تركيا والسراج يقرعان طبول الحرب على سرت والجفرة

«الجيش الوطني» يعزز قواته لتأمين محيط الحقول النفطية

قوات موالية لحكومة الوفاق تقيم حاجزاً أمنياً وسط ترهونة (أ.ف.ب)
قوات موالية لحكومة الوفاق تقيم حاجزاً أمنياً وسط ترهونة (أ.ف.ب)
TT

تركيا والسراج يقرعان طبول الحرب على سرت والجفرة

قوات موالية لحكومة الوفاق تقيم حاجزاً أمنياً وسط ترهونة (أ.ف.ب)
قوات موالية لحكومة الوفاق تقيم حاجزاً أمنياً وسط ترهونة (أ.ف.ب)

تصاعدت التكهنات أمس، بخصوص اقتراب معركة وشيكة للسيطرة على مدينتي سرت والجفرة بوسط ليبيا، بين قوات «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر، والقوات الموالية لحكومة «الوفاق» المدعومة من أنقرة، وذلك في ظل استمرار النشاط العسكري التركي المعادي، ومواصلة تركيا وحكومة السراج قرع طبول الحرب علانية، حيث قال الناطق باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، في تصريحات لوسائل إعلام تركية محلية، أمس، إن حكومة «الوفاق» متمسكة بالتقدم نحو مدينتي سرت والجفرة، وجدد ما وصفه باشتراط بلاده و«الوفاق» انسحاب قوات «الجيش الوطني» منهما من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار.
وتحسبا لاندلاع معارك حول مدينة سرت الساحلية الاستراتيجية، عزز «الجيش الوطني» من قواته في محيط الحقول النفطية، حيث توجهت سرية من القوات الخاصة التابعة للجيش إلى هذه الحقول لتأمينها.
ونقلت وكالة «الأناضول» التركية الرسمية للأنباء عن صلاح الدين النمروش، وكيل وزارة الدفاع بحكومة السراج، قوله إنه «ليست هناك خطوط حمراء» أمام تقدم قواتها لما سماه بـ«تحرير وبسط كامل السيطرة على سرت»، الواقعة على بعد 450 كيلومترا شرق العاصمة طرابلس. وبعدما لفت إلى أن قوات حكومته باتت على أبواب سرت، قال النمروش إن «عملية تحريرها لن تتأخر»، مشيرا إلى قيام هذه القوات ببعض التجهيزات على تخوم المدينة.
من جانبها، أعلنت غرفة عمليات تأمين وحماية سرت والجفرة، التابعة لحكومة «الوفاق»، عن زيارة وفد أعيان المنطقة الغربية، بحضور مجلس أعيان مصراتة، لتأكيد «الحاضرين دعمهم ومآزرتهم لجهود قواتها لتكملة مشوار عملية دروب النصر حتى تحرير كامل تراب الوطن».
في المقابل، كشف «الجيش الوطني»، على لسان الناطق الرسمي باسمه اللواء أحمد المسماري، النقاب عن وجود قطع عسكرية بحرية تركية قبالة سواحل ليبيا الغربية، مشيرا إلى أن الطيران التركي يواصل رحلاته إلى مصراتة، وأن طائرات شحن عسكرية تركية تنقل السلاح إلى ليبيا.
واتهم المسماري في مؤتمر صحافي، عقده مساء أول من أمس، الرئيس التركي رجب إردوغان بـ«العمل لصالح مخابرات دول أخرى لم يحددها»، وتحدي رغبة المجتمع الدولي بوقف إطلاق النار في ليبيا، كما اتهم قطر بـ«الوقوف خلف الاضطرابات الحاصلة في ليبيا، وتمويل المرتزقة والميليشيات».
وأكد المسماري جاهزية واستعداد قوات «الجيش الوطني» الليبي للتعامل مع أي حالة طارئة في مواجهة المخطط الاستعماري التركي، مشيرا إلى أن «أكبر ضربة وجهت للجيش التركي عندما ظهرت صور لأفراده وهم عرايا».
في سياق ذلك، طالب المسماري الأمم المتحدة بضرورة تعديل الوعاء الزمني والمكاني لبعثة تقصي الحقائق، التي أقرها مجلس حقوق الإنسان للتحقيق في الانتهاكات التي وقعت في ليبيا منذ عام 2016. مشيرا إلى مقتل واغتيال وفقد نحو 1600 شخص، ما بين مدني وعسكري في مدن بنغازي ودرنة وأجدابيا. مشددا على ضرورة أن يطال التحقيق دولا وكيانات وأفرادا يصلون إلى خارج ليبيا، مثل قطر وتركيا، ورأى أن الأولى ما زالت تمثل تهديدا لليبيا بدعمها الإرهاب والتطرف، وكذلك أنقرة التي دعمت الميليشيات وأرسلت ألفي عسكري تركي و17 ألف «مرتزق أجنبي» لمقاتلة الجيش، معتبرا ذلك جريمة ضد حقوق الإنسان.
في المقابل، قالت عملية «بركان الغضب»، التي تشنها قوات «الوفاق»، إن عناصرها اعتقلت فيما وصفته بعملية محكمة خاطفة أحد عناصر تنظيم «القاعدة»، يحمل الجنسية التونسية في العاصمة طرابلس، ووصفته بأنه «أحد العناصر الإرهابية المطلوبة لمكتب النائب العام». وأوضحت العملية في بيان لها في وقت متأخر من مساء أول من أمس، أن وحدة مكافحة الإرهاب بغرفة العمليات الأمنية المشتركة مصراتة، نفذت بالتعاون مع إدارة العمليات الأمنية بوزارة الداخلية عملية الاعتقال «باحترافية تامة» فجر يوم الثلاثاء الماضي.
من جهة ثانية، قال فتحي باشاغا، وزير الداخلية بحكومة السراج، عقب تفقده رفقة ميلاد معتوق، وزير المواصلات بحكومة السراج «الأضرار الجسيمة» التي طالت مطار معيتيقة الدولي المغلق في طرابلس، إنه سيتم العمل مع باقي الوزارات على إعادة إحياء هذا المطار الحيوي والمهم لأبناء طرابلس والمنطقة الغربية، من دون تحديد موعد رسمي.
وعلى صعيد غير متصل، رحبت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا بنجاح نقابة المحامين الليبيين بتعيين لجانها الداخلية، ودعت في بيان لها مساء أول من أمس، للإفراج عن جميع المحامين والقضاة المحتجزين تعسفيا، بمن فيهم أحد المحتجزين منذ ثلاث سنوات دون الوصول إلى العدالة.

 



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».