رؤساء الحكومات السابقة في لبنان يقاطعون دعوة عون

ترقب لمصير «لقاء بعبدا»... والرئيس يضع «تحصين السلم الأهلي» عنواناً له

الحريري وميقاتي والسنيورة وسلام خلال اجتماعهم في بيروت أمس (دالاتي ونهرا)
الحريري وميقاتي والسنيورة وسلام خلال اجتماعهم في بيروت أمس (دالاتي ونهرا)
TT

رؤساء الحكومات السابقة في لبنان يقاطعون دعوة عون

الحريري وميقاتي والسنيورة وسلام خلال اجتماعهم في بيروت أمس (دالاتي ونهرا)
الحريري وميقاتي والسنيورة وسلام خلال اجتماعهم في بيروت أمس (دالاتي ونهرا)

تتجه الأنظار في لبنان اليوم إلى ما ستعلنه الرئاسة عن مصير «لقاء بعبدا» الذي دعا إليه الرئيس ميشال عون، وما إذا كان سيعقد الخميس أو يرجأ، بعد إعلان رؤساء الحكومات السابقة مقاطعة اللقاء، باعتباره «مضيعة للوقت»، في حين قال عون إن موضوع الحوار هو «تحصين السلم الأهلي».
وأعلن رؤساء الحكومات السابقون، فؤاد السنيورة وتمام سلام وسعد الحريري ونجيب ميقاتي، اعتذارهم عن المشاركة في اللقاء الوطني الذي دعا إليه عون، واصفين إياه بأنه «مضيعة للوقت». وبعد اجتماع للبت في قرار المشاركة، أكد الرؤساء في بيان عدم استعدادهم للمشاركة «في اجتماع من دون أفق، كما أن الدعوة والهدف المعلن منها تبدو في غير محلها وتشكل مضيعة لوقت الداعي والمدعوين».
وقال السنيورة، إن القرار «اعتراض صريح على عدم قدرة السلطة على ابتكار الحلول لإنقاذ لبنان المهدد بانهيار كامل والذي يطال خصوصاً الطبقة الوسطى»، مؤكداً أن «الأداء الذي قدمته الحكومة في الأشهر الماضية عبر معمل سلعاتا ضمن خطة الكهرباء والتعيينات وأسعار الصرف يعطي إشارات إلى عجز فاضح عن أن تكون البلاد في مستوى التحديات».
وكان عون قال أمس خلال استقباله الهيئة الإدارية لجمعية الإعلاميين الاقتصاديين، إن «الموضوع الأساسي للحوار هو تحصين السلم الأهلي عبر تحمل كل طرف من الأطراف الداخلية مسؤولياته؛ وذلك تفادياً للانزلاق نحو الأسوأ وإراقة الدماء، لا سيما بعد ما رأينا ما حصل في شوارع بيروت وطرابلس إثر التحركات الأخيرة»، نافياً أن يكون هدف انعقاد طاولة الحوار العودة إلى حكومة وفاق وطني. وأشار إلى أن «النظام التوافقي يفتقد إلى الديمقراطية في ظل غياب ما يسمى بالأقلية والأكثرية».
وشدد على أنه «بالصناعة والزراعة تدعم الليرة اللبنانية وليس بالاستدانة من الخارج الذي لطالما اعتمدنا عليه في السابق إلى جانب الاقتصاد الريعي»، مشيراً إلى أنه يتحمل كامل مسؤولياته كرئيس للجمهورية «بهدف إيجاد الحلول للأزمة الراهنة». وقال «نعمل على بناء لبنان من جديد، وهذا يستغرق طويلاً».
وقالت مصادر في الرئاسة اللبنانية لـ«الشرق الأوسط»، إن «من المتوقع أن تبدأ الإجابات على الدعوة بالوصول بدءاً من اليوم صباحاً انطلاقاً من القرارات التي ستتخذ في الاجتماعات التي أعلن عنها، وعلى ضوئها يدرس الموضوع ويتخذ القرار المناسب، بحيث إن الخيار هو بين المضي باللقاء بصرف النظر عن الغائبين أو تأجيله مراعاة لبعض الاعتبارات؛ لذا نتريث لمعرفة ردود الفعل النهائية وتبليغنا إياها وفقاً للأصول».
أما بالنسبة إلى جدول الأعمال، فأشارت المصادر إلى أن «الدعوة التي أرسلت إلى الأفرقاء واضحة لجهة المواضيع التي سيتم البحث بها، يغلب عليها الطابع الأمني والشق المتصل بالاستقرار والسلم الأهلي».
ومع استمرار اللقاءات السياسية التي تعقد بين جهات عدة لبحث هذا اللقاء، عقد مساء أمس اجتماع لرؤساء الحكومة السابقين لإعلان موقفهم من الدعوة، في حين سيعلن كل من حزب «الكتائب» وحزب «القوات» موقفهما خلال الساعات المقبلة، بعدما كان رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، أعلن عن نيته المشاركة.
وقبل إعلان رؤساء الحكومات موقفهم، استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي وكان لقاء بعبدا محوراً أساسياً في اللقاء. وقال ميقاتي «تحدثنا بإسهاب عن الدعوة إلى القصر الجمهوري وأبديت وجهة نظري الشخصية، لا موقف رؤساء الحكومات السابقين، وقلت إن هذا الاجتماع المزمع عقده يتم من دون جدول أعمال أو خريطة طريق، ولا نعلم إذا كان سيقتصر على جلسة واحدة أم جلسات عدة. كما أننا نسمع كلاماً أن هذا الاجتماع هو للبحث في مواضيع الثوابت الوطنية، في حين أن هذه الثوابت ليست مادة حوارية، ناهيك عن قيام البعض بإعطائنا دروساً في الوطنية وكيفية أن نكون على مستوى المسؤولية الوطنية، وقيام بعض النافذين في هذا العهد بإطلاق كلام فوق السطوح».
وأكد ميقاتي «نحن طلاب حوار وننادي بالحوار دائماً»، لكنه ذكّر بجولات الحوار السابقة التي «لم تترجم قراراتها بشكل عملي على الأرض». وقال إن «هذه الحكومة تقول إنها حققت في مائة يوم سبعة وتسعين في المائة من برنامجها، وقد مضى على تشكيلها 132 يوماً، أي أنه في حساباتها حققت 127 في المائة من مهماتها، وبالتالي لا ضرورة لأن نعذب أنفسنا بالصعود إلى بعبدا».
وفي رد منه على سؤال عما إذا كانت مقاطعة الحوار هي محاولة لاستهداف رئاسة الجمهورية وعزلها؟، أجاب ميقاتي «نحن نحترم المقامات وليس هناك قرار بالقطيعة، لكن لا يمكن أن نقبل بتخدير الناس بعقد مثل هذه الاجتماعات من دون أن نعرف مسبقاً جدول الأعمال وما قد يصدر. وضع البلد معروف وما يهم الناس هو المواضيع الاقتصادية؛ لأن الفقر والجوع يدقان كل الأبواب».
وشدد على أنه لا يمكن أن يقاطع أي مقام، «إنما يجب أن نعرف مسبقاً ما نحن مقبلون عليه قبل أن نخطو أي خطوة. وكنت أتمنى لو أن فخامة الرئيس قام بمشاورات ثنائية مع مختلف الأطراف قبل أن يدعو إلى اجتماع كهذا، ويستشرف الجو العام، كي ينعقد الاجتماع في ظل اتفاق مسبق على الخطوط العريضة لما سيتم إقراره، أما مجرد عقد اجتماع ونقوم بعملية تخدير جديدة للناس، فهذا أمر غير مقبول».
وأضاف «عندما كان الرئيس بري يحدثني عن أهمية هذا الاجتماع قلت له: دولة الرئيس قبل أن تقنعني أنا، قم بإقناع جمهورنا والناس». وأكد أنه «لا يمكن أن ننجر إلى أي فتنة، لا طائفية ولا أهلية ولا مذهبية. وعلينا العمل على معالجة المواضيع الاقتصادية والاجتماعية الخطيرة بدل التلهي بنقاشات لا طائل منها».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.