طموحات إردوغان في ليبيا تطرح تحديات للأميركيين

خبير في الشأن التركي يعتبر أن أنقرة «تسير في خط تصادمي متسارع مع العديد من حلفاء الناتو»

TT

طموحات إردوغان في ليبيا تطرح تحديات للأميركيين

شهدت الأزمة الليبية خلال الأيام الماضية تطورات متسارعة، ومبادرات تهدف إلى نزع فتيل توتر، قد يكون في طريقه للتحول إلى حرب إقليمية على الأرض الليبية، خاصة في ظل تصاعد ردود الأفعال الغاضبة من التدخل التركي المتزايد في هذا البلد الأفريقي.
وجاءت تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون النارية ضد تركيا ودورها لتزيد من حدة التوتر، خاصة بعد وصفه مجدداً لحلف «الناتو» بأنه في «حالة موت سريري»، كما أن موقفه يتطابق عملياً مع المخاوف التي أبداها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من مشاريع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، وإعلانه الاستعداد للدفاع عن أمن مصر القومي.
وسارع وفد أميركي، ضم قائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) ستيفين تاونسند، والسفير الأميركي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند للقاء رئيس حكومة «الوفاق» الليبي فايز السراج، وهو ما حمل إشارة واضحة عن مخاوف واشنطن من توسع رقعة الخلافات بين أصدقائها وحلفائها، الذين تفرقوا فوق الأرض الليبية. فيما تصاعد الحديث عن مبادرة أميركية، لا يزال ينقصها الكثير من المعطيات، مع اتهام إدارة ترمب بأنها قامت ولا تزال «تغض الطرف عن التدخل التركي»، ليس فقط في ليبيا، بل حتى في سوريا والعراق والصومال وقطر، لأسباب قد تتحول لاحقاً إلى عوامل سلبية ستنعكس على سياسات واشنطن في المنطقة.
يقول إيكان أرديمير، كبير الباحثين في الشأن التركي بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن، إن إدارة ترمب كانت تركز على هدف أساسي، يتمثل في تقليل الوجود العسكري الأميركي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ويضيف أرديمير لـ«الشرق الأوسط»: «هذه ليست مهمة سهلة، خاصة أن البصمة المتنامية لروسيا وإيران في المنطقة تعزز دعوات الحزبين للحفاظ على التزام واشنطن تجاه المنطقة. لكن بالنسبة للبعض داخل إدارة ترمب، فإن إردوغان «الطموح» يقدم بديلاً يمكن أن يملأ الفراغ والتحول كثقل موازن لروسيا وإيران.
وتابع أرديمير موضحاً: «ستطرح طموحات إردوغان المتطرفة في ليبيا وشرق البحر الأبيض المتوسط المزيد من التحديات لخطط واشنطن لاستخدام أنقرة كثقل موازن لروسيا، لأن أنقرة تسير في خط تصادمي متسارع مع العديد من حلفاء الناتو، ليس فقط فرنسا واليونان، بل أيضاً شركاء وحلفاء آخرين للولايات المتحدة في المنطقة».
ورأى أرديمير أنه سيكون من مصلحة مصر وتركيا تجنب الاشتباكات المباشرة في ليبيا، ورجح أن تتدخل الولايات المتحدة دبلوماسياً لمنع مثل هذا الاشتباكات، لأنها قد تزيد من تقويض التوازن الدقيق للمنطقة، وقد يجبر الولايات المتحدة على إرسال قوات وموارد إضافية.
من جانبه، يقول سونار كوغابتاي، كبير الباحثين في ملف تركيا في معهد واشنطن لـ«الشرق الأوسط»: أعتقد أن إردوغان كان بارعاً في قراءة ما يريده الأميركيون، وكان يقدم نفسه كشخصية مقبولة تناسبهم. فمع الرئيس جورج بوش الذي كان مؤمناً مسيحياً، كان إردوغان بالنسبة إليه رجلاً مسلماً مؤمناً يمكن التعامل معه، ومع الرئيس أوباما كان مدخلاً له إلى العالم الإسلامي. واليوم هو مع ترمب شخص يمكن عقد اتفاقات معه.
ويضيف كوغابتاي موضحاً: «رؤية ترمب للسياسات الدولية لا تؤمن بالعلاقات المتعددة الأطراف، بل بعلاقات ثنائية، وهو يترجم ذلك في سياساته مع كل الأحلاف. وهذا ما نراه في علاقاته مع إسرائيل والهند، حيث يمكن أن يكون لترمب علاقات ثنائية قوية. لذلك أعتقد أن الأمر يتخطى علاقات ترمب بإردوغان، بل تتعلق برؤية الرئيس الأميركي للعلاقات الاستراتيجية، حيث لتركيا مكان فيها. وهذا ما يشرح مثلاً أسباب تأخير ترمب في تطبيق العقوبات الأميركية التي فرضها الكونغرس على تركيا بسبب صفقة صواريخ (إس. 400) الروسية». ويرى كوغابتاي أن علاقة الرئيسين ستقوى وتتقدم، لكنه يعتقد أن الاندفاع التركي في ليبيا، الذي أثار حفيظة عدة دول، «لا يمكن أن يتطور إلى مواجهة عسكرية بين تركيا ومصر، لأن تركيا قوة عسكرية في حلف الناتو، ولديها تفوق ملحوظ. لذلك أعتقد أن موقف الرئيس المصري هو موقف مبدئي، ولا أعتقد أن الخلاف سيؤدي بالضرورة إلى صراع عسكري بين البلدين».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».