اتفاق مصر وإثيوبيا والسودان بشأن سد النهضة «خلال أسابيع»

سد النهضة الإثيوبي (رويترز)
سد النهضة الإثيوبي (رويترز)
TT

اتفاق مصر وإثيوبيا والسودان بشأن سد النهضة «خلال أسابيع»

سد النهضة الإثيوبي (رويترز)
سد النهضة الإثيوبي (رويترز)

قال وزير المياه الإثيوبي اليوم (السبت) إنه سيكون هناك اتفاق بين مصر وإثيوبيا والسودان فيما يتعلق بملء سد النهضة في غضون أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع.
يأتي ذلك غداة قمة أفريقية مصغرة عقدت عبر الفيديو وجمعت زعماء الدول الثلاث ورئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، الذي يرأس الاتحاد الأفريقي.
وقال وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي سيليشي بيكيلي على تويتر «تم التوصل إلى توافق لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق سد النهضة الإثيوبي الكبير في غضون أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع».
واتّفقت إثيوبيا ومصر والسودان خلال قمة أمس على تأجيل البدء بملء خزّان سدّ النهضة الكهرمائي الذي تبنيه أديس أبابا على النيل الأزرق لحين إبرام اتّفاق بين الدول الثلاث بشأن هذا المشروع الضخم الذي يثير توتّرات إقليمية شديدة.
وقالت الحكومة السودانية في بيان «تم الاتّفاق على أن يتمّ تأجيل ملء الخزّان إلى ما بعد التوقيع على اتّفاق"، مشيرة إلى أنّه تمّ أيضاً الاتفاق على أن "تبدأ مفاوضات على مستوى اللجان الفنية فوراً بغية الوصول إلى اتفاق في غضون أسبوعين».
وفي القاهرة أعلنت الرئاسة المصرية في بيان أنّ الاتّفاق ينصّ على «الامتناع عن القيام بأية إجراءات أحادية، بما في ذلك ملء السدّ، قبل التوصّل إلى هذا الاتّفاق، وإرسال خطاب بهذا المضمون إلى مجلس الأمن» الدولي الذي سيبحث هذا الملفّ الإثنين المقبل.
وسدّ النهضة الذي بدأت أديس أبابا ببنائه في 2011 سيصبح عند إنجازه أكبر سدّ كهرمائي في إفريقيا، لكنّ هذا المشروع الحيوي لأثيوبيا أثار خلافات حادّة بينها وبين كلّ من السودان ومصر اللتين تتقاسمان معها مياه النيل.
وعلى الرّغم من أنّ الدول الثلاث دخلت في مفاوضات حول هذا السدّ، إلا أنّها لم تتمكّن حتّى اليوم من التوصّل لاتّفاق ولا سيّما على قواعد ملء خزّان السدّ وتشغيله.
ومع تعثّر المفاوضات، أعلنت أديس أبابا عزمها على البدء بمل بحيرة السدّ اعتباراً من يوليو (تموز) المقبل، في خطوة ردّت عليها القاهرة بإحالة الملف إلى مجلس الأمن الدولي الذي سيعقد الاثنين جلسة جديدة حول هذه القضية بطلب من مصر وبدعوة من الولايات المتحدة.
وعقدت القمة الأفريقية المصغّرة بدعوة من رئيس جنوب أفريقيا سيريل راموفوزا وشارك فيها كلّ من الرئيس المصري عبد الفتّاح السيسي ورئيس الوزراء الأثيوبي آبيي أحمد ورئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك الرئيس الكيني أوهورو كينياتا ورئيس الكونغو الديموقراطية فيليكس تشيسيكيدي ورئيس وزراء مالي ابراهيم بوبكر كيتا ورئيس مفوضية الاتّحاد الأفريقي موسى فكي.
ونقل البيان السوداني عن المجتمعين قولهم إنّ «المفاوضات السابقة حلّت ما بين 90 إلى 95% من القضايا ولم يتبقّ إلا القليل الذي سيتحقّق بفضل توفّر الإرادة والعزيمة».
ووفقاً للبيان المصري فإنّ مهمّة لجنة الخبراء القانونيين والفنيين التي تمّ الاتفاق على تشكيلها هي «الانتهاء من بلورة اتفاق قانوني نهائي ملزم لجميع الأطراف بخصوص قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، مع الامتناع عن القيام بأية إجراءات أحادية، بما في ذلك ملء السدّ، قبل التوصّل إلى هذا الاتفاق».
وتقول إثيوبيا إنّ الكهرباء المتوقّع توليدها من سدّ النهضة، الذي تبنيه على النيل الأزرق، لها أهمية حيوية من أجل الدفع بمشاريع تنموية في البلد الفقير البالغ عدد سكانه أكثر من 100 مليون نسمة.
لكنّ مصر تقول إنّ السد يهدّد تدفّق مياه النيل التي ينبع معظمها من النيل الأزرق وقد تكون تداعياته مدمّرة على اقتصادها ومواردها المائية والغذائية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.