قيس سعيد يطرح من باريس موقف تونس من أزمة ليبيا

اصطفاف إلى جانب فرنسا ضد الدور التركي

قيس سعيد يطرح من باريس موقف تونس من أزمة ليبيا
TT

قيس سعيد يطرح من باريس موقف تونس من أزمة ليبيا

قيس سعيد يطرح من باريس موقف تونس من أزمة ليبيا

بعد 8 أشهر من دخول قيس سعيد قصر قرطاج الرئاسي، زار الرئيس التونسي العاصمة الفرنسية باريس على رأس وفد رسمي، فكرس تقليدا اتبعه أسلافه الذين جعلوا باريس وجهتهم الأولى في تحركاتهم الدولية، بعد زيارة رمزية إلى «الجارة» الجزائر وتبادل المبعوثين والرسائل مع القادة العرب وبقية زعماء العالم. وطرحت الزيارة عدة تساؤلات، أبرزها:
هل هي مؤشر لمصالحة سعيد مع فرنسا والعواصم الغربية التي انتقدته منذ انتخابات الخريف الماضي واتهمته حينا بـ«التعاطف مع التطرف الديني» وحينا آخر بـ«التشدد السياسي» بسبب بعض تصريحاته التي اتهم فيها كل من يتعامل مع إسرائيل بـ«الخيانة الوطنية»؟ وهل حصل سعيد على دعم اقتصادي وسياسي قوي لحكمه ولتونس ومصالحها في ليبيا بعد قمته الأولى مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون أم ستتسبب له هذه القمة وتصريحاته في باريس في متاعب داخلية وخارجية جديدة، بعدما اتهمه معارضوه بـ«إلحاق أذى بمصالح ملايين التونسيين في غرب ليبيا»، والانخراط في «لعبة محاور دولية» بالوقوف مع فرنسا وروسيا ضد الولايات المتحدة وإيطاليا وتركيا و«حكومة الوفاق» الليبية برئاسة فايز السراج؟ وهل ستساهم هذه القمة الأولى بين ماكرون وسعيد في دفع السياسة الخارجية التونسية نحو انخراط أكبر في جهود التسوية في ليبيا ضمن حلف استراتيجي إقليمي جديد ترعاه فرنسا، ويشمل كذلك الجزائر ومصر والمغرب؟
تباينت ردود الفعل على نتائج القمة الأولى بين الرئيسين التونسي قيس سعيد ومستضيفه الفرنسي إيمانويل ماكرون في باريس وتصريحاتهما عن ليبيا وعن الحقبة الاستعمارية بين مرحب ومعارض. إذ نوه وزيرا المالية نزار يعيش والخارجية نور الدين الري، اللذان رافقا سعيد في زيارته، بالنتائج الاقتصادية، وبينها تقديم قرض فرنسي جديد لتونس قيمته 350 مليون يورو، أي حوالي 400 مليون دولار أميركي.
كذلك نوه الخبير التونسي في السياسة الدولية فرج معتوق باتفاق الوفدين التونسي والفرنسي على «ترفيع نسق الشراكة الاقتصادية والمالية والتكنولوجية بين البلدين، بما في ذلك عبر إحداث خط حديدي سريع من نوع تي جي في الفرنسي من المقرر أن يربط أقصى شمال تونس بجنوبها، على غرار الخط الذي أنجزته مؤسسات فرنسية في المغرب للربط بين مدينتي طنجة شمالاً والدار البيضاء في وسط البلاد.

اتفاقيات قديمة
إلا أن بعض السياسيين والخبراء الاقتصاديين والماليين في تونس، مثل الأكاديمية جنات بن عبد الله، قللوا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» من أهمية هذه الاتفاقات، واستدلوا بكون «الرئيس الفرنسي ماكرون أكد بوضوح في مؤتمره الصحافي المشترك مع سعيد في قصر الإليزيه أن القرض الفرنسي الجديد يمثل قسطا جديدا من قرض مدته 5 سنوات اتفقت عليه سلطات البلدين منذ 2017. قيمته حوالي مليار و700 مليون يورو، أي حوالي ملياري دولار أميركي.
أيضا، انتقد رضا الشكندالي، المدير العام السابق لمركز الدراسات الاقتصادية والاجتماعية في الجامعة التونسية «سيريس»- في تصرح لـ«الشرق الأوسط» عدم «تقديم فرنسا أي دعم مالي جديد لتونس التي تمر بصعوبات هيكلية، وأخرى ظرفية، ومن المقرر أن تسجل لأول مرة نسبة نمو سلبية هذا العام بحوالي 7 نقاط»، وانتقد «الترويج لاتفاقيات قديمة مُبرمة في 2017 وكأنها مبادرة جديدة».
كذلك قلل عز الدين السعيدان، المدير العام السابق لعدد من البنوك التونسية والعربية في تونس، من أهمية هذا المبلغ وغيره من «القروض الميسرة» التي تحصل عليها تونس من فرنسا والبلدان الأوروبية «مقارنة بحاجياتها المالية المتزايدة وعجزها عن تسديد ديونها التي أصبحت لأول مرة في تاريخها تتراوح بين 60 و90 في المائة من الناتج الخام». لكن الخبير الاقتصادي والناطق الرسمي باسم حزب «قلب تونس» سجل أن فرنسا وأغلب دول الاتحاد الأوروبي ذاتها تمر بأزمة اقتصادية ومالية غير مسبوقة يرجح أن تتسبب في انخفاض ناتجها الخام بحوالي 12 نقطة مئوية.
من جهته، اتهم الخبير الاقتصادي جمال العويديدي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» فرنسا والمشرفين على الإحصائيات الاقتصادية والتجارية في تونس بـ«المغالطة» و«التلاعب» عندما تحتسب صادرات الشركات الفرنسية والأوروبية المتمركزة في تونس ضمن «الصادرات التونسية» بينما يتعلق الأمر بمؤسسات لا تتجاوز مساهمة رأس المال التونسي فيها الـ30 في المائة وتتمتع بإعفاءات كبيرة من الضرائب والرسوم الجمركية. إلا أن الإعلامي والخبير الاقتصادي توفيق الحبيب سجل أن حصول تونس على القسط الجديد من القرض المبرم في 2017 «مهم في حدا ذاته»، وما كان ليتحقق لولا زيارة الرئيس سعيد والوفد المرافق له إلى باريس.

إفساد زيارة الرئيس
لكن الأهم في القمة التونسية - الفرنسية الأولى لم يكن اقتصاديا بل كان سياسيا ودبلوماسيا، على حد تعبير ساسة بارزين من خصوم حزب «حركة النهضة»، مثل رئيس «كتلة الإصلاح» في البرلمان التونسي حسونة الناصفي، الذي نوه بتصريحات سعيد التي عارضت التدخل التركي في ليبيا، واعتبر فيها أن «شرعية حكومة طرابلس مؤقتة وتحتاج إلى تحسين عبر تنظيم انتخابات جديدة».
وفي الاتجاه نفسه، اتهم المحامي والبرلماني المثير للجدل هيكل المكي، القيادي في حزب الشعب القومي العروبي، قيادات «حركة النهضة» بـ«محاولة إفساد زيارة الرئيس إلى فرنسا»، وبالوقوف وراء مجموعة الشباب الذين تجمعوا بالقرب من مبنى تابع للسفارة التونسية في باريس، ورفعوا شعارات سياسية ضد الرئيس سعيد حملته مسؤولية قمع الشباب العاطل عن العمل المتظاهر في مدينة تطاوين بأقصى الجنوب التونسي. ولقد نفى الناطق الرسمي باسم «النهضة» خليل البرعومي هذه التهمة، وأورد أن قيادة حركته «تحترم مقام رئيس الدولة»، واستدل على ذلك بـ«مشاركة رئيسي البرلمان راشد الغنوشي والحكومة إلياس الفخفاخ في الاحتفال الرسمي الذي نظمه الرئيس سعيد في ثكنة عسكرية بعد يوم واحد من عودته من باريس بمناسبة إحياء ذكرى تونسة الجيش الوطني».
لكن الناطق باسم «النهضة» ورفاقه انتقدوا التصريحات التي أدلى بها الرئيس التونسي في فرنسا والتي «ناقشت الخلافات التونسية - التونسية خارج أرض الوطن»، وتلك التي ووجهت انتقادات لرئيس البرلمان راشد الغنوشي بسبب المكالمة التي أجراها مع رئيس «حكومة الوفاق» الليبية فايز السراج بعد تقدمها على قوات «الجيش الوطني الليبي» بقيادة المشير خليفة حفتر.

تصدع الجبهة المساندة للرئيس
على صعيد متصل، كان من أبرز النتائج المباشرة لزيارة قيس سعيد إلى فرنسا وتصريحاته فيها تصدع الجبهة التي ساندته منذ حملته الانتخابية ضد منافسه رجل الأعمال الليبيرالي نبيل القروي. وكذلك تصدعت «جبهة الحداثيين واليساريين» التي دعمت القروي في انتخابات 13 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وانحاز كثير منهم إلى الرئيس سعيد بهدف مزيد من تشجيعه على الابتعاد عن «حركة النهضة» وحلفائها و«الإخوان».
وحقاً، توشك مواقف سعيد في باريس وردود الفعل عليها في تونس وليبيا أن تخلط الأوراق بقوة في المشهد السياسي التونسي، وفي علاقات الساسة بالملف الليبي والأطراف الدولية المتدخلة فيه. وهذا يشمل قيادة القوات الأميركية في أفريقيا «أفريكوم»، التي عقدت أخيراً مباحثات سياسية عسكرية رفيعة المستوى في تونس وفي مدينة زوارة الليبية، التي تبعد حوالي 50 كلم فقط عن الحدود التونسية - الليبية في رأس الجدير. كذلك، تزامنت هذه التحركات السياسية بترفيع نسق التحركات العسكرية العلني بحراً وجواً من قبل قطع بحرية ومقاتلات فرنسية وتركية في خليج قابس التونسي على مسافة 100 كلم شمالي الحدود البحرية الليبية التونسية، وبالقرب من الموانئ الليبية. وفي الوقت نفسه، ساهم كشفت مصادر فرنسية وأخرى تركية عن جوانب من «المواجهة الباردة» بين القطع البجرية الفرنسية والتركية... بوادر تصعيد وخلط للأوراق في تونس وليبيا.

التنافس الفرنسي ـ الأميركي
من جهة أخرى، انطلقت «حرب باردة» عبر وسائل الإعلام الرسمية والاجتماعية بين أنصار التقارب مع فرنسا الذين يعارضون الدور التركي وتقارب أنقرة مع روما في ليبيا. ولقد أثارت تصريحات قيس سعيد في باريس حملات دعائية عنيفة ضده وأخرى مناصرة له في وسائل الإعلام الرسمية والاجتماعية. وكانت المفاجأة سرعة تخلي معظم رموز التيارات العروبية الإسلامية الذين وقفوا إلى جانب سعيد خلال الأشهر الماضية عن «الرئيس النظيف والوطني»، واتهامهم إياه بـ«خيانة الوطنيين الذين حاربوا الاحتلال الفرنسي»، وذلك لوصفه السنوات الـ75 سنة من الاستعمار بـ«الحماية» بدلاً من «الاحتلال»، ورفضه الضغوط التي بدأ يطلقها برلمانيون وسياسيون تونسيون على باريس لمطالبتها بالاعتذار والتعويض عن الخسائر التي ألحقتها بالمستعمرات الأفريقية والعربية السابقة، وبينها تونس.
وفي هذا النطاق توجه سيف الدين مخلوف، المرشح للدور الأول للانتخابات الرئاسية ورئيس كتلة «ائتلاف الكرامة» في البرلمان التونسي بانتقادات حادة إلى سعيد ورماه بـ«خذلان من دعموه» بقوة ضد منافسه في الدور الثاني للانتخابات نبيل القروي. أيضاً، اتهمه بخذلان الوطنيين الذين حاربوا الاستعمار من خلال «الخلط بين المفاهيم» وتبني مصطلحات «المستعمر» التي تعتبر أن الاحتلال الفرنسي لتونس ما بين 1881 و1956 كان لـ«حماية» البلاد، وأن «الجرائم الاستعمارية» كانت مجرد «معارك مع الإرهابيين» ما يجعل من الشهداء الوطنيين مجرد «ضحايا». كذلك انتقد البرلماني عن «الكرامة» الكاتب عبد اللطيف العلوي رفض الرئيس التونسي مطالبة فرنسا بالاعتذار عن جرائمها في مرحلة احتلالها المباشر للبلاد. ثم إنه، على الرغم البلاغات الرسمية الصادرة عن «النهضة» التي تؤكد على «احترام مقام رئيس الجمهورية» انطلقت المواقع القريبة منها في حملة دعائية ضد الرئيس التونسي بسبب موقفه من ليبيا.
وفي المقابل، اصطف قطاع كبير من خصومهم ضد «النهضة» وحلفائه ودعموا مواقف سعيد المعارضة لما وصفوه «الاحتلال التركي العثماني الجديد لليبيا»، وانخرط قياديون من نقابات العمال والأحزاب العلمانية في التشهير بانتقادات زعماء بعض المحسوبين على «الإسلام السياسي» للرئيس سعيد، وكان بين من شملتهم الانتقادات سيف الدين مخلوف.

الحرب في ليبيا... والمعارك في تونس
ختاماً، حذرت مواقع كثيرة مقربة من الرئيس سعيد ومن توظيف نتائج زيارة الرئيس إلى فرنسا وتصريحاته للتهجم على «رموز الدولة» ومن تورط بعض الساسة مباشرة أو غير مباشرة في لعبة المحاور الدولية في ليبيا. وخرج بعض كبار المسؤولين العسكريين السابقين، منهم المدير العام السابق للأمن العسكري أمير اللواء محمد المؤدب، عن صمتهم... ودعوا كل الأطراف في تونس إلى الحياد، محذرين من «سيناريو» عودة التصعيد العسكري والأمني في ليبيا لسنوات. وكذلك شدد عدد من كبار السياسيين، بينهم عدد من وزراء الخارجية السابقين مثل الحبيب بن يحيى وأحمد ونيس والمنجي الحامدي وخميس الجهيناوي، على ضرورة تمسك الدبلوماسية التونسية بثوابتها وفي صميمها «الحياد الإيجابي وتحاشي التدخل في الشؤون الداخلية للدول» كي لا تجد تونس الصغيرة نفسها يوما في وضع أكثر تعقيدا... فتغدو الحرب في ليبيا والمعارك في تونس.

ورقة التاريخ والجغرافيا سلاح سياسي في تونس
> فجر الجدل بمناسبة زيارة الرئيس التونسي قيس سعيد إلى فرنسا وامتناع البرلمان التونسي عن المصادقة على مشروع لائحة تطالب فرنسا بالاعتذار عن جرائم الحقبة الاستعمارية جدلا بين المثقفين والمؤرخين والسياسيين التونسيين.
إذ شكك بعض كبار المؤرخين والأكاديميين، مثل محمد ضيف الله، في العمق المعرفي لرئيس الدولة وفي ثقافته التاريخية وفي استيعابه للعلوم الخارجة عن سياق تخصصه في القانون الدستوري. وانتقد هؤلاء التعامل من موقعه كخبير قانوني مع ظاهرة الاحتلال، عندما وصف احتلال تونس بكونه كان «حماية». وهذه هي التسمية التي أطلقتها سلطات فرنسا الاستعمارية على احتلال تونس خلال الفترة بين عامي 1881 و1956. والمغرب الأقصى ما بين 1912 و1956، وميزت بين وضعيتها القانونية وشكل احتلالها للجزائر ما بين 1830 و1963. والتي كانت تصفها بـ«الجزائر الفرنسية»... ولذا، رفضت المصادقة على الاعتراف باستقلالها في الخمسينات من القرن الماضي رغم سقوط عشرات آلاف الشهداء والضحايا.
محمد ضيف الله قال شارحاً رداً على تصريحات الرئيس سعيد «حتى لو تمسكنا بالتسمية القانونية لاتفاقية الحماية المفروضة في 12 مايو (أيار) 1881. فإنها لم تكن إلا خطوة أولى، عقبتها اتفاقية المرسى المفروضة أيضا في 8 يونيو (حزيران) 1883 التي أصبحت فرنسا بموجبها تتحكم في كل شيء في تونس، بشرا وثروات». وتابع «يبدو أن قيس سعيد لم يقرأ تاريخ تونس. وواضح أيضاً أن التخصص في القانون والاشتغال بالسياسة كلاهما يتطلب حدا أدنى من معرفة العلوم الإنسانية والاجتماعية ومن بينها التاريخ».

في المقابل دعا المؤرخ الحبيب القزدغلي، العميد السابق لكلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة منوبة (غربي العاصمة تونس)، في مقال مشترك مع المؤرخة والأستاذة في جامعة تولوز الفرنسية كوليت زيت نيكي إلى «أبعاد السياسة عن دراسة التاريخ والعلوم الإنسانية» ورفض «توظيفهما في المعارك السياسية والبرلمانية». وتوجها بنداءات إلى المؤرخين التونسيين والفرنسيين وزملائهم في المنطقة ناشدوهم فيها إجراء أبحاث علمية تاريخية مشتركة عن الحقبة الاستعمارية بعيداً عن كل أشكال الانتقاء والإقصاء والتوظيف.
من جهة أخرى، أورد المؤرخ خليفة شاطر، المدير العام السابق للمكتبة الوطنية التونسية والعميد السابق لكلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة تونس، أنه شارك منذ 1982 مع مجموعة من الجامعيين والساسة التونسيين والفرنسيين في نقل نسخ من الأرشيف السري العائد لعهد الاستعمار الفرنسي لتونس، وقال بأنه «موضوع على ذمة الباحثين والجامعيين منذ حوالي 40 سنة ولا داعي في نظره لمزايدات السياسيين». وتوقف سعيد بحيرة، المؤرخ الأكاديمي والكاتب العام السابق لوزارة الخارجية التونسية، عند الخلافات حول قراءة التاريخ المعاصر للمستعمرات الفرنسية والبريطانية في المنطقتين العربية والأفريقية ودعا إلى تناولها بحكمة ومنهجية علمية بعيدا عن الاعتبارات السياسية الظرفية. وسجل في مقال نشره بمناسبة زيارة سعيد الأولى إلى فرنسا أن الرئيس التونسي الجديد «يختلف عن الرؤساء السابقين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي والمنصف المرزوقي والباجي قائد السبسي الذين تخرجوا من مدارس فرنسا وجامعاتها». وأردف «قيس سعيد أصيل منطقة الوطن القبلي (70 كلم شمالي شرقي العاصمة تونس) التي شهدت أعنف الحملات القمعية استعمارية في بداية 1952… ومنها موطنه منطقة بني خيار التي احتلها الجنود الفرنسيون ثلاثة أيام من 29 يناير (كانون الثاني) إلى فاتح فبراير (شباط) 1952 وجرى نسف المنازل وتعذيب السكان وترويعهم وقتل أحد المقاومين وتغريم الأهالي بمائة ألف فرنك...».
وعقب بحيرة قائلاً «... وقيس سعيد متدين على الطريقة التونسية التي تربط بين الدين والسياسة... ويرى فيه عدد كبير من الشباب مثالا للقائد الوطني النزيه الذي يحمل جينات الوطنية التونسية... فهو يحترم رموزها وذكرياتها، وهو قريب من نقاباتها والمنظمات التي لعبت دوراً في تاريخ تونس في مرحلتي الكفاح ضد الاستعمار وبناء الدولة الحديثة، مثل الاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد الصناعة والتجارة وعمادة المحامين واتحاد المرأة...».



لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
TT

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)

يواجه لبنان جملة من التحديات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، خصوصاً في مرحلة التحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة وترخي بثقلها على واقعه الصعب والمعقّد. ولا شك أن أهم هذه التحوّلات سقوط نظام بشّار الأسد في سوريا، وتراجع النفوذ الإيراني الذي كان له الأثر المباشر في الأزمات التي عاشها لبنان خلال السنوات الأخيرة، وهذا فضلاً عن تداعيات الحرب الإسرائيلية وآثارها التدميرية الناشئة عن «جبهة إسناد» لم تخفف من مأساة غزّة والشعب الفلسطيني من جهة، ولم تجنّب لبنان ويلات الخراب من جهة ثانية.

إذا كانت الحرب الإسرائيلية على لبنان قد انتهت إلى اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية دولية، وإشراف أميركي ـ فرنسي على تطبيق القرار 1701، فإن مشهد ما بعد رحيل الأسد وحلول سلطة بديلة لم يتكوّن بعد.

وربما سيحتاج الأمر إلى بضعة أشهر لتلمُّس التحدّيات الكبرى، التي تبدأ بالتحدّيات السياسية والتي من المفترض أن تشكّل أولوية لدى أي سلطة جديدة في لبنان. وهنا يرى النائب السابق فارس سُعَيد، رئيس «لقاء سيّدة الجبل»، أنه «مع انهيار الوضعية الإيرانية في لبنان وتراجع وظيفة (حزب الله) الإقليمية والسقوط المدوّي لحكم البعث في دمشق، وهذا إضافة إلى الشغور في رئاسة الجمهورية، يبقى التحدّي الأول في لبنان هو ملء ثغرات الدولة من أجل استقامة المؤسسات الدستورية».

وأردف سُعَيد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «بعكس الحال في سوريا، يوجد في لبنان نصّ مرجعي اسمه الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني، وهذا الدستور يجب أن يحترم بما يؤمّن بناء الدولة والانتقال من مرحلة إلى أخرى».

الدستور أولاً

الواقع أنه لا يمكن لمعطيات علاقة متداخلة بين لبنان وسوريا طالت لأكثر من 5 عقود، و«وصاية دمشق» على بيروت ما بين عامَي 1976 و2005 - وصفها بعض معارضي سوريا بـ«الاحتلال» - أن تتبدّل بين ليلة وضحايا على غرار التبدّل المفاجئ والصادم في دمشق. ثم إن حلفاء نظام دمشق الراحل في لبنان ما زالوا يملكون أوراق قوّة، بينها تعطيل الانتخابات الرئاسية منذ 26 شهراً وتقويض كل محاولات بناء الدولة وفتح ورشة الإصلاح.

غير أن المتغيّرات في سوريا، وفي المنطقة، لا بدّ أن تؤسس لواقع لبناني جديد. ووفق النائب السابق سُعَيد: «إذا كان شعارنا في عام 2005 لبنان أولاً، يجب أن يكون العنوان في عام 2024 هو الدستور أولاً»، لافتاً إلى أن «الفارق بين سوريا ولبنان هو أن سوريا لا تملك دستوراً وهي خاضعة فقط للقرار الدولي 2254. في حين بالتجربة اللبنانية يبقى الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني المرجعَين الصالحَين لبناء الدولة، وهذا هو التحدي الأكبر في لبنان».

وشدّد، من ثم، على ضرورة «استكمال بناء المؤسسات الدستورية، خصوصاً في المرحلة الانتقالية التي تمرّ بها سوريا»، وتابع: «وفي حال دخلت سوريا، لا سمح الله، في مرحلة من الفوضى... فنحن لا نريد أن تنتقل هذه الفوضى إلى لبنان».

العودة للحضن العربي

من جهة ثانية، يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة عمّا كان الوضع عليه في العقود السابقة. ولا يُخفي السياسي اللبناني الدكتور خلدون الشريف، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن لبنان «سيتأثّر بالتحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة، وحتميّة انعكاس ما حصل في سوريا على لبنان». ويلفت إلى أن «ما حصل في سوريا أدّى إلى تغيير حقيقي في جيوبوليتيك المنطقة، وسيكون له انعكاسات حتمية، ليس على لبنان فحسب، بل على المشرق العربي والشرق الأوسط برمته أيضاً».

الاستحقاق الرئاسي

في سياق موازٍ، قبل 3 أسابيع من موعد جلسة انتخاب الرئيس التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه برّي في التاسع من يناير (كانون الثاني) المقبل، لم تتفق الكتل النيابية حتى الآن على اسم مرشّح واحد يحظى بأكثرية توصله إلى قصر بعبدا.

وهنا، يرى الشريف أنه بقدر أهمية عودة لبنان إلى موقعه الطبيعي في العالم العربي، ثمّة حاجة ماسّة لعودة العرب إلى لبنان، قائلاً: «إعادة لبنان إلى العرب مسألة مهمّة للغاية، شرط ألّا يعادي أي دولة إقليمية عربية... فلدى لبنان والعرب عدوّ واحد هو إسرائيل التي تعتدي على البشر والحجر». وبغض النظر عن حتميّة بناء علاقات سياسية صحيحة ومتكافئة مع سوريا الجديدة، يلفت الشريف إلى أهمية «الدفع للتعاطي معها بإيجابية وانفتاح وفتح حوار مباشر حول موضوع النازحين والشراكة الاقتصادية وتفعيل المصالح المشتركة... ويمكن للبلدين، إذا ما حَسُنت النيّات، أن يشكلّا نموذجاً مميزاً للتعاون والتنافس تحت سقف الشراكة».

يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة

النهوض الاقتصادي

وحقاً، يمثّل الملفّ الاقتصادي عنواناً رئيساً للبنان الجديد؛ إذ إن بناء الاقتصاد القوي يبقى المعيار الأساس لبناء الدولة واستقرارها، وعودتها إلى دورها الطبيعي. وفي لقاء مع «الشرق الأوسط»، قال الوزير السابق محمد شقير، رئيس الهيئات الاقتصادية في لبنان، إن «النهوض الاقتصادي يتطلّب إقرار مجموعة من القوانين والتشريعات التي تستجلب الاستثمارات وتشجّع على استقطاب رؤوس الأموال، على أن يتصدّر الورشة التشريعية قانون الجمارك وقانون ضرائب عصري وقانون الضمان الاجتماعي».

شقير يشدّد على أهمية «إعادة هيكلة القطاع المصرفي؛ إذ لا اقتصاد من دون قطاع مصرفي». ويشير إلى أهمية «ضبط التهريب على كل طول الحدود البحرية والبرّية، علماً بأن هذا الأمر بات أسهل مع سقوط النظام السوري، الذي طالما شكّل عائقاً رئيساً أمام كل محاولات إغلاق المعابر غير الشرعية ووقف التهريب، الذي تسبب بخسائر هائلة في ميزانية الدولة، بالإضافة إلى وضع حدّ للمؤسسات غير الشرعية التي تنافس المؤسسات الشرعية وتؤثر عليها».

نقطة جمارك المصنع اللبنانية على الحدود مع سوريا (آ ف ب)

لبنان ودول الخليج

يُذكر أن الفوضى في الأسواق اللبنانية أدت إلى تراجع قدرات الدولة، ما كان سبباً في الانهيار الاقتصادي والمالي، ولذا يجدد شقير دعوته إلى «وضع حدّ للقطاع الاقتصادي السوري الذي ينشط في لبنان بخلاف الأنظمة والقوانين، والذي أثّر سلباً على النمو، ولا مانع من قوننة ليعمل بطريقة شرعية ووفق القوانين اللبنانية المرعية الإجراء». لكنه يعبّر عن تفاؤله بمستقبل لبنان السياسي والاقتصادي، قائلاً: «لا يمكن للبنان أن ينهض من دون علاقات طيّبة وسليمة مع العالم العربي، خصوصاً دول الخليج... ويجب أن تكون المهمّة الأولى للحكومة الجديدة ترسيخ العلاقات الجيّدة مع دول الخليج العربي، ولا سيما المملكة العربية السعودية التي طالما أمّنت للبنان الدعم السياسي والاقتصادي والمالي».

ضبط السلاح

على صعيد آخر، تشكّل الملفات الأمنية والعسكرية سمة المرحلة المقبلة، بخاصةٍ بعد التزام لبنان فرض سلطة الدولة على كامل أراضيها تطبيقاً للدستور والقرارات الدولية. ويعتبر الخبير العسكري والأمني العميد الركن فادي داوود، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «تنفيذ القرار 1701 ومراقبة تعاطيها مع مكوّنات المجتمع اللبناني التي تحمل السلاح، هو التحدّي الأكبر أمام المؤسسات العسكرية والأمنية». ويوضح أن «ضبط الحدود والمعابر البرية مع سوريا وإسرائيل مسألة بالغة الدقة، سيما في ظل المستجدات التي تشهدها سوريا، وعدم معرفة القوة التي ستمسك بالأمن على الجانب السوري».

مكافحة المخدِّرات

وبأهمية ضبط الحدود ومنع الاختراق الأمني عبرها، يظل الوضع الداخلي تحت المجهر في ظلّ انتشار السلاح لدى معظم الأحزاب والفئات والمناطق اللبنانية، وهنا يوضح داوود أن «تفلّت السلاح في الداخل يتطلّب خطة أمنية ينفّذها الجيش والأجهزة الأمنية كافة». ويشرح أن «وضع المخيمات الفلسطينية يجب أن يبقى تحت رقابة الدولة ومنع تسرّب السلاح خارجها، إلى حين الحلّ النهائي والدائم لانتشار السلاح والمسلحين في جميع المخيمات»، منبهاً إلى «معضلة أمنية أساسية تتمثّل بمكافحة المخدرات تصنيعاً وترويجاً وتصديراً، سيما وأن هناك مناطق معروفة كانت أشبه بمحميات أمنية لعصابات المخدرات».

حقائق

علاقات لبنان مع سوريا... نصف قرن من الهيمنة

شهدت العلاقات اللبنانية - السورية العديد من المحطات والاستحقاقات، صبّت بمعظمها في مصلحة النظام السوري ومكّنته من إحكام قبضته على كلّ شاردة وواردة. وإذا كان نفوذ دمشق تصاعد منذ دخول جيشها لبنان في عام 1976، فإن جريمة اغتيال الرئيس اللبناني المنتخب رينيه معوض في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 1989 - أي يوم عيد الاستقلال - شكّلت رسالة. واستهدفت الجريمة ليس فقط الرئيس الذي أطلق مرحلة الشروع في تطبيق «اتفاق الطائف»، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها وحلّ كل الميليشيات المسلّحة وتسليم سلاحها للدولة، بل أيضاً كلّ من كان يحلم ببناء دولة ذات سيادة متحررة من الوصاية. ولكنْ ما إن وُضع «اتفاق الطائف» موضع التنفيذ، بدءاً بوحدانية قرار الدولة، أصرّ حافظ الأسد على استثناء سلاح «حزب الله» والتنظيمات الفلسطينية الموالية لدمشق، بوصفه «سلاح المقاومة لتحرير الأراضي اللبنانية المحتلّة» ولإبقائه عامل توتر يستخدمه عند الضرورة. ثم نسف الأسد «الأب» قرار مجلس الوزراء لعام 1996 القاضي بنشر الجيش اللبناني على الحدود مع إسرائيل، بذريعة رفضه «تحويل الجيش حارساً للحدود الإسرائيلية».بعدها استثمر نظام دمشق انسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي كان يحتلها في جنوب لبنان خلال مايو (أيار) 2000، و«جيّرها» لنفسه ليعزّز هيمنته على لبنان. غير أنه فوجئ ببيان مدوٍّ للمطارنة الموارنة برئاسة البطريرك الراحل نصر الله بطرس صفير في سبتمبر (أيلول) 2000، طالب فيه الجيش السوري بالانسحاب من لبنان؛ لأن «دوره انتفى مع جيش الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان».مع هذا، قبل شهر من انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود، أعلن نظام بشار الأسد رغبته بالتمديد للحود ثلاث سنوات (نصف ولاية جديدة)، ورغم المعارضة النيابية الشديدة التي قادها رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، مُدِّد للحود بالقوة على وقع تهديد الأسد «الابن» للحريري ووليد جنبلاط «بتحطيم لبنان فوق رأسيهما». وهذه المرة، صُدِم الأسد «الابن» بصدور القرار 1559 عن مجلس الأمن الدولي، الذي يقضي بانتخاب رئيس جديد للبنان، وانسحاب الجيش السوري فوراً، وحلّ كل الميليشيات وتسليم سلاحها للدولة اللبنانية. ولذا، عمل لإقصاء الحريري وقوى المعارضة اللبنانية عن السلطة، وتوِّج هذا الإقصاء بمحاولة اغتيال الوزير مروان حمادة في أكتوبر (تشرين الأول) 2004، ثمّ باغتيال رفيق الحريري يوم 14 فبراير (شباط) 2005، ما فجّر «ثورة الأرز» التي أدت إلى انسحاب الجيش السوري من لبنان يوم 26 أبريل (نيسان)، وتبع ذلك انتخابات نيابية خسرها حلفاء النظام السوري فريق «14 آذار» المناوئ لدمشق.تراجع نفوذ دمشق في لبنان استمر بعد انسحاب جيشها بضغط أميركي مباشر. وتجلّى ذلك في «الحوار الوطني اللبناني»، الذي أفضى إلى اتخاذ قرارات بينها «ترسيم الحدود» اللبنانية السورية، وبناء علاقات دبلوماسية مع سوريا وتبادل السفراء، الأمر الذي قبله بشار الأسد على مضض. وأكمل المسار بقرار إنشاء محكمة دولية لمحاكمة قتلة الحريري وتنظيم السلاح الفلسطيني خارج المخيمات - وطال أساساً التنظيمات المتحالفة مع دمشق وعلى رأسها «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة» - وتحرير المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية. حرب 6002مع هذا، بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان في يوليو (تموز) 2006، التي أعلن «حزب الله» بعدها «الانتصار على إسرائيل»، استعاد النظام السوري بعض نفوذه. وتعزز ذلك بسلسلة اغتيالات طالت خصومه في لبنان من ساسة ومفكّرين وإعلاميين وأمنيين - جميعهم من فريق «14 آذار» - وتوّج بالانقلاب العسكري الذي نفذه «حزب الله» يوم 7 مايو 2008 محتلاً بيروت ومهاجماً الجبل. وأدى هذا التطور إلى «اتفاق الدوحة» الذي منح الحزب وحلفاء دمشق «الثلث المعطِّل» في الحكومة اللبنانية، فمكّنهم من الإمساك بالسلطة.يوم 25 مايو 2008 انتخب قائد الجيش اللبناني ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، وفي 13 أغسطس (آب) من العام نفسه عُقدت قمة لبنانية ـ سورية في دمشق، وصدر عنها بيان مشترك، تضمّن بنوداً عدّة أهمها: «بحث مصير المفقودين اللبنانيين في سوريا، وترسيم الحدود، ومراجعة الاتفاقات وإنشاء علاقات دبلوماسية، وتبنّي المبادرة العربية للسلام». ولكن لم يتحقق من مضمون البيان، ومن «الحوار الوطني اللبناني» سوى إقامة سفارات وتبادل السفراء فقط.ختاماً، لم يقتنع النظام السوري في يوم من الأيام بالتعامل مع لبنان كدولة مستقلّة. وحتى في ذروة الحرب السورية، لم يكف عن تعقّب المعارضين السوريين الذي فرّوا إلى لبنان، فجنّد عصابات عملت على خطف العشرات منهم ونقلهم إلى سوريا. كذلك سخّر القضاء اللبناني (خصوصاً المحكمة العسكرية) للتشدد في محاكمة السوريين الذين كانوا في عداد «الجيش السوري الحرّ» والتعامل معهم كإرهابيين.أيضاً، كان للنظام السوري - عبر حلفائه اللبنانيين - الدور البارز في تعطيل الاستحقاقات الدستورية، لا سيما الانتخابات الرئاسية والنيابية وتشكيل الحكومات، بمجرد اكتشاف أن النتائج لن تكون لصالحهم. وعليه، قد يكون انتخاب الرئيس اللبناني في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل، الاستحقاق الأول الذي يشهده لبنان من خارج تأثير نظام آل الأسد منذ نصف قرن.