البرلمان اليمني يشكّل لجان تحقيق في خسارة سقطرى... ومناطق في البيضاء

جزيرة سقطرى التي أعلن «الانتقالي» سيطرته عليها (رويترز)
جزيرة سقطرى التي أعلن «الانتقالي» سيطرته عليها (رويترز)
TT

البرلمان اليمني يشكّل لجان تحقيق في خسارة سقطرى... ومناطق في البيضاء

جزيرة سقطرى التي أعلن «الانتقالي» سيطرته عليها (رويترز)
جزيرة سقطرى التي أعلن «الانتقالي» سيطرته عليها (رويترز)

أمر البرلمان اليمني بتشكيل لجان عدة للتحقيق في الأحداث الأخيرة، منها سيطرة «الانتقالي» على سقطرى، وسيطرة الميليشيات الحوثية على عدد من المناطق، آخرها مديرية ردمان في البيضاء.
واتصالاً بنذر تنامي الصراع، خرجت الاثنين في شوارع مدينة المكلا (كبرى مدن حضرموت) مظاهرة ضخمة لأتباع المجلس الانتقالي الجنوبي تطالب بإعلان «الإدارة الذاتية» في محافظة حضرموت، وسحب البساط من تحت أقدام «الشرعية»، على غرار ما حدث في عدن وسقطرى وبقية المناطق الخاضعة لـ«الانتقالي» منذ أغسطس (آب) الماضي.
كان الطرفان توصلا إلى «اتفاق الرياض» برعاية سعودية في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي لإنهاء الصراع في عدن، ودمج القوات وصولاً إلى تشكيل حكومة توافقية ومحافظين، غير أن تنامي حدة الخصومة، وتفجّر الأوضاع عسكرياً في أبين، أدى إلى تعثّر تنفيذ الاتفاق مع إصرار كل طرف على تحقيق مكاسب ميدانية.
وندد أتباع «الانتقالي» في مظاهرة الاثنين في المكلا بما وصفوه في بيان بـ«تدهور الخدمات» في حضرموت، أبرزها الكهرباء، وازدياد المعاناة من ارتفاع الأسعار، متهمين الحكومة الشرعية بـ«الفساد» والعبث بموارد المحافظة.
وطالب المحتجون بـ«اعتماد الإدارة الذاتية في المحافظة»، وأن تكون أولويتها وقف صادرات النفط وإدارة الإيرادات ذاتياً، وحل مشكلات الكهرباء، وصرف رواتب الجنود، ونشر ما تعرف بـ«قوات النخبة الحضرمية» في مناطق وادي حضرموت الخاضعة حالياً لقوات الحكومة الشرعية.
وأثار هذا التحرك في حضرموت مخاوف من توسّع الصراع بين «الشرعية» و«الانتقالي»، خصوصاً بعد أن خسرت الأولى السيطرة على مؤسسات الدولة في محافظة أرخبيل سقطرى، ومن قبل ذلك في عدن ومناطق من أبين.
في الأثناء، قال المتحدث باسم المجلس الانتقالي الجنوبي نزار هيثم، إن «اللواء أحمد سعيد بن بريك، رئيس الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي، ورئيس الإدارة الذاتية للجنوب، أصدر الاثنين قراراً بتكليف رأفت علي إبراهيم الثقلي، أداء مهام رئيس الإدارة الذاتية في محافظة أرخبيل سقطرى».
وفي ظل تنديد الحكومة الشرعية بسيطرة «الانتقالي» على سقطرى، ذكرت المصادر الرسمية أن البرلمان أصدر قرارات بتشكيل لجان برلمانية لتقصي الحقائق بشأن ذلك، وبشأن سيطرة الحوثيين على بعض المديريات.
وشملت القرارات تعيين لجان لتقصي الحقائق بشأن الأحداث التي شهدتها محافظة أرخبيل سقطرى وعدد من المديريات في بعض المحافظات، بناءً على مناقشات أعضاء المجلس الداعية إلى تقصي الحقائق، وفقاً لأحكام المادة 95 من الدستور، والفقرة «أ» من المادة 74 من اللائحة الداخلية للمجلس.
وتنص القرارات، وفق ما ذكرته وكالة «سبأ»، على «تقصي الحقائق التي حدثت خلال الأيام الماضية والمتمثلة بالاعتداء على المرافق والمؤسسات الحكومية بمحافظة سقطرى، وما حدث من استيلاء عليها من قبل المجلس الانتقالي، وممارسته صلاحيات سلطات الدولة وما نتج عن ذلك من آثار خطيرة».
إضافة إلى «تقصي الحقائق بشأن سيطرة ميليشيات الحوثي الانقلابية على مناطق حجور، العود، نهم، الجوف، ومديرية ردمان، وما خلفه ذلك من آثار على العملية العسكرية ومناطق سيطرة الشرعية».
وقضت القرارات بتشكيل لجنة تقصي الحقائق بشأن أحداث محافظة أرخبيل سقطرى من النواب: قاسم محمد الكسادي، ومحمد أحمد الزويدي، وصالح سالم العامري، وأحمد حسن باحويرث، ومحمد ثابت العسلي، وصالح علي فريد البرهمي، وعبد الله شرف النعماني، في حين ضمت لجنة تقصي الحقائق بشأن سيطرة ميليشيات الحوثي الانقلابية على مناطق حجور، العود، نهم، الجوف، ومديرية ردمان، كلاً من: علي عبده ربه القاضي، وهاشم عبد الله الأحمر، وعلي حسين جيلان، وفؤاد عبيد واكد، وعبد السلام أحمد الدهبلي، ومحمد صالح قباطي، وعبد الله محمد المقطري، ومحمد الحاج الصالحي، وعلي شائع مثنى. وحسب مصادر يمنية مطّلعة، أقدم وزير الصناعة والتجارة في الحكومة الشرعية محمد الميتمي، على تقديم استقالته من الحكومة على خلفية الأحداث الأخيرة، منها خسارة الشرعية لسقطرى.
كان عدد من الأحزاب اليمنية الموالية لـ«الشرعية» دانت في بيان سابق الأعمال التصعيدية، وأكدت أنها تحمل «الانتقالي» كامل المسؤولية إزاء ما وصفته الأحزاب بـ«أعمال التمرد الأخيرة في محافظة أرخبيل سقطرى التي تضع عراقيل جديدة أمام تنفيذ (اتفاق الرياض)، إضافة إلى العراقيل السابقة التي وضعها بإعلانه ما سمي بالإدارة الذاتية». يُشار إلى أن كلاً من التحالف الداعم للشرعية بقيادة السعودية والأمم المتحدة وجهات إقليمية ودولية عدة، كانوا دعوا الحكومة و«الانتقالي» إلى العودة لتنفيذ «اتفاق الرياض»، وإنهاء الصراع المسلح غير المحسوم الدائر في محافظة أبين منذ 11 مايو (أيار) الماضي.


مقالات ذات صلة

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.