نواب يتمسكون بقرار سحب الثقة من رئيس الحكومة التونسية

TT

نواب يتمسكون بقرار سحب الثقة من رئيس الحكومة التونسية

ثمّن عدد من نواب البرلمان التونسي تكليف لجنة برلمانيّة وهيئة رقابيّة للتحقيق في تهمة «تضارب المصالح»، التي وجهت إلى رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ، مؤكّدين أنّه «لا خوف على تونس في ظلّ تحرّك الجميع ضد الفساد، خلافا لما كان سائدا في العهد السابق»، على حد تعبيرهم. مؤكدين أنهم لن يتراجعوا عن طلب سحب الثقة من رئيس الحكومة في حال ثبوت التهمة الموجهة إليه، خاصة أنه تعهد بتقديم استقالته إذا ما ثبت مخالفته للقانون.
في المقابل، انتقد عدد من البرلمانيين «حملات التشويه والشيطنة»، التي صاحبت إثارة هذا الموضوع بهدف «تسجيل نقاط سياسيّة، وليس لتطبيق القانون»، داعين إلى مصالحة وطنية شاملة. وأكدوا أن تكوين لجنة تحقيق برلمانية، تترأسها المعارضة للتحقيق في هذه التهمة، إضافة إلى أن تحرك القضاء «يعد تأكيدا على نجاح المسار الديمقراطي في تونس».
وكانت كتلة حركة النهضة (إسلامية)، التي يرأسها نور الدين البحيري، قد أكدت رفضها التوقيع على عريضة سحب الثقة من رئيس الحكومة، والتي اقترحها بعض نواب حزب قلب تونس، وتمسكت في المقابل بالضغط على رئيس الحكومة لتوضيح الموقف، مؤكدين أن التهمة الموجهة للفخفاخ «تندرج ضمن تضارب المصالح، ولا ترقى إلى شبهة فساد». في المقابل، ظل حزب «قلب تونس» (27 مقعدا برلمانيا)، وتحالف «ائتلاف الكرامة» (19 مقعدا) متمسكين بتقديم عريضة سحب الثقة من رئيس الحكومة، بعد أن قوبلت بالرفض من قبل عدد من الكتل البرلمانية. بينما لا يزال الفخفاخ يحظى بثقة الكتلة الديمقراطية الممثلة لحزبي التيار الديمقراطي وحركة الشعب، في حين حافظ الحزب الدستوري الحر المعارض على موقف محايد.
من جهة ثانية، قال رئيس الحكومة إن التدخلات الأمنية الأخيرة التي عرفتها ولاية (محافظة) تطاوين (جنوب شرقي) لم تكن لمواجهة الاحتجاجات السلمية المطالبة بالتنمية والتشغيل، مؤكدا أن عناصر الأمن «ستكون هناك لحماية الدولة ومؤسساتها السيادية، والا فستحدث فوضى».
وجاء حديث الفخفاخ في جلسة البرلمان أمس، ردا على منظمات حقوقية، من بينها الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، والمنتدى التونسي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، والتي اتهمت الحكومة بالإفراط في استعمال القوة لمواجهة الاحتجاجات في الشوارع الرئيسية لمدينة تطاوين، ودعت إلى التفاوض المباشر مع المحتجين، بعد أن أطلقت السلطات الأمنية سراح طارق الحداد، المتحدث باسم اعتصام الكامور.
وكان عدد من نواب البرلمان قد نبهوا الفخفاخ أثناء حضوره جلسة البرلمان، المخصصة لتقييم حصيلة مائة يوم من عمر الحكومة، إلى أن الحراك الاجتماعي «سيكون كبيرا»، وطالبوه بجعل ملف التشغيل على رأس أولويات الحكومة.
ويقضي الاتفاق الموقع منذ سنة 2017 بين الحكومة والمحتجين في منطقة تطاوين، بتوظيف 1500 عاطل في شركات بترولية، و3000 آخرين في شركات حكومية بين عامي 2017 و2019، مع تخصيص 80 مليون دينار (28 مليون دولار) لتمويل مشروعات للتنمية في الولاية. ونفذ العاطلون نهاية الأسبوع الماضي احتجاجات كبيرة للمطالبة بتنفيذ ما تبقى من بنود الاتفاق، وفي مقدمة ذلك توظيف 1500 في شركات بترولية، و500 آخرين في شركات حكومية، وتقديم المبالغ المخصصة للتنمية.
وقال طارق الحداد المتحدث باسم «تنسيقية اتفاق الكامور»، الممثلة للمحتجين، إن الحكومة لم تتفاعل مع مطالبهم، ولم تنفذ من بنود الاتفاق سوى توظيف 2500 عاطل في شركات البيئة والغراسة والبستنة. وتعد تطاوين من أكثر المناطق التي تتفشى فيها البطالة بنسبة تتجاوز 30 في المائة، أي قرابة ضعف المعدل الوطني.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.