن مع خلاف أميركي - روسي في مجلس الأمن إزاء تصنيف «حراس الدين» في قوائم مجلس الأمن الدولي للتنظيمات الإرهابية، كما هو الحال مع «جبهة النصرة» وتنظيمي «القاعدة» و«داعش»، ما اعتبر أنه بمثابة «رسالة» من واشنطن إلى موسكو حول كيفية اغتيال الإرهابيين.
وأبلغ مسؤول غربي «الشرق الأوسط» أن مداولات أولية في مجلس الأمن، أظهرت خلافاً في رأي بين دبلوماسيي البلدين، إذ إن الجانب الروسي يريد استعجال إدراج «حراس الدين» في قوائم مجلس الأمن، مقابل حذر دبلوماسيين أميركيين من أن يكون ذلك «ذريعة لشن عمل عسكري من قوات الحكومة السورية بدعم روسي ضد بعض الجيوب في ريف إدلب لقتال فصائل المعارضة بدل الإرهابيين». وأضاف أن المقاربة الأميركية تقوم على ضرورة التوصل إلى «تصور شامل لمحاربة الإرهاب والإجراءات المسموحة ذلك، وأن يكون التصنيف الدولي أحدها وليس الوحيد».
> «حراس الدين»
تأسس تنظيم «حراس الدين» في فبراير (شباط) 2018 من القياديين المهاجرين الذين اختلفوا مع زعيم تنظيم «جبهة النصرة» أبو محمد الجولاني بعد فك ارتباطه بـ«القاعدة» في 2016، وكان بين القياديين في التنظيم الجديد خالد العاروري (أبو القاسم الأردني) وأعضاء مجلس الشورى سمير حجازي (أبو همام الشامي أو فاروق السوري) وسامي العريدي (أبو محمود الشامي) وبلال خريسات (أبو خديجة الأردني). وتلبية لدعوتهم (الفصائل المتناحرة في الشام لوقف القتال بين بعضها البعض)، انضمّ 16 فصيلاً على الأقل إلى «حراس الدين».
وفي أبريل (نيسان) 2018 شكّل «حراس الدين» مع «أنصار التوحيد» تكتل «نصرة الإسلام» اتسع إلى غرفة «عمليات وحرض المؤمنين» في أكتوبر (تشرين الأول) 2018، في سياق سعيها لمقارعة اتفاق سوتشي بين روسيا وتركيا حول إدلب.
وفي نهاية العام الماضي، صنفت الخارجية الأميركية «حراس الدين» كمنظمة إرهابية أجنبية وأدرجت «أبو همام الشامي» القائد العسكري السابق لـ«جبهة النصرة» ضمن القوائم السوداء. وعرض برنامج «المكافآت من أجل العدالة» التابع لوزارة الخارجية، 5 ملايين دولار لقاء معلومات تقود لثلاثة من قادة التنظيم، وهم: «سامي العريدي، وسمير حجازي، وأبو محمد المصري».
> منع الصدام
قبل أسابيع، بادر دبلوماسيون روس في نيويورك إلى طرح إدراج «حراس الدين» في قوائم مجلس الأمن للتنظيمات الإرهابية. الموقف الأميركي كان مفاجئاً لدى رفض ذلك قبل التوافق على آلية محاربة. لكن اللافت، أن واشنطن أرادت إعطاء «درس» حول كيفية اغتيال المطلوبين من «القاعدة». هي تصنف «حراس الدين» في قوائها، واعتبرت «هيئة تحرير الشام» ذاتها «جبهة النصرة».
معروف أن هناك اتفاقا بين روسيا وأميركا لـ«منع الصدام» منذ منتصف 2017 بين الجيشين: شرق الفرات لحلفاء واشنطن وغرب النهر لحلفاء موسكو. وحاولت أميركا في بداية 2018، ملاحقة إرهابيين في شمال غربي سوريا واستهدفت عشرات من قادة «تنظيم خراسان» وقياديين آخرين. لكن ذلك قوبل برفض روسي. وكانت هناك استثناءات قليلة بينها لدى اغتيال «أبو بكر البغدادي» في أكتوبر الماضي في باريشا بريف إدلب، بعد إبلاغ الجانب الروسي بوجود عملية عسكرية خاصة في «منطقة النفوذ الروسية» من دون مزيد من التفاصيل.
> شفرات قاتلة
حسب المعلومات، فإن هذا تكرر في 14 يونيو (حزيران)، لدى قيام «درون» أميركية متطورة باستهداف خالد العاروري المعروف بـ«أبو القسام الأردني»، للتخلص منه وأيضاً «رسالة» إلى روسيا عبر استعمال صاروخ «هيل فاير» المتطور المخصص لعمليات الاغتيال المستهدف بعيداً من أي خسائر بين المدنيين. و«أبو القسام» هو رفيق وصهر «أبو مصعب الزرقاوي» الذي كان متزعماً «تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين» قبل اغتياله في 2006. وفي عام 2015، كان خالد العاروري واحداً من 5 شخصيات بارزة من «القاعدة» الذين أفرجت السلطات الإيرانية عنهم في صفقة.
وأفادت وسائل إعلام أميركية، بأن الصاروخ «الذكي» تضمن رأسا حربيا خاملا من 100 رطل من المواد المعدنية أحدث فجوة كبيرة في سيارة كان فيها «أبو القسام» قبل قذف ست شفرات حادة (بمثابة سيوف) من داخل المقذوف لتقطيع أي شيء يعترض طريقها. وهذا ما يفسر أن «حراس الدين» أعلن عن مقتل «أبو القسام» أول من أمس بعد حوالي عشرة أيام من إصابته.
جرى تطوير صاروخ «هيل فاير»، المعروف عسكريا بـ«آر 9 إكس»، قبل عقد إثر ضغوط الرئيس السابق باراك أوباما بهدف الإقلال قدر الإمكان من الخسائر التي تقع في صفوف المدنيين والحد من تدمير الممتلكات المدنية في الحرب ضد الإرهاب. والسلاح، الذي جرى توصيفه بالكامل للمرة الأولى خلال العام الماضي، تم استخدامه أكثر من ست مرات في السنوات الأخيرة. ونقلت صحف أميركية عن مسؤولين أميركيين استخدام «آر 9 إكس» في حالتين محددتين، إحداهما كانت من وكالة الاستخبارات المركزية، والحالة الأخرى من قيادة العمليات الخاصة المشتركة السرية في الجيش. إذ نجحت غارة جوية في اليمن في يناير (كانون الثاني) العام 2019 في اغتيال جمال البدوي، وهو أحد الرجال المشتبه في ضلوعهم في التخطيط لعملية تفجير المدمرة الأميركية «يو إس إس كول» حال رسوها في اليمن عام 2000. وقتل «أبو الخير المصري»، وهو الرجل الثاني في «القاعدة» وكان صهرا لزعيم التنظيم أسامة بن لادن، من الاستخبارات المركزية، في غارة في إدلب في فبراير عام 2017. وكان التشابه واضحا بين عمليتي اغتيال «أبو الخير» و«أبو القسام».
و«الرسالة الأميركية لروسيا، هي أنه هكذا يتم اغتيال قادة إرهابيين وليس على طريقة الأرض المحروقة التي تتضمن دمارا كبيرا بالممتلكات المدنية والبنية التحتية»، حسب مسؤول غربي. وأضاف: «كان لافتا تزامن هذا مع اتهامات تقرير أممي لروسيا بأنها لم تساهم بحماية مستشفيات ومنشآت طبية في إدلب رغم أنه جرى تقديم معطيات وجودها للجانب الروسي». وأعلنت روسيا انسحابها من ترتيب طوعي تقوده الأمم المتحدة لحماية المستشفيات وشحنات المساعدات الإنسانية في سوريا من استهداف الأطراف المتحاربة لها. وجاء هذا بعد أن خلص تحقيق داخلي أجرته الأمم المتحدة في أبريل إلى أن من «المحتمل للغاية» أن تكون الحكومة السورية أو حلفاؤها قد نفذوا هجمات على ثلاث منشآت للرعاية الصحية ومدرسة وملجأ للأطفال في شمال غربي البلاد العام الماضي.
> تفاهم روسي - تركي
ينتشر «حراس الدين»، الذي يعتقد أنه يضم حوالي 1800 عنصر معظمهم غير سوريين، في شمال غربي سوريا الخاضعة لتفاهمات روسية - تركية. وفي 5 مارس (آذار) الماضي، توصل الرئيسيان فلاديمير بوتين ورجب طيب إردوغان لبروتوكول إضافي لاتفاق سوتشي بينهما، تضمن «عزمهما مكافحة جميع أشكال الإرهاب والقضاء على كل التنظيمات الإرهابية التي اعترف بتصنيفها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ومتفقتين مع ذلك على أن تهديد المدنيين والبنية التحتية المدنية لا يمكن تبريره بأي ذرائع». وإلى وقف النار، اتفقا على تسيير دوريات مشتركة على طريق رئيسي بين حلب واللاذقية.
قابل «حراس الدين» ذلك بأنه أعلن في 12 الشهر الحالي، تشكيل «تنسيقية مشتركة» غرفة عمليات عسكرية باسم «فاثبتوا»، من 5 فصائل، هي: «تنسيقية الجهاد»، و«لواء المقاتلين الأنصار»، و«جماعة أنصار الدين»، و«أنصار الإسلام». وكان هذا التكتل توسيعاً لحلف سابق، أعلنته تنظيمات «أنصار الدين» و«أنصار الإسلام» و«حراس الدين» في 2018، بتشكيل غرفة «وحرض المؤمنين». وكما رفض الحلف السابق اتفاق سوتشي، فإن التكتل الجديد رفض اتفاق موسكو، وشن هجمات على قوات النظام في سهل الغاب غرب حماة، كما أنه استهدف جنودا أتراكا ودوريات روسية - تركية على طريق حلب - اللاذقية.
> ابتلاع الإخوة
حسب المعلومات، تعهدت تركيا بـ«تفكيك» التنظيمات المتشددة من الداخل، بل إن مسؤوليها بدأوا لأول مرة يتحدثون عن «تنظيمات إرهابية» في إدلب. لكن اللافت، أن «هيئة تحرير الشام» هي التي تقود المواجهة الميدانية ضد المتشددين الآخرين. إذ إنها اعتقلت، القيادي السابق فيها، جمال زينية المعروف بـ«أبو مالك التلي» في ريف إدلب بتهمة «التحريض على شق الصف والتمرد وإثارة البلبلة» بعد أيام من اعتقال سراج الدين مختاروف، المعروف بـ«أبو صلاح الأوزبكي»، المنضوي في صفوف تنظيم «جبهة أنصار الدين» والمطلوب للإنتربول الدولي.
تطور ذلك إلى اشتباكات ومواجهات بين الطرفين خصوصاً في سهل الروج غرب إدلب وقرب سهل الغاب مناطق انتشار قوات النظام. واستطاعت «هيئة تحرير الشام» فرض اتفاق هدنة أول من أمس على «حراس الدين»، لكن سرعان ما انهارت وتبادل الطرفان التهديدات.
وأعلن الجناح العسكري في «هيئة تحرير الشام» مساء الجمعة «منع إنشاء أي غرفة عمليات أخرى أو تشكيل أي فصيل جديد تحت طائلة المحاسبة» في إشارة إلى غرفة «فاثبتوا». وحصرت «الهيئة» في بيانها «جميع النشاطات العسكرية بإدارة غرفة عمليات الفتح المبين»، وذلك بعد إعلان التكتل الآخر أنه «بعد الاتفاق الذي وقع في بلدة عرب سعيد غرب إدلب بيننا وبين هيئة تحرير الشام، قامت الأخيرة بمداهمة مقرات فاثبتوا في بلدة سرمدا بريف إدلب الشمالي شمال إدلب ومواقع في ريف اللاذقية». واعتبرت هذا «الغدر المُبيت يعود على الاتفاق القائم في عرب سعيد بالنقض في حال استمراره، وعدم التزام الطرف الآخر بما وعد به».
وإذ يقول قيادي ميداني إن «هيئة تحرير الشام اتخذت قرارها بالقضاء على حراس الدين بموافقة تركية لتقديم نفسها كتنظيم يجب التحاور معه»، أشار آخر إلى أن «ابتلاع الإخوة سيصل إلى أن الدور سيأتي على هيئة تحرير الشام لاحقا».



الداخلية السورية تعلن مقتل شخص واعتقال 8 بعملية أمنية ضد خلية لـ«داعش»

من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)
من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)
TT

الداخلية السورية تعلن مقتل شخص واعتقال 8 بعملية أمنية ضد خلية لـ«داعش»

من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)
من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)

أعلنت السلطات السورية، الثلاثاء، أن قواتها قتلت زعيم خلية مرتبطة بتنظيم «داعش» واعتقلت 8 آخرين، على خلفية الهجوم الدامي الذي استهدف، الأحد، قوات الأمن بشمال البلاد.

ووفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، قالت الوزارة في بيان إن العملية «استهدفت موقع خلية إرهابية تتبع لتنظيم (داعش) الإرهابي»، وأدت العملية إلى «إلقاء القبض على جميع أفراد الخلية وعددهم 8، وحُيّد (قُتل) العنصر التاسع، متزعم الخلية، أثناء المداهمة».

وأفادت الوزارة بعملية أمنية ثانية بناء على المعلومات التي جمعتها من العملية الأولى، وأسفرت العمليتان عن «ضبط أحزمة ناسفة، وكواتم صوت، وصواريخ من نوع ميم-دال، إلى جانب أسلحة رشاشة».

وقالت الداخلية إن المجموعة المستهدفة «مسؤولة عن تنفيذ عدد من العمليات الإرهابية التي استهدفت دوريات أمنية وعسكرية في محافظتي إدلب وحلب».

وتأتي هذه العملية بعد هجوم استهدف، الأحد، دورية لإدارة أمن الطرق في ريف إدلب، ما أسفر عن مقتل أربعة من عناصر قوى الأمن الداخلي وإصابة خامس، حسب وزارة الداخلية السورية.

وأفادت وكالة الأنباء الرسمية «سانا» بأن مسلحين أطلقوا النار على الدورية أثناء تنفيذ مهامها على طريق معرة النعمان جنوب المحافظة.

وتبنى تنظيم «داعش» لاحقاً الهجوم، وفق ما أورده موقع «سايت» المتخصص في شؤون الجماعات الجهادية.

ويأتي ذلك بعد أيام من استهداف وفد عسكري مشترك في مدينة تدمر وسط سوريا، ما أدى إلى مقتل ثلاثة أميركيين، بينهم جنديان ومدني يعمل مترجماً، إضافة إلى إصابة عناصر من القوات الأميركية والسورية، حسب واشنطن ودمشق.


تسهيلات مصرية لمستثمرين في السياحة بسيناء لتعويض خسائر حرب غزة

أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)
أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)
TT

تسهيلات مصرية لمستثمرين في السياحة بسيناء لتعويض خسائر حرب غزة

أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)
أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)

أقرت مصر حزمة واسعة من التسهيلات لمستثمري منطقة طابا ونويبع، الواقعتين على شاطئ البحر الأحمر بجنوب سيناء، بعد تضرر الأنشطة السياحية هناك على مدار العامين الماضيين، نتيجة الحرب في قطاع غزة والتوترات الأمنية المحيطة بالمنطقة.

وبحسب تصريحات إعلامية لرئيس الهيئة العامة للتنمية السياحية في مصر، مصطفى منير، فإنه تمت الموافقة من جانب إدارة الهيئة على منح المستثمرين عاماً إضافياً لتأجيل سداد المديونيات، مع وقف المطالبة بالسداد لمدة 18 شهراً دون فوائد، لافتاً إلى أن هذه القرارات جاءت استجابة لمطالب المستثمرين وبعد عدة اجتماعات ميدانية وجولات تفقدية للمنطقة.

وتضمنت حزمة التسهيلات المقررة مد فترة الإعفاء من سداد قيمة الأراضي إلى 3 سنوات بدلاً من عامين، إلى جانب تجميد المديونيات لمدة سنة ونصف السنة دون فرض أي أعباء إضافية.

وأوضح أن المنطقة تعرضت لضغوط استثنائية أدت إلى توقّف غالبية المقاصد السياحية، مشيراً إلى أن عدد الفنادق العاملة حالياً لا يتجاوز 6 فنادق من بين 55 فندقاً مسجلة في المنطقة.

حوافز حكومية لمنتجعات جنوب سيناء في مصر لتنشيط السياحة (هيئة تنشيط السياحة)

وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أشارت تقارير إعلامية مصرية إلى «إغلاق نحو 90 في المائة من المنشآت السياحية في مدينتي طابا ونويبع الواقعتين بسيناء على شاطئ البحر الأحمر وتراجع معدل الإشغالات الفندقية في منتجع شرم الشيخ ومدن جنوب سيناء نتيجة الحرب على غزة».

الدكتور يسري الشرقاوي، مستشار الاستثمار الدولي ورئيس جمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة، عدّ التسهيلات المالية التي تقدمها الحكومة المصرية لمساندة المشروعات السياحية المتعثرة خطوة مهمة، لكنها لا تمثل حلاً كاملاً في مواجهة تداعيات الظروف الجيوسياسية الراهنة، مشدداً على ضرورة تبني استراتيجية متعددة المحاور.

وقال الشرقاوي، لـ«الشرق الأوسط»: «تُعد السياحة أحد أهم المصادر للعملة الصعبة في مصر، وكان تأثير الظروف الجيوسياسية على مناطق سيناء، خصوصاً المناطق الجنوبية المتضررة جغرافياً، تأثيراً مباشراً وحاداً».

وتابع: «اليوم، تنظر الحكومة المصرية إلى عام 2026 بوصفه عاماً مرتقباً للهدوء النسبي والاستقرار، وهو العام الذي سيأتي أيضاً بعد شهور من الافتتاح الكامل للمتحف المصري الكبير، والتدابير المتخذة تهدف إلى جعل عام 2026 عاماً ذهبياً لقطاع السياحة إذا ما تلاشت التأثيرات الخارجية»، مؤكداً أن الحلول المالية المطروحة حالياً ستسهم في سداد الفواتير الكبيرة المستحقة على أصحاب المشروعات السياحية المتعثرة في سيناء، ومتوقعاً المزيد من المساعدات التدريجية في هذا الصدد.

وبحسب تصريحات رئيس الهيئة العامة للتنمية السياحية في مصر، مصطفى منير، فإن الهيئة حرصت على جمع مطالب المستثمرين، وإقرار ما يدعم استمرارية النشاط في المنطقة التي تمثل أحد أهم المقاصد في جنوب سيناء.

واستقبلت مصر، وفق بيانات رسمية 15.7 مليون سائح خلال عام 2024، ما يُعدّ أعلى رقم تحققه البلاد في تاريخها. كما أعلنت زيادة أعداد السائحين خلال الربع الأول من العام الحالي 2025 بنسبة 25 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، رغم التحديات الجيوسياسية التي تواجهها المنطقة.

ودعا الشرقاوي إلى ضرورة تدخل أوسع من الحكومة على 3 محاور متزامنة لضمان جذب أعداد أكبر من السائحين؛ أولها المحور الدبلوماسي والسياسي، عبر استمرار الجهد المكثف، ممثلاً في وزارة الخارجية وتحت توجيهات القيادة السياسية، لضمان التحسن التدريجي المستقر في الظروف الجيوسياسية وتلاشي أثرها، إلى جانب الترويج النوعي، من خلال إعداد وزارة السياحة والآثار المصرية برامج ترويجية جاذبة تستهدف إعادة تثبيت الرؤية الآمنة لأسواق السياحة الدولية تدريجياً، خاصة للوافدين إلى سيناء.

وتابع: «كما يجب أن يكون هناك ترويج مدعوم للسياحة الداخلية للحفاظ على نسب الإشغال داخل هذه المنطقة، فلا يمكن لأي منطقة في العالم أن تتجاوز جميع الآثار إلا إذا تضافرت الأيدي الداخلية مع الدعم الخارجي».


«الخط الأصفر» يشعل التوترات بين مصر وإسرائيل

منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

«الخط الأصفر» يشعل التوترات بين مصر وإسرائيل

منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

في وقت تحدث فيه إعلام إسرائيلي عن زيادة وتيرة التوتر بين مصر وإسرائيل في الفترة الحالية، بسبب ممارسات حكومة بنيامين نتنياهو في قطاع غزة، قال مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأجهزة المصرية رصدت ما تقوم به إسرائيل من مخالفات لاتفاق شرم الشيخ، وأعدت به ملفاً وأبلغت به واشنطن للتأكيد على أن القاهرة ملتزمة ومصرة على تنفيذ الاتفاق».

ووفق عسكريين سابقين بمصر، فإن «القاهرة ترى في ممارسات إسرائيل بغزة محاولة للتملص من خطة ترمب المتفق عليها، واللجوء لترسيخ وجود عسكري إسرائيلي دائم فيما يعرف بالخط الأصفر بغزة، مما يهدد الأمن القومي المصري».

و«الخط الأصفر» هو خط تقسيم يفصل قطاع غزة إلى جزأين، وفقاً لخطة السلام الموقعة بشرم الشيخ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بحضور الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وهي الخطة التي تهدف إلى إنهاء حرب غزة. ويفصل الخط الأصفر 47 في المائة من الأراضي في المنطقة الغربية التي يسيطر عليها الفلسطينيون، عن 53 في المائة من قطاع غزة التي تسيطر عليها إسرائيل، وتقريباً جميع الفلسطينيين في غزة نزحوا إلى المنطقة الغربية من الخط.

قمة مرتقبة بين ترمب ونتنياهو آخر الشهر تناقش خطة السلام في غزة (أ.ف.ب)

وكشف تقرير لـ«القناة 14» الإسرائيلية عن نشاط للجيش الإسرائيلي فيما يعرف بـ«الخط الأصفر»، وتعديل التضاريس الجغرافية لقطاع غزة، وهو ما تعدّه القاهرة «تهديداً مباشراً لمصالحها الإقليمية»، وفق القناة، التي ذكرت أن «ذلك أغضب مصر ودفعها للشكوى إلى الولايات المتحدة، متهمة إسرائيل بأنها تعمل على تقسيم قطاع غزة إلى جزأين، وتغيير التركيبة الديموغرافية والتضاريسية للمنطقة».

وحسب التقرير، فإن القاهرة «تنظر بقلق بالغ لما يجري في قطاع غزة، خصوصاً بعد تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي إيل زامير، حول الخط الأصفر، باعتباره خطاً دفاعياً وهجومياً جديداً»، حيث إن نشاط الجيش الإسرائيلي في المنطقة «الصفراء» - الذي يشمل تدمير بنية تحتية للأنفاق وهدم منازل - «يفسر في القاهرة على أنه استعداد لترسيخ وجود عسكري طويل الأمد في غزة، ما دفع مصر إلى التحرك الدبلوماسي العاجل باتجاه واشنطن»، وفق القناة العبرية.

وأكد نائب مدير المخابرات الحربية ورئيس جهاز الاستطلاع السابق بمصر، لواء أركان حرب أحمد كامل، أن «مصر غاضبة بشدة من محاولات إسرائيل التملص من التزامها بخطة السلام المتفق عليها، وتحركاتها في المنطقة الصفراء توحي برغبتها في تثبيت وجود عسكري دائم في غزة وقرب الحدود المصرية، مما يمثل تهديداً للأمن القومي المصري».

مصادر تتحدث عن اشتراطات مصرية لعقد قمة بين السيسي ونتنياهو (إعلام عبري)

كامل، وهو مستشار بالأكاديمية العسكرية المصرية للدراسات العليا والاستراتيجية قال لـ«الشرق الأوسط»: «الموقف المصري واضح ومحدد وثابت في عده قضايا رئيسية تخص الأمن القومي المصري، ويقوم على أن السلام هو الهدف الرئيسي والاستراتيجي للسياسة الخارجية المصرية، واحترام مصر للاتفاقيات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي، خصوصاً اتفاقيه السلام الموقعة عام 1979، والملحق العسكري المرفق بالاتفاقية وتعديلاته الخاصة بزيادة أعداد القوات المسلحة المصرية في سيناء، وضرورة احترام إسرائيل للاتفاقيات الموقعة بين الجانبين».

وأوضح أن «هناك اشتراطات مصرية للتهدئة مع إسرائيل تتعلق بتنفيذ اتفاق غزة طبقاً لمبادرة الرئيس الأميركي ترمب بمراحلها المختلفة، والبدء فوراً في المرحلة الثانية دون عرقلة أو أسباب واهية، مع التأكيد على تثبيت وقف إطلاق النار الدائم والتحول إلى مرحلة السلام، وقيام إسرائيل بالتنفيذ الدقيق للاتفاقية ودخول المساعدات الإنسانية بالكميات المتفق عليها، وفتح معبر رفح في الاتجاهين».

ومن الشروط كذلك بحسب كامل، «رفض مصر الهجرة القسرية أو الطوعية لسكان قطاع غزة، وكذلك الإجراءات الإسرائيلية بالضفة الغربية الخاصة بإقامة المستوطنات وضم الضفة الغربية لإسرائيل، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من كامل أراضي القطاع بما فيها محور فيلادلفيا والعودة لحدود 7 أكتوبر 2023، والتأكيد أن الوجود الإسرائيلي الحالي هو وضع مؤقت مرهون بتطور تنفيذ مراحل الاتفاق، وأن الخطوط الملونة ومنها الخط الأصفر، هي خطوط وهمية لا يعتد بها».

الشرط الرابع، وفق كامل، متعلق بـ«مدى تجاوب نتنياهو وحكومته مع المطالب العربية الواضحة في المبادرة العربية، والخاصة بالانسحاب من الأراضي العربية المحتلة، والشروع والموافقة على حل الدولتين وعدم التهجير للفلسطينيين؛ سواء بغزة أو الضفة، وإبداء النوايا الحسنة الخاصة بحسن الجوار وعدم الاعتداء، والتجاوب مع المطالب الدولية الخاصة بإخلاء المنطقة من التهديد بالسلاح النووي، وانضمام إسرائيل للاتفاقيات الدولية بذات الشأن».

مسلحون من «حماس» يرافقون أعضاء «الصليب الأحمر» نحو منطقة داخل «الخط الأصفر» الذي انسحبت إليه القوات الإسرائيلية في مدينة غزة (أرشيفية - رويترز)

ويعتقد أن «مصر لن تتجاوب مع المساعي الأميركية والإسرائيلية الخاصة بعقد اجتماع بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، دون تقديم إسرائيل مبادرة واضحة ومحددة لرغبتها في السلام واستقرار المنطقة، وتكون قابلة للتنفيذ».

وذكرت التقارير الإسرائيلية أن الولايات المتحدة حاولت فعلياً تنظيم قمة ثلاثية في واشنطن؛ بين السيسي ونتنياهو بحضور ترمب، لكن الفكرة ارتطمت بجدار الشروط المصرية التي وصفها الإعلام العبري بـ«غير المقبولة» من وجهة النظر الإسرائيلية، لكن التقارير ذاتها أشارت إلى أن القاهرة تتوقع أن يمارس ترمب ضغوطاً خلال لقائه المرتقب مع نتنياهو في فلوريدا نهاية الشهر الحالي، لـ«كبحه» والحد من خطواته في غزة.

وقال رئيس الأركان السابق للجيش المصري، اللواء سمير فرج، إن «هناك تعويلاً كبيراً على القمة التي ستعقد بين ترمب ونتنياهو ومخرجاتها، وإن ترمب بالقطع سيضغط على نتنياهو للالتزام بخطة السلام في غزة، التي تحمل اسم ترمب شخصياً».

ونوه فرج في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، بأن مصر ستقيم الموقف في إطار ما ستتمخض عنه قمة ترمب ونتنياهو، ولكن في الوقت ذاته، فإن موقفها واضح وثابت في أنها لا تقبل أبداً بتثبيت الوجود العسكري الإسرائيلي في الخط الأصفر، أو في أي منطقة من غزة، وكل ما تفعله حكومة نتنياهو تدرك القاهرة تماماً أنه محاولة لعرقلة خطة السلام التي تنص على الانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي من جميع أراضي غزة.