أبرياء يدفعون ثمن الضربات الجوية التركية شمال العراق

تحولت لسجن بسبب ما يتعرض له سكانها

صورة لبلدة شيلادزي الكردية عقب الهجمات التركية (رويترز)
صورة لبلدة شيلادزي الكردية عقب الهجمات التركية (رويترز)
TT

أبرياء يدفعون ثمن الضربات الجوية التركية شمال العراق

صورة لبلدة شيلادزي الكردية عقب الهجمات التركية (رويترز)
صورة لبلدة شيلادزي الكردية عقب الهجمات التركية (رويترز)

عندما سمعت صوت غارة جوية وهي في بيتها ببلدة شيلادزي، هرعت السيدة نصرت خاجا تبحث عن ابنها الذي خرج صباح ذلك اليوم لجمع الحطب من الجبال المجاورة ولم يعد بعد.
وذكرت تقارير إعلامية محلية أن أزاد مهدي (24 عاماً) كان بين أربعة من أبناء البلدة قُتلوا في ضربة جوية تركية يوم الجمعة 19 يونيو (حزيران)، حسبما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء.
وأحسّ والد مهدي، وهو عضو في قوة البيشمركة المحلية، بقلة حيلته وهو يستقبل المعزين في ابنه.
ويوضح الأب المكلوم أن الصراع المستمر حوّل بلدتهم إلى سجن، حيث يتعرض سكانها للخطر بمجرد أن يغامروا بالخروج للجبال المحيطة بها. ويرفع أعضاء حزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بأنه جماعة إرهابية، السلاح في وجه الدولة التركية منذ عام 1984.
وتشن تركيا هجمات بانتظام على مقاتلي حزب العمال الكردستاني، سواء في جنوب شرقها الكردي أو في شمال العراق الذي يتخذه المقاتلون مقراً لهم. وتقع بلدة شيلادزي، في شمال إقليم كردستان العراق شبه المستقل، على بعد نحو نصف ساعة بالسيارة من الحدود التركية ويوجد بها قاعدة عسكرية تركية.
وتظاهر سكان البلدة يوم الاثنين (21 يونيو) احتجاجاً على الوضع الأمني المضطرب.
ويقول الصحافي المحلي بيبار أرتيسي إن 52 شخصاً من سكان شيلادزي قُتلوا في عمليات عسكرية تركية لاستهداف عناصر حزب العمال الكردستاني منذ عام 1991، مضيفاً أن الصراع يعرقل التنمية الاقتصادية المحلية.
وأصدرت حكومة إقليم كردستان بياناً يوم الجمعة 19 يونيو تستنكر فيه الأحداث التي أدت لمقتل مواطنين مطالبةً كلاً من تركيا باحترام سيادة الأراضي العراقية، وحزب العمال الكردستاني بإخلاء المناطق المعنية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.