تجدد قطع الطرقات والاحتجاجات على تدهور الوضع المعيشي في لبنان

محلات تجارية تقفل أبوابها بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار

قطع الطريق بالإطارات المشتعلة عند مدخل طرابلس أمس (الوكالة الوطنية)
قطع الطريق بالإطارات المشتعلة عند مدخل طرابلس أمس (الوكالة الوطنية)
TT

تجدد قطع الطرقات والاحتجاجات على تدهور الوضع المعيشي في لبنان

قطع الطريق بالإطارات المشتعلة عند مدخل طرابلس أمس (الوكالة الوطنية)
قطع الطريق بالإطارات المشتعلة عند مدخل طرابلس أمس (الوكالة الوطنية)

تجدد مسلسل قطع الطرقات في لبنان، أمس، على وقع تردي الأوضاع المعيشية، وارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء، الذي ناهز الـ7 آلاف ليرة للدولار، وشهد لبنان تحركات احتجاجية وقطع الطرقات في عدة مناطق، كما قام عدد كبير من التجار بإغلاق محالهم لعدم قدرتهم على الشراء والبيع، حسب سعر الصرف المرتفع. وفقدت الليرة اللبنانية نحو 80 في المائة من قيمتها منذ انطلاق الاحتجاجات في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وبدأت الاحتجاجات صباح أمس مع قطع محتجين طريق الجنوب في منطقتي الجية وبرجا بالشاحنات الكبيرة لساعات، قبل أن يتدخل الجيش ويفتحهما. وشمالاً قطع عدد من المحتجين مسلكي أوتوستراد طرابلس - عكار في محلة باب التبانة بالإطارات المشتعلة وحاويات النفايات، فيما قطع آخرون أوتوستراد الميناء - بيروت بالحجارة والعوائق.
وفي إطار الاحتجاجات أيضاً، دخل عدد من المحتجين بالقوة مبنى وزارة الشؤون الاجتماعية في بيروت، وتوجهوا إلى مكتب الوزير رمزي المشرفية، الذي لم يكن موجوداً في الوزارة، وطالبوا بمقابلته للاستماع إلى مطالبهم، قبل أن تتدخل القوى الأمنية لإقناعهم بالخروج من المكاتب والانتقال إلى مدخل الوزارة.
واعتبر المحتجون «أن الوزارة مقر عام وهي مباحة للجميع، وأنها الوزارة الأهم في هذا الوضع المعيشي السيئ، وأن الوزير لا يقوم بواجباته تجاه المواطنين».
وفي ظلّ تفاقم الأزمة الاقتصادية، خرجت صرخات بعض الشركات والمحلات التجارية والملاحم في عدّة قرى وبلدات، ولجأ هؤلاء إلى الإقفال التام أو المؤقت حتى إشعار آخر، بسبب الغلاء الفاحش والارتفاع المستمر في سعر صرف الدولار.
كما توقف بعض محلات بيع المواد الغذائية عن بيع سلع معينة، واكتفت بما هو أساسي، لا سيّما في القرى، وأقفل عدد من أصحاب الملاحم (القصابين) أبواب محالهم، وتوقفوا عن البيع بسبب تجاوز سعر كيلو لحم البقر الـ40 ألف ليرة داخل المسلخ، ليصل إلى المستهلك بأكثر من 50 ألف ليرة (33 دولاراً وفق سعر الصرف الرسمي).
وفي حين يُرجع القصابون سبب الارتفاع الجنوني لأسعار اللحم في سوقي الجملة والمفرق إلى الارتفاع غير المحدود لسعر صرف الدولار مقابل الليرة، يوضح نقيب مستوردي اللحوم غابي دكرمجيان، أنّ تحديد سعر كيلو اللحم لا يكون على سعر صرف الدولار من السوق السوداء، وأنّه يُحدد انطلاقاً من أمرين؛ سعر الدولار عند الصرافين من الفئة «أ» وكميّات الدولار المتوافرة.
ويشرح دكرمجيان لـ«الشرق الأوسط»، أنّ مستوردي اللحوم يشترون الدولار بالسعر المعلن من قبل نقابة الصرّافين، الذي حُدّد أمس بهامش متحرك بين الشراء بسعر 3850 كحد أدنى والبيع بسعر 3900 كحد أقصى، وهذا يعني تحديد سعر كيلو اللحم ما بين الـ22 و35 ألفاً، مشيراً إلى أنه في بعض الأحيان يضطر المستوردون بسبب عدم توافر المبلغ المطلوب كاملاً عند الصيارفة إلى شراء الدولار من السوق السوداء، ولكن هذا يكون كجزء من سعر اللحم، وليس سعره الكلي، لذلك لا يُسعّر كيلو اللحم على أساس الدولار في السوق السوداء.
وفي حين اعتبر دكرمجيان أنّ سعر اللحم لم يرتفع، وأن ما ارتفع هو سعر الدولار، أوضح أنّ الحكومة رفضت إدخال اللحوم ضمن السلة الغذائية المدعومة، ربما لأنها ليست سلعة غذائية أساسية.
واستبعد دكرمجيان حصول أي أزمة لحوم، لأنّ الاستيراد مستمر، وبكميات تكفي السوق، طالما الدولار متوفر لدى الصيارفة المعتمدين، وفي حال نفاده أو شحه بشكل كبير سنكون بالتأكيد أمام أزمة لحوم.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.