الحوثيون يستهدفون إب بموجة انتهاكات جديدة

تنوعت بين القتل والاعتقال ومصادرة الأموال والأراضي

TT

الحوثيون يستهدفون إب بموجة انتهاكات جديدة

أفادت مصادر محلية في محافظة إب اليمنية (170 كيلومتراً جنوب صنعاء) بأن المحافظة شهدت خلال الأسبوع الأخير موجة جديدة من انتهاكات الميليشيات الحوثية تنوعت بين القتل ومصادرة الأموال والاعتقال والاعتداء على الباعة والتجار.
وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الميليشيات الانقلابية وسعت من حجم جرائمها وانتهاكاتها لتشمل باعة الأكشاك وملاك الأراضي والتجار والمواطنين في محافظة إب، ليضافوا إلى قائمة الفئات المجتمعية التي طالتها يد البطش والقتل والنهب والابتزاز خلال الأعوام الماضية.
ونسبت المصادر هذه الجرائم إلى عدد من القادة المحليين في الجماعة الحوثية التي أحكمت قبضتها على نواحي الحياة كافة في المحافظة التي يقدر عدد سكانها بنحو ثلاثة ملايين نسمة.
وفي سياق عبث وتعسف الحوثيين، أكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» قيام الجماعة بسحق أكثر من 150 كشكاً لبيع السلع جنوب المدينة، حيث تخطط لإقامة سوق كبيرة على أنقاضها تعود ملكيته لأحد قادتها. وأوضحت أن مكتب الأشغال الحوثية وبحماية من أمن الميليشيات أقدم على جرف تلك الأكشاك من دون إخطار مسبق للباعة، ما أدى إلى تعرضهم لخسائر فادحة.
وعقب ذلك التجريف لممتلكات البسطاء ومصدر دخل أسرهم، أشارت المصادر إلى تنفيذ باعة الأكشاك ومعهم سكان محليون وقفة احتجاجية أمام مبنى السلطة المحلية الواقع تحت سيطرة الميليشيات في إب استنكاراً لما تعرضوا له ورفضاً للانتهاكات والتعسفات الحوثية بحقهم.
وأكد مشاركون في الاحتجاج تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» عبر الهاتف أنهم تعرضوا للإجحاف والظلم والتعسف، وتجريف مصدر رزقهم وأسرهم من دون سابق إنذار، مشيرين إلى أن الحملة التي تعرضوا لها، «لم تكن من أجل إنهاء الزحام كما ادعت الميليشيات، ولكنها كانت خدمة لأحد المستثمرين من قيادات الجماعة الذي قام بإنشاء سوق للجملة في المكان».
وفي حين أفاد المحتجون بأنهم يعملون بشكل قانوني وبتصاريح من مكتب الأشغال مقابل رسوم شهرية، وإتاوات أخرى، طالبوا بسرعة تعويضهم عما لحق بهم من أضرار.
وفي ظل الفوضى الأمنية التي تشهدها المحافظة، أقدم قيادي حوثي بارز قبل أيام على قتل مواطنين اثنين بدم بارد في المحافظة عقب محاولته السطو بالقوة على أراضٍ مملوكة لهم. وقال مصدر أمني مناهض للجماعة الحوثية في إب لـ«الشرق الأوسط»، إن «قيادياً حوثياً يدعى بدر عقلان أقدم على قتل المواطن زياد أحمد يحيى عزيز الدميني وخاله حمير محمد نعمان الدميني في منطقة السحول، بعد رفضهما السماح له بالسطو على أراضٍ مملوكة لأسرهم منذ عشرات السنين». واعتبر المصدر أن «هذه الجريمة وغيرها التي راح ضحيتها أبرياء، تأتي في وقت تشهد فيه المحافظة محاولات حوثية متكررة للسطو على أراضي وممتلكات المواطنين بقوة السلاح».
وعلى صلة بجرائم الحوثيين، قال المصدر إن «مسلحين من أسرة المروعي التي ينتمي إليها القيادي الحوثي المعين من قبل الجماعة وكيلاً لمحافظة إب للشؤون الفنية المدعو عبد الواحد المروعي أقدموا بإيعاز منه على قتل شابين من أسرة الرشيدي وامرأة وإصابة رابع بمديرية السبرة شرق مدينة إب». وأضاف أن «المسلحين بدأوا بقطع طريق الشابين الشقيقين رمزي وأيهم أحمد غانم الرشيدي والشاب محمد أحمد الرشيدي ثم أطلقوا عليهم الرصاص الحي، ما أدى إلى مقتل الشقيقين وإصابة الثالث».
وأكد المصدر الأمني الذي طلب عدم ذكر اسمه لاعتبارات تتعلق بسلامته أن «المسلحين لم يكتفوا بتلك الجريمة المروعة، بل أقدموا على قتل امرأة عقب محاولتها تضميد جراح المصاب».
ومع تصاعد حدة الجرائم والانتهاكات الحوثية بحق مواطني إب، وعقب فشل قرار الجماعة في منع تداول العملة الجديدة ومواصلة السكان تداول العملة بأعمالهم الشرائية كافة، عاودت الميليشيات، المسنودة من إيران، منتصف الأسبوع الماضي شن حملات نهب واستهداف واسعة للتجار بذريعة مصادرة العملة المطبوعة في العاصمة المؤقتة عدن.
وكشفت مصادر خاصة في إب لـ«الشرق الأوسط» أن الحملة التي أطلقها الحوثيون تحت اسم مصادرة العملة غير القانونية، أسفرت في يوم واحد عن مصادرة أكثر من 180 مليون ريال (الدولار حوالي 600 ريال) من النقود الجديدة.
وعلى رغم مصادرة الميليشيات تحت قوة التهديد لتلك المبالغ من العملة ذات الطبعة الجديدة، فإنها، وبحسب المصادر، لم تكتفِ بذلك، إذ عمدت من جهة أخرى إلى إجبار التجار على دفع مبالغ مالية أخرى من الفئة النقدية القديمة تحت اسم «غرامات مالية تأديبية».
في المقابل، ألقت تلك التعسفات الحوثية بظلالها على المواطن البسيط في إب، في حين دفعت عدداً من التجار إلى ابتزاز السكان من خلال قبولهم بالتعامل معهم بالعملة الجديدة مقابل خصم 20 في المائة من قيمتها.
وفي الوقت الذي أثارت فيه خطوات الميليشيات غضب واستياء السكان، شكا مواطنون آخرون في المحافظة ذاتها، في أحاديث لهم مع «الشرق الاوسط»، من ابتزاز مالكي المحلات التجارية والباعة لهم أثناء التعامل بالطبعة الجديدة للعملة الوطنية التي تمنع الجماعة من التعامل بها في مناطق سيطرتها.
وتأتي تلك السلسلة من الانتهاكات الحوثية بحق المواطنين في إب في وقت لا تزال المحافظة تعاني فيه ارتفاعاً كبيراً في معدلات الجريمة، بما فيها القتل والنهب والسرقة، في ظل فوضى أمنية غير مسبوقة تشهدها المحافظة.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.