جدول أعمال بري لـ{لقاء بعبدا»: تحصين الداخل وتوحيد المقاربة المالية

«قانون قيصر» لن يخنق لبنان... ويشترط وقف التهريب

بري ودياب خلال لقائهما الجمعة الماضي (الوكالة الوطنية)
بري ودياب خلال لقائهما الجمعة الماضي (الوكالة الوطنية)
TT

جدول أعمال بري لـ{لقاء بعبدا»: تحصين الداخل وتوحيد المقاربة المالية

بري ودياب خلال لقائهما الجمعة الماضي (الوكالة الوطنية)
بري ودياب خلال لقائهما الجمعة الماضي (الوكالة الوطنية)

كشف مصدر نيابي لبناني بارز أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري يحرص على أن يشكل انعقاد اللقاء الوطني المزمع عقده في 25 يونيو (حزيران) الجاري بدعوة من رئيس الجمهورية ميشال عون، محطة سياسية لتهيئة الأجواء والظروف التي تدفع باتجاه تحصين الوضع الداخلي، لمواجهة العواصف التي تهب على المنطقة وخفض الأضرار التي يمكن أن تلحق بلبنان. وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط»، إنه يأمل من المشاركين في اللقاء على اختلاف انتماءاتهم واتجاهاتهم أن يتوافقوا على أن حماية لبنان يجب أن تكون مقرونة بتأمين شبكة أمان سياسية - أمنية.
ولفت المصدر النيابي إلى أن الرئيس بري يشدد على ألا يترك البلد يواجه هذه العواصف، وهو في وضع يطغى عليه الانقسام والتشرذم كما هو حاصل الآن، مشيراً إلى أن جميع القوى السياسية، أكانوا في الموالاة أو في المعارضة، ليسوا في وارد الاعتراض على ضرورة تحصين الوضع الداخلي لئلا يؤخذ البلد إلى مكان لا يريده أحد، خصوصاً إذا ما انزلق نحو المجهول الذي سيترتّب عليه مزيد من التكاليف المالية والاقتصادية.
ولم يستبعد المصدر نفسه أن يقتحم الخلاف حول التوصّل إلى مقاربة موحّدة للخسائر المالية للدولة «اللقاء الوطني»، ويفرض نفسه كبند أول على طاولة الحوار من خارج جدول الأعمال الذي أعد له بذريعة أنه لم يعد من الجائز استمرار التباين حول هذه المقاربة بين «لجنة تقصّي الحقائق» المنبثقة من لجنة المال والموازنة النيابية مدعومةً من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة و«جمعية المصارف» والهيئات الاقتصادية، وبين رئيسي الجمهورية ميشال عون، والحكومة حسان دياب وفريقهما الاستشاري.
ورأى أن التأخير في التوصل إلى مقاربة موحّدة يقطع الطريق على تحقيق التكامل بين البرلمان والحكومة كشرط لمخاطبة صندوق النقد الدولي بموقف موحّد، خصوصاً أن استمرار هذا التباين يعيق البدء في التفاوض بين الجانبين اللبناني والدولي، ويمكن أن يطلق يد الصندوق في فرض شروطه لدى انطلاق المفاوضات التي ما زالت تتموضع في المربع الأول من دون أن تحقق أي تقدّم.
وأكد أن لقاء بري - دياب الذي عُقد الجمعة الماضي، خُصّص للبحث في تضييق رقعة الاختلاف بين البرلمان والحكومة، وقال إن الأخيرة تصرّ على تمسّكها بلائحة الأرقام المالية التي وضعها فريقها الاستشاري، في مقابل تمسُّك اللجنة النيابية بالتقرير الأولي الذي أعدته ويحظى بتأييد أكثرية الكتل النيابية، إضافةً إلى رئيس اللجنة النائب إبراهيم كنعان، وعدد من النواب المنتمين إلى «تكتل لبنان القوي».
ورأى أن الخلاف حول الأرقام سيفرض نفسه على «اللقاء الوطني» في محاولة للوصول إلى قواسم مشتركة لأنه لا مصلحة في تأخير التفاوض مع صندوق النقد، إلا إذا كان هناك من يتذرّع بالخلاف للالتفاف على التوجّه إلى الصندوق لمصلحة ترجيح الخيارات الأخرى بما فيها التوجُّه شرقاً نحو الصين وإيران، تأييداً لما طرحه الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله مع أن طهران مُدرجة على لائحة العقوبات الأميركية.
ورغم أن جدول أعمال «اللقاء الوطني» يخلو من أي بند يمتُّ بصلة إلى «قانون قيصر» الأميركي الذي يفرض رزمة من العقوبات على النظام في سوريا، فإنه سيحضر من خلال المداولات التي سيدلو بها عدد من المشاركين بغياب رؤساء الحكومات السابقين الذين يحسمون اليوم (الاثنين)، قراراهم بالاعتذار عن عدم المشاركة.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية، أن «قانون قيصر» سيناقش من زاوية موافقة واشنطن على عدد من الاستثناءات، أبرزها التزامها بسريان العقد القائم بين بيروت ودمشق لجهة السماح للبنان بجر الكهرباء من سوريا إلا إذا قررت تجميد مفاعيل العقد في هذا الخصوص، إضافة إلى عدم اعتراضها على عبور الشاحنات اللبنانية المحمّلة بالبضائع الأراضي السورية إلى الدول العربية، التزاماً باتفاقية الترانزيت المعمول بها بين البلدين.
لذلك تستبعد المصادر أن تكون لدى واشنطن نية خنق لبنان من خلال فرض القيود عليه، وتقول إنه لا مصلحة لها في جرّه إلى الفوضى من جهة، وإلى مزيد من الانهيارات على كل المستويات من جهة أخرى، وتؤكد أن ما يهم الإدارة الأميركية إقفال المعابر غير الشرعية والتشدُّد في مراقبة تلك الشرعية لوقف التهريب إلى سوريا، خصوصاً أن هذا التدبير هو من أبرز البنود الواردة في مقررات «مؤتمر سيدر» وفي التفاوض المرتقب بين لبنان وصندوق النقد.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.