«الذكاء الصناعي» يعيد تشكيل الرياضات الفائقة السرعة

«الشرق الأوسط» تحاور الفريق التقني لـ«دوكاتي»

تستطيع الكومبيوترات المتقدمة محاكاة عوامل حلبات السباقات لرفع مستويات الأمان والأداء
تستطيع الكومبيوترات المتقدمة محاكاة عوامل حلبات السباقات لرفع مستويات الأمان والأداء
TT

«الذكاء الصناعي» يعيد تشكيل الرياضات الفائقة السرعة

تستطيع الكومبيوترات المتقدمة محاكاة عوامل حلبات السباقات لرفع مستويات الأمان والأداء
تستطيع الكومبيوترات المتقدمة محاكاة عوامل حلبات السباقات لرفع مستويات الأمان والأداء

دخلت التقنيات جميع جوانب الحياة وطوّرت كثيراً من المجالات بأشواط متسارعة. ومن تلك المجالات السباقات الرياضية عالية السرعة التي يمكن فيها استخدام مستشعرات ومجسات متقدمة لقراءة البيانات، ومن ثم نقلها وتحليلها لفهمها وتطوير تصاميم جديدة ترفع أداء المركبات قبل دخولها إلى الحلبات.
سباقات رياضية
حول هذا الأمر، تحدثت «الشرق الأوسط» عبر الإنترنت مع الفريق التقني لشركة «دوكاتي» Ducati الإيطالية المتخصصة بصنع الدراجات النارية للسباقات الرياضية، ومع فريق «لينوفو» التقني.
وقال «غابرييل كونتي»، رئيس قسم النظم الإلكترونية في «دوكاتي»، و«ديفيد بارانا»، المدير التقني لديهم، و«إدواردو لينوتشي»، مدير تطوير الديناميكيات الهوائية في الشركة، إنه يتم استخدام 50 إلى 55 مستشعراً خلال مراحل التجارب (ينخفض العدد في أرض السباق)، لتصبح الدراجة النارية بؤرة مُركّزة لتقنية إنترنت الأشياء Internet of Things IoT، مع وصول كمية البيانات الواردة من المستشعرات إلى أكثر من 20 غيغابايت للسباق الواحد.
ويمكن الاستفادة من هذه البيانات لمعرفة نقاط قوة الدراجة والقوى المؤثرة عليها في كل حلبة وفقاً لحالة الطقس ودرجة الحرارة وعدد المنعطفات وحِدّة الانعطاف ووزن السائق، وغيرها من العوامل الأخرى. ويمكن قراءة هذه العوامل لتطوير تصميم ديناميكي وقطع ميكانيكية أقوى وأخف وزناً والحصول على مستويات أداء أفضل، والتي يمكن الاستفادة منها لنحو عامين اثنين قبل تطوير تصاميم من مواد جديدة ومحركات تعمل بتقنيات مختلفة.
وبالنسبة للمتسابق، فإن المعلومات الواردة مكملة للتجربة؛ حيث إن الشعور بالدراجة النارية مهم جداً، ولتصبح المعلومات مرجعاً رئيسياً، لكن القرار النهائي يبقى للسائق ومهارته وخبرته في القيادة.

كومبيوترات متقدمة
تستخدم الشركة كومبيوترات متقدمة في أرض السباق لتسجيل المعلومات الواردة وتحليل المعلومات بالغة الأهمية فوراً، ونقل البيانات الأخرى إلى أجهزة خادمة سحابية (الأجهزة السحابية مهمة في هذه الحالة، نظراً لتنقل فريق السباقات من مدينة لأخرى في فترات زمنية قصيرة) لتحليلها بقدرات فائقة وقراءتها ونقلها إلى المتسابق. ويتم استخدام تقنيات تشفير (ترميز) متقدمة لحماية هذه البيانات من الاختراق والعبث، إلى جانب استخدام الجدران النارية Firewall (أجهزة وبرامج تمنع وصول أي أجهزة غريبة إلى المعلومات).
وأكد الفريق أن عطلاً تقنياً حدث قبل البدء بأحد السباقات، لكن كانت لديهم خطة تقنية بديلة ساعدتهم على البدء بالسباق بجاهزية كاملة.

ذكاء صناعي
يتم استخدام تقنيات الذكاء الصناعي لتحليل المعلومات، ذلك أن تحليل تقنيات الذكاء الصناعي أسرع وأدق بكثير مقارنة بالقدرات البشرية لدى التعامل مع كميات هائلة من البيانات ومحاولة استنباط روابط بين العوامل الكثيرة. وتستطيع هذه التقنيات حساب جميع القوى المرتبطة بالدراجة النارية والسباق ومحاكاة ذلك في الأنفاق الهوائية الاختبارية لتطوير مواصفات الدراجة وتصاميمها للحصول على أفضل أداء ممكن. ويتوقع الفريق أن يتم التخلي عن استخدام الدراجات النارية في الأنفاق الهوائية لإجراء الاختبارات والاستعاضة عنها بمحاكاة رقمية متناهية الدقة فيما يتعلق بالمتغيرات والعوامل والقوى الخاصة بالسباق في كل حلبة مقبلة، وذلك خلال الأعوام المقبلة.
ولا يقتصر دور التقنية على رفع أداء الدراجة فقط، بل يمتد إلى المحافظة على أمان المتسابق، وذلك بتحليل قراءات المحرك وكمية الوقود التي يتم حرقها ونسبة الأوكسجين المستخدمة وكمية الانبعاثات الناجمة وغيرها من العوامل الأخرى، وذلك لضمان عدم إجهاد المحرك وانفجاره أو احتراقه، وذلك لحماية المتسابق في الظروف الصعبة.

أمان المتسابق
كما يتم احتساب مقاومة الهواء والقصور الذاتي في السرعات العالية التي تصل إلى أكثر من 345 كيلومتراً في الساعة، وتغيّر مركز الثقل، لضمان بقاء العجلات على أرض السباق وعدم ارتفاع الدراجة النارية في الهواء في السرعات العالية. الأمر الذي قد يؤدي إلى فقدان السيطرة على الدراجة وإلحاق الضرر بالمتسابق. كما تستطيع المستشعرات قياس الزاوية الأمثل لميلان جسد المتسابق في الانعطافات لمجابهة أثر القصور الذاتي للدراجة النارية التي تقارب فيها ركبة وكوع المتسابق أرض الحلبة بسرعات عالية جداً قد تشكل خطراً على سلامته.
وتستطيع المستشعرات حساب الزاوية الأمثل (تصل أحيانا إلى 64 درجة) ونقل تلك البيانات إلى المتسابق لمعرفة إن كان يستطيع الميلان بجسده أكثر، أو إن كان ذلك سيشكل خطراً عليه. واستطاع فريق العمل تحقيق منجزات كانت مستحيلة قبل 10 أعوام، وذلك بفضل التحليل فائق السرعة للبيانات دون المخاطرة بسلامة المتسابق.
ويرى فريق العمل أن مستقبل خوذة المتسابق سيكون بعرض معلومات الواقع الممتد Augmented Reality AR أمامه لمعرفة زوايا الانعطاف واتجاه وسرعة الرياح المقبلة ومؤشرات المحرك والحوادث الخطرة المقبلة وتوقيت المتسابق مقارنة بغيره.



الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
TT

الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت الذي فرضته جائحة «كوفيد»، يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم، رغم الشكوك في منافعه.

وبدأت بلدان عدة توفير أدوات مساعَدة رقمية معززة بالذكاء الاصطناعي للمعلّمين في الفصول الدراسية. ففي المملكة المتحدة، بات الأطفال وأولياء الأمور معتادين على تطبيق «سباركس ماث» (Sparx Maths) الذي أُنشئ لمواكبة تقدُّم التلاميذ بواسطة خوارزميات، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية». لكنّ الحكومة تريد الذهاب إلى أبعد من ذلك. وفي أغسطس (آب)، أعلنت استثمار أربعة ملايين جنيه إسترليني (نحو خمسة ملايين دولار) لتطوير أدوات الذكاء الاصطناعي للمعلمين، لمساعدتهم في إعداد المحتوى الذي يدرّسونه.

وهذا التوجّه آخذ في الانتشار من ولاية كارولاينا الشمالية الأميركية إلى كوريا الجنوبية. ففي فرنسا، كان من المفترض اعتماد تطبيق «ميا سوكوند» (Mia Seconde) المعزز بالذكاء الاصطناعي، مطلع العام الدراسي 2024، لإتاحة تمارين خاصة بكل تلميذ في اللغة الفرنسية والرياضيات، لكنّ التغييرات الحكومية أدت إلى استبعاد هذه الخطة راهناً.

وتوسعت أعمال الشركة الفرنسية الناشئة «إيفيدانس بي» التي فازت بالعقد مع وزارة التعليم الوطني لتشمل أيضاً إسبانيا وإيطاليا. ويشكّل هذا التوسع نموذجاً يعكس التحوّل الذي تشهده «تكنولوجيا التعليم» المعروفة بـ«إدتِك» (edtech).

«حصان طروادة»

يبدو أن شركات التكنولوجيا العملاقة التي تستثمر بكثافة في الأدوات القائمة على الذكاء الاصطناعي، ترى أيضاً في التعليم قطاعاً واعداً. وتعمل شركات «مايكروسوفت» و«ميتا» و«أوبن إيه آي» الأميركية على الترويج لأدواتها لدى المؤسسات التعليمية، وتعقد شراكات مع شركات ناشئة.

وقال مدير تقرير الرصد العالمي للتعليم في «اليونيسكو»، مانوس أنتونينيس، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أعتقد أن المؤسف هو أن التعليم يُستخدم كنوع من حصان طروادة للوصول إلى المستهلكين في المستقبل».

وأعرب كذلك عن قلقه من كون الشركات تستخدم لأغراض تجارية البيانات التي تستحصل عليها، وتنشر خوارزميات متحيزة، وتبدي عموماً اهتماماً بنتائجها المالية أكثر مما تكترث للنتائج التعليمية. إلاّ أن انتقادات المشككين في فاعلية الابتكارات التكنولوجية تعليمياً بدأت قبل ازدهار الذكاء الاصطناعي. ففي المملكة المتحدة، خيّب تطبيق «سباركس ماث» آمال كثير من أولياء أمور التلاميذ.

وكتب أحد المشاركين في منتدى «مامِز نِت» على الإنترنت تعليقاً جاء فيه: «لا أعرف طفلاً واحداً يحب» هذا التطبيق، في حين لاحظ مستخدم آخر أن التطبيق «يدمر أي اهتمام بالموضوع». ولا تبدو الابتكارات الجديدة أكثر إقناعاً.

«أشبه بالعزلة»

وفقاً للنتائج التي نشرها مركز «بيو ريسيرتش سنتر» للأبحاث في مايو (أيار) الماضي، يعتقد 6 في المائة فقط من معلمي المدارس الثانوية الأميركية أن استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم يعود بنتائج إيجابية تَفوق العواقب السلبية. وثمة شكوك أيضاً لدى بعض الخبراء.

وتَعِد غالبية حلول «تكنولوجيا التعليم» بالتعلّم «الشخصي»، وخصوصاً بفضل المتابعة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي. وهذه الحجة تحظى بقبول من المسؤولين السياسيين في المملكة المتحدة والصين. ولكن وفقاً لمانوس أنتونينيس، فإن هذه الحجة لا تأخذ في الاعتبار أن «التعلّم في جانب كبير منه هو مسألة اجتماعية، وأن الأطفال يتعلمون من خلال تفاعل بعضهم مع بعض».

وثمة قلق أيضاً لدى ليون فورز، المدرّس السابق المقيم في أستراليا، وهو راهناً مستشار متخصص في الذكاء الاصطناعي التوليدي المطبّق على التعليم. وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «يُروَّج للذكاء الاصطناعي كحل يوفّر التعلّم الشخصي، لكنه (...) يبدو لي أشبه بالعزلة».

ومع أن التكنولوجيا يمكن أن تكون في رأيه مفيدة في حالات محددة، فإنها لا تستطيع محو العمل البشري الضروري.

وشدّد فورز على أن «الحلول التكنولوجية لن تحل التحديات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية الكبرى التي تواجه المعلمين والطلاب».