يُعد فوز ليفربول ببطولة الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم، للمرة الأولى منذ 30 عاماً، تتويجاً لرحلة مثيرة. فمنذ تعيينه مدرباً للفريق عام 2015، نجح الألماني يورغن كلوب الذي يتمتع بكاريزما قوية في تحويل ليفربول من فريق ينافس على أحد المراكز المؤهلة إلى دوري أبطال أوروبا إلى فريق يحرز اللقب القاري الأهم العام الماضي، قبل أن يقوده إلى إحراز اللقب المحلي الغائب عن خزائنه منذ عام 1990. لكن نجاح «الريدز» على أرض الملعب أصبح ممكناً من خلال كثير من العمل البارع على التعاقدات وراء الكواليس. ومن بين 18 لاعباً اختارهم كلوب ضمن تشكيلته الرسمية الأولى، قبل أقل من 5 أعوام، لم يبقَ هذا الموسم سوى جيمس ميلنر وآدم لالانا والبلجيكي ديفوك أوريغي، وجميع هؤلاء لعبوا أدواراً هامشية ليس إلا.
وجاء بناء تشكيلة ليفربول الحائزة على اللقب التاسع عشر في تاريخه بعد مسار رصين. ففي الفترة الانتقالية الأولى بعد قدومه، حصل كلوب على خدمات السنغالي ساديو مانيه والهولندي جورجينيو فينالدوم للمساعدة في ضمان العودة إلى دوري الأبطال، لينضم إليهما في العام التالي النجم المصري محمد صلاح وأندي روبرتسون وأليكس أوكسلاند - تشامبرلاين، ثم ضم الألماني في يناير (كانون الثاني) 2018 الهولندي الآخر فرجيل فان دايك، أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي وأوروبا في الموسم الماضي، الذي أضحى حينها أغلى مدافع في العالم، بعدما اشتراه الفريق الإنجليزي مقابل 75 مليون جنيه إسترليني (93 مليون دولار).
وبفضل النجاعة التهديفية لصلاح، والتأثير الفوري لفان دايك، والنضج المتزايد للظهيرين روبرتسون وخريج أكاديمية الفريق ترينت ألكسندر أرنولد، وصل ليفربول إلى المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا 2018، لكنه خسر أمام ريال مدريد الإسباني (1-3)، بعد خطأين فادحين من الحارس الألماني لوريس كاريوس، لكن ذلك أظهر إصرار الفريق على العودة للألقاب الكبرى. وكانت تلك آخر مباراة يخوضها كاريوس مع الفريق الأحمر الذي تعاقد مع حارس المرمى البرازيلي أليسون بيكر، من فريق روما الإيطالي. ثم أضاف ليفربول إلى لائحة لاعبيه الطويلة في صيف عام 2018، البرازيلي فابينيو، والغيني نابي كايتا، والسويسري شيردان شاكيري، لينفق على هذه الصفقات ما يزيد على 160 مليون جنيه إسترليني، مما دفع البرتغالي جوزيه مورينيو آنذاك للقول: «ربما سيُطلب منهم في هذا الموسم أخيراً أن يفوزوا باللقب»، لكن هذا الفوز تحقق بالفعل بعد عامين.
وفي الموسم الماضي، لم تكن الـ97 نقطة كافية لليفربول حتى يفوز باللقب بسبب مستوى مانشستر سيتي المذهل الذي حافظ على لقبه بتقدمه بفارق نقطة واحدة فقط. وما أخفق ليفربول بتحقيقه أمام ريال مدريد، نجح به في العاصمة الإسبانية أمام توتنهام الذي الفوز عليه في نهائي دوري الأبطال في الموسم الماضي بثنائية نظيفة، بعد تفوق على برشلونة الإسباني في إياب نصف النهائي (4-صفر)، رغم غياب هدافه صلاح، والبرازيلي روبرتو فيرمينو، المصابين.
وأضاف رجال كلوب لقب كأس العالم للأندية الذي أقيم في العاصمة القطرية الدوحة في ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، بعد فوزهم في المباراة النهائية على فلامينغو البرازيلي بهدف لفيرمينو. وأعطى الفوز الأوروبي لليفربول زخماً تواصل معه في الموسم الحالي، لكن تتويجه المبكر باللقب تأجل بسبب تعليق الدوري في إنجلترا نتيجة تفشي وباء فيروس «كورونا المستجد».
وأصبح فريق كلوب الأسرع تتويجاً، إذ ضمن فوزه باللقب قبل 7 مراحل من نهايته، ليتخطى أندية مانشستر يونايتد (1907-1908 و2000-2001)، وجاره السيتي (1917-1918)، وإيفرتون (1984-1985) التي حسمت اللقب قبل 5 مراحل. ولكن في عصر الإنفاق الهائل للأندية الأخرى، فإن نجاح ليفربول لا يُعَد تفوقاً على منافسيه في هذا الإطار، بل كان أكثر فاعلية في تحقيق أهدافه. فوفقاً لاختصاصيي انتقالات اللاعبين، فإن ميزان إنفاق ليفربول (الفارق المالي في عملية شراء وبيع اللاعبين) على مدى السنوات الخمس الماضية بلغ 109 ملايين جنيه إسترليني، وهو أقل من فرق مثل بورنموث وأستون فيلا وبرايتون.
وظهرت حنكة كلوب في أداء مهمته بعد رحيل فيليب كوتينيو إلى برشلونة، مقابل 142 مليون جنيه إسترليني في يناير (كانون الثاني) 2018، وهو ما لم يعرقل تقدم فريقه. وقد لعب المدير الرياضي للفريق، مايكل إدواردز، دوراً كبيراً في منح كلوب الموارد التي يريد العمل بها، من خلال استخراج أقصى قيمة من المغادرين. وقد ساعد بيع الفرنسي مامادو ساخو ودومينيك سولانكي وداني وارد وداني إينغز وكريستيان بنتيكي وجوردون إبي في المساهمة بمبلغ 120 مليون جنيه إسترليني أخرى.
وقال كلوب عندما وقع على تمديد عقده حتى عام 2024، في وقت سابق من هذا الموسم: «يجب أن أسلط الضوء أيضاً على دور مديرنا الرياضي، مايكل إدواردز، في هذه الرحلة حتى الآن.
كانت إسهاماته وتعاونه بالأهمية نفسها لأي شخص آخر في الوصول بنا إلى وضع يسمح لنا بالمنافسة على أهم ألقاب اللعبة».
ويبدو أن ليفربول يخطط للبقاء على رأس هرم الكرة الإنجليزية، لا سيما بعدما وقع عدد كبير من اللاعبين الأساسيين، من بينهم صلاح وماني وفيرمينو وروبرتسون وألكسندر أرنولد وجوردان هندرسون على تمديد عقودهم في العامين الماضيين. ورأى قائد منتخب إنجلترا السابق، واين روني، الذي لعب في صفوف أكبر منافسين لليفربول، وهما الجار إيفرتون والخصم الأزلي مانشستر يونايتد، الأحد، أن «تشكيلة ليفربول شابة، وجميع اللاعبين الأساسيين مرتبطين بعقود طويلة؛ لديهم إمكانات هائلة للفوز بمزيد من البطولات».
وعد كلوب أنه «بالنسبة لأي شخص في كرة القدم يطمح إلى المنافسة في بيئة كل عنصر من عناصر التنظيم فيها في أفضل حالاته -بدءاً من دعم المشجعين وصولاً لرؤية المالكين- لا يمكن أن يكون هناك مكان أفضل من هنا (ليفربول)».
كلوب... بطل ملحمة تتويج ليفربول بعد انتظار 30 عاماً
شخصيته وتعاقداته الذكية قادت الفريق لحصد لقبي دوري أبطال أوروبا والدوري الإنجليزي
كلوب... بطل ملحمة تتويج ليفربول بعد انتظار 30 عاماً
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة