الوباء يتسارع أميركياً... ويطل في بؤر جديدة أوروبياً

وفيات «كورونا» تقارب نصف مليون وسط مخاوف من موجة ثانية

مريض بـ«كوفيد - 19» يغادر وحدة العناية المركزة التي قضى بها 96 يوماً في مدينة بامبلونا الإسبانية أمس (إ.ب.أ)
مريض بـ«كوفيد - 19» يغادر وحدة العناية المركزة التي قضى بها 96 يوماً في مدينة بامبلونا الإسبانية أمس (إ.ب.أ)
TT

الوباء يتسارع أميركياً... ويطل في بؤر جديدة أوروبياً

مريض بـ«كوفيد - 19» يغادر وحدة العناية المركزة التي قضى بها 96 يوماً في مدينة بامبلونا الإسبانية أمس (إ.ب.أ)
مريض بـ«كوفيد - 19» يغادر وحدة العناية المركزة التي قضى بها 96 يوماً في مدينة بامبلونا الإسبانية أمس (إ.ب.أ)

تواجه الولايات المتحدة ودول أوروبية عدة تزايدا في عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد، الذي أودى بحياة أكثر من 490 ألف شخص في العالم حسب عداد «وورلد ميتر»، ويواصل اجتياح أميركا اللاتينية.
وفي الولايات المتحدة، أعلن مدير «مراكز الوقاية من الأمراض ومكافحتها»، روبرت ريدفيلد، الخميس أن «خمسة أو ستة أو سبعة أو ثمانية في المائة من الأميركيين أصيبوا سواء عرفوا ذلك أم لم يعرفوا»، أي أكثر من عشرين مليون شخص وهو عدد أكبر بكثير من ذاك المعلن رسميا والبالغ 2.4 مليون شخص، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وبعد شهرين منذ بدء انتشار الوباء، ارتفع عدد الإصابات الجديدة في الجنوب والغرب، ويقترب من أعلى المستويات التي سجلت في أبريل (نيسان) الماضي.
وكانت تكساس من بين الولايات الأكثر جرأة في استئناف النشاط مطلع يونيو (حزيران). وكان الحاكم الجمهوري للولاية غريغ أبوت واثقا من أن تكساس «أفلتت» من أسوأ وباء في الولايات المتحدة، إلا أنه أجل أول من أمس مرحلة إعادة فتح الولاية مع الارتفاع السريع في الإصابات، والحالات التي تستلزم العناية المركزة في المستشفيات. وسجلت في الولايات المتحدة 37 ألفا و667 إصابة و692 وفاة خلال 24 ساعة، حسب «مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها»، ليقترب مجموع الوفيات بذلك من 122 ألفا، في أعلى حصيلة بين دول العالم. وتواجه 29 ولاية حاليا ارتفاعا في عدد الإصابات. وينسب الخبراء هذا الارتفاع الجديد في الإصابات إلى مجموعة من الإجراءات على المستوى الرسمي وتسييس بعض الجهات الأقنعة الواقية والتباعد، وانتشار ظاهرة «التعب من الحجر الصحي» بين الأميركيين على نطاق واسع.
في غضون ذلك، يواصل الوباء اجتياح دول أميركا اللاتينية، وسجلت البرازيل وهي الدولة الأكثر تضررا في المنطقة، حوالي 55 ألف وفاة و1.2 مليون إصابة، بينما تجاوز عدد الوفيات في المكسيك 25 ألفا وبلغ عدد الإصابات مائتي ألف. وفي المكسيك، أعلن وزير المال أرتورو هيريا إصابته بالفيروس بعد ثلاثة أيام على لقائه الرئيس أندريس مانويل لوبيز أوبرادور. وقال على حسابه على تويتر: «أبلغت بإصابتي الأكيدة بالفيروس. لدي عوارض خفيفة جدا، وأخضعت نفسي للحجر الصحي. سأواصل العمل من منزلي».

- بؤر محدودة
أما أوروبيا، فعادت الحياة إلى وضع شبه طبيعي، رغم ظهور بؤر عدوى جديدة، لكنها محدودة في كل من ألمانيا وإسبانيا وإيطاليا والبرتغال. وكان المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية، هانز كلوغي، قد حذر الخميس من أنه في 11 دولة «أدى انتقال العدوى المتسارع إلى انتشار واسع جدا من جديد، وإذا لم يتم الحد منه سيدفع الأنظمة الصحية إلى حافة الهاوية مرة أخرى في أوروبا».
وفي مسعى للشعور بأن الحياة عادت إلى طبيعتها، تحدى عشرات السياح درجات الحرارة المرتفعة في باريس وتسلقوا السلالم الحديدية لبرج إيفل أثناء إعادة فتحه للسياح، بدون المصاعد التي اعتبرت صغيرة جدا للالتزام بإجراءات التباعد الاجتماعي. وقالت تيريز (60 عاما) من مدينة بربينيان (جنوب غربي فرنسا): «أنا أبكي، لكنها دموع الفرح»، كما نقلت عنها وكالة الصحافة الفرنسية. واستأنف مطار «أورلي» الباريسي نشاطه مع إقلاع أول رحلة متوجهة إلى مدينة بورتو في البرتغال، بعد توقف استمر ثلاثة أشهر. وأقلعت طائرة للرحلات منخفضة التكلفة التابعة لشركة «ترانسافيا»، صباح أمس، مدشنة بذلك عودة الرحلات التجارية إلى سماء باريس.
من جهتها، أعلنت النرويج، التي لا تزال تفرض بعض القيود الصارمة على السفر، الخميس، أنها ستعمل على تخفيف الإجراءات مع دول شينغن والاتحاد الأوروبي بحلول منتصف يوليو (تموز). من جهتها، عبرت السويد الجمعة عن استيائها من قرار منظمة الصحة العالمية اعتبار المملكة الواقعة في شمال أوروبا من «الدول التي تشهد عودة قوية» للوباء، موضحة أن ذلك نجم عن «تفسير خاطئ تماما» للمعطيات السويدية.
وضمت لائحة الدول التي أعلنها الفرع الأوروبي لمنظمة الصحة العالمية، كل من السويد وأرمينيا ومورلدافيا وشمال مقدونيا وأذربيجان وكازاخستان وألبانيا والبوسنة والهرسك وقرغيزستان وأوكرانيا وكوسوفو.
وفي البرتغال، أعيد فرض إجراءات حجر صحي على أجزاء من العاصمة لشبونة، كما حدث في منطقتين في غرب ألمانيا. أما في إسبانيا، فلم تسجل سوى ثلاث وفيات في الساعات الـ24 الماضية، لكن وزارة الصحة أعلنت أنها تراقب عن كثب ثلاث بؤر للعدوى تثير القلق.
وفي إيطاليا، نشرت الحكومة جنودا لاستعادة النظام في بلدة ساحلية قرب نابولي، بعد تفشي فيروس كورونا في مجمع سكني شغله بالمخالفة للقانون مئات العمال المهاجرين، مما تسبب في مواجهات غاضبة بينهم وبين السكان. وأعلنت السلطات، الخميس وفق وكالة رويترز، أن الفحوص أثبتت إصابة أكثر من 40 شخصا بـ«كوفيد - 19» يعيشون في مباني المجمع المهجورة في بلدة موندراجوني، التي تبعد 45 كيلومترا عن نابولي. وحذرت السلطات من أن البلدة كلها يمكن أن تخضع للحجر الصحي، إذا تبين أن التفشي واسع النطاق. وتم تطويق المباني السكنية لمنع انتشار الإصابات، لكن لقطات بثها تلفزيون «آر.إيه.آي» الرسمي لما حدث الخميس أظهرت مجموعة من سكان المجمع يخالفون الأوامر، ويشاركون في مسيرة في شوارع البلدة احتجاجا على ما يقولون إنها تفرقة عنصرية. وكثيرون ممن يعيشون في المجمع السكني عمال موسميون بلغاريون، يعملون بجمع الفاكهة في الحقول المحيطة بالبلدة. في المقابل، هتف السكان الإيطاليون في الشوارع «موندراجوني لنا»، وتجمعوا خارج المنطقة الخاضعة للطوق.

- معادلة صعبة
ولا تزال الحكومات تكافح من أجل تحقيق توازن صعب، بين احتياجات الصحة العامة لمكافحة فيروس أصاب 9.7 ملايين شخص في العالم، وتأثيره المدمر على الاقتصاد العالمي. لكن رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد، أعلنت أمس الجمعة، أنه تم «على الأرجح» تجاوز المرحلة الأسوأ في الأزمة الاقتصادية التي تسبب فيها كوفيد - 19. لكنها حذرت من أن الوضع الطبيعي الجديد سيبدو مختلفاً تماماً عما كان عليه قبل الوباء. وقالت لاغارد في مؤتمر عبر الإنترنت «تجاوزنا أدنى نقطة على الأرجح». وأضافت «أقول ذلك مع بعض الشك لأنه قد تكون هناك موجة ثانية حادة (من الوباء) بطبيعة الحال، إذا كنا قد تعلمنا أي شيء من الإنفلونزا الإسبانية».
وكان هناك المزيد من الأخبار السيئة لشركات الطيران في العالم، إذ أعلنت الأسترالية «كوانتاس» أنها ستلغي ستة آلاف وظيفة، بينما اقتربت الألمانية لوفتهانزا من الاستفادة من خطة إنقاذ الدولة التي تبلغ قيمتها عشرة مليارات دولار بعد موافقة الاتحاد الأوروبي عليها، كما أكدت وكالة الصحافة الفرنسية. وصدرت التقديرات الأخيرة لحجم الضرر الاقتصادي عن صندوق النقد الدولي الذي توقع أن يتراجع إجمالي الناتج المحلي العالمي بنسبة 4.9 في المائة هذا العام ويمحو 12 تريليون دولار على مدى عامين.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.