اجتماعات مكثفة في البيت الأبيض تؤجل قراراً حول «الضم»

مسؤول تحدث إلى«الشرق الأوسط» عن عودة السفير الأميركي إلى إسرائيل

محتجون اسرائيليون ضد الضم يضعون قناعي نتنياهو وغانتس وسط تل ابيب (أ ف ب)
محتجون اسرائيليون ضد الضم يضعون قناعي نتنياهو وغانتس وسط تل ابيب (أ ف ب)
TT

اجتماعات مكثفة في البيت الأبيض تؤجل قراراً حول «الضم»

محتجون اسرائيليون ضد الضم يضعون قناعي نتنياهو وغانتس وسط تل ابيب (أ ف ب)
محتجون اسرائيليون ضد الضم يضعون قناعي نتنياهو وغانتس وسط تل ابيب (أ ف ب)

قال مسؤولون أميركيون، الخميس، إن الإدارة الأميركية لم تتوصل بعد إلى قرار نهائي بشأن الخطوة الإسرائيلية لضم مستوطنات بالضفة الغربية، وذلك، بعد ثلاثة أيام من المحادثات المكثفة بين المسؤولين داخل البيت الأبيض. وأوضح مساعدون للرئيس الأميركي، أن الاجتماعات انتهت دون أي قرار نهائي حول منح إسرائيل الضوء الأخضر لضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة.
واستضاف البيت الأبيض خلال الأيام الماضية محادثات شارك فيها السفير الأميركي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان، ووزير الخارجية مايك بومبيو والمستشار الخاص للرئيس جاريد كوشنر والممثل الأميركي للمفاوضات الدولية آفي بيركوينتز.
وأوضحت مصادر بالبيت الأبيض، أن النقاشات تركزت على تحديد شكل ونطاق التحركات الإسرائيلية ونوع السيادة التي مقتضاها تنفذ إسرائيل هذا الضم للضفة الغربية، والتي يمكن للولايات المتحدة دعمها. وإنشات الولايات المتحدة لجنة لرسم خرائط أميركية إسرائيلية مشتركة تعمل منذ عدة أشهر في تحديد المنطقة التي يمكن لإسرائيل ضمها. وتطرقت المحادثات، أيضا، إلى ما إذا كان الرئيس ترمب سيؤيد ويبارك خطوات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حتى لو لم يوافق وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، في وقت يملك فيه نتنياهو أصواتا كافية في الكنيست تؤمن له هذه الخطوة.
من جهته، قال مسؤول كبير بالبيت الأبيض في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، إن «الاجتماعات التي استضافها البيت الأبيض هذا الأسبوع حول خطة ترمب للسلام، كانت مثمرة وسوف يعود السفير الأميركي فريدمان إلى إسرائيل مساء الخميس (أمس)، مع المبعوث الخاص آفي بيركوينتز وعضو لجنة رسم الخرائط سكوت ليث، لعقد مزيد من الاجتماعات والقيام بمزيد من التحليل». وأضاف «لا يوجد حتى الآن قرار نهائي بشأن الخطوات التالية لتنفيذ خطة ترمب».
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قد تعهد، ببدء عملية ضم مستوطنات الضفة الغربية، بحلول الأول من يوليو (تموز)، إلا أن الحماس الأميركي للخطوة بدا خافتا وسط معارضات من كل صوب وجهة وبسبب المخاطر التي قد تنجم من مضي إسرائيل في خطتها. لذا اقترح مسؤولو الإدارة ضم عدد أقل من المستوطنات، والقيام بخطوات هادئة ومرحلية تبدأ فيها إسرائيل بإعلان السيادة فقط على عدة مستوطنات في محيط القدس.
وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، قد أكد دعم الإدارة الأميركية لخطة إسرائيل ضم جزء من الضفة الغربية رغم كل التحذيرات من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية والديمقراطيين في الكونغرس، من عواقب وخيمة وتداعيات للإقدام على هذه الخطوة التي ينوي رئيس الوزراء الإسرائيلي القيام بها بحلول يوليو، لضم مستوطنات الضفة الغربية وغور الأردن (حوالي 30 في المائة من الأراضي الفلسطينية)، إلى السيادة الإسرائيلية. وقال في مؤتمر صحافي بوزارة الخارجية، الأربعاء، إن القرارات حول توسيع سيادة إسرائيل إلى تلك الأماكن هي قرارات يتخذها الإسرائيليون ونحن نتحدث مع جميع الدول في المنطقة حول كيف يمكننا إدارة هذه العملية لتحقيق هدفنا النهائي. وأشار إلى أن بعض الدول بالمنطقة أيدت خطة الإدارة الأميركية للسلام التي أعلن عنها الرئيس ترمب في يناير (كانون الثاني) الماضي، وقال بومبيو: «يؤسفني فقط أن السلطة الفلسطينية رفضت المشاركة في ذلك»، وأضاف «ما زلت آمل في الأسابيع المقبلة أنه يمكننا البدء في إحراز تقدم حقيقي».
وكان مسؤولون بالخارجية الأميركية قد عبروا عن قلقهم من المعارضة القوية من الدول العربية ودول الخليج، خصوصا مع اعتبار العاهل الأردني الملك عبد الله، أن الضم من جانب واحد غير مقبول، وهدد بإعادة النظر في معاهدة السلام الإسرائيلية الأردنية الموقعة عام 1994 إذا مضى نتنياهو قدما في هذه الخطوة. ويزداد القلق من ردود الفعل العربية والدولية مع انشغال الإدارة الأميركية بأمور داخلية كثيرة، من بينها تداعيات مقتل جورج فلويد والمظاهرات، وتفشي وباء «كورونا» وما يصاحبه من تداعيات اقتصادية، إضافة إلى الانشغال بالانتخابات الرئاسية. لذا تسعى الإدارة الأميركية إلى إبطاء عملية الضم وتقنينها في إطار محدود.
وأشار مصدر مطلع، إلى أن واشنطن أوضحت أنها تريد أن تتوصل حكومة الإسرائيلية إلى توافق قبل المضي في أي إجراءات، خاصة مع تردد وزير الدفاع الإسرائيلي غانتس في دعم هذه الخطة.
ومن المقرر أن يعلن مسؤولو إدارة ترمب هذا الأسبوع موقفهم وما إذا كان سيتم الموافقة على خطة نتنياهو، لكن تصريحات مستشارة الرئيس كيليان كونوواي للصحافيين في حديقة البيت الأبيض مساء الأربعاء، أكدت توجه الإدارة الأميركية نحو إعلان تأييد هذه الخطوة دون تحديد توقيت. وقالت كونوواي إن «الرئيس ترمب سيعلن قريبا إعلانا كبيرا يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط بناء على المحادثات الجارية حول إمكانية قيام إسرائيل بضم أجزاء من الضفة الغربية».
وأضافت «هناك محادثات كثيرة جارية ومن الواضح أن الرئيس ترمب سيعلن شيئا، وقد تحدث عن هذا في الماضي، وهو سيقوم بإعلان كبير ويسعدنا استمرار هذه المحادثات». وأضافت أن «هذه المحادثات حول السيادة الإسرائيلية كان لا يمكن أن تتم من دون العلاقات الأميركية الإسرائيلية القوية خلال السنوات الثلاث ونصف السنة، التي كان فيها الرئيس ترمب أفضل صديق لإسرائيل».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.