رئيس الحكومة السودانية يعد بتعديل وزاري قريب

خلال اجتماع مع التحالف الحاكم

TT

رئيس الحكومة السودانية يعد بتعديل وزاري قريب

أكد رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، أنه ناقش مع «قوى التغيير»، المرجعية السياسية للحكومة الانتقالية، تقييم أداء الوزارات وضرورة إجراء الإصلاحات، والتعديلات الوزارية اللازمة لمعالجة أداء الجهاز التنفيذي وتطويره.
وعقد حمدوك وممثلون للمجلس المركزي بـ«قوى إعلان الحرية والتغيير»، مساء أول من أمس اجتماعا، شهد اتهامات ومشادات متبادلة بشأن التأخير في حسم كثير من الملفات المتعلقة بالسلطة الانتقالية، وحمّل كل طرف الطرف الآخر مسؤولية التأخير، قبل أن يتوافق المجتمعون على العمل المشترك من أجل إنجاز أهداف المرحلة الانتقالية.
وقال حمدوك على صفحته الرسمية بــ«فيسبوك» إنه تم التأمين على الالتزام الصارم بالصلاحيات المحددة لهياكل السلطة الانتقالية (وهي مجلسا السيادة والوزراء)، بحسب ما نصت عليه الوثيقة الدستورية الحاكمة للفترة الانتقالية. مضيفا «ناقشنا التحديات المتعددة التي تواجهنا في مسار الفترة الانتقالية، والمقترحات العملية لمجابهتها وحلها».
وأوضح رئيس الوزراء أنه تم الاتفاق على إجراءات لتحقيق أهداف الثورة، أبرزها الإسراع في تعيين الولاة المدنيين، وتشكيل المجلس التشريعي، مع مراعاة المقاعد المخصصة للسلام، بجانب تشكيل وفد مشترك يقابل قوى الكفاح المسلح للتعجيل بخطوات تحقيق السلام. مشيرا إلى أن الاجتماع ناقش أيضا الأوضاع المعيشية الراهنة، والأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، وتأثيرها على المواطنين، حيث جرى الاتفاق على حزمة معالجات لتخفيف عبء المعيشة على المواطنين، وتوفير السلع الأساسية والدواء بشكل عاجل وبأسعار مخفضة.
واعتبر حمدوك ذكرى 30 من يونيو الحالي «ركيزة أساسية في مجرى الثورة، وانتصارا لكل قيمها بعد أحداث مجزرة فض الاعتصام»، مؤكدا على أن حق التظاهر والتعبير السلمي «مكفول لكل المواطنين مع ضرورة مراعاة الضوابط الصحية اللازمة حتى لا يتضرر أحد».
من جهة ثانية، قال قيادي في الحرية والتغيير، لـ«الشرق الأوسط» إن الطرفين اتفقا على تكوين لجنة مشتركة تلتقي رئيس «حركة السودان» عبد الواحد محمد نور، ورئيس «الحركة الشعبية شمال» عبد العزيز الحلو، بهدف إحراز اختراق كبير في عملية السلام بالبلاد.
وأضاف القيادي، الذي فضل حجب اسمه، أن الطرفين اتفقا على أن المؤتمر التداولي لقوى إعلان الحرية والتغيير، سيضع خريطة طريق واضحة للعامين المقبلين المتبقين من عمر الفترة الانتقالية، ويحدد مستوى العلاقة بين قوى (التغيير) والسلطة التنفيذية. وقال في هذا السياق: «توافقنا على مراجعة قضية تعيين الولاة المدنيين للولايات، وحسمها في أسرع وقت ممكن، على أن يخضع الأمر لتشاور واسع بين المكونين، بغية الوصول إلى اتفاق على قائمة المرشحين». مبرزا أن الطرفين «متفقان على أن هناك ضعفا في أداء الحكومة التنفيذية، ما يستدعي إجراء تقييم على نحو عاجل للاتفاق على أي تعديلات وزارية مرتقبة». لكنه نفى أن يكون الاجتماع قد تطرق إلى الوزارات التي سيطالها التعديل.
وأوضح القيادي ذاته أن المجلس المركزي لقوى التغيير سيعقد اليوم (الأربعاء) اجتماعا يناقش فيه القرارات، التي تم التوصل إليها مع رئيس الوزراء، وعدد من القضايا الأخرى المهمة.
وفي تصريح صحافي مشترك، أكد الطرفان على وحدة قوى التحالف الحاكم في هذه المرحلة الحرجة من عمر المرحلة الانتقالية، والمساعي الجارية لوحدة تجمع المهنيين السودانيين، من أجل وحدة كل قوى الثورة، كما بشر بقرب عودة حزب الأمة القومي، بقيادة الصادق المهدي، للتحالف بعد الاتفاق على تكوين اللجنة التحضيرية لمؤتمر قوى الثورة في يوليو (تموز) المقبل.
وأكد المجتمعون على إكمال منظومة الأجهزة العدلية المختلفة، وتحقيق العدالة، وإكمال أعمال لجان التحقيق في لجنة فض الاعتصام بتوفير الوسائل اللازمة لتحقيق ذلك. وأمن الاجتماع على خطوات الحكومة لإعادة دمج السودان في المجتمع الدولي من خلال المساعي الجارية لرفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، والتوافق الذي تم بين أطراف السلطة الانتقالية على بعثة الأمم المتحدة تحت البند السادس. بالإضافة إلى الإسهام المقدر لمؤتمر أصدقاء السودان في الدفع بمشروعات التنمية والاستثمار وفتح آفاق التعاون الاقتصادي.
وكانت لجان المقاومة، التي ساهمت في قيادة الحراك الشعبي حتى إسقاط نظام الرئيس المعزول عمر البشير، قد دعت إلى مواكب مليونية في 30 من الشهر الحالي لمطالبة الحكومة بتنفيذ أهداف الثورة على نحو عاجل.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.