عدد قياسي للوفيات اليومية في إيران والحصيلة تقترب من 10 آلاف

وزارة الصحة تتجه لفرض إلزامية استخدام الكمامات

إيرانيتان ترتديان قناعين واقيين من فيروس «كورونا» داخل حافلة بالعاصمة طهران الاثنين الماضي (أ.ف.ب)
إيرانيتان ترتديان قناعين واقيين من فيروس «كورونا» داخل حافلة بالعاصمة طهران الاثنين الماضي (أ.ف.ب)
TT

عدد قياسي للوفيات اليومية في إيران والحصيلة تقترب من 10 آلاف

إيرانيتان ترتديان قناعين واقيين من فيروس «كورونا» داخل حافلة بالعاصمة طهران الاثنين الماضي (أ.ف.ب)
إيرانيتان ترتديان قناعين واقيين من فيروس «كورونا» داخل حافلة بالعاصمة طهران الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

سجلت إيران أعلى معدل للوفيات اليومية الناجمة عن جائحة «كوفيد19» منذ شهرين، بواقع 133 حالة إضافية، واقترب العدد الإجمالي للوفيات بشدة من تخطي 10 آلاف حالة، في وقت رجح فيه تحقيق جديد أن يكون عدد الوفيات في الشتاء الماضي، 5 أضعاف الإحصائية الرسمية. وقالت المتحدثة باسم وزارة الصحة، سيما سادات لاري، إن 2531 شخصاً تم تشخيص إصابتهم بفيروس «كورونا» المستجد، وباشر 1340 شخصاً العلاج في المستشفيات. وبذلك وصلت حصيلة الإصابات إلى 212 ألفاً و501 شخص. وارتفع عدد الوفيات إلى 9996 حالة بوفاة 133 شخصاً في 24 ساعة. وأشارت المتحدثة إلى 2869 حالة حرجة في غرف العناية المركزة. وهي أعلى حصيلة يومية منذ 6 أبريل (نيسان) الماضي؛ اليوم الذي سجلت فيه 136 وفاة، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وبموازاة ذلك، ارتفع عدد حالات الاختبار التي أجريت لتشخيص فيروس «كورونا»، وتخطت أمس مليوناً ونصف المليون حالة، فيما نوهت الإحصائية الرسمية بأن نحو 173 ألفاً شفوا من الفيروس، من بينهم مصابون تلقوا إسعافات في المراكز الصحية.
وتراجعت المتحدثة، أمس، عن تصنيف المناطق وفق «الوضع الأحمر» أو «الإنذار» وفق ما جرت به العادة، منذ بدء الحكومة خفض قيود التباعد الاجتماعي في 11 أبريل الماضي. واكتفت بالقول إن «محافظات خوزستان (الأحواز) وكردستان وهرمزجان وبوشهر، وبعض المناطق في محافظات فارس ولرستان وكرمانشاه وغلستان، لم تشهد تراجعاً في نسبة الإصابات وعدد الوافدين إلى المستشفيات».
جاء ذلك بعد أسبوع من تحفظ الرئيس حسن روحاني على تصنيف المناطق في «الوضع الأحمر» ورفضه العودة إلى قيود التباعد الاجتماعي. وقال روحاني خلال اجتماع الحكومة، الخميس 18 يونيو (حزيران) الحالي، تعليقاً على زيادة المحافظات التي صنفتها الوزارة في «الوضع الأحمر»: «يجب أن نعلم أي مدن في البلد وبأي وضع تصنف في (الوضع الأحمر)، وما القيود، ولأي فترة زمنية، وعلى أي نطاق جغرافي، ستتخذ الإجراءات».
وكانت الحكومة قد واجهت طلبات عدة من مسؤولي المحافظات بتوسيع خياراتها لاتخاذ إجراءات تتناسب مع ارتفاع حالات الإصابة خشية تفشي موجة ثانية من الفيروس.
وعلى خلاف وزارة الصحة، قال روحاني في اجتماع الحكومة إن وزير الصحة سعيد نمكي قدم له تقريراً، أمس، يتوقع «انخفاضاً» لتفشي الفيروس في محافظات «الوضع الأحمر»، مثل الأحواز وبوشهر وهرمزجان وأذربيجان الغربية وأذربيجان الشرقية وكردستان.
وفي السياق نفس، أفاد موقع وزارة الداخلية الإيرانية بأن اجتماع اللجنة الأمنية التابعة لـ«اللجنة الوطنية لمكافحة (كورونا)»، ناقش أمس مقترحاً لتوسيع صلاحيات 6 محافظات، تضم مدناً في «الوضع الأحمر»، مشيراً إلى محافظة الأحواز، وكردستان، وكرمانشاه، وبوشهر وأذربيجان الغربية وهرمزجان.
بدوره، قال نائب وزير الصحة، علي رضا رئيسي، إن محافظات إيرانية، مثل قم وجيلان، شهدت إصابة نحو 40 في المائة من سكانها، فيما أشار إلى أن معدل الإصابات في طهران 15 في المائة.
وفي 9 يونيو الحالي، نقلت وكالات رسمية عن عضو لجنة وباء «كورونا» التابعة لقسم الأوبئة في وزارة الصحة الإيرانية، إحسان مصطفوي، أن نتائج أبحاث أظهرت «احتمال» إصابة شخص من بين كل 5 إيرانيين، وهو ما يشير إلى احتمال إصابة 15 ميلون إيراني منذ تفشي الوباء في فبراير (شباط) الماضي.
في شأن متصل، أظهرت نتائج تحقيق جديد لـ«الخدمة الفارسية» في «هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)» حول مقارنة عدد الوفيات في الأعوام الأخيرة والشتاء الماضي، أن عدد الوفيات قد يصل إلى 5 أضعاف الحالات التي أبلغت عنها السلطات الإيرانية.
وحسب التحقيق؛ فإن الإحصاءات تظهر 6400 حالة وفاة إضافية مقارنة بإحصاءات الأعوام الماضية. وأفاد بأنه «نظراً للتوزيع الجغرافي، فمن المحتمل أن تكون الوفيات ناجمة عن وباء (كوفيد19)». وكان عدد وفيات الوباء في الشتاء الأخير، 1284 حالة. وقدرت دراسة لمركز أبحاث البرلمان الإيراني، نشرت منتصف الشهر الماضي، أن يكون العدد الحقيقي للإصابات بين 8 و9 أضعاف، وأن تكون حالات الوفاة ضعف الأرقام الرسمية.
وقال رئيسي إن وزارة الصحة تعد مشروعاً يلزم الإيرانيين باستخدام الكمامات، على أن تعرضه الوزارة في اجتماع «اللجنة الوطنية لمكافحة (كورونا)» الأحد المقبل، برئاسة روحاني. وأعلن رئيسي في تصريحات نقلها التلفزيون الإيراني: «وضع الكمامات يجب أن يكون إلزامياً».



فرنسا متأرجحة نحو التغييرات السورية... إقدام أم تروٍّ؟

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)
TT

فرنسا متأرجحة نحو التغييرات السورية... إقدام أم تروٍّ؟

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)

لا تشذ فرنسا في مقاربتها للملف السوري عن غيرها من الدول الأوروبية وغير الأوروبية وتتأرجح مواقفها بين الرغبة في الإقدام على الدخول بتفاصيله، والتروي بانتظار أن يتضح المشهد السوري وما تريده السلطة الجديدة وعلى رأسها «هيئة تحرير الشام» بقيادة أحمد الشرع (المكنى سابقاً أبو محمد الجولاني).

كذلك تريد باريس تنسيق مواقفها وخطواتها مع شريكاتها في الاتحاد الأوروبي رغم أن الدول المعنية ليست كلها منخرطة في الملف السوري بمقدار انخراط باريس أو برلين أو مدريد، وأفادت الخارجية الفرنسية بأن الملف السوري سيكون موضع مناقشات بين وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يوم الاثنين المقبل.

ما تقوله المصادر الفرنسية، يُبين أن باريس، كغيرها من العواصم، «فوجئت» بسرعة انهيار النظام الذي تصفه بأنه «نظام قاتل» مسؤول عن وفاة 400 ألف شخص وكل يوم يمر يكشف عن المزيد من «فظاعاته»، فضلاً عن أنه أساء دوماً للمصالح الفرنسية خصوصاً في لبنان، ولم يحارب الإرهاب بل «شجعه» كما دفع ملايين السوريين إلى الخارج.

وتعدّ فرنسا أن سقوط نظام بشار الأسد شكل «مفاجأة»؛ إلا أنه شكل «بارقة أمل» للسوريين في الداخل والخارج، ولكنها مُكَبّلة بعدد كبير من التحديات والمخاطر؛ منها الخوف من «تمزق» سوريا، وأن تمر بالمراحل التي مر بها العراق وليبيا سابقاً، وأن تشتعل فيها حرب طائفية ونزاعات مناطقية وتنشط مجموعات «إسلاموية وجهادية»، وتدخلات خارجية، وأن تنتقل العدوى إلى لبنان كما حصل في السنوات 2015 و2016.

ملاحظات باريسية

وإزاء مفردات خطاب «معتدلة» تصدر عن أحمد الشرع والهيئة التي يرأسها وعلى ضوء صورة الحكومة الانتقالية التي رأت النور برئاسة محمد البشير، تتوقف باريس عند عدة ملاحظات: الأولى، اعتبار أن ما جرى «يفتح صفحة جديدة»، وأن الهيئة المذكورة لم ترتكب تجاوزات كبرى واعتمدت حتى اليوم خطاباً «معتدلاً» ووفرت ضمانات «كلامية»؛ إلا أن ما يهم فرنسا، بالدرجة الأولى، «الأفعال وليست الأقوال».

وما تريده باريس عميلة انتقال سلمي للسلطة وأن تضم جميع المكونات وأن تحترم الحقوق الأساسية للمواطنين والأديان والطوائف، وأحد معاييرها أيضاً احترام وضع النساء وحقوقهن، كذلك، فإن باريس ستعمل لأجل هذه الأهداف مع الشركاء العرب وأيضاً مع تركيا وإسرائيل.

بيد أن فرنسا لا تريد لا الإسراع ولا التسرع، وإن كانت تتأهب لإرسال مبعوث إلى سوريا يرجح أن يكون الدبلوماسي جان فرنسوا غيوم، لكنها تستبعد الاعتراف السريع بالسلطات الجديدة.

وأكدت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان صادر عنها الخميس أن باريس ترى أنه «من السابق لأوانه في هذه المرحلة مناقشة رفع العقوبات المفروضة» على سوريا.

وكان وزير الخارجية المستقيل، جان نويل بارو، قد أجرى محادثات مع بدر جاموس، رئيس لجنة المفوضات السورية ومع ممثلين عن المجتمع المدني.

وقال بيان رسمي إن بارو ومحدثيه «عبروا عن الالتزام بتحقيق انتقال سياسي سلمي يشمل الجميع ويتماشى مع القرار 2254 الصادر عن الأمم المتحدة، يحمي المدنيين والحقوق الأساسية والأقليات».

كذلك أشار إلى «الاتفاق على أهمية الحفاظ على مؤسسات الدولة واحترام سيادة سوريا وسلامة أراضيها»، فضلاً عن «الإعراب عن قلقهم إزاء مخاطر التشرذم وانعدام الاستقرار والتطرّف والإرهاب، وضرورة استنفار الطاقات السورية والدولية من أجل تحاشيها».

اللاجئون

أما بالنسبة لملف عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، فإن باريس تقول إنها ليست من يقول لهؤلاء بالعودة أو بالامتناع عنها. إلا أنها بالمقابل تعدّ الشروط الضرورية لعودتهم مثل الأمن والعودة الكريمة «ليست متوافرة» رغم سقوط النظام القديم وقيام نظام جديد.

وتتوافق المواقف الفرنسية مع تلك التي صدرت عن مجموعة السبع، الخميس، التي أبدت الاستعداد لدعم عملية انتقالية في إطار يؤدي إلى حكم موثوق وشامل وغير طائفي في سوريا، مذكرة بأن العملية الانتقالية يجب أن تتسم بـ«احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان العالمية، بما في ذلك حقوق المرأة، وحماية جميع السوريين، بمن في ذلك الأقليات الدينية والعرقية، والشفافية والمساءلة».

لاجئون سوريون في تركيا يسيرون نحو المعبر الحدودي بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد (د.ب.أ)

وضمن هذه الشروط، فإن مجموعة السبع ستعمل مع أي حكومة سورية مستقبلية تلتزم بهذه المعايير وتكون نتاج هذه العملية وتدعمها بشكل كامل.

وبينما تقضم إسرائيل أراضي سورية، وتدفع تركيا بالقوات التي ترعاها في الشمال الشرقي إلى مهاجمة مواقع «قسد»، فإن مجموعة السبع دعت «الأطراف كافة» إلى الحفاظ على سلامة أراضي سوريا ووحدتها الوطنية واحترام استقلالها وسيادتها.

ومن جانب آخر، وفي الكلمة التي ألقتها بعد ظهر الخميس بمناسبة «القمة الاقتصادية الخامسة لفرنسا والدول العربية» التي التأمت في باريس، عدّت آن غريو، مديرة إدارة الشرق الأوسط والمغرب العربي في الخارجية الفرنسية، أن الوضع اليوم في المنطقة «بالغ التعقيد» في قراءتها للتطورات الأخيرة في سوريا وللوضع في الشرق الأوسط، وأن المنطقة «تشهد تحركات تكتونية» (أي شبيهة بالزلازل).

وتعتقد غريو أن هناك «حقيقتين» يتعين التوقف عندهما بشأن سوريا: الأولى عنوانها «انعدام اليقين»، والعجز عن توقع التبعات المترتبة على هذه التطورات ليس فقط في المنطقة ولكن أيضاً في الجوار الأوروبي، إذ إن المنطقة «تسير في أرض مجهولة» وتشهد تغيرات جيوسياسية رئيسية.

و«الحقيقة» الثانية عنوانها السرعة الاستثنائية التي تحصل فيها هذه التغيرات، مشيرة إلى أنه في عام واحد حصلت حرب غزة وحرب لبنان والحرب بين إسرائيل وإيران وانهيار النظام السوري، وهي تطورات غير مسبوقة، لا في أهميتها وتبعاتها ولا في زمنيتها.