«السلطة» تجهز مشروعاً في الأمم المتحدة ضد «الضم»

المالكي: مشاورات لعقوبات على إسرائيل إذا نفذت مخططها

مشاركة شعبية ورسمية لمواجهة مخططات الضم في قرية فصايل في الأغوار الأربعاء (وفا)
مشاركة شعبية ورسمية لمواجهة مخططات الضم في قرية فصايل في الأغوار الأربعاء (وفا)
TT

«السلطة» تجهز مشروعاً في الأمم المتحدة ضد «الضم»

مشاركة شعبية ورسمية لمواجهة مخططات الضم في قرية فصايل في الأغوار الأربعاء (وفا)
مشاركة شعبية ورسمية لمواجهة مخططات الضم في قرية فصايل في الأغوار الأربعاء (وفا)

قال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، إن فلسطين تجري اتصالات مكثفة مع عدة أطراف عربية ودولية من أجل صياغة مشروع قرار يتم طرحه على الجمعية العامة للأمم المتحدة، في مواجهة مخطط الضم الإسرائيلي.
وأضاف المالكي للإذاعة الرسمية، «أن القيادة الفلسطينية تبحث مع دول العالم، لا سيما الأطراف المؤثرة، وضع آلية عملية لفرض عقوبات على إسرائيل في حال تنفيذها مخطط الضم من أجل أن يكون ذلك خطوة استباقية رادعة. إن مشروع القرار قيد البحث، ويستهدف تحديد الإجراءات والعقوبات الواجب فرضها جماعياً وفردياً من دول العالم على إسرائيل، في حال تنفيذها مخطط الضم».
وذكر المالكي أن الاتصالات الجارية تتم بناءً على قرارات اجتماعات الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي على المستوى الوزاري، وتضمنت الضغط لعقد اجتماع خاص للجمعية العامة للأمم المتحدة، لبحث ملف مخطط الضم.
وكثفت السلطة من تحركاتها قبل الموعد المفترض لتطبيق عملية الضم التي ما زالت غير واضحة، في ظل خلافات أميركية إسرائيلية وإسرائيلية داخلية حول العملية التي تهدد الاستقرار في المنطقة. وقطع العلاقات مع إسرائيل والولايات المتحدة، وتستعد لتصعيد يشمل سحب الاعتراف بها وتحويل السلطة إلى دولة، وهما خطوتان قد تجلبان رد فعل إسرائيلي مدمرا.
وتتطلع السلطة إلى ائتلاف دولي لمنع إسرائيل من تنفيذ خطة الضم، لكن عقد اجتماع الجمعية العامة يصطدم حتى الآن بتداعيات أزمة فيروس كورونا المتجدد، وتعليق جلسات المنظمة الدولية.
وقال المالكي «إننا نضغط على رئاسة الأمم المتحدة من أجل تجاوز القضايا الفنية والتقنية في سبيل عقد الاجتماع».
واجتماع الأمم المتحدة ضمن سلسلة تحركات واجتماعات تتطلع لها السلطة.
وتحدث المالكي، الأربعاء، إلى مجلس الأمن عبر الإنترنت. وقال إن استمرار إسرائيل بسياستها التي تجمع بين الاستعمار والفصل العنصري، ستؤدي إلى احتدام الصراع في المنطقة. مضيفا في كلمته، في الجلسة التي خصصت بشأن الحالة في الشرق الأوسط، بما في ذلك قضية فلسطين، وعقدت عبر تقنية «الفيديو كونفرانس»، «أن إسرائيل مصممة على تجاهل جميع المناشدات التي أطلقها المجتمع الدولي، إذ تعتقد أنها بعيدة عن العقاب، وتعتقد أن قرارات مجلس الأمن ملزمة للآخرين؛ والمحاكم الدولية لها اختصاص على الآخرين، وأن العقوبات يجب أن تفرض على الآخرين».
وطالب المالكي المجتمع الدولي «باتخاذ تدابير فعالة لردع الضم وجميع السياسات غير القانونية الأخرى التي مهدت الطريق لذلك». مشددا على أنه يجب أن يكون واضحا، أيضا، أن الضم سيؤثر بشكل لا رجعة فيه على علاقات إسرائيل مع فلسطين والمنطقة. وقال: «كان من المفترض أن تحولنا اتفاقيات أوسلو إلى شركاء سلام، لكن للأسف استمرت إسرائيل في شن حرب على حياة الفلسطينيين وحقوقهم، وقد انتهكت روح ونص الاتفاقات، وبضمها، تتخذ قرارا سينهي الاتفاقات. وكان من المفترض أن تمهد هذه الاتفاقات الطريق لإنهاء الاحتلال واتفاق سلام نهائي».
وأعاد المالكي التأكيد على أن «الضم، سواء كان جزئياً أو كلياً، تدريجياً أو فورياً، هو خرق خطير لميثاق الأمم المتحدة ولا يمكن أن يمر دون عقاب». ودعا وزير الخارجية إلى عقد مؤتمر سلام دولي وآلية متعددة الأطراف من شأنها أن تساعد على دفع السلام من خلال المساءلة، وضمان أن المفاوضات ليست عملية إضاعة للوقت.
هذا وقد خرج الفلسطينيون راضين عن اجتماع مجلس الأمن. وعد المالكي الاجتماع، بأنه أثبت أنه يوجد «شبه إجماع برفض مخطط الضم باعتباره خرقاً للقانون الدولي، وسوف يغلق بالكامل حل الدولتين وإمكانية العودة إلى المفاوضات السلمية». وأضاف، أنه باستثناء الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل، فإن كل ما تم التعبير عنه من مواقف وبيانات يؤكد على الدعم الدولي للموقف الفلسطيني الرافض لمخطط الضم».
كما رحب المالكي بإصدار أكثر من ألف برلماني أوروبي، بياناً، الأربعاء، يعارض مخطط الضم الإسرائيلي، معتبراً أنه «انعكاس لتنامي الوعي الدولي ضد خطورة الخطوة الإسرائيلية وتدشين لتحرك رسمي أكثر فاعلية لمنع تنفيذها».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.