عباس: مستعدون للعودة إلى المفاوضات على أساس «المبادرة العربية»

هدد بأن الضم سيعني حل السلطة وعودة إسرائيل قوة احتلال

رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية يقود اجتماعاً رسمياً وشعبياً في غور الأردن أمس (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية يقود اجتماعاً رسمياً وشعبياً في غور الأردن أمس (إ.ب.أ)
TT

عباس: مستعدون للعودة إلى المفاوضات على أساس «المبادرة العربية»

رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية يقود اجتماعاً رسمياً وشعبياً في غور الأردن أمس (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية يقود اجتماعاً رسمياً وشعبياً في غور الأردن أمس (إ.ب.أ)

قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن تنفيذ مخططات الضم في الأراضي الفلسطينية المحتلة، سيترتب عليه أن يتحمل الاحتلال جميع المسؤوليات عن الأرض المحتلة وفق «اتفاقية جنيف الرابعة»، لكنه أبقى الباب موارباً للعودة إلى المفاوضات مرة أخرى إذا لم تنفذ هذه الخطوة.
وأضاف عباس في كلمته أمام الجلسة الختامية لدورة الانعقاد الرابع من الفصل التشريعي الثاني للبرلمان العربي، التي عقدت «عن بُعد»، أمس: «نرفض ضم أي شبر من الأرض الفلسطينية المحتلة إلى دولة الاحتلال، كذلك ما يسمى (صفقة القرن) وجميع المخططات الأميركية - الإسرائيلية وما ينتج عنها».
وتابع يقول: «القرار الذي اتخذته القيادة الفلسطينية في اجتماعها الذي شاركت فيه جميع فصائل منظمة التحرير، بالتحلل من الاتفاقيات مع دولة الاحتلال، لا يعني أننا لا نريد السلام، بل إننا نمد أيدينا للسلام، وعلى استعداد للذهاب لمؤتمر دولي، والعمل من خلال آلية متعددة الأطراف؛ هي الرباعية الدولية لرعاية المفاوضات على أساس قرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية».
ودعا عباس إلى مزيد من الضغط على الإدارة الأميركية لإيصال رسالة واضحة بالرفض العربي القاطع لأي خطط أو إجراءات تشمل ضم أي شبر من الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومطالبة مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة، باتخاذ إجراءات فورية وحازمة لمنع تنفيذ مخططات الضم الاحتلالية. كما طالب الرئيس بالعمل مع الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء لاتخاذ خطوات فورية وعاجلة لوقف مخططات الضم والاعتراف بدولة فلسطين، ومطالبة البرلمانات الإقليمية والبرلمانات الدولية والاتحاد البرلماني الدولي، برفض هذه المخططات الاحتلالية وتداعيات مخطط الضم على فرص السلام في المنطقة وعلى الأمن والسلم الدوليين.
وأكد عباس: «تلقينا تأكيدات من الدول العربية كافة، أنها ملتزمة بمبادرة السلام العربية من ألفها إلى يائها، وترفض أي علاقات سلام مع إسرائيل قبل تحقيق السلام مع دولة فلسطين، وفق هذه المبادرة، وقرارات الشرعية الدولية، كما ترفض أي خطوات تطبيعية مع إسرائيل».
كلمة عباس التي تنطوي على تهديد بحل السلطة إذا ضمت إسرائيل أي جزء من الأراضي الفلسطينية، جاءت قبل أسبوع من الموعد المفترض لتطبيق عملية الضم التي ما زالت غير واضحة، في ظل خلافات أميركية - إسرائيلية، وإسرائيلية داخلية، حول العملية التي تهدد الاستقرار في المنطقة.
وضمن سلسلة فعاليات بدأتها السلطة في منطقة الأغوار المهددة، عقدت أمس اللجنتان التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، والمركزية لحركة «فتح»، والحكومة، اجتماعاً في الأغوار.
والاجتماع الذي عقد في قرية فصايل جاء تأكيداً على الموقف برفض مخططات الضم الإسرائيلية، ودعماً للمواطنين في المناطق المهددة بالاستيلاء عليها. وقال أمين سر اللجنة المركزية لحركة «فتح» اللواء جبريل الرجوب: «نريد التحدث بلغة واحدة وتوجيه رسالة لأهلنا في الأغوار؛ بأن مهمتنا هي توفير كل إمكانيات البقاء والصمود لهم في أرضهم».
وجدد أمين سر اللجنة المركزية للحركة، دعوة «فتح» للجميع «للاتفاق على 3 بنود؛ الأول أن عدو شعبنا المركزي هو الاحتلال، والبند الثاني أن تعزيز الحالة الوطنية الفلسطينية لن يكون إلا بالحوار الهادف المرتكز على أن قضيتنا سياسية وأن قيادتنا واحدة ممثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية، وثالثاً: أنه إذا كنا غير قادرين على تحقيق الوحدة، فإنه يتوجب علينا التوحد على بند واحد، وهو مواجهة الضم وكل المخططات الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية وتسخير كل الإمكانيات لتحقيق ذلك».
وكانت «فتح» قد نظمت الاثنين مهرجاناً مركزياً في أريحا رفضاً لمخطط الضم، بحضور دولي واسع. وأطلقت، أمس، الحملة العالمية لمناهضة الضم الإسرائيلي للأرض الفلسطينية. وقالت في بيان إن «خطط الضم الإسرائيلية ليست وليدة اليوم أو الأمس، إنما هي مخطط استيطاني كبير يعمل على مصادرة أكبر قدر ممكن من أراضي دولة فلسطين، ليقضي نهائياً على حلم الدولة الفلسطينية، لكن ما استجد الآن أن الولايات المتحدة بقيادة ترمب أعطت الضوء الأخضر للاحتلال لينفذ خطته، وهرولة البعض نحو التطبيع، والانقسام».
هذا؛ ويعتقد ثلثا الفلسطينيين أن إسرائيل ستذهب إلى الضم فعلاً. وأظهرت نتائج استطلاع للرأي اعتقاد ثلثي من شملهم الاستطلاع أن إسرائيل ستقوم فعلاً بضم مناطق فلسطينية. وقال «المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية» إنه أجرى هذا الاستطلاع في الفترة ما بين 17 و20 يونيو (حزيران) الحالي وجهاً لوجه، مع عينة عشوائية بلغ عددها 1200 في 120 موقعاً سكنياً بالضفة الغربية وقطاع غزة، وكانت نسبة الخطأ 3 في المائة.
وجاء في الاستطلاع أن «نسبة 52 في المائة تؤيد العودة للعمل المسلح، وتعارض ذلك نسبة 42 في المائة». وتقول «نسبة 65 في المائة إنها قلقة من حصول مواجهات مسلحة مع إسرائيل، ونسبة 65 في المائة تقول أيضاً إنها قلقة من انهيار السلطة أو عدم قدرتها على تقديم الخدمات». وتقول «نسبة 63 في المائة إنها قلقة من عودة الفوضى والفلتان الأمني، وتقول نسبة 62 في المائة إنها قلقة من عدم القدرة على السفر عبر الأردن».
ويبدى الجمهور تشاؤماً حيال رد الفعل العربي والدولي إذا ما قامت إسرائيل بضم أجزاء من الضفة الغربية. وتقول «نسبة 63 في المائة إنها لا تتوقع أن يقوم الأردن بإلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل، وبينما تقول نسبة 70 في المائة إنها لا تتوقع قيام الأردن أو مصر، بسحب سفيرها في إسرائيل»، تقول «نسبة 78 في المائة إنها لا تتوقع أن تقوم دول أوروبية بفرض عقوبات على إسرائيل».
ويرفض الفلسطينيون رفضاً قاطعاً ضم أي شبر من أراضي الضفة الغربية. وقطعت السلطة العلاقات مع إسرائيل والولايات المتحدة، وتستعد لتصعيد يشمل سحب الاعتراف بها، وتحويل السلطة إلى دولة، وهما خطوتان قد تجلبان رد فعل إسرائيلياً مدمراً.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».