بعد وعود أميركية برفع اسم السودان من قائمة الإرهاب... كيف نجحت حكومة الثورة في ذلك؟

متظاهرون سودانيون متجمعون في الخرطوم بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير في 11 أبريل 2019 (أ.ف.ب)
متظاهرون سودانيون متجمعون في الخرطوم بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير في 11 أبريل 2019 (أ.ف.ب)
TT

بعد وعود أميركية برفع اسم السودان من قائمة الإرهاب... كيف نجحت حكومة الثورة في ذلك؟

متظاهرون سودانيون متجمعون في الخرطوم بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير في 11 أبريل 2019 (أ.ف.ب)
متظاهرون سودانيون متجمعون في الخرطوم بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير في 11 أبريل 2019 (أ.ف.ب)

أعلنت الولايات المتحدة أمس (الأربعاء) أنها تأمل في التوصل إلى «حل» مع السودان «خلال الأسابيع المقبلة» بهدف إزالته من اللائحة السوداء للدول الداعمة للإرهاب، وذلك بعد سنوات طويلة فشلت خلالها الخرطوم في رفع اسمها بعد وعود متكررة.
ويرتبط التحول الأميركي في هذه القضية، التي انعكست على الاقتصاد السوداني سلباً طوال السنوات الماضية وحرمته من الاستثمارات الخارجية، بما أنجزته الحكومة التي تشكلت بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير في 11 أبريل (نيسان) 2019، من تقدم كبير في ملف الإرهاب وتعويضات ضحايا تفجيري السفارتين الأميركيتين في كينيا وتنزانيا في عام 1998.
والشاهد الأهم على هذا التقدم اللافت لما حققت حكومة عبد الله حمدوك ما ذكره تقرير الخارجية الأميركية السنوي عن لائحتها للدول الراعية للإرهاب والذي صدر أمس، حيث أشاد للمرة الأولى بما حققته حكومة الثورة في ملف الإرهاب على مدار العام الماضي.
بحسب التقرير المنشور على موقع الخارجية الأميركية، فالحكومة السودانية نجحت في التنسيق مع واشنطن رغم الاضطرابات التي شهدتها البلاد، كما أسست نظاماً لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب يعالج هذه القضايا بشكل دقيق.
ونجحت الحكومة السودانية في القبض على خلية تابعة لتنظيم داعش وتنظيمات إرهابية أخرى، ينتمي المعتقلون فيها إلى جنسيات مختلفة، من بينهم ستة مصريين وتونسي وستة من تشاد ونيجيريا. وأعلنت السلطات السودانية استعدادها لإعادتهم لبلدانهم.
وشملت استراتيجية الحكومة لمكافحة الإرهاب قيام القوات السودانية بدوريات على الحدود السودانية الليبية بالإضافة إلى الحدود السودانية التشادية لمنع تدفق الإرهابيين المشتبه بهم الذين يعبرون المنطقة، ومنع تهريب الأسلحة وغيرها من الأنشطة غير المشروعة.
التحول الأكبر في جهود الحكومة السودانية لمكافحة الإرهاب كان عبر إطلاق برامج دمج وتأهيل أسر المقاتلين في التنظيمات الإرهابية ممن عادوا للسودان، حيث أدمجت السلطات أعداداً من النساء والأطفال ممن كانوا مرتبطين بمقاتلين لتنظيم داعش في ليبيا، في برامج إعادة التأهيل السودانية.
عامل آخر ساهم في هذا التحول الأميركي هو التقدم الكبير لحكومة السودان في ملف ضحايا تفجيري السفارتين الأميركيتين في كينيا وتنزانيا في عام 1998. حيث أعلنت وزيرة الخارجية السودانية أسماء محمد عبد الله أنه يجري «هذه الأيام وضع اللمسات الأخيرة في ملف تسوية تعويضات ضحايا تفجيري السفارتين»، مضيفة أن «السودان يكون بذلك أوفى بكل متطلبات رفع اسمه من قائمة (الولايات المتحدة) للدول الراعية للإرهاب».
وكشفت أن هناك «وفداً (من الحكومة السودانية) الآن في واشنطن يتفاوض مع محامي الضحايا والمسؤولين في وزارة الخارجية». وأشارت في هذا السياق إلى خطوة سابقة مماثلة هي «اكتمال التسوية مع ضحايا المدمرة (كول)».
وتدرج واشنطن الخرطوم ضمن قائمتها للدول الراعية للإرهاب منذ 1993 بتهمة التعاون مع جماعات متطرفة، على رأسها «القاعدة» التي عاش مؤسسها وزعيمها السابق أسامة بن لادن في السودان لفترة من الزمن. ورفعت الولايات المتحدة في 2017 عقوبات اقتصادية، فرضتها على السودان عام 1997. لكنها أبقت الخرطوم على قائمتها السوداء للدول الراعية للإرهاب إلى جانب إيران وكوريا الشمالية وسوريا.



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».