تقليدياً، يتعمق مطورو الأدوية للأمراض المعدية في تفاصيل العامل الممرض، من أجل العثور على أهداف قابلة للدواء، لكن فريقاً بحثياً أميركياً اتخذ نهجاً مختلفاً عبر معرفة الخلايا التي يستهدفها العامل الممرض، من أجل توفير الحماية لهذه الأهداف.
ويعمل الفريق البحثي المتخصص في هندسة النانو من جامعة كاليفورنيا الأميركية على هذه التقنية منذ عقد من الزمان، وأنتج في هذا الإطار إسفنجة نانوية (أصغر 1000 مرة من عرض شعر الإنسان) يمكنها امتصاص مسببات الأمراض والسموم الضارة، وعندما بدأت جائحة «كوفيد - 19»، جاء التفكير في تطوير الإسفنجة النانوية لاستخدامها في مكافحة المرض.
وتتكون الإسفنجة النانونية الخاصة بمكافحة مرض «كوفيد – 19»، والتي تم الإعلان عن تفاصيلها بالعدد الأخير من دورية «نانو ليتر»، من لبّ بوليمر مطلي بأغشية الخلايا المستخرجة من الخلايا الظهارية الرئوية من النوع الثاني أو خلايا البلاعم، وتغطى هذه الأغشية بجميع مستقبلات البروتين التي يستخدمها الفيروس لدخول الجسم، ما يمكنها من جذب وتحييد الفيروس، وإفقاده القدرة على اختطاف الخلايا المضيفة والتكاثر، وبالتالي فهي توفر الحماية للخلايا السليمة التي يغزوها الفيروس، بدلاً من استهداف الفيروس نفسه. وأظهرت الإسفنجة النانوية نتائج واعدة في التجارب المعملية؛ حيث تسببت في فقدان الفيروس لنحو 90 في المائة من «العدوى الفيروسية»، وهي مقياس لقدرة الفيروس على دخول الخلية المضيفة واستغلال مواردها لتكرار وإنتاج جزيئات فيروسية معدية إضافية.
وبالإضافة إلى البيانات المشجعة حول قدرة الإسفنج النانوي على تحييد الفيروس، لاحظ الباحثون أنه يمكن أن تكون له فائدة إضافية، وهي امتصاص بروتينات السيتوكين الالتهابية، التي تكون متورطة في العاصفة المناعية، والتي توصف بأنها من الجوانب الأكثر خطورة في مرض «كوفيد – 19».
وتوصل الباحثون لهذه النتائج بعد أن أعدوا عدة تركيزات مختلفة من الإسفنجات النانوية في محلول للاختبار ضد فيروس كورونا المستجد، وتم إجراء هذه التجربة في المختبرات الوطنية للأمراض المعدية الناشئة (NEIDL) بجامعة بوسطن، والتي توفر أعلى مستوى للسلامة الإحيائية بمنشأة بحثية.
وباختبار قدرة تركيزات مختلفة من الإسفنج النانوي على تقليل عدوى الفيروس الجديد من نفس السلالات التي يتم اختبارها في أبحاث العلاج واللقاحات، وجدوا أن تركيز 5 ملليغرام من الإسفنج النانوي لكل مليلتر من المحلول، أوقف 93 في المائة من العدوى بالنسبة للإسفنج المحمل بغشاء خلية الرئة، و88 في المائة بالنسبة للإسفنج المغطى بالبلاعم.
وتقول آنا هونكو، أستاذة علم الأحياء الدقيقة في مختبرات الأمراض المعدية الوطنية الناشئة (NEIDL) بجامعة بوسطن، والباحثة المشاركة بالدراسة، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني لجامعة كاليفورنيا، بالتزامن مع نشر الدراسة، إن «هذه الإسفنجات النانوية يمكن أن تعمل بطريقة أكثر شمولية في معالجة مجموعة واسعة من الأمراض المعدية الفيروسية». وتتوقع هونكو أن تعمل الإسفنجات النانوية مع أي تحورات مستقبلية قد تحدث بالفيروس، كما يمكنها العمل مع أي فيروس تاجي جديد، حتى فيروسات تنفسية أخرى، بما في ذلك أي فيروس قد يؤدي إلى جائحة تالية تصيب الجهاز التنفسي.
وفي الأشهر القليلة المقبلة، سيقوم الفريق البحثي بإجراء تجاربه على النماذج الحيوانية، تمهيداً للتجارب على البشر.
«إسفنجة نانوية» تظهر نتائج واعدة في مقاومة عدوى «كوفيد ـ 19»
«إسفنجة نانوية» تظهر نتائج واعدة في مقاومة عدوى «كوفيد ـ 19»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة