بغداد تنسّق مع «الناتو» لمحاربة «داعش»

التحالف الدولي لـ«الشرق الأوسط»: التنظيم الإرهابي لا يزال يشكل تهديداً

TT

بغداد تنسّق مع «الناتو» لمحاربة «داعش»

أكد وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، أن الحوارات مستمرة مع حلف «الناتو» حول آلية العمل المشترك في محاربة «داعش». وقال بيان للخارجية العراقية، أمس الاثنين، إن الوزير فؤاد حسين «بحث هاتفياً مع نظيره الفرنسي جان إيف لودريان، القضايا المشتركة بين الطرفين». وأضاف البيان أن «حسين أشاد بدور فرنسا المهم في مقارعة تنظيمات (داعش) الإرهابية والدعم المقدم إلى القوات الأمنية العراقية من خلال التدريب والمساعدات اللوجستية الأخرى». ودعا حسين إلى «ضرورة استمرار العمل معاً لدحر تهديدات (داعش)».
وفي سياق الإشارة إلى التوترات والتدخلات من المحيط الإقليمي، أكد الوزير العراقي أنه «من الواجب على الدول الأخرى احترام سيادة العراق، واتباع مبدأ عدم التدخل وحل المشكلات عن طريق الحوار، وإن السياسة العراقية الجديدة تستند إلى خلق علاقات متوازنة مع جميع دول الجوار»، مؤكداً أن «الحوارات ستستمر مع حلف (الناتو) حول آلية العمل المشترك في محاربة (داعش)».
من جهته، أكد وزير الخارجية الفرنسي «دعم بلاده لسيادة العراق»، مشيراً إلى «أهمية تقديم الدعم في تحقيق الاستقرار الإقليمي في المنطقة». كما أشاد بـ«جولة الحوار الاستراتيجي الأولى التي جرت بين بغداد وواشنطن، وما تضمنت من اتفاق على حفظ سيادة العراق واستقلالية القرار العراقي».
إلى ذلك، أعلنت قيادة العمليات المشتركة أن عملية «أبطال العراق» التي انطلقت مرحلتها الثالثة، تهدف إلى إعادة انتشار القوات في مناطق صلاح الدين. وقال المتحدث باسم العمليات المشتركة اللواء تحسين الخفاجي، في بيان، أمس الاثنين، إنه «بتوجيه من القائد العام للقوات المسلحة انطلقت عملية (إرادة أبطال العراق)، المرحلة الثالثة، واشتركت فيها قيادة عمليات ديالى وصلاح الدين وسامراء و(الحشد الشعبي)»، لافتاً إلى أن العمليات «تهدف إلى تطهير وتفتيش مناطق في محافظة صلاح الدين، والحدود الفاصلة مع قيادات عمليات ديالى وسامراء وكركوك». وأكد الخفاجي أنه «قبل بدء العملية، تم توجيه 6 ضربات جوية من التحالف الدولي بمعلومات استخبارية عراقية، نحو أهداف مهمة»، مبيناً أن «النتائج الأولية المتحققة، هي العثور على مضافات ومطاردة وقتل الإرهابيين والسيطرة على بعض الأسلحة والعبوات». وأشار إلى أن «العملية مستمرة نحو تحقيق أهدافها، منها عدم إعطاء الفرصة للإرهابيين بالانتقال بين حدود العمليات، فضلاً عن إعادة انتشار القطعات بالصورة التي تؤمن عدم وجود هؤلاء الإرهابيين والضغط مستمر عليهم»، مؤكداً أن «هذه العملية تختلف عن العمليات السابقة في الصفات والإمكانات والقدرات، حيث تم تطبيق الجهد من خلال ضرب الأهداف وقتال الإرهابيين وملاحقتهم وتأمين المنطقة».
وحول التنسيق بين العراق وحلف الناتو لمحاربة «داعش»، يقول أستاذ الأمن الوطني الدكتور حسين علاوي لـ«الشرق الأوسط»، إن «العلاقة بين العراق وحلف الناتو علاقة وطيدة، وهي تحولت نحو عمق كبير وصورة أوضح بعد عام 2014 وسقوط الموصل، حيث أقام حلف الناتو العديد من الشراكات الأمنية التدريبية للقيادات العليا والوسطى في القوات المسلحة العراقية في مجال التخطيط للعمليات والقيادة والسيطرة والعلاقات المدنية - العسكرية، والتقييم الاستخباري». وأضاف علاوي أن «المباحثات الحالية تسير باتجاه تعزيز التعاون الأمني والاستخباري التدريبي للقوات المسلحة العراقية من خلال افتتاح المدارس المشتركة للتدريب والتعليم العسكري، بما يساهم في بناء القدرات للقوات العراقية ومجابهة تحديات الإرهاب والتهديدات الاستراتيجية للنظام الديمقراطي في العراق»، مشيراً إلى أن «هنالك رغبة عارمة من قبل حلف الناتو في دعم حكومة الكاظمي، وبالتالي ستلقى هذه الجهود شراكة كبيرة في مجال التدريب على الأمن السيبراني والاستخباراتي والإصلاح في القطاع الأمني خلال المرحلة المقبلة، بالإضافة إلى البرامج الأخرى».
إلى ذلك، كشف ماثيو موريس، الضابط في مشاة البحرية الأميركية وقوات التحالف الدولي لمحاربة «داعش»، عن تنفيذ القوات العراقية أكثر من ألف عملية برية عسكرية ضد «داعش» أخيراً، وذلك ضمن جهودها في محاربة التنظيم الإرهابي على أراضيها.
وقال موريس ضابط التواصل والاتصال بعمليات «العزم الصلب» في قوات التحالف الدولي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إنه على الرغم من أن الحكومة العراقية أوقفت مؤقتاً جميع التدريبات العسكرية المقاتلة لتنظيم «داعش» الإرهابي بسبب جائحة كورونا، فإن قوات التحالف الدولي لا تزال مستعدة لاستئناف التدريبات والضربات العسكرية الجوية على مواقع التنظيم الإرهابي.
وأشار إلى أن قوات التحالف شهدت خلال الأشهر القليلة الماضية نجاحات ملحوظة في المعركة ضد «داعش»، بما في ذلك قتل أبو بكر البغدادي قائد التنظيم نهاية العام الماضي. وبين موريس أن قوات سوريا الديمقراطية الكردية استطاعت أن تفكك عدداً من شبكات التهريب التي استخدمها «داعش» في الحدود السورية - العراقية، كما أنها اعتقلت أو قتلت نشطاء ينتمون لـ«داعش» بما فيهم أمراء سابقون في التنظيم يختصون بعمليات التمويل والصحة، كما يواصلون اعتقال الآلاف من أعضاء «داعش» وإبعادهم عن ساحة المعركة بما في ذلك المقاتلون الإرهابيون الأجانب في سجون قوات سوريا الديمقراطية والمنتمين لأكثر من 50 دولة.
وأضاف: «قد يكون نشاط داعش منخفضاً هذه الأيام بسبب تعرضهم للضربات العسكرية وتدمير، لكنهم لا يزالون يشكلون تهديداً في العراق والمنطقة العربية، وكذلك في أي مكان آخر حول العالم. وما رأيناه هو أن قوات الأمن العراقية أصبحت قادرة بشكل متزايد على تخطيط وتنفيذ العمليات ضد (داعش) بمستوى دعم التحالف الذي قدمناه من قبل».


مقالات ذات صلة

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

الولايات المتحدة​ أحمد الشرع مجتمعاً مع رئيس حكومة تسيير الأعمال محمد الجلالي في أقصى اليسار ومحمد البشير المرشح لرئاسة «الانتقالية» في أقصى اليمين (تلغرام)

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

وجهت الإدارة الأميركية رسائل سريّة الى المعارضة السورية، وسط تلميحات من واشنطن بأنها يمكن أن تعترف بحكومة سورية جديدة تنبذ الإرهاب وتحمي حقوق الأقليات والنساء.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي مواطنون من عفرين نزحوا مرة أخرى من قرى تل رفعت ومخيمات الشهباء إلى مراكز إيواء في بلدة الطبقة التابعة لمحافظة الرقة (الشرق الأوسط)

ممثلة «مسد» في واشنطن: «هيئة تحرير الشام» «مختلفة» ولا تخضع لإملاءات تركيا

تقول سنام محمد، ممثلة مكتب مجلس سوريا الديمقراطي في واشنطن، بصفتنا أكراداً كنا أساسيين في سقوط نظام الأسد، لكن مرحلة ما بعد الأسد تطرح أسئلة.

إيلي يوسف (واشنطن)
المشرق العربي مقاتلون من المعارضة في حمص يتجمعون بعد أن أبلغت قيادة الجيش السوري الضباط يوم الأحد أن حكم بشار الأسد انتهى (رويترز)

«داعش» يعدم 54 عنصراً من القوات السورية أثناء فرارهم

أعدم تنظيم «داعش» 54 عنصراً من القوات الحكومية في أثناء فرارهم في بادية حمص وسط سوريا، تزامناً مع سقوط الرئيس بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عنصر من المعارضة السورية المسلحة في حمص يحتفل بدخول العاصمة دمشق (إ.ب.أ)

الأردن ومخاوف من خلط أوراق المنطقة والخشية من فوضى سوريا

يبدي أمنيون أردنيون مخاوفهم من عودة الفوضى لمناطق سورية بعد الخروج المفاجئ للأسد إلى موسكو، وان احتمالات الفوضى ربما تكون واردة جراء التنازع المحتمل على السلطة.

محمد خير الرواشدة (عمّان)

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.