اعتقال «أبو مالك التلي» بإدلب في ثالث ضربة لمعارضي «اتفاق موسكو»

«تحرير الشام» تتهم أحد قادتها السابقين بـ«التحريض والبلبلة»

اعتقال «أبو مالك التلي» بإدلب في ثالث ضربة لمعارضي «اتفاق موسكو»
TT
20

اعتقال «أبو مالك التلي» بإدلب في ثالث ضربة لمعارضي «اتفاق موسكو»

اعتقال «أبو مالك التلي» بإدلب في ثالث ضربة لمعارضي «اتفاق موسكو»

اعتقلت «هيئة تحرير الشام» أمس، القيادي السابق فيها، جمال زينية، المعروف بـ«أبو مالك التلي»، في ريف إدلب بتهمة «التحريض على شقّ الصف والتمرد وإثارة البلبلة»، ما اعتبر ثالث ضربة توجه لتكتل مناوئ لـ«الهيئة»، يضم متشددين محسوبين على تنظيم «القاعدة» في شمال غربي سوريا ويرفض الاتفاقات الروسية التركية في شمال غربي سوريا.
الضربة الأولى، كانت باعتقال «الهيئة» سراج الدين مختاروف، المعروف بـ«أبو صلاح الأوزبكي»، المنضوي في صفوف تنظيم «جبهة أنصار الدين» والمطلوب للإنتربول الدولي. الثانية، كانت بمقتل خالد العاروري المعروف بـ«أبو القسام الأردني» والقيادي في «حراس الدين» في غارة «درون» يعتقد أنها أميركية في ريف إدلب الأسبوع الماضي.

- «تنسيقية تشدد»
ما يجمع الثلاثة أنهم لعبوا دوراً أساسياً في تشكيل تكتل مناوئ لـ«هيئة تحرير الشام» من المنشقين عنها والمهاجرين المحسوبين على تنظيم «القاعدة»، الذين يرفضون الاتفاقات الروسية - التركية في ريف إدلب بدءاً من اتفاق سوتشي في 2018 وصولاً إلى اتفاق موسكو في 5 مارس (آذار) الماضي.
وفي 12 من الشهر الحالي، أعلن عن تشكيل «تنسيقية مشتركة» غرفة عمليات عسكرية باسم «فاثبتوا»، من 5 فصائل، هي «تنسيقية الجهاد» و«لواء المقاتلين الأنصار» و«جماعة أنصار الدين» و«أنصار الإسلام» و«حراس الدين».
وكان هذا التكتل توسيعاً لحلف سابق، أعلنته تنظيمات «أنصار الدين» و«أنصار الإسلام» و«حراس الدين» في 2018، بتشكيل «غرفة (وحرّض المؤمنين)» لإعلان اتفاق سوتشي بين روسيا وتركيا في 2018. وكما رفض الحلف السابق اتفاق سوتشي، فإن التكتل الجديد رفض اتفاق موسكو في 5 مارس (آذار) الماضي، وشنّ هجمات على قوات النظام في سهل الغاب غرب حماة. ويتضمن الاتفاقان بين أنقرة وموسكو «محاربة التنظيمات الإرهابية» المدرجة على «قائمة الإرهاب في قرارات المجلس».
والمفارقة أن «جبهة النصرة» السابقة لـ«هيئة تحرير الشام» مدرجة على قائمة الإرهاب، في حين لا يزال الانقسام عميقاً بين واشنطن وموسكو إزاء تصنيف «حراس الدين» في قوائم مجلس الأمن للتنظيمات الإرهابية.
استهدف هذا التشكيل الذي ينتشر في مناطق الساحل بريف اللاذقية وإدلب الغربي ومناطق من جبل الزاوية «جمع المناهضين لهيئة تحرير الشام». وساهم في تأسيسه القيادي السابق في «هيئة تحرير الشام» «أبو العبد أشداء»، الذي كان من قادة «الهيئة»، وانضم إليها بعد انشقاقه عن «حركة أحرار الشام» نهاية عام 2016. ويتزعم «أبو عبد الله الشامي» جماعة «أنصار الدين» التي انفصلت في 2018 عن «هيئة تحرير الشام»، فيما خرج تنظيم «حراس الدين» إلى العلن في أواخر فبراير (شباط) عام 2018، بعد إعلان «الهيئة» فكّ ارتباطها بتنظيم «القاعدة». ولم يعرف حجم دور «أبو جابر الشيخ» القيادي السابق في «حركة أحرار الشام».
أما «أبو مالك التلي»، فهو قائد «لواء المقاتلين الأنصار» وأحد أكثر الشخصيات إشكالية مع «هيئة تحرير الشام»، ذلك أنه أعلن أكثر من مرة استقالته منها. وفي أبريل (نيسان) الماضي، قال إن «سبب ابتعاده عنها هو جهله وعدم علمه ببعض سياساتها أو عدم قناعته بها»، في إشارة إلى موقف «الهيئة» من اتفاق موسكو بين تركيا وروسيا لوقف النار في إدلب. لكنه عاد إلى «الهيئة» بعد لقائه مع قائدها أبو محمد الجولاني، بحسب قول القيادي «أبو ماريا القحطاني»، الذي كان بدوره انتقل إلى إدلب من جنوب سوريا ضمن تسويات.
«أبو مالك التلي» كان لسنوات زعيم «جبهة النصرة» في القلمون الغربي في ريف دمشق الشمالي الشرقي. وعُرف في عام 2014 خلال «أزمة راهبات معلولا» في ريف دمشق الشمالي الشرقي. وانتقل إلى محافظة إدلب بموجب اتفاق بين «حزب الله» اللبناني و«هيئة تحرير الشام» في أغسطس (آب) 2017.

- مال وتشدد
قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس إن «قوة أمنية تابعة لـ(هيئة تحرير الشام)، عمدت صباح الاثنين إلى محاصرة منزل القيادي البارز (أبو مالك التلي) في ريف مدينة إدلب، لتقوم باعتقاله بأمر من القائد العام لـ(تحرير الشام) أبو محمد الجولاني». واتهمت «هيئة تحرير الشام» في بيان «أبو مالك التلي»، بـ«التحريض على شق الصف والتمرد وإثارة البلبلة في صفوف الجماعة»، في إشارة منها إلى تشجيعه عناصر «الهيئة» وقياديّيها للانضمام إلى تكتل «فاثبتوا». كما أصدرت تعميماً حظرت فيه قيام أي عنصر بترك «الهيئة» والانضمام إلى فصيل آخر «من دون موافقة لجنة المتابعة والإشراف العليا» فيها.
وفي سيرة «أبو مالك»، أنه «انشق عن (هيئة تحرير الشام) في 7 أبريل الماضي، وشكّل جماعة مقاتلة، وانضم إلى غرفة عمليات (فاثبتوا)، كما يعرف عن أبو مالك رفضه الاتفاقات الروسية التركية حول منطقة خفض التصعيد شمال غربي سوريا، وهو ما أكده بنفسه في أكتوبر (تشرين الأول) من العام 2018»
وأضاف «المرصد» أن «جمال زينية، وهو الاسم الحقيقي للتلي، كان اختطف راهبات معلولا بريف دمشق، قبل أن يطلق سراحهن في مارس (آذار) 2014 بموجب اتفاقات وصفقة تقاضى خلالها مبالغ مالية طائلة، فيما فقد أبو مالك التلي نجله بعملية اغتيال في ريف إدلب».
واشتهر «أبو مالك» أيضاً بمسؤوليته عن خطف عسكريين لبنانيين في عرسال في 2014، ثم موافقته على إطلاقهم بعد أكثر من سنة، في صفقة تضمنت خروج شقيقه له من سجون سورية.
وكانت مصادر أكدت في 25 أكتوبر العام 2017 أن «نجل أبو مالك التلي قضى بإطلاق نار عليه من مسلحين مجهولين، في ريف مدينة إدلب، خلال تنقله على إحدى الطرق ضمن المنطقة».
وفي بداية الشهر، نشرت «شبكة إباء الإخبارية» التابعة لـ«الهيئة» صوراً لـ«ملتقى لأهالي التل (في ريف دمشق) المهجرين في سرمدا بريف إدلب، ظهرت فيها مجموعة من الشخصيات، على رأسهم (أبو مالك)، إلى جانب أبي خالد التلي، الذي كان قائد قطاع عسال الورد في القلمون الغربي بريف دمشق، قبل أن يصبح فيما بعد نائباً لأبي مالك».
ويعتقد خبراء أن أحد الأسباب لاعتقال «هيئة تحرير الشام» لـ«أبو مالك التلي» كونه «يجمع بين المال الكثير جراء صفقات وتبرعات، والموالين بين المتشددين، فاستعجل الجولاني اعتقاله في ضربة استباقية لمنع تشكيل حلف قوي ضده يسرق خطابه بين المتشددين شمال غربي سوريا».



مصر ترفض «حكومة موازية» في السودان... وتستعد لـ«إعادة الإعمار»

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره السوداني علي يوسف في القاهرة (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره السوداني علي يوسف في القاهرة (الخارجية المصرية)
TT
20

مصر ترفض «حكومة موازية» في السودان... وتستعد لـ«إعادة الإعمار»

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره السوداني علي يوسف في القاهرة (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره السوداني علي يوسف في القاهرة (الخارجية المصرية)

في أول موقف مصري رسمي من تحركات تشكيل «حكومة موازية» في السودان، أكد وزير الخارجية بدر عبد العاطي، الأحد، رفض بلاده لأي دعوات تشكيل أطر موازية، للإطار القائم حالياً في السودان، فيما أعلن الاتفاق مع نظيره السوداني علي يوسف، على تشكيل فريق عمل مشترك للتركيز على إعادة الإعمار في السودان بمساهمة من الشركات المصرية.

وجاءت تأكيدات عبد العاطي، عقب جولة مشاورات سياسية جمعته مع نظيره السوداني، علي يوسف الشريف، في القاهرة، شدد خلالها على أن السلامة الإقليمية للسودان «خط أحمر» بالنسبة لبلاده، لا يمكن التهاون فيه.

ووفق تقارير إعلامية، وقعت «قوات الدعم السريع»، وتحالف مؤلف من جماعات سياسية ومسلحة، في العاصمة الكينية نيروبي، «وثيقة إعلان سياسي ودستور مؤقت، لتشكيل حكومة موازية، في مناطق سيطرة (قوات الدعم السريع)»، في مواجهة الحكومة السودانية التي تتخذ من مدينة بورتسودان مقراً لها حالياً.

مشاورات سياسية برئاسة وزيري خارجية مصر والسودان في القاهرة (الخارجية المصرية)
مشاورات سياسية برئاسة وزيري خارجية مصر والسودان في القاهرة (الخارجية المصرية)

واستضافت القاهرة آلية التشاور السياسي بين مصر والسودان، برئاسة وزيري خارجية البلدين، الأحد، وحسب إفادة لـ«الخارجية المصرية»، أكدت المشاورات «أهمية الحفاظ على وحدة وسلامة السودان، واستقلاله، واحترام سيادته وكل مؤسساته الوطنية، بما في ذلك الجيش السوداني»، على وقع الحرب الداخلية في السودان.

ويشهد السودان حرباً داخلية اندلعت منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023 بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع»، وتسببت في نزوح آلاف السودانيين داخل البلاد وخارجها، بينهم نحو مليون و200 ألف إلى مصر، حسب إحصاءات رسمية.

وشدد البيان المشترك لآلية المشاورات السياسية، على «رفض التدخل في الشأن الداخلي السوداني تحت أي ذريعة»، إلى جانب «رفض أي خطوات من شأنها المساس بسيادة السودان»، وأشار البيان إلى أن «حل أزمة الحرب الداخلية حق أصيل للشعب السوداني، دون إملاءات خارجية».

وفي مؤتمر صحافي مشترك، أعقب المشاورات، أكد وزير الخارجية المصري على أن «بلاده ترفض أي دعاوى لتشكيل أطر موازية للإطار القائم حالياً في السودان»، وأن «السلامة الإقليمية للسودان خط أحمر لمصر».

بدوره، شدد وزير الخارجية السوداني على أن «بلاده لا تقبل قيام أي دولة أخرى بإقامة حكومة موازية للسودان»، وقال إن «الحرب ستنتهي في بلاده بانتصار الجيش والمقاومة الشعبية على ميليشيا (الدعم السريع)»، ودعا إلى «ضرورة تقديم كل الدعم للجيش للحفاظ على وحدة ووضع السودان».

واستعاد الجيش السوداني، أخيراً، عدداً من المناطق الرئيسية كانت تسيطر عليها «قوات الدعم السريع»، خصوصاً في العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة، غير أن هذا التقدم تزامن مع تحركات تشكيل «حكومة موازية» جديدة.

ويأتي الموقف المصري الرافض لأي تحركات لتشكيل حكومة موازية بالسودان، دعماً لوحدة واستقرار السودان الداخلي، وفق رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير محمد العرابي، مشيراً إلى أن «موقف القاهرة ثابت ويستهدف الحفاظ على السيادة السودانية».

وباعتقاد العرابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، تحركات بعض الأطراف لتشكيل حكومة موازية، «ستزيد من حالة الانقسام السياسي الداخلي، وتعمق الخلاف بين الأطراف المختلفة»، مشيراً إلى أن «الحل السياسي يجب أن يصدر من الشعب السوداني نفسه، وأن يكون موقفاً سودانياً خالصاً دون إملاءات من أطراف خارجية».

وزير الخارجية المصري ونظيره السوداني (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري ونظيره السوداني (الخارجية المصرية)

وفي تقدير مدير وحدة العلاقات الدولية بالمركز السوداني للفكر والدراسات الاستراتيجية، مكي المغربي، فإن تحركات تشكيل «حكومة موازية» بالسودان، «لم تنجح، بفضل الرفض الإقليمي والدولي لها»، مشيراً إلى أن «مساعي القوى والأطراف السودانية الساعية لتشكيل هذه السلطة لن تتعدى مرحلة توقيع ميثاق سياسي مشترك».

ولم تحظ تحركات تشكيل حكومة موازية في السودان بأي تفاعل إقليمي أو دولي. وأوضح المغربي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «المشاورات المصرية السودانية متواصلة ولا تنقطع طوال فترة الحرب، بحكم ارتباط الأمن القومي للبلدين»، منوهاً إلى أن «خطوة تشكيل فريق مشترك لبحث ملف إعادة الإعمار، تأتي ضمن مسار التكامل بين البلدين»، عادا الشركات المصرية «الأقرب للعمل داخل السودان».

وأشار وزير الخارجية المصري إلى أن «بلاده على ثقة كاملة في أن السودان سيتعافى، وسيكون لمصر دور رئيسي ومباشر للمساهمة في بناء السودان الجديد»، وقال إنه «تم الاتفاق على تشكيل فريق مشترك من البلدين لدراسة عملية إعادة الإعمار، مع وضع التصور للبدء في عملية إعادة الإعمار والجدول الزمني».

وعلى صعيد الأمن المائي، أكدت مصر والسودان «العمل المشترك لحماية حقوقهما المائية كاملة»، وحسب البيان المشترك لآلية التشاور السياسي، شدد البلدان على «رفض التحركات الأحادية بدول حوض النيل»، كما أكدا «ضرورة استعادة التوافق وإعادة مبادرة حوض النيل، والحفاظ عليها باعتبارها آلية التعاون الشاملة الوحيدة التي تضم جميع دول الحوض، وتمثل ركيزة التعاون المائي لجميع الدول».وأكد المغربي «أهمية التنسيق المشترك بين البلدين فيما يتعلق بملف الأمن المائي»، وقال إن «القاهرة والخرطوم، لن تقبلا بأي إجراءات تضر بمصالحهما المائية».

وكشف وزير الخارجية المصري عن انعقاد اجتماع «2+2» لوزراء الخارجية والري في البلدين بالقاهرة، الاثنين، بهدف «تعميق التنسيق بين البلدين».