شددت مصر على عدم تهاونها في نزاعها مع إثيوبيا، حيال «سد النهضة»، الذي تبنيه الأخيرة على «النيل الأزرق»، الرافد الرئيسي لنهر النيل، وتخشى القاهرة أن يُقلص ما تصفه بـ«حصتها التاريخية» في مياه النهر. وفي رسالة قوية، أمر الرئيس عبد الفتاح السيسي، كبار المسؤولين في بلاده، بـ«التحرك على المستويات كافة» لتأمين «حقوق مصر المائية».
وقبل أسبوع، أحالت مصر النزاع، إلى مجلس الأمن الدولي، بعد أن فشلت المحادثات الثلاثية، بين مصر وإثيوبيا والسودان، منتصف يونيو (حزيران) الحالي، في التوصل لاتفاق بشأن قواعد ملء وتشغيل السد، الذي تبلغ تكلفته أربعة مليارات دولار، ويتم بناؤه قرب حدود إثيوبيا مع السودان.
وتُصر إثيوبيا على ملء خزان السد، كمرحلة أولى، في يوليو (تموز) المقبل، بنحو 5 مليارات متر مكعب، دون الاكتراث بالاعتراضات المصرية والسودانية.
وخلال اجتماع رفيع، مساء أول من أمس، ضم رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، ووزراء الدفاع، والخارجية، والموارد المائية، والعدل، والمالية، والداخلية، بالإضافة إلى رئيس المخابرات العامة، ورئيس هيئة الرقابة الإدارية، وجه الرئيس المصري بـ«الاستمرار حاليا في انتهاج المسار الدبلوماسي التفاوضي لحل أزمة سد النهضة، خاصة من خلال تكثيف المشاورات مع السودان، إلى جانب القوى الدولية المختلفة من الدول الأعضاء بمجلس الأمن».
وطالب المسؤولين بـ«التحرك على المستويات كافة» لتأمين «حقوق مصر المائية». وأعلن وزير الخارجية المصري سامح شكري، أن اجتماعات الرئيس السيسي المتلاحقة مع المسؤولين، تأتي في إطار حرصه على متابعة قضية سد النهضة، التي تعد على رأس أولويات السيسي.
وقال شكري، في مداخلة متلفزة، إن أزمة ملف سد النهضة والحدود الغربية على قمة أولويات الرئيس لارتباطهما الدقيق بالأمن القومي المصري والعربي عامة.
وتنفي مصر تهديد إثيوبيا بـ«عمل عسكري»، إلا أن شكري، سبق أن صرح، بأنه «إذا لم يتمكن مجلس الأمن من إعادة إثيوبيا إلى طاولة المفاوضات، وبدأ ملء السد، فسوف نجد أنفسنا في وضع يتعين علينا التعامل معه». وأوضح: «عندما يحين الوقت، سنكون صريحين وواضحين للغاية في الإجراء الذي سنتخذه». بدوره، اعتبر وزير الري المصري، محمد عبد العاطي، أن ملء سد النهضة سيؤدي لـ«جفاف صناعي في مصر قد يتضاعف»، مؤكدا أن «كل يوم يمر سيكون فارقا»، وحدد شروط عودة بلاده للتفاوض مع إثيوبيا. وقال في تصريحات تلفزيونية، عقب اجتماعه مع الرئيس السيسي، «لا يوجد أي فرصة للاتفاق» بشأن أزمة سد النهضة الإثيوبي، مشيرا إلى أن مصر «تجاوبت مع كل العروض التي قدمتها إثيوبيا، ولا يمكن العودة للتفاوض إلا بشرط وجود نية لدى إثيوبيا للوصول لاتفاق، بالإضافة لضرورة وجود إرادة سياسية للاتفاق على بضع نقاط خلافية في ملء السد». في المقابل، تجري استعدادات في أديس أبابا لتدشين «حملة افتراضية عالمية» لدعم بناء السد، من قبل أعضاء من المغتربين الإثيوبيين وأصدقاء إثيوبيا. وبحسب الوكالة الإثيوبية الرسمية، فإن الحملة تنظم من قبل «منظمة الإثيوبيين المتحدين من أجل السلام والمصالحة»، وهي منظمة مدنية مقرها المملكة المتحدة، بالتعاون مع شبكة تبادل المعرفة العالمية. وتهدف الحملة إلى «تعريف أعضاء المجتمع الدولي بسد النهضة وعمليات التفاوض وجمع الأموال لإكمال السد». واكتمل بناء السد بأكثر من 70 في المائة، وتقول إثيوبيا إنها لا تستهدف الإضرار بمصالح مصر، وإن الهدف من بناء السد هو توليد الطاقة الكهربائية.