عنصريات «VIP»!

عنصريات «VIP»!
TT

عنصريات «VIP»!

عنصريات «VIP»!

إنه سحر الكاميرا، وبلاغة الصورة، التي تمكّنت من أن تهزّ الضمير في لحظة استثنائية أشعرت العالم بثقل «الرُّكبة» التي جثت فوق عنق الضحية الأميركي الأسود جورج فلويد في مدينة مينيابوليس، بولاية مينيسوتا، وهو ينازع الموت.
خلف الكاميرا، كانت آلاف «الرُّكب» تضغط بقسوة على أعناق الضحايا دون أن يرفّ لهم جفن... البطولة كانت لـ«الصورة» المدهشة التي طافت الأرجاء في لمحة عين، وأحدثت الصدمة؛ صدمة الوعي، وصدمة الشعور بالذنب والخطيئة، في الانتماء لحضارة تتبنى هذا السلوك.
بعدها أصبح العالم كله يذم «العنصرية»...! ولكن عن أي عنصرية يتحدثون؟ ثمة عنصريات عارية وذميمة وممقوتة، وإلى جوارها عنصريات كلاسيكية وفاخرة ومطرزة بالألماس...! عنصريات «VIP»!
إذا كانت العنصرية هي الشعور بالتفوق لمجرد الانتماء لمجموعة أو فئة محددة، وممارسة التهميش ضد الجماعات المختلفة وإقصاءهم، على أي أساسٍ كان: اللون، أو العرق، أو الدين، أو الانتماء... فهذا العالم كله يموج بالعنصريات العارية والمبرقعة.
هناك ما هو أدهى...! مجموعات إنسانية تشتكي من العنصرية، وهي نفسها تمارس العنصرية تجاه غيرها. يتحدث المثقفون في أعمالهم عن العنصرية، وحين تدقق تجد أن بعضهم ينتخب شكلاً «مُستضعفاً» من العنصرية لكي يوسعه ضرباً، أو ينافح ضد العنصرية التي يعاني هو ومجموعته منها، مثل التمييز المناطقي أو القبلي، لأنه يريد أن يضمن انتماءً آمناً للجماعة الوطنية، لكنه لا يستشعر ثقل العنصرية على كاهل السكان السود من بني جلدته. المرأة هي الأخرى عنوان مميز ومغرٍ للحديث عن حقها في المساواة، يمنح الكلام عن المرأة وحقوقها بعض المثقفين شعوراً بالنشوة والتميّز، وتحسين الصورة. لكن العنصرية على أساس التمييز الطائفي لا أمّ لها ولا أبّ سوى الضحايا، حين يتحدث المشايخ والوعاظ عن فتنة التكفير فإنهم بالضرورة يقصدون تلاميذهم الأكثر تشدداً الذين غالوا في التكفير حتى أصابوا مشايخهم، ولا يقصدون أنفسهم حين ينزعون الإيمان عن سكان الأرض!
كل مجتمع يفرز عنصريات يتواطأ على القبول بها، وأخرى ينبذها. في زمان سابق كان الحديث عن المرأة وحقوقها في التمكين غير مغرٍ. فكان المثقفون «التنويريون» يمرون عليها مرور الكرام. مثلما كان الحديث عن حقوق غير المتدينين في الشراكة الوطنية وأنه متساوٍ مع حقِّ غيرهم. وحقوق أبناء البادية مع أبناء المدن، وحقوق جميع المواطنين المتساوية مهما تنوعت أديانهم وأصولهم ومذاهبهم، لا أحد يحمل هذا العبء، لأن المثقف جزء من منظومة الثقافة السائدة، أو لأنه يتسم بالوصولية والانتهازية، يريد أن يحجز موقعه في المربع الآمن، دون الاكتراث لمسؤوليته في الانحياز للمهمشين. هذا إذا لم يؤدِّ دوراً في «تنميط» السلوك العنصري وتذويقه وتسويقه وتعزيزه بين الناس.
هناك شكل جديد من العنصرية، بالمناسبة يسمونه (العنصرية الجديدة)، أو «العنصرية الثقافية»، وهي الأخرى شكل مفخّم ومطليٍّ بالذهب من أشكال العنصرية، وهو شكل ماكر، يتوسل بالخداع والتدليس. تقوم «العنصرية الثقافية»، على اشتراط الانصهار في «الثقافة السائدة» كأساس للقبول في الاندماج الوطني. وهي تعزز سلوكاً لا يقبل التعددية ولا التنوع، وتفترض أن من واجب الأقليات التخلي عن هويتها وثقافتها والانصهار في الثقافة السائدة كشرط للقبول بها والتعايش معها. هو شكل جديد من ممارسة العنصرية بقفازات بيضاء، تماماً مثلما يشترط البعض في فرنسا أن تتخلى المسلمات عن حجابهنّ كشرط الانتماء لقيم الجمهورية.
كلنا نشتكي من العنصرية ونمقتها، ولكن العنصرية تمضي قدماً في ضمائرنا، نحملها فوق أكتافنا عبر الزمان والمكان ونوصّلها سائغة للأجيال... ولذلك فهي باقية وتتمدد!



تمثال غريب الشكل في الكويت يُحيِّر علماء الآثار

الغرابة (SWNS)
الغرابة (SWNS)
TT

تمثال غريب الشكل في الكويت يُحيِّر علماء الآثار

الغرابة (SWNS)
الغرابة (SWNS)

اكتُشف رأسٌ غريب الشكل لكائن غير معروف، من الفخار، يعود إلى آلاف السنوات خلال عملية تنقيب في الكويت، مما أثار حيرة علماء الآثار بشأنه.

وأوضح بيان نشرته جامعة وارسو، ونقلته «فوكس نيوز»، أنّ باحثين من البعثة الأثرية الكويتية - البولندية وجدوا ذلك الأثر في بحرة 1؛ وهو موقع أثري في منطقة الصبية بالكويت.

ووُصف الأثر بأنه «أحد أبرز الاكتشافات» في عملية التنقيب، مع الإشارة إلى أنه «رأس صغير مُتقن الصنع من الفخار، جمجمته طويلة وممدودة، مع عينين منحرفتين وأنف مسطَّح».

يعود تاريخ التمثال الصغير إلى فترة العبيد في بلاد الرافدين القديمة التي تسبق العصر البرونزي. وأُنجز خلال الفترة بين الألفية السادسة قبل الميلاد، وفق تقدير العلماء، ما يجعل عمره يتراوح بين 7 و8 آلاف عام.

وأشار البيان إلى العثور على تماثيل صغيرة مُشابهة تعود إلى فترة العبيد قبل ذلك، لكنَّ هذا الأثر يُعدُّ الأول من نوعه الذي يُعثر عليه في منطقة الخليج.

وذكر الأستاذ بيوتر بيلينسكي في البيان الصحافي: «يثير وجوده تساؤلات بشأن غرضه وقيمته الرمزية، أو ربما الطقسية بالنسبة إلى الناس في ذلك المجتمع القديم».

الفريق الأثري الكويتي - البولندي المشترك (SWNS)

كذلك أشار علماء الآثار إلى اكتشافهم نوعَيْن مميّزين من الآنية والأعمال الفخارية في الموقع عينه، واصفين الاكتشاف بأنه «محوري» لدراسة فترة العبيد: «أثمرت عمليات التنقيب في الموقع منذ بدايتها نوعَيْن من الآنية الفخارية، هما عبيد، المعروف أنه كان يُستردُّ من بلاد الرافدين، وآخر مختلف تماماً يُعرف باسم الآنية، وهي حمراء خشنة الملمس، جرت معرفتها من مواقع في شبه الجزيرة العربية»؛ علماً بأنّ النوع الثاني يوصف بأنه محلّي الصنع في الخليج، لكنْ لا تزال الأماكن الفعلية لصنعه مجهولة.

وظهر أخيراً دليلٌ قاطع من موقع بحرة 1، يشمل إناء من الفخار غير المحترق. وتؤكد النتائج أنّ بحرة 1، الذي يُعدُّ واحداً من أقدم المواقع السكنية وأكبرها في شبه الجزيرة العربية، هو أيضاً أقدم موقع معروف لتصنيع الآنية الفخارية ومنتجات الفخار في الخليج العربي.

كذلك عثر المنقّبون على بقايا أثرية من النباتات التي كانت تُضاف إلى طين الفخار خلال عملية التصنيع. وسيجري الباحثون بعد ذلك تحليلاً نباتياً أثرياً للمادة النباتية لمعرفة النباتات المحلّية التي وُجدت خلال تلك الحقبة الزمنية. علَّق الدكتور رومان هوفيسبيان في البيان: «كشفت التحليلات المبكرة عن آثار لنباتات برّية، خصوصاً القيصوب (الغاب) داخل الأعمال الفخارية محلّية الصنع، في حين عُثر على آثار وبقايا نباتات مزروعة من بينها الحبوب، مثل الشعير والقمح، في الآنية المستوردة خلال حقبة العبيد».

وتُخطّط البعثة الأثرية الكويتية - البولندية لمواصلة دراسة الموقع، وتأمل في العثور على «مزيد من الاكتشافات والتبصّرات في مواضع التقاطع بين ثقافة كلّ من العصر الحجري في الجزيرة العربية وعصر العبيد في بلاد الرافدين، إلى جانب تحقيق مزيد من التعاون بين متخصّصين بولنديين وكويتيين في التراث»، وفق البيان، الذي أوضح: «تكشف عمليات التنقيب المستمرّة أنّ موقع بحرة 1 مهمّ وحيوي لفَهْم التبادل الثقافي بين مجتمعات العصر الحجري الحديث في الجزيرة العربية وثقافة العبيد الممتدّة من بلاد الرافدين إلى منطقة شاسعة من الأناضول، فشبه الجزيرة العربية».